السعودية تسجل 1256 حادثة ومخالفة بحرية.. بينها عمليتا قرصنة

وسط تجاوز عدد تصاريح قوارب الصيد 300 ألف.. ومطالب بإنشاء أندية للرياضات البحرية

معظم سكان جدة تستهويهم السياحة البحرية ونزهة الشواطئ في العطلات («الشرق الأوسط»)
TT

سجل قطاع حرس الحدود في السعودية، ما يزيد على ألف حادثة ومخالفة بحرية، بينها عمليتا قرصنة، تم التعامل معها.

وكشف المسؤول الإعلامي في جهاز حرس الحدود عن بلوغ عدد تصاريح قوارب الصيد إلى أكثر من 363 ألف تصريح في جميع المناطق السعودية، فيما أصدر حرس الحدود ما يقارب 99 ألفاً و 40 تصريحاً لقوارب النزهة البحرية، وفق آخر إحصائية صادرة عن حرس الحدود للعام الماضي.

وقال المقدم سالم السلمي، مدير العلاقات العامة في حرس الحدود بالسعودية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الحوادث والمخالفات التي باشرتها دوريات حرس الحدود بلغ نحو 1256 تتضمن 373 حالة إنقاذ بحري، و342 مخالفة نظام صيد، و168 مخالفة تعليمات الموانئ، و65 حالة غرق، و22 تلوثاً بحرياً، و25 تصادماً بحرياً، و110 مخالفات صيد أجنبية، إلى جانب 63 مخالفة لائحة الأمن والسلامة.

وأضاف أنه «تم تسجيل نحو 75 مخالفة تجاوز قوارب، وست حالات جنوح واسطة بحرية، إضافة إلى عمليتي قرصنة، وغرق خمس واسطات بحرية».

من جهته، أوضح العقيد محمد الغامدي، المتحدث الرسمي لحرس الحدود في المنطقة الشرقية، أن من أبرز المخالفات التي يتم تسجيلها هي اختراق قوارب الصيد للمناطق المحظورة التي تشكل خطرا على الأمن والسلامة.

وقال الغامدي لـ«الشرق الأوسط»، «يتم يومياً إيقاف الكثير من قوارب الصيد التي توجد بالقرب من مناطق المنشآت الحيوية، كونها تعد من المواقع المحظور الاقتراب منها»، مرجعاً سبب وجود تلك القوارب في تلك المناطق إلى احتوائها على أعداد مهولة من الأسماك والكائنات البحرية. وأكد أن معظم الحوادث التي يتعرض لها الشباب داخل البحر ناجمة عن حبهم للمجازفة والدخول إلى مسافات بعيدة، وتجاوزهم للأماكن المسموح بها، لافتاً إلى أنه تم إنقاذ ما لا يقل عن ستة قوارب خلال الأسبوع الماضي تعرضت لنفاد الوقود في وسط البحر.

وتلقى هواية الصيد إقبالاً لا بأس به في المناطق الساحلية، كما أنها تعد مصدر رزق لدى أهالي تلك المناطق، غير أنها تعتبر إحدى وسائل الترفيه والمغامرة لآخرين ممن يتمتعون بحبهم للمغامرة.

ويرى خالد الغامدي، الذي يدرس بجامعة الملك عبد العزيز، ولم يتجاوز عمره 22 عاماً، أن رحلات الصيد التي تأتي من دون ترتيب مسبق لها رونقها الخاص – على حد قوله –، باعتباره أحد هواة الصيد منذ نحو ثلاث سنوات.

ويقول الغامدي لـ«الشرق الأوسط»، «إن هذه الهواية من شأنها أن تعلم الإنسان الصبر، لا سيما أنها تحتاج إلى بال طويل لكي يستطيع الفرد الاصطياد، لافتاً إلى أنه عادة ما يرمي سنارته في البحر وينشغل عنها بتجاذب أطراف الحديث مع أصدقائه لحين التقاط حتى ولو سمكة واحدة».

وأشار إلى أنه بدأ بدوره كمساعد لأصدقائه، غير أنه اكتسب منهم خبرة ومهارة جعلته يهوى الصيد كونه يتيح لهم اكتشاف أماكن جديدة والتعرف على ما هو موجود في البحر، عدا عن كونه يمارس من خلالها الطهو، على رغم أنه لا يحب تناول السمك بعد أن تعرض لاختناق بإحدى أشواكه منذ أن كان طفلاً.

وأضاف «أن الصيد أرغمني على البدء بتعلم السباحة، لا سيما أنني سقطت ذات مرة في البحر حينما حاولت سحب السنارة، قبل أن يسارع أحد أصدقائي إلى إنقاذي، الأمر الذي جعلني أتعلم مبادئ السباحة»، مؤكدا أن أفضل الأوقات لدخول البحر هي منتصف الشهر بسبب ضوء القمر.

ولفت الغامدي إلى أن دخول البحر يعد إحدى وسائل الترفيه للشباب، كونه يبعدهم عن الوقوع في حرج مع العائلات، إلى جانب قدرتهم على العيش بعفوية بعيداً عن الزحام وأنظار الناس، كما أنه يتيح لهم فرصة التعرف على شبان آخرين تجمعهم الهواية ذاتها.

وذكر أن امتلاك أحد أصدقائه لقارب خاص يوفر عليهم قيمة الأجرة التي قد يدفعونها للغير، إذ لا تكلفهم الرحلة سوى نحو 300 ريال فقط يشتركون جميعاً في دفعها، علاوة على أنهم يستفيدون من وضع خيمة لهم عند البحر لينقسموا إلى مجموعتين، إحداهما تدخل البحر للصيد والأخرى تظل لحين جلب السمك وطهوه.

بينما يصف فيصل عسيري ابن الـ19 ربيعاً رحلته داخل البحر بأنها مهمة للإنقاذ أكثر من كونها رحلة صيد، إذ يخرج للبحر كل نهاية أسبوع مع أصدقائه ويغوص لعمق 12 متراً بحكم حصوله على شهادة غوص، الأمر الذي يتيح له فرصة رؤية قاع البحر بشكل أكبر.

ويقول عسيري «اعتدنا غرز الطعم في السنارة ورميها في البحر، ونقضي الوقت في تبادل الأحاديث مع الأصدقاء إلى أن نشعر باهتزازها ومن ثم سحبها»، مشيراً إلى أنهم يصيدون أحجاماً مختلفة من الأسماك.

ويصف ضاحكاً «أغرب موقف تعرض لي أني رميت الطعم ذات مرة، وجلست انتظر نحو ثلاث ساعات متواصلة، إلا أنني لم اصطد شيئاً على رغم نجاح أصدقائي في اصطياد كميات وافرة». وحول أخطر موقف تعرض له، يقول عسيري «أصعب موقف كان وقت تدريب الغوص قبل ستة أشهر تقريباً، حيث نزلت أنا والمدرب إلى عمق 12 متراً ولم أعرف كيفية فتح أسطوانة الأكسجين كوني أغوص بها للمرة الأولى، ولم أستطع مناداة المدرب، ما دفعني للصعود إلى الأعلى بعد مرور نحو خمس دقائق فقط على نزولي، رغم أن هذا الإجراء كان سيضطرني لإعادة الدورة التدريبية من جديد، لخروجي من المياه قبل انتهاء الربع الساعة المحددة للغوص.

أما وليد عسيري، وهو أحد طلاب كلية الاتصالات بجدة، فكانت بدايته مع الصيد قبل ثلاث سنوات من خلال مشاهدته للموجودين على الشاطئ، ويقول رأيت ذات مرة سنارة موضوعة على الشاطئ فحاولت العبث بها حينما التقطت سمكة، غير أنها أفلتت منها عندما حاولت سحبها، الأمر الذي أغضب صاحبها آنذاك.

ويرى وليد أن هواية صيد السمك تعتمد على الحظ في كل الأحوال، إذ في بعض الأحيان لا يستطيعون اصطياد شيء رغم الأوقات الطويلة التي يقضونها داخل البحر، بينما قد يحصلون على كميات كبيرة من الأسماك بمجرد استخدامهم للشبكة فقط.

ويصف وليد أحد المواقف التي تعرض لها بـ«الخطيرة»، بعد تعرضه وأصدقائه لحادثة غرق، إذ كانوا في القارب يجهزون السنارات لبدء رحلة الصيد، فسمعوا صوتاً قوياً، تفاجأوا بعده بفتحة في القارب الذي بدأ في الغرق، غير أنهم استطاعوا الخلاص قبل غرقه بالكامل.

وطالب وليد وأصدقاؤه بضرورة وجود أندية لتعليم الصيد في ظل حاجتهم لتنمية مثل تلك الهوايات أسوة بهواية الغوص، عدا عن كون أدوات الصيد باهظة الثمن في بعض الأحيان.