السعودية تضع حدا للمغالاة في أسعار حملات حجاج الداخل.. وتبتكر «الحج المخفض»

وزارة الحج تحدد أعلى سعر لحج الفرد بـ3900 ريال مقابل حزمة مزايا أبرزها رفع نسبة مساحات المخيمات وتأجيل سداد أجرتها

خطوات رسمية للحد من المغالاة في حملات حجاج الداخل («الشرق الأوسط»)
TT

وضعت وزارة الحج، التي كانت ضمن لجنة أُمر بتشكيلها في أعقاب موسم حج العام الماضي، حدا لظاهرة «المغالاة» في أسعار حملات حجاج الداخل، حيث ابتكرت برنامجا تنظيميا يرمي إلى خفض أسعار تلك الحملات، فما بات يعرف باسم «الحج المخفض»، وضعت فيه الحد الأعلى لسعر الحملة 3900 ريال.

ويدعم هذا البرنامج الجديد، حزمة من المزايا، تبدأ برفع الحد الأعلى لنسبة تخصيص المخيمات إلى 80 في المائة من العدد المصرح به، وتصل إلى حد تأجيل سداد أجرة مخيم منى حتى بعد انقضاء موسم الحج، وفي حال تأخر المشترك عن هذا الموعد يتم تسييل الضمان البنكي وسداد القيمة المستحقة.

ويبدو أن الحكومة السعودية، تركت الباب مواربا أمام التحاق حملات الحج بهذا البرنامج، من عدمه، لكن وزارة الحج دعت للاشتراك بهذا البرنامج، ونبهت تلك الشركات والمؤسسات إلى أن العدد المستهدف للمشاركين منهم في البرنامج «محدود».

وتسعى وزارة الحج من وراء إطلاق برنامج «حج منخفض التكاليف»، للجم التصاعد الفلكي لأسعار مخيمات حجاج الداخل، التي عاناها المواطنون والمقيمون طوال السنوات الماضية، ما أدى إلى تزايد الحجاج المتسللين إلى مكة المكرمة غير الحاصلين على تراخيص نظامية لأداء الفريضة.

وطبقا لمعلومات «الشرق الأوسط»، فإنه سيسمح لشركات الحج التي تدخل في التنظيم الجديد، باستئجار 90 في المائة من حافلاتها من خارج السعودية، كما يتيح انضمامها إمكانية زيادة أعداد الحجاج المرخص لها بخدمتهم، وترشح تبعا لذلك لجائزة تقديرية تمنح من وزير الحج.

ورأى المستشار أيمن السراج، رئيس مجلس إدارة شركة الإتقان للحج، الخطوة التي قامت بها وزارة الحج بعين الرضا.

وأضاف شرحا عن الموضوع في حديث لـ«الشرق الأوسط»، قائلا إن وزارة الحج، قامت بتنظيم برنامج حج منخفض التكلفة، ومنحت الشركات الراغبة بتقديم هذا البرنامج مزايا خاصة وجعلت الأسعار تبدأ من 1900 ريال للحاج وبحد أقصى 3900 ريال، مقسمة على 7 فئات، حسب فئة المخيم، وحددت مواصفات الخدمات تبعا للعديد من المعطيات.

وسيكون سكن الحجاج الملتحقين بالشركات المدرجة في برنامج الحج المخفض، في مشعر منى، داخل الخيام المطورة بتخصيص مساحة 1.6 متر مربع للحاج الواحد مع فرش الخيمة بالزل وتخصيص مرتبة إسفنج ومخدة وبطانية لكل حاج.

أما في عرفة، فسيكون السكن في خيام عادية مكيفة تكييفا صحراويا، مع تخصيص مساحة 1.6 متر للحاج ودورة مياه واحدة لكل خمسين حاجا مع فرش الخيمة بالزل فقط، فيما سيؤمن للحجاج في مزدلفة فرش زل لحجاج كل حافلة ودورتا مياه متنقلة وتوفير مياه صحية مع وجبة جافة.

وتشمل الترتيبات الجديدة، مزايا في عمليتي الإعاشة والتنقل. فكما يقول سراج فإن وجبة إفطار الحج، سيكون فيها الفول والبيض عنصرين أساسيين، ووجبة الغداء ستكون عبارة عن أرز باللحم أو الدجاج، ووجبة العشاء ستتكون من أطباق حساء مختلفة، وسيصحب كافة الوجبات مشروبات باردة وساخنة.

وبالنسبة لمميزان النقل، فستستخدم شركات الحج المشتركة في هذا البرنامج، حافلات مكيفة ونظيفة مطابقة للمواصفات من مدينة الحجاج إلى المشاعر المقدسة والعودة، علماً أن السعر لا يشمل النقل الجوي.

وقد رأى المستشار أيمن السراج أن هذه المزايا التي قدمتها وزارة الحج مشكورة سوف تسهم بشكل كبير في خفض تكاليف الحج مع ضبط مواصفات محددة لهذا البرنامج.

من جهته، وصف سعد القرشي، رئيس لجنة الحج والعمرة بالغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، المميزات التي يقدمها البرنامج للشركات المشاركة فيه بالمتميزة، خصوصاً في ظل توفر ميزات الموقع الثابت للمخيم، والسعر الملزم للخدمة، وإسهامه في عدم المبالغة في نوعية الخدمات المقدمة للحجاج في تلك المخيمات، مؤكداً تأييد شركات ومؤسسات العمرة لهذا البرنامج.

وأكدت وزارة الحج على ضرورة التزام الشركات والمؤسسات المشاركة بالبرنامج بتقديم الخدمة وفق حزمة الخدمات التي اعتمدتها الوزارة، وتشمل معايير محددة لمساحة السكن، ونوعية كل وجبة طعام ومحتوياتها، وتوفير خدمات النقل، مستثنية النقل الجوي من الخدمات المقدمة للحجاج.

وستتولى وزارة الحج أيضاً، الإعلان عن تدشين البرنامج، وأسعاره، وأسماء الشركات والمؤسسات المشاركة فيه، وعناوينها في الصحف المحلية، نيابة عنها، وتضمين كل تلك المعلومات في موقعها الإلكتروني.

وكانت 8 جهات حكومية وخاصة شاركت في ورشة نظمت في شهر يونيو (حزيران) الفائت، وعقدت بناء على طلب الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، لدراسة أسباب ارتفاع تكاليف الحج الداخلي، انتقدت المبالغة في الخدمات المقدمة لحجاج الداخل من قبل بعض الشركات والمؤسسات المرخص لها، ما يؤدي إلى رفع السعر.

كما انتقدت تلك الجهات سياسة الخطوط السعودية التي تنظم مزاداً لبيع تذاكر رحلاتها أثناء موسم الحج، يشترك فيه الكثير من المنتفعين للمزايدة على الأسعار، ما يؤدي إلى ارتفاعها بنسب تصل إلى نحو 100 في المائة عن الأسعار السائدة طوال العام.

وطالت الانتقادات كثرة الرسوم المحصلة من الشركات والمؤسسات المرخص لها بالخدمة، كرسوم تأشيرات العمالة الموسمية القادمة بالحافلات المستأجرة من الخارج، ورسوم التلفيات التي تلحق بالمخيمات المسلمة للمرخص لهم أثناء الموسم، ورسوم خدمات الكهرباء والهاتف الموصلة للمخيمات، سواء في منى أو عرفات، ورسوم الرخص البلدية، ورسوم اللوحات التجارية.

وأرجعت الإدارة العامة لشؤون حجاج الداخل بوزارة الحج في دراسة قدمتها خلال ورشة العمل، التي نظمتها وزارة الحج، بمشاركة إمارة منطقة مكة المكرمة، ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، ووزارة التجارة والصناعة، وأربع شركات حج، ظاهرة ارتفاع أسعار خدمات حجاج الداخل إلى الإيجارات المرتفعة للمخيمات المسلمة للشركات والمؤسسات مقارنة بما هو معتمد لدى مخيمات حجاج الخارج، ورفع الحد الأعلى للغرامة المالية، التي يمكن فرضها على المرخص له في حالة المخالفة من 20 إلى 100 ألف ريال، وارتفاع قيمة إيجار المكاتب الرئيسية والفرعية وارتفاع أسعار الحافلات من داخل المملكة.

فيما طالبت شركات الحج خلال الورشة بإلغاء الضمانات البنكية بجميع أنواعها، وخفض أجور الخيام المعتمدة من قبل الوزارة بنسبة 40 في المائة، ومنح تأشيرات للعمالة الموسمية للاستفادة منها في بناء مخيمات عرفة ومنى، وكذلك في الخدمة أثناء موسم الحج، كما طالبت الشركات بالسماح لها التعاقد مع الوافدين بنظام الإعارة للعمل خلال موسم الحج في المهن الفنية التي لا يعمل بها السعوديون.