قاض يطالب بلجنة طبية تفحص أهلية المرضى النفسيين المجرمين

مسؤول حكومي يدعو القضاء لبحث الظروف الاجتماعية للمتهمين قبل استصدار الأحكام

TT

دعا مسؤول سعودي، القضاء إلى ضرورة التروي قبيل استصدار الأحكام الشرعية، وذلك بالنظر في الظروف الاجتماعية للمتهمين من المرضى النفسيين ودراسة أوضاعهم الاقتصادية للوصول إلى الدوافع الحقيقية، بالأخص في ظل التغير المتسارع للمجتمع وما يتعرض له من تحديات مالية واجتماعية ودينية.

وأشار سلطان العنقري، مساعد مدير عام مركز أبحاث مكافحة الجريمة سابقا والمستشار الحالي في وزارة الداخلية، إلى أن هناك أسبابا اقتصادية واجتماعية تبعث في نفوس أفراد من المجتمع، اضطرابات سلوكية وأمراضا نفسية، ما يجعلهم يقدمون على ممارسات خاطئة تصل إلى حد الجرائم. مشددا على ضرورة معالجة أسباب الحالات التي يصل إليها المرضى النفسيون، وعدم التركيز فقط على الأعراض، في إشارة منه إلى توجه وزارة الصحة لرفع عدد المستشفيات النفسية.

وفيما يتعلق بكيفية تعاطي القضاء السعودي مع المرضى النفسيين المتهمين أكد الشيخ محمد العبد الكريم القاضي في محكمة المويه الذي اشتهر بأحكامه البديلة في الآونة الأخيرة في حديثه مع «الشرق الأوسط»، سعي القضاة للتحقق من مدى أهلية الجاني أو طرف الدعوى سواء أكانت قضايا مدنية أو جنائية أو فيما يتعلق بالأحوال الشخصية.

وشدد العبد الكريم على ضرورة التأكد من الأهلية الشرعية لطرف الدعوى التي بواسطتها يتعرف القاضي على مدى مسؤوليته المدنية والجنائية كاملة. مضيفا أنه في حالة ثبوت المسؤولية الجنائية لذوي الأهلية الناقصة يتوجب اتباع قاعدة «درء الحدود بالشبهات». مشيرا في ذات الوقت إلى أن القضايا التعزيرية تعتبر من الحالات التي يجب أن ينظر فيها بشأن أهلية المتهم لدى ذوي الاختصاص الطبي لتقييم حالته الصحية وأهليته.

وطالب العبد الكريم بإيجاد لجنة مختصة تابعة للمستشفيات الحكومية بالقرب من المحاكم الشرعية بهدف عرض الأشخاص المتهمين وتحديد مدى أهليتهم مع متابعة القضية من قبل الطبيب النفسي، وكذلك تأمين حضور الطبيب المختص لقاعة المحكمة والمثول أمام القاضي للإدلاء برأيه الطبي، وبحث ما ورد في تقريره الخاص لإتاحة الفرصة أمام القاضي لمناقشة كافة الجوانب الصحية للمتهم، بهدف الوصول إلى صورة واضحة تساعد في تحديد مسؤوليته الجنائية.

وقال محمد العبد الكريم القاضي في محكمة المويه، إن المعمول به في الوقت الحالي هو اعتماد القاضي في استصدار أحكامه على تقرير لمجموعة من الاستشاريين لأحد المستشفيات الحكومية يحدد فيه حالة المتهم ومدى تأثيرها على سلامة أهليته. وهنا عاد سلطان العنقري، ليرجع أسباب تفشي الاضطرابات والأمراض النفسية أخيرا لدى بعض أفراد المجتمع السعودي سواء كانت عصابية كالقلق والوسواس، أو الأمراض الذهنية كانفصام الشخصية، إلى الفقر والوضع الاقتصادي المتردي وبطالة الشباب، إضافة إلى الحالة الاجتماعية وغياب الأنظمة والقوانين. مشيرا إلى أن الأمراض النفسية إنما أتت كنتيجة لعوامل متعددة.

الدكتورة موضي الزهراني مسؤولة الحماية الاجتماعية في القسم النسائي لمنطقة الرياض التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، أكدت على أن الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية تلعب دورا هاما في انتشار الجريمة. مضيفة أن هذه الاضطرابات النفسية تزيد من تنامي حالات العنف الأسري سواء أكانت من سوء معاملة الزوجة أو الاعتداء على الأطفال.

ولفتت الزهراني إلى خطورة تجاهل الأمراض النفسية العصابية التي غالبا ما يتم إهمالها فترة من الزمن من قبل أصحابها نتيجة الافتقار للوعي الصحي النفسي، سواء أكان من حيث تناول العقاقير الطبية النفسية أو الالتزام بحضور جلسات العلاج.

ورأت موضي المختصة النفسية ضرورة النهوض بمراكز العلاج النفسي الحكومية والأهلية ومضاعفة أعدادها بغية تأهيل المرضى النفسيين. مؤكدة على أن الضغط القائم في مستشفى الأمل للصحة النفسية يمنع قبول حالات جديدة تحولها دار الحماية الاجتماعية، بجانب العجز عن متابعة المرضى منزليا بصورة دورية مستمرة. وسلمت الزهراني بوجود مصاعب في اكتشاف الاضطرابات الشخصية التي من المستحيل معرفتها إلا بالمعاشرة والاحتكاك اليوميين، بخلاف تعنت الغير لقبول جلسات العلاج السلوكي.

مسؤولة الحماية الاجتماعية نادت بضرورة توجه رجال الأعمال إلى افتتاح مراكز خاصة للعناية بالمرضى النفسيين تكون ملائمة لدخلهم المادي، تفاديا لغلاء وارتفاع الأسعار في العيادات الخاصة، التي قد تصل الاستشارة النفسية لدى احد الاستشاريين فيها إلى 1000 ريال سعودي، عدا تكاليف العقاقير الطبية.