هيئة السياحة في جازان لـ«الشرق الأوسط»: تحويل القلعة العثمانية في فرسان إلى متحف لتاريخ الجزيرة

ترتبط بأحداث تاريخية مهمة.. وتعود إلى الحقبة التركية

القلعة العثمانية وخطة لتحويلها إلى متحف يضم تاريخ الجزيرة العربية («الشرق الأوسط»)
TT

تتجه الهيئة العليا للسياحة والآثار في جازان إلى تطوير مشروع القلعة الأثرية العثمانية في جزيرة فرسان، بحيث يتم تحويلها متحفا لتاريخ الجزيرة أو مكتبا للآثار، بحسب ما أوضحه فيصل الطميحي مدير مكتب الآثار في هيئة السياحة في جازان.

وقال الطميحي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هناك توجها لتحويل القلعة العثمانية إلى متحف لتاريخ جزيرة فرسان، أو مكتب لآثار محافظة فرسان، مشيرا إلى ارتباط القلعة بتاريخ مهم، يحكي ماضي المعارك التي دارت بين المواطنين وجنود الدولة العثمانية، معتبرا أن من زار فرسان ولم يزر القلعة كأنه لم يزر الجزيرة.

وأوضح طميحي أن القلعة تعود إلى الحقبة التركية، حيث استخدمت كمنطقة عسكرية بنيت في مطلع القرن العشرين، وتقع في شمال مدينة فرسان، بمساحة تقدر بنحو 500 متر مربع، على ارتفاع 10 أمتار عن سطح البحر. مشيرا إلى أن القلعة عبارة عن بيت محصّن، تحتضن منشآت وحصونا وبوابات وآبارا ومرابط خيل ومستودعات، إلى جانب مكان للسكن يتسع لنحو 30 شخصا، وقد بنيت من الحجر البحري وسقفها من الأخشاب والحديد، وكسيت بطبقه من «الملاط»، وعلى الجدران الداخلية فتحات لإطلاق النار تسمى «مزاغل»، مبنية بطريقة تتيح لمن بداخلها رؤية واضحة لمن في الخارج، والقلعة مزودة بخزان من الخشب مسقوف.

ويسرد المؤرخ الفرساني إبراهيم عبد الله مفتاح لـ«الشرق الأوسط» عن مواقف جعلت للقلعة مكانة بارزة في تاريخ الجزيرة بقوله «ما زالت آثار حقبة الإمبراطورية العثمانية ماثلة هنا، ففي جنوب مباني البلدة توجد منطقة العرضي وهي عبارة عن مجموعة بنايات مستديرة أو مستطيلة الشكل كان الجنود العثمانيون يتخذونها معسكرا لهم». وواصل بقوله «تحولت هذه الثكنات وبالا على العثمانيين أنفسهم خلال انتفاضة العرب على الحكم التركي، حيث قاوم الفرسانيون هذا الحكم، وحدثت معركة بينهم أسفرت عن مصرع 25 جنديا من الجيش العثماني، مقابل مواطن فرساني واحد من بني مهدي، وذلك لأن الفرسانيين كانوا يقاتلون مختبئين في تلك الثكنات في الوقت الذي كان فيه الجنود العثمانيون يقاتلون في العراء، قادمين من سفنهم الراسية في ميناء جنابة، الأمر الذي جعل هؤلاء الجنود يطلبون النجدة من حكومتهم «لا سلكيا»، لكن الأمر انتهى بالوساطة والصلح مع كبار أهالي فرسان الذين رفعوا الرايات البيضاء، وتم تسليم الجزيرة للدولة العثمانية حتى نهاية حكمها.

ويذكر كبار السن الذين عاصروا هذه الأحداث أن السفن التركية الراسية في ميناء جنابة ضربت البلدة بالمدافع، ولكنها لم تحدث أضرارا بسبب عدم إصابتها للهدف، لانخفاض مستوى البلدة عن الميناء، وتمكن الأهالي من اللجوء إلى كهوف الجبال هربا من قذائف المدفعية التركية.

وبنى العثمانيون خطا يربط بالميناء بالبلدة يسمى «الاسكله» وكان يستخدم كممر للعربات التي تجرها الجياد والبغال لنقل المؤن للحامية الموجودة في الثكنات، وفي القلعة العثمانية الواقعة شمال البلدة والمبنية فوق تل مرتفع يشرف أيضا على جميع سواحل الجزيرة.

ويقول عنها موقع فرسان الرسمي على شبكة الانترنت «القلعة العثمانية هي إحدى المباني الأثرية بجزيرة فرسان وأحد رموزها وتقع في شمال فرسان أي بين فرسان وقرية المسيلة على مرتفع يمنحها موقعا استراتيجيا لأنه يطل على عموم بلدة فرسان».

ويستطرد «وهي مبنية من الحجارة والجص (الأنهايدرايت) الموجودة خاماته بكثرة في جزيرة فرسان وسقفه مصنوع من جريد النخيل الموضوعة على أعمدة من قضبان سكة حديد. وهناك عدد من المباني دائرية أو مستطيلة الشكل تقع في جنوب بلدة فرسان في منطقة تسمى (العرضي) كان قد اتخذها الجنود العثمانيون كثكنات عسكرية لهم».

وتختلف هذه القلعة عن القلاع الباقية في الجزيرة، فهي مبنية من الحجارة والجص الموجود بكثرة في فرسان، وقد بني سقفها من جريد النخيل الموضوع على أعمدة من قضبان سكة الحديد، وقد بدأ هذا السقف يتآكل وتظهر فيه فجوات تتسع يوما بعد يوم لعدم وجود الصيانة اللازمة لهذه القلعة التي تعتبر أثرا بارزا من آثار العثمانيين في جزيرة فرسان.

سكان المناطق المجاورة للقلعه يروون حكايات وقصصا عنها حيث يقول أحمد داود الذي يسكن بالقرب من القلعة العثمانية في الجزيرة في حديثة لـ«الشرق الأوسط» إن القلعة تعني له الكثير وتذكرة بجده الذي كان يحكي له عن تاريخ القلعة العثمانية ووجود الأتراك في جزيرة فرسان، وعن الأحداث التي صارت مع أهالي فرسان. وأضاف داود «إن القلعة قريبة من سكان الجزيرة الذين يرونها كل يوم وصارت معلما من معالم الجزيرة». مؤكدا ضرورة الاهتمام بها من قبل الهيئة العليا للسياحة لتطويرها وجعلها الواجهة لجزيرة فرسان. ومبينا «أن زوارها كثيرون وأكثرهم الأجانب السائحون ويلتقطون صورا تذكارية للقلعة».

وتجدر الإشارة إلى أن مشروعا لتسوير المساحة المحيطة بهذه القلعة مع تسوير مساحة قدرها 4900 متر مربع قد تم تنفيذه من قبل قسم الآثار بالهيئة العليا للسياحة.