وسط تسجيل نصف مليون حالة.. توجه لبناء دور إيوائية للمرضى النفسيين في السعودية

الصحة لـ«الشرق الأوسط»: انهيارات الأسهم زادت مراجعي المصحات.. ونسعى لإنشاء 15 مستشفى متخصصا

سجلت الأمراض النفسية ارتفاعا في المجتمع السعودي خلال الفترة الماضية وفقا لما أعلنته وزارة الصحة («الشرق الأوسط»)
TT

في العام الماضي، اقترب عدد مراجعي مستشفيات الصحة النفسية في السعودية، من حاجز النصف مليون، بزيادة ملحوظة عن العام الذي قبله تصل إلى 52 ألف شخص، وذلك طبقا للأرقام التي كشفتها لـ«الشرق الأوسط» وزارة الصحة. هذا العدد، يحدد فقط، من راجعوا مستشفيات الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة، من دون غيرها من المؤسسات الطبية الحكومية الأخرى، أو مستشفيات القطاع الخاص، وهو ما يرجح ارتفاع أعداد المرضى النفسيين عن هذا الحاجز.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور عبد الحميد الحبيب، مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة، أن العام الماضي شهد «زيادة مطردة في أعداد المستفيدين من مستشفيات وأقسام وعيادات الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة»، وهو ما قد يفسر موافقة الحكومة على إنشاء لجنة وطنية لرعاية المرضى النفسيين، سيكون من ضمن مهامها دعم بناء دور إيوائية للمرضى النفسيين.

وكان مجلس الوزراء السعودي، قد أقر أخيراً، إنشاء لجنة وطنية لرعاية المرضى النفسيين وأسرهم، تضم في عضويتها 14 ممثلا عن الوزارات الحكومية والجهات المختصة.

يقول الدكتور الحبيب عن هدف هذه اللجنة إنها تسعى «لمساعدة المرضى النفسيين وأسرهم، للحصول على الخدمات العلاجية والتأهيلية، وتعزيز برامج الصحة النفسية، وتصحيح المفاهيم المتعلقة بذلك، وتنسيق الجهود الحكومية والأهلية الموجهة لهذه الفئة، وذلك لحماية حقوقها».

ولفت مدير عام الصحة النفسية بوزارة الصحة، النظر، إلى صعوبة تحديد أرقام معينة للمرضى النفسيين على مستوى السعودية. لكن، ومن خلال إحصاءات وزارة الصحة، التي شملت مستشفيات الصحة النفسية والأقسام والعيادات الملحقة بالمستشفيات العامة، فإن عدد المراجعين الجدد والمترددين على تلك المستشفيات، بلغ 384 ألف مراجع، قبل عامين، ليرتفع العدد إلى 436 ألفا العام الماضي.

ويوجد في السعودية، 20 مستشفى للصحة النفسية. ويرفع مستشفى الخرج للصحة النفسية الذي يجري إنشاؤه الآن العدد إلى 21، وذلك طبقا لما أوضحه مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة، الذي ذكر أن عدد العيادات النفسية الملحقة بالمستشفيات العامة التابعة للوزارة بلغت أعدادها 75 عيادة، وتتجه وزارة الصحة السعودية، لرفع السعة السريرية لمستشفيات الصحة النفسية، من 2791، إلى 3550 سريرا. ويشرح الدكتور الحبيب الكيفية التي ستتم بها زيادة السعة السريرية، بقوله «إن وزارة الصحة تعمل الآن على إنشاء 15 مستشفى جديدا لإحلال مستشفيات الصحة النفسية القائمة بها، مما يعطي مجالا لزيادة السعة السريرية بكل مستشفى».

ويعتقد مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية، أن أسباب الاضطرابات النفسية، تكاد تكون متقاربة في جميع بلدان العالم. غير أن ما يميز سكان بلاده السعودية، على حد قوله، «التمسك بتعاليم الدين الإسلامي على وجه العموم، والعلاقات الاجتماعية الجيدة مقارنة بكثير من الدول»، وهو ما اعتبره مخففا من الضغوط النفسية.

ويرى المسؤول الصحي، أن التغير السريع في المجتمع، وإفرازات الحياة المدنية، قد زادت من الإصابة بالاضطرابات النفسية. وردا على سؤال عما إذا كانت موجة انهيارات الأسهم التي حدثت في فبراير (شباط) 2006، قد ساهمت في زيادة أعداد المرضى النفسيين الذين خسروا أموالا طائلة في تلك الحادثة، قائلا «نرى أن الأزمات الاقتصادية أثرت سلبا في النواحي النفسية، وهذه الآثار قد تتراوح في حدتها من فرد إلى آخر، وقد تظهر بعض الآثار بشكل أعراض نفسجسمية، أو نفسية، أو مظاهر سلوكية واجتماعية».

وشدد على ضرورة إشراك المؤسسات المعنية للتعامل مع آثار الأمراض النفسية، وذلك بتكوين فرق التداخل السريع في الأزمات، وتنظيم ورش عمل، ودورات تدريبية، في كيفية التعامل مع الضغوط النفسية، وإعداد برامج إرشادية توعوية عبر الهاتف للرد على أسئلة المواطنين.

ومن المقرر أن تقوم اللجنة الوطنية لرعاية المرضى النفسيين، بدور تكاملي بين جميع الأجهزة الحكومية، في كيفية التعامل مع الحالات المسجلة، إذ تضم في عضويتها ممثلين عن وزارات (الداخلية، التربية والتعليم، الشؤون الإسلامية، العدل، الخدمة المدنية، التعليم العالي، الشؤون الاجتماعية، الثقافة والإعلام والصحة).

كما تحتوي هذه اللجنة، التي سيخصص لها برنامج مستقل في ميزانية وزارة الصحة، ممثلين عن كل من (الرئاسة العامة لرعاية الشباب، هيئة حقوق الإنسان، مجلس الغرف التجارية الصناعية، الجمعية السعودية للطب النفسي، جمعية متخصصة في البر والأعمال الخيرية).

ومن المنتظر أن تتولى لجنة رعاية المرضى النفسيين، طبقا لقرار إنشائها الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، رسم السياسات الوطنية في مجال رعاية المرضى النفسيين وأسرهم، وتحديد الأولويات اللازمة في هذا الشأن، ووضع القواعد النظامية والتنظيمية لأعمال اللجنة.

كما من المقرر أن تعمل على تشجيع إنشاء الدور الإيوائية المخصصة لرعاية المرضى النفسيين، وتقديم الاستشارات الطبية والفنية والمهنية.

ويؤكد مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة، أن هذه اللجنة ستعمل على مراجعة الأنظمة والتعليمات المطبقة في مجال رعاية المرضى النفسيين، واقتراح التعديلات اللازمة، واقتراح ما يلزم من أنظمة ولوائح جديدة لرفع مستوى التأهيل النفسي والاجتماعي لهذه الفئة.

وستتولى لجنة رعاية المرضى النفسيين، مسؤولية التنسيق والمتابعة مع الأجهزة المعنية فيما يتعلق بتنفيذ الخطط العلاجية والبرامج التأهيلية المرسومة، لتحقيق الترابط والتكامل بين أعمالها، وتنظيم جهود الجهات الحكومية والأهلية في هذا المجال.

وستعمل اللجنة، التي ستقوم بـ10 مهام، حسب تنظيمها المعلن، على إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالصحة النفسية وسبل تعزيزها، وطرق الوقاية من الأمراض النفسية، وتعزيز برنامج الدعم الذاتي للمرضى النفسيين وأسرهم ماليا وفنيا.