جدل حول تقديم جمعية خيرية «الزواج» جائزة للمقلعين عن التدخين

مثقفات اعتبرنها إساءة للمرأة.. والجمعية ترد: 10% فقط استهجنوا الفكرة والباقون اعتبروها ممتازة

أحد الملصقات الإعلانية التي تسببت في الجدل الدائر حاليا (تصوير: أحمد يسري)
TT

أثار إعلان أطلقته الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين في الرياض مؤخرا حول تنظيمها مسابقة بعنوان «عليك الإقلاع وعلينا الزواج» حفيظة مجموعة من المثقفات والكاتبات السعوديات اللائي اعتبرن الإعلان يحوي إساءة مباشرة للمرأة ويشبهها بالجوائز العينية المقدمة للفائزين في المسابقات، مما جعل الإعلان الذي انتشر عبر لافتات الطرق يتحول لمادة دسمة لدى بعض الأقلام النسوية خلال اليومين الماضيين، فيما أكدت الجمعية لـ«الشرق الأوسط» أنها لم تقصد الإساءة للمرأة، وأن حجم من استهجنوا الفكرة لم يتجاوز الـ10 في المائة فقط.

وتعتقد سوزان المشهدي، الكاتبة السعودية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن فكرة الجمعية وقعت في اشكالية «سوء التسويق»، وأفادت بتشابه اعلانها مع اعلانات اشتر عبوة واحصل على الثانية مجانا، التي تخص السلع الاستهلاكية، مضيفة بقولها «نحن لا نتكلم عن جماد بل عن انسان وروح بشرية، المرأة المفترض أن تكون أسمى من استخدامها في الإعلانات، بالذات ونحن نأخذ على الغرب استخدامهم المرأة أداة للتسويق».

ورغم انتقاد المشهدي للإعلان الذي أطلقته الجمعية، إلا أنها تؤمن بكونه جاء عن حسن نية من قِبل القائمين عليه، مؤكدة أنها لا تعتقد بأنه يقصد الإساءة للنساء بشكل متعمد، وحول انعكاس الفكرة على المرأة بصفتها الطرف الآخر المعني بالزواج، أضافت «ماذا عن الفتيات المرشحات للزواج هل هن يعرفن بأنهن مكافأة لمن يقلعون عن التدخين؟»، فيما تساءلت حول نجاح واستمرارية هذا الزواج وانعكاساته على الطرفين اللذين ارتبطا نتيجة الإقلاع عن التدخين.

من جهتها، عبرت فوزية العيوني، الناشطة الحقوقية ورئيسة اللجنة النسائية في نادي الدمام الأدبي، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، عن عدم تقبلها للإعلان، بقولها «لا أشك أن الحملة لها هدف نبيل ولكن هنالك من يرى نفسه وصيا على المجتمع وهي نظرة قاصرة سواء للرجل أو المرأة»، وأضافت «يمكن للأب أن يقول لابنه كف عن التدخين وسأيسر لك مسائل الزواج، لكن أن تكون المرأة (الزوجة) جائزة لمقلع عن التدخين، فهذا منتهى السخف».

واعتبرت العيوني ذلك «تسليعا للمرأة»، بقولها «التسليع ليس مجرد العري وظهور المرأة في الاعلانات، التسليع في النظرة القاصرة لها»، ورأت أن «الإقلاع عن التدخين لا يتم بهذه الطريقة»، مضيفة «هذا إلغاء لإرادة الانسان، والكف عن أي سلوك خاطىء هو إرادة، فبدلا من أن نحفز الإرادة عبر الدورات التدريبية في تطوير الذات نقوم باستخدام أساليب غير منتجة ولا توحي إلا بالنظرة القاصرة للانسان سواء كان رجلا أو امرأة».

أمام ذلك، علق عبد الله العجيمي، مسؤول التوعية والإعلام بجمعية مكافحة التدخين، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أن البعض فهم الإعلان بشكل خاطىء في الاعتقاد أن الجمعية لديها نساء للزواج، قائلا «ليس لدينا زوجات، نحن فقط نعين الفائز بالمركز الأول بمهر يقدر بـ35 ألف ريال، والـ19 فائزا الباقين لهم إعانة تتمثل بتأثيث بيت الزوجية»، وأضاف «بعض الكتاب انتقدوا الاعلان مع أن رقم الهاتف المكتوب فيه أكبر من الصورة»، وتأمل لو أن المنتقدين اتصلوا لأخذ كافة المعلومات، مؤكدا أن الجمعية لم تقصد الإساءة أو الإهانة لأحد.

وعن مصدر الفكرة، أفاد العجيمي بأنه استوحاها من إعلان شهير لإحدى شركات الاتصال السعودية، وتابع بأنها تأتي كمجاراة لأساليب شركات التدخين وتوافق أساليب التسويق الغربية، التي يراها «جميلة وجذابة لإقناع الأشخاص عبر الأفكار الاعلامية»، وتابع بأن «نسبة الذين استهجنوا الحملة لا تزيد على 10 في المائة»، فيما أكد أن الـ90 في المائة المتبقية هم ممن «رحبوا بالفكرة وفهموها فهما واضحا ومن لم يفهمها اتصل على الرقم المنتشر بالحملة للاستفسار».

وبسؤاله عن النتائج التي حققتها المسابقة بعد نحو أسبوع من اطلاقها، وصفها العجيمي بـ«الممتازة»، وأضاف بأن المتقدمين بلغ عددهم 340 شابا خلال أسبوع واحد، مؤكدا أن المسابقة تشمل 4 عيادات موجودة في مدينة الرياض، وأفاد بأن استقبال الشباب واستمرار المسابقة سيستمر حتى الـ26 من شهر يوليو المقبل، وأوضح أن الجمعية أطلقت العام الماضي حملة «عليك الإقلاع وعلينا الحج» تزامنا مع موسم الحج، والتي استهدفت 40 حاجا ممن أقلعوا عن التدخين، وهو ما يراه يوافق المثل الشهير «ضرب عصفورين بحجر».

وعن ظرفية هذه الحملات يقول العجيمي «هذا الصيف أردنا أن نمس الجانب الاجتماعي عبر الإعانة على الزواج»، مرجعا ذلك لكون معظم السيدات يتضايقن من الرجل المدخن ورائحته، قائلا «لذا يشعر الشباب أن الزواج من دون تدخين هو الأفضل»، وربط العجيمي ذلك بالمشاكل الاقتصادية وزيادة نسب البطالة وارتفاع المهور.