وزارة الإعلام لـ«الشرق الأوسط»: خطة لنشر ثقافة القراءة من خلال 81 مكتبة عامة

أوجدت 500 وظيفة لمتخصصين في علم المكتبات كخطوة أولى نحو التطوير

إقبال كبير تشهده معارض الكتب التي تقام في السعودية سنويا («الشرق الأوسط»)
TT

تعكف وزارة الإعلام السعودية على إعداد خطة للتوسع ونشر ثقافة القراءة في البلاد، والاستفادة من81 مكتبة عامة تسلمتها الوزارة من جهات مختلفة مؤخرا، تضم كتبا ومخطوطات وصورا.

وأكد الدكتور عبد العزيز العقيل، مدير إدارة المكتبات العامة في وزارة الثقافة والإعلام، لـ«الشرق الأوسط» سعي الوزارة إلى تفعيل الدور الذي تلعبه المكتبات العامة في رقي المواطن، وتوفير المعلومة للباحث عن طريق خطة يتم تنفيذها على مراحل.

وأشار إلى أن الوزارة تسلمت المكتبات العامة مؤخرا، وبعضها لا يوجد فيها حتى حراس الأمن، وقال العقيل، «لدينا81 مكتبة عامة في السعودية نسعى إلى تفعيل دورها وزيادة عدد مرتاديها». مضيفا، أن «أغلب المكتبات تحمل على رفوفها العديد من المصادر، سواء كانت كتبا أو مخطوطات، فضلا عن الصور النادرة والكتب الالكترونية، وأماكن مخصصة لأدب الطفل من كتب وبعض الألعاب الثقافية والفكرية المخصصة للأطفال».

وأضاف أن «المكتبات العامة في السعودية كانت تعاني من بعض النقص في الكوادر، مما حدا بالوزارة إلى إيجاد حوالي 500 وظيفة متخصصة في علم المكتبات، كخطوة أولى نحو التطوير».

محمد المنقري، خبير في شؤون المكتبات، نفض غبار الذاكرة، ملخصا تاريخ المكتبات العامة في السعودية خلال حديثه الخاص لـ«الشرق الأوسط»، الذي قال فيه «ظهر مصطلح المكتبات العامة في التنظيمات الإدارية للمكتبات في المملكة في عام 1937م، وذلك في اقتراح مدير المعارف العام إلى المقام السامي، بتشكيل لجنة للإشراف على تنظيم المكتبة الأميرية (مكتبة السلطان عبد المجيد آنذاك، ومكتبة الحرم المكي حالياً)، نظراً لما تحتويه من نفيس الكتب الأثرية، ولأنها المكتبة الوحيدة في العاصمة المقدسة، وذلك بأن تكون مكتبة عامة، وتحقق الغاية المنشودة منها، وأصدر مجلس الشورى بعد النظر في الاقتراح توصيات خاصة بتشكيل لجنة لتطوير المكتبة، واقتراح لجنة أخرى للنظر في تطوير المكتبات الموجودة في المدينة المنورة».

وزاد، «في عام1960م صدر قرار مجلس الوزراء بتأسيس دور الكتب العامة، وأن تكون تابعة لوزارة المعارف، ولتنفيذ قرار مجلس الوزراء أنشأت وزارة المعارف إدارة عامة لدور الكتب، ثم عدل مسمى الإدارة إلى الإدارة العامة للمكتبات».

ومن ذلك الوقت وحتى عام 2003، انتقلت المكتبات العامة من إدارة وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الثقافة والإعلام، كتركيز من الدولة على الاهتمام الفائق وتخصيص ميزانية مناسبة للمكتبات العامة، بدأت الوزارة أعمالها بإيجاد 17 مبنى لمكتبات كانت تابعة لمدارس حكومية، وأوجدت 500 وظيفة، ورمّمت المباني المتهالكة القديمة.

لكن المكتبات العامة في السعودية تعاني جفاء جراء الصد عنها من قبل المواطنين، ولا سيما المثقفين منهم، فمنهم من يضع اللائمة على التنظيم والتقليدية في الطرح من خلال كتب أكل عليها الدهر وشرب، كما تقول ريم الزهراني وهي شابة سعودية، تعمل في القطاع الخاص وتمتلك مؤسسة إنتاج كتب مسموعة، التي قالت بدورها «إن المكتبة العامة في السعودية، بالكاد نسمع بها ولا نراها، فهي تحولت إلى متاحف مغلقة حتى في وجه السُيّاح».

وتؤكد الزهراني، أن «التجديد ضروري بالإضافة إلى الفعاليات والأنشطة». مضيفة «كما هو مشاع، فقد أكل عليها الدهر وشرب، ولم تعد تصلح لزماننا هذا، زمن الثورة الرقمية والكتب الرقمية والمسموعة، التي تُبشر بمستقبل أكثر ازدهاراً في تطوير رحلة المعرفة والتطلع نحو الأفق».

ومنهم أيضا من تحدث عن تحسينات لا بد أن تستحدث أو تحدث. ويعود محمد المنقري، الخبير في شؤون المكتبات، عن مستقبل المكتبات العامة، مبديا ضرورة تبديل استراتيجيات المكتبات وتحويلها إلى مراكز ثقافية، وإيجاد مواقع ومبان جديدة، تساير العصر وتقبع وسط المدن.

وزاد، «لا بد أن تؤثث بشكل عصري، وتحتوي على جلسات تتيح للفرد والمجموعة ارتياد المكان والمكوث فيه كأي مقهى في الخارج، وبهذا تمتزج المكتبة بالسكان وتصبح واحدة منهم».

وأضاف المنقري، «تحتاج المكتبة العامة إلى الاهتمام بتطوير قسم الطفل، على أن تزود بأوعية المعلومات المختلفة المطبوعة منها وغير المطبوعة التي تناسب هذه الفئة. بالإضافة إلى الاحتفال باليوم العالمي للكتاب والمكتبات العامة، وتدشين برامج لترويج القراءة خاصة بين الشباب، وتوثيق الصلة بالمؤسسات التربوية والاجتماعية، خاصة جمعيات المرأة والمتقاعدين لتنفيذ برامج تلامس احتياجات هذه الفئات».

وفي سياق ذي صلة، يتردد مثقفون وأدباء على مقاه ثقافية، خصصت المكان والأجواء للقراءة، فضلا عن النفس الثقافي الذي يتيح النقاش بهدوء وعقلانية.

ولكن خالد ربيع، وهو كاتب وناقد ثقافي، يعتبر ظاهرة المقاهي الثقافية ليست بالجديدة، واصفا إياها بالمتجددة، وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «كان في التاريخ القديم مقاه ثقافية في مكة المكرمة وجدة، يجتمع فيها الأدباء والمثقفون والمفكرون»، مضيفا «توجد الآن مقاه ولكن من نوع آخر، حلت مكان المقاهي الثقافية، وهي المقاهي العادية التي تقدم الشيشة، ولكنها مع الوقت أصبحت مكان تجمع المثقفين والإعلاميين».

وفيما يخص المقاهي الثقافية، تحدث خالد ربيع قائلا «كانت خطوة جيدة، أن يقدم المقهى الكتب إضافة إلى القهوة»، واصفا الحال الآن بالميئوس منه، حين قال «اكتشفنا بعد ذلك أنها عبارة عن مقاهٍ عادية كغيرها، ولكنها ترتدي ثوب الثقافة».

ونوه ربيع إلى أن المقهى الخاص إذا أراد أن يكون مزاراً للمثقفين والقراء، فلا بد أن يبدأ بالمتابعة والتحديث للمحتوى. وأضاف «تجدد الإصدارات سواء كانت مجلات أو كتبا، سيما الممنوعة منها، التي قد تجلب الزائر بل وتدفعه إلى المداومة على ذات المقهى»، مستدلا ببعض المقاهي التي تقع في مصر، التي تقوم بدور المكتبة مثل مقهى ريش في القاهرة، ومقهى عبد الله في الجيزة.