45% من مدارس جدة مستأجرة.. وسط وعود بالتخلص منها خلال 3 سنوات

فيما قامت أمانة المحافظة بتسليم إدارة التربية والتعليم أكثر من 94 موقعاً لبناء المباني التعليمية

أحد المباني التعليمية («الشرق الاوسط»)
TT

كشفت آخر إحصائية أصدرتها إدارة التربية والتعليم في محافظة جدة، عن أن 45 في المائة من مدارس المحافظة لا تزال مستأجرة، في الوقت الذي قطع فيه مسؤولون في وزارة التربية والتعليم وعودا بالتخلص منها وغيرها من المدارس المستأجرة في بقية المناطق التعليمية في غضون السنوات الثلاث المقبلة.

ويأتي ذلك، فيما سلمت أمانة محافظة جدة مؤخرا نحو 94 موقعا خاصا بالخدمات التعليمية منها حوالي 68 موقعا في أرض فضاء اعتماداً على المصورات الفضائية للعامين 2006 و 2007 إلى وزارة التربية والتعليم، وذلك بعد حصرها لتلك الأراضي ضمن دراسة علمية قائمة على الكثافة السكانية الموزعة في مناطق محافظة جدة.

وكشف عبد الله الثقفي مدير إدارة التربية والتعليم بجدة عن بلوغ نسبة المباني المدرسية المستأجرة في محافظة جدة إلى نحو 45 في المائة من إجمالي المدارس الموجودة بالمحافظة وفق آخر إحصائية رصدتها الإدارة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة التربية والتعليم حريصة كل الحرص على تنفيذ خطة القضاء على المباني المدرسية المستأجرة، مؤكدا على وجود تعاون كبير مع أمانة محافظة جدة لمحاولة توفير أراضي المدارس والمراكز الصحية.

وكان الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد وزير التربية والتعليم قد أجرى اتصالا فوريا مع المهندس عادل فقيه أمين محافظة جدة بعد زيارة الأول لمبنى مدرسة مستأجر أثناء جولته التفقدية للمدارس التي قام بها مؤخرا.

ووجه وزير التربية والتعليم آنذاك بضرورة إيجاد أرض لبناء مبنى حكومي عوضا عن المستأجر، إلى جانب تكليف عبد الله الثقفي مدير إدارة التربية والتعليم للبنين في جدة بمتابعة هذا الأمر مع الأمانة.

وبالعودة إلى مدير إدارة التربية والتعليم للبنين في جدة الذي أفاد بأن وزير التربية والتعليم وجه بضرورة الوصول إلى حل فوري وعاجل، لا سيما وأن تلك المدرسة تقع داخل حي سكني يصل إليها الأطفال سيرا على الأقدام، الأمر الذي يستوجب إيجاد أرض قريبة منها.

وأشار إلى أن خطة القضاء على المباني المستأجرة تشترك بها جهات عدة من ضمنها وزارات، التربية والتعليم والشؤون البلدية والقروية والمالية، وأمانة جدة. فيما أكد عبد الرحمن الأحمد وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون المباني للبنات حاجة الوزارة إلى إنشاء أكبر قدر ممكن من المباني المدرسية، غير أنها تقدّر رأي وزارة البلديات المتعلق بعدم الموافقة على طلب الاستفادة من الحدائق العامة في بناء المدارس.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحدائق العامة تقع تحت مسؤولية وزارة الشؤون البلدية والقروية التي وضعتها ضمن معايير تصميمية، ما يجعلنا نقدّر رأي المسؤولين بها حول أهمية تلك الحدائق في حياة الناس، إلى جانب أن وزارة البلديات لديها مبدأ عدم التنازل عن الأراضي المخصصة لخدمات أخرى.

وهنا علق المهندس خالد عقيل وكيل الأمين للخدمات والتعمير والمشاريع في أمانة محافظة جدة بقوله، لا يمكن أن تقوم المدارس على حساب الحدائق، باعتبار أنها تخضع لأوامر نظامية، إذ تعد مهمة لتوفير المساحات الخضراء وأماكن التنزه لسكان الأحياء أسوة بالمدارس المهمة لخدمة الطلاب والعلم «على حد قوله».

وقال لـ «الشرق الأوسط» تم تزويد إدارات التعليم بمواقع الأراضي المخصصة لبناء المدارس الموجودة في المخططات التنظيمية التقسيمية بعد حصرها على اختلاف ملكياتها. مبينا أن ما كان ضمن ملكية الأمانة يتم تسليمه مجانا لوزارة التربية والتعليم بعد استكمال الإجراءات النظامية، فيما يتم التنسيق مع أصحاب الأراضي ذات الملك الخاص.

وبالعودة إلى وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون المباني للبنات الذي بيّن أن هناك نظام مشتريات الحكومة في الدولة الذي يؤطر العلاقة بين وزارة التربية والتعليم والشركات التي لم تستطع الالتزام بالعقود الموقعة معها من أجل إنجاز مشاريع الوزارة، والمتمثل في سحب المشروع من المقاول المتأخر وإلزامه بتنفيذه على حسابه الشخصي، وذلك بعد إرسال ثلاثة خطابات إنذار ومهلة تصل إلى 15 يوما.

وأضاف، يتم عرض مثل تلك المشكلات على لجنة فحص العروض للنظر في مسألة سحب المشروع في ظل وجود عدد من المشاريع بالوزارة تم تنفيذها على حساب الشركات المتعاقدة نفسها، إلا أنها لم تصل لحد الظاهرة لعدم وجود عدد معين لها، إضافة إلى أن هناك حالات ساعدت الوزارة فيها المقاولين على تعديل أوضاعهم وإتمام مشاريعهم. من جهته لفت المهندس جمال أبو عمارة وكيل الأمين العام للخدمات في أمانة جدة إلى إنهاء حوالي 60 في المائة من الدراسة التي أعدها فريق العمل لتحديد حاجة المحافظة للخدمات بناءً على الكثافة السكانية الموزعة في المناطق وتاريخ النمو السكاني لتطورها.

وقال لـ«الشرق الأوسط» بدأت الدراسة منذ العام الماضي، غير أن ربط الكثافة السكانية بالخدمات يعد أمرا شائكا لم يكن موجودا من قبل في ظل اعتماد إدخال الخدمات في المدينة على العلاقات الشخصية بين المسؤولين والقوى الإدارية. مشيرا إلى أنه سيتم الانتهاء من تنفيذ الدراسة على محافظة جدة بالكامل خلال الشهور الأربعة القادمة.

وبيّن أن تلك الدراسة تشمل عدة أماكن موزعة بين فرق عمل مختلفة تصب في خريطة تقنية واحدة، وتعمل على الكثافة السكانية وتحديد مواقع المخططات التقسيمية والنسيج الاجتماعي بشكل عميق للوصول إلى كيفية تعامل الناس مع هذه الخدمات.

وذكر أنه تم إرسال الأراضي المخصصة لبناء المدارس إلى وزارة التربية والتعليم، التي تم تحديدها وفق معادلة معايير الخدمات التي تربط بين عدد السكان وحاجتهم للمدارس بدراسة علمية.

وأضاف لا بد أن تكون لدى الإدارات الحكومية آلية لطلب الخدمات، لا سيما وأن الحصول عليها يعتمد على ذلك. مؤكدا أن المخطط المحلي لمحافظة جدة تم إنشاؤه بناء على أنظمة ثابتة معتمدة من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية، إلى جانب وجود خريطتين إحداهما للكثافة السكانية يتم إصدارها كل خمس سنوات، والأخرى تختص بإحداثيات الأراضي المحددة للخدمات.

وأرجع وكيل الأمين العام للخدمات في أمانة جدة سبب توقف عدد من مشاريع بناء المدارس لدى وزارة التربية والتعليم إلى عدم وجود أراض مخصصة للخدمات في بعض الأحياء، إضافة إلى خضوع عدد من الأرضي للملكية الخاصة وصعوبة الوصول إلى ملاكها.

واستطرد بالقول، تم السماح لوزارة التربية والتعليم ببناء المدارس من دون نقل ملكية الأرض لحين عودة صاحبها، وذلك بعد تدخل الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة في هذا الأمر. مؤكدا أن ذلك القرار لن يسبب أي نزاعات بين الوزارة والملاك، لا سيما وأن مبالغ شراء الأراضي مرصودة كونها مخصصة منذ البداية ليبنى عليها مرفق تعليمي. يشار إلى أن وزارة التربية والتعليم كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن توقف بناء ما لا يقل عن 80 مدرسة في جدة بقيمة تتجاوز 800 مليون ريال بسبب عدم توفر الأراضي التي من المفترض أن تبنى عليها تلك المدارس.

وكان مسؤول رفيع في وزارة التربية والتعليم السعودية، قد قال في وقت سابق، إنه جار العمل على تنفيذ قرابة الـ3500 مشروع تعليمي في بلاده، ينتظر أن تستوعب 1.7 مليون طالب وطالبة، بكلفة إجمالية تبلغ 20 مليار ريال، وأن وزارة التربية والتعليم تتسلم ما معدله 80 مبنى تعليمياً للبنين والبنات شهريا، في إطار الخطة الرامية لإحلال مبانٍ تعليمية نموذجية بدل القائمة حاليا.