إنفلونزا الخنازير.. «وسوسة» في عيادات الطب النفسي لـ3% من السعوديين

مصابة تضاعف هوسها بغسل اليدين بنحو 200%.. واستشاري نفسي يقول: قد يدفع للانتحار

تزايد المخاوف من إنفلونزا الخنازير يرفع الطلب على المعقمات والكمامات («الشرق الأوسط»)
TT

أصيبت مجموعة من عيادات الطب النفسي بفيروس إنفلونزا الخنازير (اتش 1 إن 1)، بعد أن نقله مرضى اضطراب الوسواس القهري، الذين تقدر نسبتهم بنحو 3 في المائة من السعوديين، حسبما تكشف أحدث الدراسات الطبية. ففي حين يعد «غسل اليدين» إجراء سهلا للوقاية من مرض إنفلونزا الخنازير، فهو يشكل تأزما نفسيا لهذه الفئة تحديدا، مما ضاعف هوسهم بغسل اليدين والرغبة في العزلة، وذلك في ظل وجود أكثر من 100 مليون مصاب بالوسواس القهري في العالم، الأمر الذي يجعل معاناتهم مع إنفلونزا الخنازير مضاعفة بالمقارنة بغيرهم.

ويصف الدكتور جمال الطويرقي، استشاري الطب النفسي في مستشفى الحرس الوطني بالرياض، هاتفيا لـ«الشرق الأوسط»، حالة اضطراب الوسواس القهري والمصابين بفوبيا الأمراض، قائلا «يصبح لديهم قلق وتوتر يصل لدرجة التفكير بأنه مصاب فعلا بمرض إنفلونزا الخنازير»، وأضاف «حتى لو أجرى التحليل وطلع سليما يظل متأكدا أن المرض موجود ولا أحد يستطيع اكتشافه»!.

واستجابة لتزايد الاهتمام المحلي والدولي بإنفلونزا الخنازير، قررت سامية، موظفة في القطاع الخاص تعاني من الوسواس القهري، قضاء إجازتها السنوية بين جدران المنزل، مؤكدة أنها امتنعت عن حضور الكثير من المناسبات؛ خوفا من انتقال المرض عن طريق التحية والقبلات، وأضافت «في السابق كنت أغسل يدي نحو 10 مرات في اليوم، والآن أغسلها أكثر من 30 مرة»، أي بزيادة 200 في المائة عما اعتادت عليه. وأكدت أن قلقها يزداد كلما قاربت إجازتها على الانتهاء، موضحة أنها راجعت طبيبها النفسي أكثر من مرة خلال فترة قصيرة، مع استمرارها على تناول الأدوية الموصوفة لها.

ووفقا لتقدير إحدى الدراسات، فإن المرضى باضطراب الوسواس القهري، يظلون أكثر من تسع سنوات في المتوسط، قبل أن تشخص حالتهم بالضبط، و17 سنة كي يحصلوا على الرعاية المناسبة، ورغم أن هذا الاضطراب يميل لأن يتحول إلى حالة مزمنة، بأعراض تزداد حدة ثم تخفت خلال فترة حياة المصاب به، فإن المساعدة الفعالة لعلاجه متوفرة. ولا يشفى نهائيا سوى 10 في المائة تقريبا من المصابين به، لكن 50 في المائة من الحالات الأخرى تتحسن بعد المعالجة.

ويؤكد الطويرقي أن بعض مرضى الوسواس القهري توهموا الإصابة بإنفلونزا الخنازير؛ استجابة للاهتمام المتزايد به، مستشهدا بالحديث الشريف «لا تتمارضوا فتمرضوا فتموتوا»، وأكد أن الوسواس القهري يدفع البعض للعزلة والرغبة في الانتحار، وعن آلية تجنيب ذلك، ركز الطويرقي على مسؤولية وزارة الصحة ووسائل الإعلام، مطالبا بالشفافية في شرح وضع مرض إنفلونزا الخنازير وأسبابه وطرق علاجه، مشيرا إلى أن المرض في السعودية لا يعد خطيرا، إلا أن الخوف من مرحلة الشتاء التي يتوقع له أن يشتد فيها.

أمام ذلك، توجهت «الشرق الأوسط» إلى أسعد سعود، المتحدث الإعلامي للمديرية العامة للشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية، لمعرفة حجم الضغط الذي تواجهه مستشفيات المنطقة وأقسام الطوارئ بعد انتشار أخبار وفيات مرض إنفلونزا الخنازير وتزايد حالة الذعر والهلع لدى فئة واسعة، حيث وعد بالإجابة على الأسئلة، إلا أنه لم يرد لاحقا على كافة الاتصالات المتكررة.

وفي ذات السياق، رفعت حالة الوسوسة والهلع التي يعانيها البعض من حجم الطلب على المطهرات والكمامات في الأيام الماضية، كما أوضح محمود الشربجي، صيدلي بصيدلية (الحكمة) بالرياض، مقدرا عدد الزبائن الذين يطلبونها من 3 إلى 4 في اليوم الواحد، فيما أوضح أن معظم طالبي الكمامات والمطهرات هم من الراغبين في السفر للخارج، والذين حرصوا على العدة الصحية داخل حقائب السفر.

يذكر أن وزارة الصحة نصحت المواطنين والمقيمين بالالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية التي سبق أن أعلنتها، التي تنطلق من رؤى وتوصيات علمية من خلال لجان علمية وطنية من استشاريين متخصصين وتوصيات منظمة الصحة العالمية، وذلك بأخذ الحيطة والحذر في الأماكن المزدحمة والمغلقة وارتداء قناع واق في الأماكن شديدة الازدحام، مع أهمية غسل اليدين بالماء والصابون أو المطهر دائما، وتغطية الأنف والفم عند العطاس أو السعال، واستخدام المناديل والتخلص منها بطريقة صحية.

كما دعت الوزارة إلى أهمية المكوث في المنزل عند ظهور أعراض الإنفلونزا العادية، وسرعة مراجعة أقرب مرفق صحي، خاصة في حال استمرار الارتفاع في درجة الحرارة لمدة أكثر من ثلاثة أيام أو ضيق في التنفس أو ألم في الصدر أو بلغم دموي أو ازرقاق في الجسم.