طلاب الجامعات: رمضان بعيدا عن الأهل.. تجربة صعبة

الدراسة الصيفية تسلبهم أجواء الشهر الاجتماعية

TT

في حين يشكل شهر رمضان مناسبة اجتماعية يحرص الكثيرون على استغلالها في سبيل تعزيز أواصر العلاقات الاجتماعية والبقاء بقرب أسرهم. فإن طلاب الجامعات الذين يقضون فترة الصيف داخل أروقة القاعات الدراسية لا تمنحهم الغربة والابتعاد عن الأهل هذه الفرصة وسط أجواء الدراسة والاختبارات التي تسلبهم الكثير من متعة الشهر. قضاء شهر رمضان بعيدا عن الأهل يعتبرها كثير من الطلاب تجربة صعبة. فهم يفتقدون إلى الطابع الأسري والاجتماعي الذي يميز هذا الشهر إضافة إلى اضطرارهم إلى الاعتماد على الوجبات الجاهزة التي توفرها المطاعم عوضا عن أطباق المطبخ البيتي. وفي المساء يقع الطالب بين خيارين أحدهما الاستعداد للاختبارات النهائية في الأسبوع المقبل أو البحث عن فرص للترفيه والاستمتاع بأجواء رمضان الروحانية بعيدا عن هموم المذاكرة والاختبارات.

أحمد السالم يقول «رغم أني اعتدت على قضاء رمضان مع زملائي الطلاب خلال السنوات الماضية، إلا أن هذا العام تصادف الاختبارات النهائية للفصل الصيفي منتصف شهر رمضان وهو ما يفرض عليَّ إقامة جبرية وتأجيل عاداتي الرمضانية إلى وقت آخر». إلا أنه يرى أن لهذا الأمر إيجابية تكمن في تعميق علاقته مع أصدقائه من الطلاب، حيث يشاركهم هذه اللحظات الصعبة على حد قوله.

الطالب أنس، الذي يقضي رمضان للمرة الأولى بعيدا عن أهله بحكم دراسته في إحدى الجامعات بالمنطقة الشرقية، يصف التجربة بالصعبة، حيث يقول داخل أجواء السكن الجامعي افتقدت إلى الطابع الأسري، الذي كان يمنح رمضان روعته. هنا يسير جدولي اليومي بشكل رتيب ما بين دوام يومي ومذاكرة تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، حيث نستعد للاختبارات النهائية في الأسبوع المقبل». ويضيف أنس قائلا «أجد صعوبة في التأقلم مع وجبات المطاعم التي لا نملك بديلا عنها، حيث تحظر علينا أنظمة السلامة في السكن الجامعي الطبخ، وتفرض علينا أجواء البعد عن الأهل مشاركة الأصدقاء في وجبات الفطور والسحور، وذلك لاستعادة شيء من الطابع الاجتماعي الخاص برمضان».

ويشاركه في الرأي طالب آخر يدرس معه في ذات الجامعة، حيث يقول «في رمضان اعتدنا على استقبال الشهر بـ(الشعبنة) وأداء التراويح في الحرم النبوي ومشاركة الأهل في وجبة الإفطار، لكن هنا لا شيء سوى التفرغ للمذاكرة والاختبارات». ويضيف قائلا سيتبقى لدي أسبوعان بعد نهاية الفصل الدراسي الصيفي سأحرص فيهما على تعويض ما فات من متعة رمضان. وعلى غرار المثل القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد» فقد وجدت بعض العائلات في مجتمع الطلاب مجالا لاستحداث فرص عمل تقوم على بيع وجبات الإفطار المصنوعة داخل البيت مستثمرة في ذلك نفور الطلاب من وجبات المطاعم. ويؤكد فيصل، الذي اعتاد على قضاء رمضان مع زملائه الطلاب، بأنهم وجدوا في الوجبات المنزلية التي توفرها بعض العائلات كمصدر رزق لها، حلا بديلا عن وجبات المطاعم ذات الآثار الصحية السلبية قائلا في هذه الوجبات نجد شيئا يذكرنا برمضان الذي افتقدته هنا.

«أين تذهب هذا المساء» سؤال آخر يطرحه طلاب الجامعات في ليالي رمضان. ويتراوح الجواب بين فئة تفضل الذهاب إلى المقاهي ومحلات الكوفي شوب لمتابعة برامج القنوات الفضائية التي تتخذ من رمضان موسما لها لطرح كل جديد. ويقول منصور، ينتهي يومي الدراسي عند الساعة الخامسة مساء ولا أجد فرصة للترويح عن نفسي سوى الخروج من قبضة السكن الجامعي – على حد قوله – حيث أجد في المقاهي المنتشرة في الخارج فرصة لمتابعة قائمة برامجي التلفزيونية المفضلة، حيث تقتصر قائمة القنوات التي أجدها داخل السكن الجامعي على قنوات قليلة وذات طابع رتيب.

فئة أخرى تفضل أن تجعل من فترة المساء فرصة لأداء صلاة التراويح خلف الأئمة المشهورين في المنطقة، حيث يؤكد أحد الطلاب أن أجمل ما يجده في هذا الشهر هو القدرة على أداء صلاة التراويح خلف أكثر من إمام ممن يمتازون بجودة الصوت والتلاوة، معتبرا أن قيامه بهذا الأمر يوفر فرصة للإحساس بروحانية الشهر التي يفتقدها بمجرد أن يتذكر أن ثمة التزامات دراسية تنتظره حين يعود إلى شقته في السكن الجامعي.