د. الوادعي: 80% من العمالة الموجودة في السعودية ليست مهنية

رئيس مجلس التدريب التقني والمهني في نجران لـ«الشرق الأوسط»: رحلة البحث عن وظيفة تحتاج إلى تنازلات

د. عبد الله الوادعي رئيس مجلس التدريب التقني والمهني وعميد الكلية التقنية في نجران («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الدكتور عبد الله بن سعيد الوادعي، رئيس مجلس التدريب التقني والمهني بنجران وعميد الكلية التقنية، أن الطريق مفتوحا امام خريجي الكليات التقنية، سواء في مجالات الدراسة أو الوظيفة أو الأعمال اليدوية، مبينا أن اعتبار بعض الطلاب الكلية الخيار الأخير إذا لم يجدوا مكانا آخر وجهة نظر خاطئه.

وبين أن رحلة البحث عن وظيفة تحتاج لبعض التنازلات أحيانا ليتم الحصول على وظيفة، مؤكدا أن 80 في المائة من العمالة الموجودة في السعودية ليسوا مهنيين ولا توجد لديهم مهارة مهنية محددة يعملون تحت اسمها، مشيرا إلى أن ذلك دفع بالمؤسسة العامة للتدريب المهني إلى الشروع في افتتاح مراكز الفحص المهني التي سيتم من خلالها فحص كل ملتحق بمهنة. وبعث رئيس مجلس التدريب التقني والمهني بنجران دعوة مفتوحة إلى رجال الأعمال والشركات إلى زرع الثقة في نفوس هؤلاء الخريجين، موضحا «إن كنتم تبحثون عن أياد مهنية أمينة ومدربة فسوف تجدون ذلك في خريجينا». فالي تفاصيل الحوار ...

* هل تم تغيير نظام التدريب بالكلية التقنية ومتى يطبق؟ - نعم، وسيطبق على المقبولين في هذا الفصل التدريبي، حيث إنهم سيخضعون لنظام التدريب الثلثي الذي اعتمدته المؤسسة أخيراً، بناء على القرار الذي اتخذه مجلس إدارة المؤسسة في جلسته رقم (83) بتاريخ 10/6/1430هـ، وبموجبه حدد القواعد المنظمة للتقويم التدريبي بالمؤسسة، ومنها تقسيم العام التدريبيي إلى ثلاثة فصول تدريبية، لا تقل مدة التدريب في كل منها عن (14) أسبوعا، شاملة الإعداد والتقويم النهائي، وأن تطبيق نظام التدريب الثلثي سيرتفع مقدار ما يتلقاه المتدرب من مهارة وتدريب خلال اليوم ليصل إلى (8) ساعات وستزيد أيام التدريب إلى (210) أيام، مما يعني زيادة في المهارة والإجادة والسلوك للتخصص أو المهنة التي يميل إليها المتدرب وربط البيئة التدريبية بالبيئة العملية والاستفادة القصوى من الطاقة البشرية في وحدات التدريب وأيضاً من المنشآت والتجهيزات.

* هلَّا أطلعتنا على مشاريع التدريب التقني والمهني بنجران وما مدى التزام المقاولين بالعقود؟

أولا لا يسعنا نحن منسوبي التدريب التقني والمهني بنجران على وجه الخصوص، إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على رعايتهم الكريمة ودعمهم المتواصل لمشروعات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وبخصوص مشاريع التدريب التقني والمهني بنجران وبمتابعة حثيثة من أمير منطقة نجران، الأمير مشعل بن عبد الله، فقد تم اعتماد وتنفيذ عدد من المشاريع التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بمنطقة نجران، والمتمثلة في مبنى الكلية التقنية بنجران، وعدد من المعاهد المهنية في محافظات المنطقة، مثل المعهد المهني الصناعي في شرورة والمعهد المهني الصناعي بيدمة والمعهد المهني الصناعي بسجون نجران، إضافة إلى المعهد العالي التقني للبنات، بتكلفة إجمالية بلغت أربعمائة وخمسين مليون ريال.

* هل أنتم راضون عما حققه التدريب التقني والمهني حتى الآن؟

إلى الآن، ولله الحمد، نجحت المؤسسة في استيعاب أعداد كبيرة من المتدربين والمتدربات الراغبين بالالتحاق بمسار التدريب التقني والمهني، وذلك بتدريبهم التدريب الكفء ليساهموا في تحقيق التنمية الاقتصادية للوطن من خلال تأهيلهم في المجالات التقنية والمهنية وفقا لمتطلبات سوق العمل، وتقديم البرامج التدريبية والمهنية بالجودة والكفاية التي تؤهل المتدرب للحصول على عمل مناسب.

كما استطاعت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أن تبني شراكات إستراتيجية مع قطاعات العمل لتنفيذ برامج التدريب التقني والمهني وهي تعمل وبشكل دائم على نشر الثقافة المهنية في أوساط المجتمع، وهذا ما لمسناه بشكل ملحوظ في المجالات التطويرية للمدربين، كذلك رفع جودة التدريب من خلال برامج تدريب خارجية بهدف نقل الخبرات مما ينعكس على تحسين مخرجات الكليات التقنية والمعاهد المهنية الصناعية، ومع رضانا التام عن ذلك فإننا نطمح للمزيد.

* هنالك اعتقاد أن محطة الدراسة في الكلية التقنية هي خيار أخير للطالب الذي لم يجد غير ذلك، في نظركم ما هو سبب ذلك؟

- قد يكون ذلك من وجهة نظر الطالب، لكن لو نظر بالمنظور الواسع لوجد أن جميع السبل مهيأة له، فإن أراد الوظيفة فلديه شهادة فنية، سواء في مجال التقنية الهندسية أو الإدارية، وإن أراد مواصلة الدراسة، فالمجال مفتوح أمامه بالالتحاق بكلية إعداد المدربين التقنيين التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أو مواصلة الدراسة عن طريق الابتعاث الخارجي، وهذا بدوره ينطبق على المعاهد المهنية الصناعية.

* هل مناهج التدريب التقني والمهني الحالية تخدم سوق العمل السعودي وتلبي جميع احتياجاته، وإذا كان كذلك، ما سر كثرة العمالة الحرفية في بلادنا؟

- سؤال جيد، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إدارة تصميم وتطوير المناهج بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تقوم بجهود كبيرة، إذ سعت من خلال خطة إستراتيجية إلى وضع المعايير المهنية العالمية للمهارات المطلوبة في سوق العمل، ومن ثم وضع الأهداف الإجرائية والانتقال بعد ذلك إلى وضع الخطط التدريبية للمناهج للوصول بعد ذلك إلى تصميم حقائب تدريبية لجميع التخصصات تلبي جميع المهن بشكل نموذجي، ودليل نجاحنا أن بعض الدول المجاورة طلبت الاستفادة من هذه الحقائب التدريبية، وذلك لما لمسوه من إتقان في هذه الحقائب.

وتطوير المناهج لا يقف عند حدود معينة، خصوصا التخصصات التقنية الهندسية التي لا يزال البحث والابتكار يجريان فيها بسرعة هائلة فعلى سبيل المثال نحن الآن في الجيل الخامس لعلم الالكترونيات وهو علم تقنية النانو (Nanotechnology)، وعليه فإن تطوير المناهج مساير للتقدم التقني ويجري على قدم وساق.

أما بالنسبة لتفسير ظاهرة كثرة العمالة في بلادنا فالكل يعلم أن 80 في المائه منهم ليسوا مهنيين ولا توجد لهم مهارة أو مهنة محددة يعملون تحت اسمها، لذلك أخذت المؤسسة على عاتقها الشروع في افتتاح مراكز الفحص المهني التي سيتم من خلالها فحص كل ملتحق بمهنة، ولن يسمح له بمزاولة هذه المهنة مستقبلا ما لم يكن مختصا مهنيا، مع إصرارنا التام على أن سوق العمل السعودي ما زال سوقا بكرا يحتاج لسواعد أبنائه الذين نضمن لهم بعد توفيق الله تدريبا كفؤا.

* هل أنتم راضون عما تقدمه وزارة الخدمة المدنية من فرص وظيفية لخريجيكم وما أثر ذلك عليكم؟ - بالطبع، نحن كغيرنا من الجهات التدريبية، نطمح إلى توفير أكبر قدر من الوظائف لجميع خريجينا، لأن من أهداف المؤسسة الإستراتيجية تأهيل وتطوير الكوادر البشرية الوطنية في المجالات التقنية والمهنية وفقا لطلب سوق العمل الكمي والنوعي، وبالتالي سد الفجوة الموجودة في القطاع الخاص.

* لاحظنا طلب بعض قطاعات الأعمال تزويدها بخريجيكم، ما سر تميز خريجي نجران عن غيرهم من المناطق؟

- نسأل الله أن نكون ومنسوبونا على درجة كبيرة من الثقة، وبالفعل هناك شركات في المنطقة الشرقية مثلا تفضل خريجي وحدات المؤسسة في نجران ويمكن معرفة سر ذلك من تلك الشركات، لكن وبالمحصلة، وجود المدرب المخلص والمتدرب ذي الرغبة والهمة العالية والوسائل التدريبية الحديثة والمعامل المجهزة بأحدث تقنيات التدريب هي أهم وسائل الارتقاء بالعملية التدريبية والمتدرب. وستجدني إن شاء الله مصيبا لو قلت لك إن هناك العديد من الكفاءات من أبنائنا المتدربين في جميع وحدات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في جميع المناطق وكل ما يحتاجونه فقط هو ثقة شرائح المجتمع بالكفاءة المهنية لهذه السواعد.

ونحن ومن هذا المنطلق يسرنا أن نعلن للجميع أن لدينا من الكفاءات المؤهلة لسوق العمل من سواعد أبنائنا ما يلبي احتياجات سوق العمل، ونحن مستعدون لاستمرارنا في مد جسور التواصل بين أبنائنا المتدربين وقطاعات المجتمع جميعا.

* يشتكي كثير من الطلاب في الكليات التقنية في المملكة تأخر مكافآتهم ونجران واحدة من تلك الكليات ما سبب ذلك؟

- تأخير مكافآت متدربي كليات التقنية أصبح جزءا من الماضي، وذلك بعد البدء بصرف المكافآت إلكترونيا بشكل مباشر إلى حسابات خاصة بالمتدربين، وقد أصبحت لدى المتدربين بطاقات صرف مباشرة يستطيعون بها صرف مستحقاتهم بنهاية كل شهر.

* يتساءل الكثير من الطلاب والأهالي عن مدى إمكانية تحويل كلية نجران التقنية من كلية دبلوم إلى كلية بكالوريوس ما الحقيقة في ذلك؟

- المؤسسة لها خطط ولها استراتيجيات واضحة في آلية التعامل مع احتياجات سوق العمل، ومتى ما رأت المؤسسة الحاجة إلى رفع الدبلوم إلى بكالوريوس فلن تتوانى في ذلك، لكن كما أسلفت حاجة سوق العمل هي التي تفرض مثل هذا النوع من التدريب.

* هل ترى أن الدعم الحكومي للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني كاف لتكوين قاعدة عمالية وطنية صلبة؟

- لعل إقرار التنظيم الجديد للمؤسسة من المقام السامي هو أحد ملامح الدعم الحكومي اللامحدود، الذي تحظى به هذه المؤسسة كغيرها من القطاعات التعليمية وغير التعليمية، التي تعنى برعاية ورفاهية أبناء هذا الوطن الذي ما زال ينتظر منا الكثير والكثير. ولك أن تطلع على ميزانية العام المنصرم كأقرب مثال التي كان للمؤسسة منها ما يؤكد لك بأن الدعم الحكومي موجود بشكل كاف لتأهيل سواعد وطنية مدربة.

ولك أيضا أن تنظر إلى وحدات المؤسسة التي ملأت أرجاء هذه البلاد والتي جهزت بأحدث الوسائل التدريبية والتقنية التي تتلاءم مع التطور التقني الهائل بالإضافة إلى تصميم هذه الوحدات وفق أدق المعايير والمواصفات وبطاقات استيعابية هائلة تتناسب وطبيعة كل منطقة ومحافظة والفضل لله ثم للدعم السخي من حكومة خادم الحرمين الشريفين ـحفظه الله ـ ثم لمحافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، الدكتور علي الغفيص، الذي يعمل ليل نهار لنشر الوحدات التدريبية في جميع مناطق المملكة.

* كيف تقيمون تعاون جهات القطاع الخاص معكم من ناحية التوظيف والدعم والفرص التدريبية؟

- على الرغم من وجود تعاون مستمر بيينا وبين القطاع الخاص، إلا أننا ما زلنا ننتظر من رجال الأعمال والقطاع الخاص مد يد جسور التعاون وتنمية روح الثقة في خريجي المؤسسة حتى يكونوا معاول بناء في جدار مستقبل اقتصادنا وبناء شراكات إستراتيجية حقيقية طويلة المدى كأقل ما يكافئون به هذه البلاد، ثم إننا نقول لرجال الأعمال في هذا البلد (إن كنتم تبحثون عن أياد مهنية أمينة ومدربة فسوف تجدون ذلك في خريجينا) فكل ما عليكم هو زرع الثقة في نفوس أبنائنا.

* يصاب الطلاب بصدمة كبيرة في عدم وجود وظائف بعد التخرج؟ ما دور المؤسسة في توظيف خريجيها؟

- نحن نؤمن أن رحلة البحث عن وظيفة رحلة تحتاج لمضاعفة الجهد من أبنائنا الشباب، سواء من حملة البكالوريوس أو الكليات التقنية، وعلى أبنائنا تقديم تنازلات ليتم الحصول على وظيفة، ومثال ذلك القبول بالوظيفة التي تبعد عن مكان مدينته ومنزل الأسرة، وهنا لا بد أن أشير إلى أن المؤسسة لم تقف عند دورها التدريبي فقط، بل اقتحمت عالم التوظيف وليس لخريجيها فقط، بل لجميع العاطلين عن العمل، وسبق أن أوكلت للمؤسسة حملة وزارة العمل الشهيرة لحصر العاطلين وتوظيفهم، وكذلك قامت المؤسسة في كل كلية بإنشاء مكتب للتنسيق الوظيفي ومتابعة الخريجين، كما أنها شريك رئيسي في التنظيم الوطني للتدريب المشترك الذي يتم فيه توقيع عقود التوظيف قبل البدء في التدريب.