وجبات إفطار الصائمين الجائلة تحد من الحوادث المرورية

مشروع خيري يجند 5 آلاف متطوع لتوزيع نصف مليون وجبة إفطار خلال رمضان

تشهد ساحات معظم المساجد افطارا جماعيا خلال شهر رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

إذا كنت تتجول في شوارع المنطقة الشرقية قبيل دقائق من رفع أذان المغرب في شهر رمضان المبارك، فمن المؤكد أنك ستشاهد شبابا في مقتبل العمر يقفون أمام الإشارات الضوئية لتقديم وجبات إفطار للصائمين حاملين معهم الابتسامة، في تجربة تطوعية أطلقتها مؤسسة خيرية قبل 8 سنوات استطاعت من خلالها توزيع نحو مليوني وجبة إفطار على مدى السنوات الماضية.

وساهمت هذه التجربة، بحسب إحصاءات، في خفض نسبة الحوادث المرورية التي تزداد وتيرتها مع قرب أذان المغرب في رمضان. ويتوقع المسؤولون في مؤسسة منارات العطاء، الجهة القائمة على هذا المشروع الخيري، أن يصل حجم العمل في شهر رمضان المقبل إلى توزيع نحو 500 ألف وجبة طيلة أيام الشهر الفضيل.

ويؤكد المهندس علي الشمري المشرف على مشروع «رمضان المنارات»، الذي يعد أحد مشاريع مؤسسة منارات العطاء، أن المشروع يستهدف توزيع نصف مليون وجبة، يتم إنتاجها في مصنع تم إنشاؤه لهذا الغرض. ويقوم على هذا المشروع خمسة آلاف متطوع من فئة الشباب وصغار السن من بينهم ألف متطوعة. ويقوم هؤلاء المتطوعون بأعمال التغليف والإنتاج للمواد الغذائية داخل المصنع بالإضافة إلى توزيع وجبات الإفطار في نحو مائة موقع في مدن المنطقة الشرقية. وينتج مصنع المنارات الذي يعمل فيه متطوعون تتراوح أعمارهم بين السابعة إلى الخامسة عشرة، 20 ألف وجبة يوميا. بينما يتولى عمليات التوزيع فئات المتطوعين فوق سن الخامسة عشرة.

ويرى القائمون على المشروع أن «رمضان المنارات» الذي يحمل هذا العام شعار «فله مثل أجره»، يستهدف تفعيل طاقات الشباب في مجالات تطوعية بطريقة احترافية لخدمة المجتمع وهو ما يعتقد أنهم استطاعوا تحقيقه من خلال خبرة سنوات عدة في هذا المجال. وأشاروا إلى أن فكرة المشروع بدأت قبل ثماني سنوات من خلال برنامج إفطار في أحد المساجد تم خلاله توزيع ألف وجبة قبل أن تتطور الفكرة إلى مشروع احترافي تقوم عليه مؤسسة خاصة ويحظى بدعم كبرى الشركات في المنطقة الشرقية إضافة إلى الإقبال الشديد من قبل المتطوعين. ويؤكد الشمري على أن نجاح تجربة منارات العطاء في العمل التطوعي الذي يقوم على أساس مساهمة الشباب ومشاركتهم في خدمة المجتمع، دفع بجهات عدة خلال هذا العام إلى تقديم طلبات لتوسيع التجربة إلى مناطق المدينة ومكة المكرمة والرياض والحدود الشمالية.

غير أن ضيق الوقت، كما يقول، حال من دون الاستجابة لهذه الطلبات. إضافة إلى قيام المؤسسة بأدوار استشارية لعدد من المؤسسات الخيرية في دول الخليج التي قامت بعضها بنقل التجربة.

وحول المتطوعين في المشروع يقول الشمري، إنه حتى الآن تم تسجيل أكثر من خمسة آلاف متطوع من بينهم ألف متطوعة وغالبيتهم من طلاب المدارس والجامعات. وأشار إلى أن طلبات التسجيل يتم استقبالها من خلال موقع إلكتروني صمم لهذا الغرض بالإضافة إلى التسجيل في مقر المؤسسة، وتتراوح أعمار المتطوعين ما بين السابعة إلى الخامسة والعشرين. ويضيف الشمري قائلا «هذا العام لدينا برنامجان لتدريب المتطوعين والمتطوعات على مهارات التواصل مع المجتمع وأساليب تقديم الخدمة لهم، إضافة إلى تقديم دورات في السلامة المرورية، وذلك لضمان سلامة المتطوعين أثناء تنقلهم بين المركبات لتوزيع وجبات الإفطار». ويتابع في إيضاحه حول طريقة العمل، «سنعمل في شهر رمضان طيلة عشرين يوما على توزيع الوجبات الغذائية للصائمين، إلا أننا نتوقع أن ينخفض مستوى الأداء خلال العشر الأواخر من رمضان، حيث إن الارتباطات العائلية للمتطوعين تثني الكثير منهم عن مواصلة العمل إلى نهاية الشهر، وهو ما يعتبر إشكالية يتمنى تجاوزها خلال الأعوام المقبلة».

وكانت إحصاءات قد كشفت أن توزيع وجبات الإفطار عند الإشارات المرورية قد ساهم وبنسبة كبيرة في انخفاض حوادث السير التي ترتفع وتيرتها مع حلول وقت الإفطار، حيث يتسابق سائقو المركبات على اللحاق بمائدة الإفطار مع أهاليهم وهو ما يعتبر فائدة أخرى للمشروع لم تكن في حسبان المنظمين.

وإلى جانب مشروع «رمضان المنارات» تنفذ مؤسسة منارات العطاء مشروعا مماثلا بعنوان «أرزاق» سيتم من خلاله توزيع نحو 15 ألف سلة غذائية على الأسر ذات الدخل المحدود في الأحياء الفقيرة، وتحتوي السلة الغذائية الواحدة على ثمانية أصناف من الأطعمة الأساسية تشكل مؤونة شهر كامل لهذه الأسر. ويتم توزيع السلال الغذائية عن طريق الجمعيات الخيرية بينما يتم تغليفها داخل مصنع المؤسسة.

كما تنفذ المؤسسة مشروعا ثالثا تحت شعار «آمنا فآمِنا» تقوم فكرته على التعاون مع الجمعيات الخيرية للقيام بحملات توعوية يتم خلالها توزيع هدايا تحث على الدور الأساسي لأفراد المجتمع في التعاون مع الجهات الأمنية بشكل يعزز دور الفرد في حفظ الأمن والحد من انتشار الجريمة.