المرأة السعودية تسجل حضورها في الأسواق التجارية والأماكن العامة

عضو في الشورى لـ «الشرق الأوسط»: عمل الرجال في محال المستلزمات النسائية وضع غير صحي > الهيئة لـ «الشرق الأوسط»:لا نمنع عملها شريطة أن يكون وفق الضوابط الشرعية

تشهد العديد من المراكز التجارية وجود مساحات مخصصة للنساء يمارسن فيها أعمال البيع والشراء ضمن الأطر النظامية («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي شهد فيه قرار تأنيث محال بيع المستلزمات النسائية جدلا واسعا ما بين مؤيد ومعارض منذ نحو عامين، استطاعت المرأة إثبات ذاتها داخل الأسواق التجارية الكبرى والمنتزهات والأماكن العامة في مهن متعددة دون أن تلقى أي معارضة سوى نظرة مجتمعية ذات أفق ضيق.

وكان السعوديون قد دخلو في جدل واسع حول السماح للمرأة بالعمل في محال المستلزمات النسائية الخاصة بالملابس الداخلية دون أن يتم تطبيق ذلك حتى الآن، في وقت تعمل المرأة في السوق نفسه في مجالات أخرى دون معارضة ودون أن يثار حولها الجدل.

ويرجع البعض سبب هذا الجدل إلى الخلط بين عدة مفاهيم سواء لدى المعارضين للقرار أو المطالبين بتفعيله، إذ ذكر الكاتب السعودي قينان الغامدي أن الفئة المعارضة تخلط بين مفهوم الاختلاط والخلوة، فيما لا تفرّق المرأة نفسها أو المؤيدون لعملها في هذا المجال بين التبرج والحجاب الطبيعي.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذا القرار صادر من مجلس الوزراء، غير أن الاعتراضات التي واجهها تنطلق من مبدأ عدم جواز الاختلاط الذي لا مشكلة فيه باعتبار أن الرجال والنساء يختلطون مع بعضهم بعضا في أماكن عامة مختلفة من ضمنها المطارات والأسواق وغيرها، مطالبا بضرورة التفرقة بينه وبين الخلوة التي حرمها الدين الإسلامي.

وأوضح أن المرأة عملت في البيع والشراء منذ فجر الخليقة، إلى جانب وجود بعض المراكز والمجمعات التجارية في السعودية تتيح للنساء العمل في هذا المجال، مشيرا إلى أن المرأة بحجابها الطبيعي دون مبالغة منها في الزينة لن تتعرض إلى أي مشكلة سواء كانت عاملة أو غير عاملة.

وأضاف، لا ينبغي للمرأة الخروج متبرجة، لا سيما أن الكثير من نساء دول العالم التي لا تملك ما يملكه المسلمون من المبادئ والقيم لا يفعلن ذلك في مجال عملهن، مبينا أن نزول المرأة بكامل زينتها يعرضها إلى مشكلة التحرش من قبل الآخرين إضافة إلى منعها من العمل أو التسوق.

وأفاد قينان الغامدي بأن المشاكل الحاصلة حاليا في الأسواق والمحال التي يبيع فيها الرجال على النساء تعتبر أكثر من تلك المتوقعة في حال تبديل الأماكن وتأنيث تلك المحال.

وقال، كان الرجال والنساء في السابق متعايشين مع بعضهم بشكل طبيعي دون وجود أي مضايقات، خصوصا أن المرأة لم تكن حينها مبالغة في زينتها بل كانت متحجبة بكامل قيمها، مشددا على أهمية تجلية الخلط لدى الفئتين المعارضة والمؤيدة للقضاء على مشكلة عمل المرأة داخل الأسواق.

من جهته اعتبر الدكتور طارق فدعق عضو مجلس الشورى بيع الرجال في محال المستلزمات النسائية وضعا غير صحيّ مطالبا بضرورة تفعيل قرار تأنيث تلك المحال.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: لا يتعلق الاعتراض على ذلك القرار من جميع الأطراف بتوظيف المرأة، وإنما يختص بالاختلاط وآلية العمل واللذين يعدان صلب الموضوع، مؤكدا أن عمل النساء لا يختلف عليه طالما أنه يسير وفق الضوابط التي لا تخالف الشرع والأنظمة والعادات.

وأضاف، من أهم الضوابط المهمة التي يجب أن لا يخرج عنها عمل المرأة كل ما يتعلق بكرامتها، إذ إن هناك نواحي لا تدخل فيها الأنظمة غير أنه من الضروري التأكد من عدم تعرضها لمضايقات لا تليق بها أثناء تأديتها لعملها.

فيما أكد الدكتور عبد المحسن القفاري المشرف العام على العلاقات العامة والإعلام في رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أن الهيئة لا تمانع عمل المرأة شريطة أن يكون وفق الضوابط الشرعية.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن الهيئة تبدي وجهة نظرها بشكل رسمي وفق آلية محددة، لا سيما أنها تتلقى الأنظمة رسميا من مجلس الوزراء، إلى جانب أنها في بعض الأحيان تتابع القرار قبل أن يصدر باعتباره يمر على لجان ويخضع لاستطلاعات الجهات الحكومية.

وأشار إلى أن وزارة العمل وهيئة الأمر بالمعروف هما منظومة إدارية تطبق سياسة الدولة، غير أن الوزارة مسؤوليتها تفعيل القرار بشكل فني، لافتا إلى أن الهيئة تشدد على ضرورة عمل المرأة وفق الضوابط الشرعية في أي جانب من جوانب الحياة.

وكانت كلية دار الحكمة بجدة قد خرّجت مؤخرا أول دفعة من طالباتها متخصصات في بيع «اللانجري» والمكونة من نحو 26 فتاة سعودية، وذلك امتدادا لحملة تأنيث محال الملابس الداخلية النسائية التي انطلقت في يوليو من العام الماضي.

وذكرت ريم أسعد المحاضرة في الاستثمار والمصارف بالكلية ومؤسسة الحملة أن الطالبات تدربن على مهارات تعد الأولى على مستوى الخليج وذلك بإشراف نعومي ماجيل الخبيرة البريطانية في هذا المجال.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: خضعت الطالبات لدورة مكثفة استمرت لمدة عشرة أيام بمعدل أربع ساعات يوميا، إذ تدربن فيها على فن القياس والتعامل مع الزبائن والبيع، وكيفية تدوير البضائع النائمة وإعادة بيعها، وتحمل شكاوى واعتراضات العملاء، وكيفية التعامل مع الاسترجاع والاستبدال، إلى جانب الثقة في النفس وكيفية إقناع الزبونة بالموافقة على أخذ قياساتها من قبل البائعة قبل الشراء.

وأشارت إلى أن أخذ مقاسات المرأة قبل شرائها لأي قطعة يجنّبها الاختيار الخاطئ الذي قد لا يسمح لها بالاسترداد بعد الشراء، لافتة إلى أن 80 في المائة من نساء العالم يرتدين حمالات صدر خاطئة وفق دراسة عالمية «على حد قولها».

وشددت ريم أسعد على ضرورة وصول صدى حملة تأنيث محال الملابس الداخلية النسائية إلى أصحاب قطاع التجزئة للتعاون معهم في تدريب أعداد أكبر من الفتيات والاستغناء عن العمالة الرجالية الموجودة واستبدالهم بالمتدربات، خاصة أنهم كانوا يتحججون بعدم وجود كفاءات نسائية مدربة.