عاملات في دار الحماية بجدة يبحثن عن الحماية

الشرطة لـ«الشرق الأوسط»: دورياتنا موجودة هناك وجاهزون للمساعدة دائما

اجتماع سابق لمسؤولين عن مواجهة العنف في جدة («الشرق الأوسط»)
TT

طالبت عاملات بدار الحماية في جدة، الجهات المختصة بتوفير الحماية لهن جراء تعرضهن إلى تهديدات بالقتل والتشهير من قبل أهالي المعنفات من نزيلات الدار التي تعد أول دار لحماية ضحايا العنف الأسري في السعودية.

وأكدت إحدى العاملات بالدار «طلبت عدم ذكر اسمها» في حديثها لـ«الشرق الأوسط» تلقيها وبعض العاملات تهديدات على هواتفهن الثابتة في منازلهن والتهديد بإيذاء أبنائهن.

من جهتها أكدت الدكتورة إنعام الربوعي، رئيسة جمعية حماية الأسرة لـ«الشرق الأوسط»: «أن العاملات بمجال الحماية والمدافعين عن المعنفين وحقوق الإنسان بحاجة لحماية»، موضحة بقولها «لأنهن يتعرضن لتهديدات دائمة».

وأوضحت «منذ افتتاح الدار وحتى اليوم، دائما ما تأتينا تهديدات من قبل الآباء والأهل تصل إلى حد التهديد بالقتل والتشهير، فقبل أسبوعين ظهر أحد الآباء بالتلفزيون، وقام بالتشهير بالعاملات وبدار الحماية، واتهمنا بأننا قمنا بحجز ابنته وأخذها منه». وأضافت «العاملون بمجال الحماية والدفاع عن الحقوق، غالبا ما يتعرضون للأذى، حيث إن المجتمع ليس لديه الوعي الكافي بأهمية دورنا المتمثل في إصلاح ذات البين وليس تشتيت الأسر وهذا ما يجب أن يتفهمه المجتمع».

وبينت الربوعي «لا يوجد من يتكفل بحمايتنا، ففي حال تعرضت إحدى العاملات للتهديد، نقوم بكاتبة خطاب للجنة الحماية الاجتماعية، التي تبادر إلى أخذ تعهد من الأهالي بعدم التعرض لنا، هذا ما نستطيع فعله في حال شعرنا أن التهديد ممكن أن يؤدي لقتل أو إيذاء العاملات».

وحول وجود شرطة لحمايتهن قالت الربوعي «إنه لا وجود للشرطة أو الأمن». وأردفت «نحن كجهة خاصة قمنا بتوظيف رجال أمن على حسابنا الخاص، كما أننا نقوم بإرسال أحد رجال الأمن مع الموظفة لحمايتها حال تم تهديدها».

وتساءلت إحدى العاملات في الدار بقولها «الحماية قد تتوفر داخل الدار، لكن الخطر يبرز حال عودتنا لمنازلنا، حيث من الممكن أن نتعرض وأسرنا للأخطار».

وأكد الدكتور علي الحناكي، مدير عام الشؤون الاجتماعية بجدة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أن المقام السامي أقر بأن تكون الحماية تحت مسؤولية الشؤون الاجتماعية، وأن يكون رئيس لجنة الحماية الاجتماعية في كل منطقة هو مدير الشؤون الاجتماعية، وأن يكون هناك أعضاء للجنة من الشرطة والعدل والتحقيق والادعاء والصحة والتربية والتعليم، هذه اللجنة تطرح مرئيتها لمتابعة قضية المرأة المعنفة.

واضاف «أن هناك مجموعة من رجال الأمن يقومون بحراسة دار الحماية والعاملين فيها، بالإضافة إلى أن مدير شرطة جدة أوصى بضرورة وجود الدوريات الأمنية والشرطة بشكل دائم حول الموقع». وأضاف أن الاختصاصيات الموجودات داخل دار الحماية متخصصات وذوات خبرة للتعامل مع المشكلات التي تواجههن، كما أن هناك محامين ومعقبين يتابعون قضايا النساء المعنفات في المحاكم.

وبالرجوع إلى الجهات الأمنية، أفاد العقيد محمد القحطاني، مسؤول اللجان في شرطة جدة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أن هناك دوريات أمنية موجودة بشكل دائم حول مواقع الحماية والشؤون الاجتماعية، وبمجرد تلقي أي شكوى أو اتصال بالدوريات يتوجهون فورا للمساعدة».

وأضاف العقيد القحطاني «أن الحراسة المدنية ورجال الأمن موجودون بشكل دائم هناك، حيث يكون التنسيق بين شرطة جدة وبين الأمن». مؤكدا «أننا دائما موجودون لحمايتهن».

من جهة أخرى، تؤكد الجوهرة العنقري، نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»:«أن المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقومون بحماية المعنفين غالبا ما يتعرضون لضغوط داخلية وخارجية».

وتضيف «أن الضغوط الداخلية أو النفسية تبرز فور استقبال الحالة المعنفة ودراستها من خلال الاتصال المباشر بينها وبين المعنفة، حيث ترى آثار العنف عليها، وتتابع تقاريرها وأسباب وصولها لهذه المرحلة وغيرها».

واعتبرت تلك الأمور متعبة لنفسية الاختصاصية. مبينة «أن الاختصاصية تتعرض إلى الضغط النفسي جراء تعاملها المتواصل مع الجهات المسؤولة، التي نادرا ما تتجاوب بشكل سريع».

وتوضح العنقري «كثير من الحالات التي تأتينا لطلب المساعدة لا تصلنا، إلا بعد أن تكون قد صبرت طويلا على الأذى، ولم تعد تتحمل هذا العنف، فتتوجه للحقوق أو الحماية وهي متوقعة أن أمورها ستحل بشكل سريع وفي لحظات، لكنها تكتشف أنها وللأسف قد تضطر للانتظار حتى نجد ردا من الجهات المسؤولة، التي دائما ما تتأخر».

وطالبت العنقري الجهات المختصة بسرعة التجاوب، وقالت «نكرر ونطالب الجهات المسؤولة أن تتجاوب معنا بشكل سريع، لأن هذا التأخير يؤثر سلبا في الحالة المعنفة، التي غالبا ما تضطر العاملة في مجال الحماية أو الحقوق إلى تحمل ما يصدر من هذه المعنفة من ألفاظ أو تصرفات بسبب تأخير حل مشكلتها، وهذا التحمل فيه ضغط وتعب على الاختصاصية».

وأردفت «الأمر الثالث يتمثل في تحمل الخوف من تهديد الحالة المعنفة على الاختصاصية وأفراد الحماية، خاصة إن ثبت أنها غير سوية، فقد تتصرف أي تصرف يؤذي العاملين داخل الدار».

وفيما يختص بالتهديدات والضغوط الخارجية من قبل أهالي المعنفين، كالتهجم على الدار والعاملين والتشهير بهم، قالت العنقري «أرى أنه ومن المفروض كنظام عالمي أن يكون مقر دار الحماية غير معروف للآخرين، ولكن للأسف ما يحدث عندنا عكس ذلك، لأن دار الحماية مكان يحتمي فيه المعنفون من أشخاص يهابونهم، فتأتي الضحية لطلب الحماية هربا منهم فكيف نرشدهم على مكانها». وعادت الدكتورة انعام الربوعي للتوضيح «نقوم بحملات توعية لتعريف المجتمع بدورنا وأهمية ما نقوم به، ونحن الآن بصدد تدشين حملة بالتعاون مع الشؤون الاجتماعية بعنوان «الرفق ما دخل في شيء إلا زانه وما خرج من شيء إلا شانه» بهدف توعية المجتمع وبأهمية الحوار والرحمة والرفق. وكان تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في مطلع العام الجاري تحت عنوان «تحدي القمع: المدافعون عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا« أوضح أن الناشطين في مجال حقوق الإنسان في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيشون «في بيئة يسيطر عليها الرعب» إضافة إلى أنهم «يتعرضون للسجن والتعذيب والقمع لدى دفاعهم عن حقوق الآخرين». وأوضح أن المعاناة التي يعيشها المدافعون عن حقوق الإنسان، خاصة الإعلاميين والقانونيين والمدافعين عن حقوق المرأة، هم أكثر المعرضين للتهديد والقمع.