المرصد الحضري لـ«الشرق الأوسط»: 53% من الطلاب الذكور و48% من البنات ينقطعون عن إكمال الدراسة

جدة الأقل أمية بين المدن.. والأكثر في طلاب «الدراسات العليا» * النساء الأكثر التحاقا بالدراسة الجامعية

TT

تقدمت مدينة جدة قائمة أكثر المدن السعودية التي يحمل سكانها شهادات الدراسات العليا، وأقل مدينة تحتضن الأمية، وذلك في تقرير إحصائي أعده المرصد الحضري.

وقالت دراسة بحثيه صادرة عن المرصد الحضري في جدة وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها «إن جدة تعد أقل المدن السعودية أمية وسكانها الأكثر التحاقا بالدراسات العليا، ونساء جدة الأكثر إقبالا على التعلم الجامعي عن نساء المدن الأخرى». وأشارت الإحصائية إلى أن نسبة الذكور الذين يتركون الدراسة مبكرا تفوق نسبة الإناث، إذ بلغت نحو 53.8 في المائة بينما بلغت في البنات 48 في المائة، وهو الأمر الذي أرجعه مختصون وخبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» إلى الظروف الاجتماعية التي تجبر الرجل في السعودية على العمل مبكراً، كونه مصدر الدخل الوحيد لمعظم الأسر وغياب الفرصة الوظيفية. وقالت الإحصائية المسحية «إن 0.3 في المائة من سكان جدة يحضرون الدكتوراه و0.7 في المائة الماجستير، فيما يدرس 11.2 في المائة من السكان بالجامعات و3 في المائة دبلومات».

وهنا يوضح الدكتور محمد عبد السلام، مدير المرصد الحضري في جدة لـ«الشرق الأوسط»: «أنه فيما يخص قضية الأمية فقد بيّنت المؤشرات، حسب المسح الميداني للمرصد الحضري عام 2008 م، أن نسبة الأمية للسكان السعوديين انخفضت بالنسبة للأعمار 15 سنة فأكثر عما كانت عليه في عام 2005، وانحصرت في الفئات العمرية العليا، حيث تصل إلى 43.8 في المائة في الفئة ما فوق 64 سنة و21.5 في المائة في الفئة ما بين 50 إلى 64 سنة بينما هي 7.1 في المائة في ما دون 30 سنة. و6 في المائة في الأعمار من 30 إلى 49 سنة، وهذا عند الذكور والإناث على حدّ سواء مع ارتفاع أكبر عند الإناث».

وأضاف «وكشفت التقارير البحثية وجود فروقات في نسب متابعة التعليم، بالانتقال من مرحلة إلى أخرى، حيث تراجع عدد الملتحقين من الطلاب والطالبات في المرحلة المتوسطة بما نسبته 12.8 في المائة عنه في المرحلة الابتدائية، وتتراجع النسبة في الثانوي عنها في المتوسط 9.9 في المائة في كل محافظة جدة، وهو الأمر الذي يتطلب التدقيق عن أسباب الانقطاع عن التعليم والتسرب في كافة المراحل، حيث إنه من الواضح أن هناك تسرباً مدرسياً بين المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وقد يعود ذلك إلى عوامل اجتماعية أو اقتصادية».

وهنا يعلق الخبير التربوي في مجال الإرشاد في تعليم جدة، محمد صالح السعدي لـ«الشرق الأوسط» بقوله «إن أكثر التسرب الحاصل بين المراحل، خاصة الثانوية يكون في الغالب نتيجة للبحث عن وظيفة، وعدم الرغبة في إتمام الدراسة، وذلك يعود إلى أمور كثيرة منها عدم وجود مصدر كافٍ للأسر للصرف على نفسها مما يدفع بأبنائها للبحث عن أعمال، أو سبب آخر وهو مشاهدة الطالب لتزايد أعداد العاطلين الحاصلين على مؤهلات جامعية وغيرها، مما يجعله يصاب بالإحباط، وأنه مهما تعلم سيعيش نفس الظروف حتى لو أكمل دراسته، لذلك يحرص على الحصول على وظيفة أيا كانت مبكراً».

ويضيف السعدي «هذه بعض من الأسباب إضافة إلى عدم قدرة البعض على استكمال الدراسة، أو عدم رغبته».

وبالعودة إلى الإحصائية المسحية التي أجريت، فقد أشارت إلى أن نسب إلحاق المواطنين السعوديين من البنين والبنات في مؤسسات التعليم على مختلف مراحلها تكاد تكون متساوية، حيث إنه خلال الـ30 عاما الماضية كانت أعداد الطلاب من الجنسين الملتحقين بالدراسة متساوية.

وهنا تشير لـ«الشرق الأوسط» باحثة مشاركة في إجراء البحث والدراسة وتعمل في المرصد الحضري في جدة، طلبت عدم ذكر اسمها إلى أن تقارب هذه النسب يعني أن الأهل لم يعودوا خلال السنوات المذكورة يميزون، كما كان سابقا، بين البنين والبنات في إرسالهم إلى المدارس على مختلف درجاتها، وأن المجتمع السعودي يخطو خطوات واسعة نحو تحصيل تعليمي يشمل الجنسين على حد سواء في جميع المراحل.

وجاءت جدة في قوائم الدراسة المسحية في آخر قوائم الأمية، مشيرة إلى أن سكان جدة يعدون الأكثر التحاقا بالدراسات العليا، ومحددة أن نسبة الذكور الذين يتركون الدراسة مبكرا تفوق نسبة الإناث بنحو 53.8 في المائة.

وهنا يعلق لـ«الشرق الأوسط» عادل بترجي، استشاري التربية والتعليم في مدارس دار الذكر بقوله «إن الظروف الاجتماعية والاقتصادية وقلة الفرص التعليمية هي المحرك الحقيقي لتلك الأرقام». موضحا «العمل عند الرجل وقلة الفرص التعليمية المناسبة، والزواج المبكر عند النساء يجبرهن على ترك الدراسة مبكرا والعودة إليها بعد الاستقرار، حيث تعد هذه أبرز تلك الظروف».

وتذهب نعمة العوفي الاختصاصية الاجتماعية بجدة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اعتماد الأسر في السعودية على الرجل قد يكون السبب، رغم تحفظي على الأرقام كون السيدات يضطررن إلى ترك الدراسة بسبب الزواج حتى مع وجود الاتفاق المسبق، ولدينا الكثير من الحالات المسجلة.

وترى العوفي أن المجتمع في المنطقة الغربية أكثر مرونة عن غيره، سواء في التعلم أو غيره بحكم الاحتكاك بالمجتمعات في مواسم الحج والعمرة.

إلى ذلك يعود الحديث إلى إحدى العاملات في المرصد الحضري، التي تحدثت لنا سابقا بقولها «من خلال الدراسات البحثية تبين أن الزواج والوعي الكامل بأهمية التعليم هما من أهم المسببات لزيادة هذه النسبة».

إلى ذلك أجابت الدراسة المسحية في موضوع المنقطعين عن الدراسة من الذكور عن الأسباب التي أجبرتهم على ذلك وأوضحت «أن نحو 3.1 في المائة من المنقطعين عن الدراسة تركوها بسبب المعدل المنخفض والرسوب، و27 في المائة بسبب العمل المبكر و50 في المائة بسبب ظروفهم العائلية، إضافة إلى من تركوها لأسباب متفرقة مثل الزواج والمرض».

وخلصت الدراسة إلى «أن نسبة الذكور الذين تركوا الدراسة مبكراً أكبر من نسبة الإناث بواقع 53.8 في المائة يقابلها 48 في المائة للبنات». مشيرة إلى أن 71.8 في المائة من الفتيات اللواتي تركن دراستهن من السعوديات والأجنبيات كان بسبب الظروف العائلية.

وبينت الدراسة أن نسبة السعوديات اللواتي تركن الدراسة تفوق نسبة الذكور بنحو 5 في المائة مقابل الذكور السعوديين، أما المقيمون فزادت النسبة للذكور بنحو 56.4 في المائة. مقدرة نسبة الدراسين بالثانوية العامة بنحو 22.7 في المائة من إجمالي السكان و16.7 في المائة في المرحلة المتوسطة و14.3 في الابتدائية و22 في المائة في رياض الأطفال.

يشار إلى أن الدراسة المسحية التي أجراها المرصد الحضري في مجال التعليم في جدة شملت نحو 48274 ذكرا وأنثى من الكبار والصغار في مختلف أحياء جدة كعينة عشوائية، خرج بعدها الفريق البحثي بالأرقام والنتائج التي وردت في الدراسة.