موظفون في شركات غير مسجلة يشكون غياب «التأمينات»

التأمينات لـ«الشرق الأوسط»: عليهم التقدم بشكوى رسمية

لوحة إعلانية تابعة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحث المواطنين على الاشتراك لديها («الشرق الأوسط»)
TT

لا يزال أبو جوري البالغ من العمر 35 عاما ينتظر تسجيل الشركة التي يعمل بها في نظام التأمينات الاجتماعية منذ أن بدأ العمل بها قبل حوالي خمس سنوات، لا سيما أنه يتسلم راتبه ناقصا نهاية كل شهر، إذ يتم خصم نحو 300 ريال كمبلغ للتأمينات.

ويقول أعمل في شركة مكونة من خمس مجموعات غير مسجلة في التأمينات الاجتماعية سوى مجموعة واحدة منها فقط، إذ إن الشركة تخصم مبلغ التأمينات من أجل احتسابها لي في حال تسجيل المجموعة التي أعمل بها في التأمينات الاجتماعية مستقبلاً.

وقد تكون معاناة الموظفين في القطاعات الخاصة أخف وطأة من المتوفين وهم على رأس العمل أو حتى بعد تقاعدهم، لا سيما أن ذويهم لا يستطيعون تسلم كامل المستحقات التي من المفترض أن يحصل عليها المتقاعد أو الموظف إذا ما كان على قيد الحياة، إلى جانب تأخر تسلم المعاشات في بعض الحالات.

وتؤكد أم عادل، وهي زوجة لضابط متقاعد، أن راتب زوجها ظل معطلا أكثر من 8 أشهر بعد تزويجها لابنتها البكر، مبينة «عشنا أياماً عصيبة، لولا مساعدة الأقارب والأصدقاء، إذ كان من الصعب أن نتجاوز تلك الأيام».

وتضيف «ماذا يمكن أن يفعل أو تفعل أي أسرة تعتمد كليا على راتب تقاعد والدها المتوفى إذا انقطع هكذا من دون مبرر مقنع، ولم يكن لها قريب يساعدها».

بينما أكد أحد المتقاعدين من إحدى شركات القطاع الخاص «فضّل عدم ذكر اسمه» على أنه يتسلم معاشه بشكل منتظم من دون أي تأخير، غير أنه يجهل ما سيحدث بعد ذلك لعائلته في حال وفاته.

ويقول «إن طريقة الخصم من معاشات المتقاعدين المتوفين قد لا تساعد بعض الأسر، خصوصا أن هناك من لديه أبناء ما زالوا صغارا، إلى جانب أن مستحقات المتوفى تبقى لدى التأمينات الاجتماعية في حال لا يوجد من يستحق تسلمها من عائلته باعتبار أن تلك المستحقات تصرف وفق شروط محددة.

فيما أشار الدكتور سالم باعجاجة، عضو لجنة المواءمة في إحدى الشركات بجدة، إلى أن الشركة ترسل بيانات الموظف بعد تقاعده إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية ليتم عمل الإجراءات اللازمة المتعلقة بصرف معاشاته.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» يتم احتساب معاشات المتقاعدين بناء على سنوات الخدمة التي يتم ضربها في متوسط آخر، مرتبين تسلمهما الموظف وتقسيمهما على 40، لافتا إلى أن المتوفى لديه حقوق أخرى يتسلمها ذووه.

وأضاف يعاد ترتيب مرتب المتوفى من قبل الشركة التي كان يعمل بها، غير أنه سيقل عما كان يأخذه وهو على قيد الحياة، لا سيما أن المبالغ المخصومة من معاشات المتوفين المتقاعدين تذهب إلى بيت المال.

وأرجع سبب تأخر تسليم معاشات ذوي المتقاعدين إلى الإجراءات الروتينية المتضمنة صك الورثة، خصوصا أن التأمينات الاجتماعية لا تصرف المبالغ إلا بعد تقديم كافة الإثباتات من قبل أهل المتوفى.

من جهته نفى أحمد الدميني، مدير المكتب العام لمؤسسة التأمينات الاجتماعية في جدة، وجود أي تأخير في صرف معاشات التأمينات الاجتماعية، مؤكدا أنها تعطى مقدما «على حد قوله».

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن صرف المعاشات يخضع لشروط محددة، إضافة إلى أن اختلاف المبالغ فيها عائد إلى الضوابط النظامية نفسها، مبينا أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية تعد الوجه المقابل للأجر.

وأفاد بأن معاشات المتوفين لا تخصم إلا بحسب عدد الورثة، غير أن ما يتم قطعه منها يعود إلى المتضامنين في النظام باعتباره تكافليا، مشيرا إلى أنه خلال هذا العام تم صرف معاشات عيد الفطر المبارك منذ شهر رمضان.

وأضاف يقوم نظام التأمينات على تحصيل اشتراكات المنشآت وتسجيل المشتركين في التأمينات وصرف المستحقات للمسجلين في ذلك النظام، لافتا إلى أن علاقة المؤسسة بصاحب العمل تتمثل في تسجيل وسداد اشتراكات العاملين لديه خلال فترة عملهم، الذين تبدأ علاقتهم بالتأمينات كمشتركين بمجرد توقفهم عن العمل لأي سبب من الأسباب.

وأوضح أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية تعمل وفق علاقة ثلاثية متضمنة صاحب العمل والجهاز الحكومي والتأمينات باعتبارها مديرة للنظام فقط دون وجود أي مصلحة لها، معتبرا أن صاحب العمل يعد حجر الزاوية في تسجيل العمال.

وذكر مدير المكتب العام لمؤسسة التأمينات الاجتماعية بجدة، أن أبرز المشكلات التي يواجهونها مع أصحاب الأعمال تتمثل في هروبهم من تسجيل عمالهم في التأمينات وتراخيهم في ذلك كي لا يلتزموا بتسديد رسوم الاشتراكات، إلى جانب التحايل على النظام من خلال تسجيل أسماء سعوديين غير موجودين بالشركة ضمن إطار السعودة الوهمية.

وأردف قائلا ثمة مشكلات تواجهنا مع المستفيدين الأفراد والمتضمنة تأخرهم في استخراج إثبات حصر الورثة وغيرها من الإجراءات المترتب عليها صرف المعاشات.

وطالب الدميني جميع الموظفين التابعين لشركات غير مسجلة في التأمينات الاجتماعية برفع شكواهم ضد تلك المنشآت من أجل إلزامها بدفع الاشتراكات والغرامات والتمويل الكامل للنظام وفق الأنظمة.

وأضاف تطبق المؤسسة عدة أنظمة في التأمينات، والمتضمنة التأمينات الاجتماعية على العاملين السعوديين والأجانب، وتبادل المنافع بين التأمينات والتقاعد المدني والعسكري والعكس، إضافة إلى الحماية التأمينية للعاملين في دول الخليج، موضحا أن لكل نظام منها لائحة محددة.

وتعتمد مؤسسة التأمينات الاجتماعية في صرف مستحقات أصحاب المعاشات على معاشات الشيخوخة والعجز غير المهني، التي تمت زيادتها إلى 1725 ريالاً شهريا، إن كان يقل عن ذلك، فيما يتم الصرف لأصحاب معاشات العجز غير المهني بنسبة 50 في المائة من قيمة المعاش بعد رفعه إلى الحد الأدنى.

بينما يتم صرف معاشات أفراد العائلة وفق تحديد أنصبتهم على أساس رفع استحقاق مورثهم إلى 1725 ريالاً شهريا، إن كان يقل عن ذلك، وإذا قل نصيب أي من أفراد العائلة بعد هذا الرفع عن 345 ريالاً شهريا فإنه يرفع إلى هذا الحد شريطة أن لا يتجاوز مجموع أنصبة أفراد العائلة نتيجة لهذا الحكم مبلغ استحقاق المورث أو متوسط الأجر الذي تم على أساسه تقدير معاشه. وفي حال زواج أرملة المتوفى أو ابنته أو أخته يتم قطع نصيبها في المعاش وردّه على باقي المستحقين إذا وجدوا، إضافة إلى صرف منحة زواج لها تقدّر بـ18 شهرا من قيمة نصيبها، وفي حالة طلاقها أو ترملها فإنه يتم إعادة إدراجها مرة أخرى وتخفيض أنصبة باقي المستحقين، وذلك من أجل منح المطلقة أو الأرملة نصيبا من العائدة أو المعاش.

يشار إلى أن عدد المنشآت المشتركة في التأمينات الاجتماعية يبلغ نحو 163 ألفاً و 764 منشأة، تشكل المنشآت الخاصة منها حوالي 162 ألفاً و648 منشأة بنسبة 99.3 في المائة، وذلك وفق آخر إحصائية صادرة عن مؤسسة التأمينات الاجتماعية.