ارتفاع الأسعار والسعودة يقلصان محلات الذهب في الطائف من 170 إلى 60 محلا

فيما تحركت جهات تجارية لإطلاق معرض متخصص عن الذهب والمجوهرات

السعودة في محلات الذهب فتحت فرص عمل للعديد من الشباب السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

دفعت جملة من الأسباب أبرزها ارتفاع الأسعار ونظام السعودة إلى تقلص أعداد محلات الذهب في الطائف خلال السنوات الـ6 الماضية من 170 محلا إلى 60 محلا.

ويأتي ذلك في وقت تعمل فيه جهات تجارية على الترتيب لإطلاق معرض عالمي ضخم عن الذهب والمجوهرات في محافظ الطائف بهدف رفع وتشجيع تجارة الذهب من جديد.

ولخص الخبراء من أصحاب الصنعة والتجار هذا التقلص إلى مجموعة من الأسباب أهمها ارتفاع الأسعار التي زادت بدورها إلى أكثر من ثلاثة أضعاف في العشر سنوات الماضية بحسب طارق التمار، وهو عضو لجنة المجوهرات الثمينة بالغرفة التجارية الصناعية بالطائف، كما أنه تاجر مجوهرات ورث المهنة والصنعة عن جده ووالده منذ 37 عاما.

وقال التمار خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «تسبب دخول نظام السعودة بشكل مباشر من دون تدرج، بإغلاق العديد من المحلات، سيما أن أصحابها كانوا يعتمدون بشكل كبير على الأجانب في إدارة وبيع المجوهرات الثمينة».

ويرجع تاريخ المجوهرات الثمينة في الطائف إلى أكثر من ستين عاماً، كما روى عيسى القصير، وهو باحث وخبير في شؤون الطائف التاريخية.

وخلال جولة وسط المنطقة المركزية في الطائف وسط «سوق الخميس» وهو سوق الذهب حالياً، سرد القصير لـ«الشرق الأوسط» قصة المجوهرات في الطائف في المكان ذاته الذي انطلقت منه، موضحا أن الزينة حينها كانت فضة، وقد بدأوا بالفضة، وقال «لا تزال ذاكرتي تحتفظ ببعضها، (أحمد التمار، عبد المعين تنكر، محمد فقيه، سعيد بديره، صديق السليماني)، وجميع المذكورين لا تزال محالهم إلى الآن يعمل عليها أبناؤهم».

وأضاف «استمر المؤسسون وبعدهم أبناؤهم، وها هم الآن يحملون الأسماء ذاتها على لوحات المحلات، ولا أنسى لقب شيخ الصاغة، وهو المرجع الأول للصاغة منذ وجودها وحتى الآن».

وزاد القصير «أول شيخ للصاغة في الطائف كان صديق السليماني، تلاه محمد عبد الوهاب المصري، ثم جميل عماشة، الذي ما زال موجودا إلى الآن».

ويصنف التجار في الطائف عدد المشاركين في نشاط المعادن الثمينة والأحجار الكريمة على حسب «محلات الذهب»، وهي الدكاكين التي تبيع المجوهرات والأحجار الكريمة.

إلى ذلك أكد جميل عماشة، شيخ الصاغة، ورئيس لجنة المجوهرات الثمينة بالغرفة التجارية الصناعية بالطائف لـ«الشرق الأوسط»، أن حجم استثمار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة في الطائف يبلغ حالياً 300 مليون ريال سعودي.

وقال «فتح الاستثمار في الذهب والمجوهرات فرصاً وظيفية مناسبة للشباب السعودي، لكنه يحتاج أيضا إلى تحسين في مستوى الخدمة، والاستفادة من خبرات أجنبية سبق لها العمل في المجال».

وبين عماشة أن سوق الذهب في الطائف كان يحتوي قبل ست سنوات، على حوالي 170 محلا، تقلص العدد حاليا ليقتصر على 60 محلا. معللا ذلك بعدم القدرة على إدارة المحلات بالطريقة الصحيحة، واعتماد أصحاب المحلات على خبرات أجنبية مقيمة في السعودية وتعمل في ذات المجال منذ 30 عاما ونيفاً، وهي تمثل نسبة كبيرة في السابق، حيث لم يكن الشاب السعودي يرغب بالعمل في محلات الذهب.

وأشار رئيس لجنة المجوهرات الثمينة بالغرفة التجارية الصناعية بالطائف إلى ضرورة عدم الاكتفاء بالكوادر السعودية وحدها، واصفا إياها بالجديدة على النشاط، وقال «أرى أن وجود خبرات أجنبية، تدرب الشباب السعودي على العمل في المجوهرات الثمينة والأحجار الكريمة يعود على البلاد بالنفع بشكل عام، ويطور سير محلات المجوهرات والمعادن الثمينة بشكل خاص».

مؤكدا اعتماد مبيعات المعادن الثمينة والأحجار الكريمة على موسم الأفراح الصيفي، حيث يرتفع الطلب من خلال تجهيز العرائس، وشراء الهدايا.

وأضاف «ارتبط موسم الذهب بمناسبات الأفراح صيفا، لأن الذهب – الأكثر طلبا – يستخدم في تجهيز العرائس، ومن ثم شراء الهدايا»، وزاد «تسجل الأعياد أيضا نسبة جيدة، لكن لا تقارن بالصيف، أما الأيام غير الموسمية فلا تشكل نسبة تذكر».

من جهته كشف عبد اللطيف عبد القادر اندجاني، رئيس اللجنة التجارية بالغرفة التجارية بالطائف لـ«الشرق الأوسط»، عن تحرك الغرفة التجارية الصناعية بالطائف لتنظيم معرض تشارك فيه شركات ذهب عالمية، وقال «هذه الخطوة ستسهم في رفع مستوى التجار وأصحاب محلات الذهب في الطائف»، مضيفا أن مدينة الطائف تحمل بعدا تاريخيا في تجارة الذهب والمجوهرات، معللا ذلك بقربها من مكة المكرمة، وتمتعها بأجواء مناسبة صيفا تجذب أهالي المناطق المجاورة مما يسهم في تطوير اقتصاد المحافظة.

وبالعودة إلى طارق التمار، عضو لجنة المجوهرات الثمينة بالغرفة التجارية الصناعية بالطائف، الذي أكد أن مهنة بائع الذهب ليست بالسهلة، خصوصا أن التعامل مرتبط بأسعار غير ثابتة، التي قد تتغير في اليوم الواحد أكثر من مرة.

وأضاف «خمس سنوات بالكاد تعطي الشاب تقديراً جيداً، فالمهمة ليست بالسهلة على أي شاب، ولا يمكن دراستها، وإنما يتعلمها الشاب من صاحب الصنعة، ويطورها بالخبرة، وأنا شخصيا أعمل منذ 37 عاماً، وتصادفني بعض المواقف أو المسائل، تكون جديدة، فما بالك بشباب في مقتبل العمر».

وأشاد التمار بسعودة العاملين، لكنه انتقد التطبيق المباشر وتغطية 100 في المائة بالسعوديين، وقال «الخطوة جميلة، لكن التطبيق دفعة واحدة أضاع على بعض التجار تجارتهم بالكامل، وأضاع أيضا فرصة اكتساب المهارات التي كانت متوفرة لدى الأجانب، ولو أنها سخرت في تعليم الشباب السعودي لكانت الفائدة من هذا القرار أنفع وأعم».