بالدموع والدعاء.. أُسر ضحايا كارثة جدة يودعون ذويهم

مواطن سقط ورضيعته في حفرة مياه.. وأسرة أغرقتها المياه داخل المنزل

TT

تجلس أصايل العتيبي إلى جوار جدتها حصة فلاح الروقي ترثيان عائلتهما التي قضت نحبها غرقا في كارثة الأربعاء في جدة.

أصايل التي فقدت والدها ووالدتها وأخاها شايع ذا الـ12 ربيعا، ورهف ذات الـ11 عاما، لا تدري ماذا تفعل في مواجهة كارثة كبيرة بالنسبة لها. لكنها لا تجد لتواجه الأمر بجسدها النحيل إلا الدموع، خصوصا بعد أن عثر على جثامين أسرتها في أبرق الرغامة.

وبأيد مرفوعة إلى السماء تدعو أصايل أن يعود إليها الغائبون من إخوانها، وهم طايل 15 عاما، وسعد 12 عاما، وهنوف 13 عاما، الذين لا يُعلم مصيرهم حتى الآن.

الجدة التي لا يقل حزنها عن حزن حفيدتها تقول باكية: «لم يبقَ لي ممن هم أعز من أبنائي إلا أصايل، وأدعو الله أن يبلغني حبا آخر، سواء طايل أو سعد أو هنوف، فقد فقدت ابنتي وأحبتي».

وهنا يتحدث فواز صنيتان العتبي، خال الأبناء وشقيق الأم، بقوله: «سالت السيول على بيت شقيقتي وأبنائها وهدمت السور الخارجي، فقرر الأب الخروج مع الأبناء من المنزل، وكان السيل أسرع منهم فجرفهم جميعا في ذات الوقت، ولكن أعاد لنا أجزاء منهم جثثا هامدة ولم يُعِد الباقين».

أما أصايل فقد جنبها القدر الموت مع عائلتها، فقد أصرت على السهر مع بنات خالها في منزلهم بعد وجبة العشاء التي جمعت الجميع ليلة الحادثة، وهي الآن بجوار جدتها.

ومن جهته يحكي لـ«الشرق الأوسط» أحمد سعيد الغامدي قصة عائلة شقيقه محمد الذي قضى نحبه سقوطا في حفرة ولّدها السيل، مع رضيعته نور ذات الشهور العشرة التي لم يُعلم مصيرها إلى الآن، ووجود التي تكبرها بـ 4 سنوات، إضافة إلى سعيد 6 سنوات، وبيان 11 عاما.

يقول الغامدي: «خرجت العائلة صباحا عبر جسر الملك عبد الله بجدة المؤدي إلى طريق الحرمين، وفي وسط تجمع السيارات والزحام الكبير أشار إليهم أحد المترجلين بترك سيارتهم والنزول سيرا على الأقدام لأن السيل جرف جميع السيارات القادمة، وبعد تفكير عميق خرجت الأسرة من السيارة سيرا على الأقدام وتقدم الأب برفقة الرضيعة والبنت الكبرى المتعلقة بوالدها وشقيقهم، فيما تأخرت الأم وريم ذات الـ12 عاما». وبحسب الأم سقط الأب «فجأة في حفرة وخرج منها وعاد إليها مرة أخرى وأخذ يصارع الغرق، وفجأة اختفى من أمامنا». ويضيف الغامدي: «تلقينا نبأ وفاتهم وتم دفنهم في مقبرة الفيصلية، وننتظر خبرا عن نور، الطفلة الرضيعة».

فيما يتحدث لـ«الشرق الأوسط» إبراهيم موسى جنغر عن حكاية آخر مكالمة تليفون بينه وبين زوجته، والتي كانت آخر كلماتها فيها الشهادة بعد صرخات الاستنجاد: «الموية إلى السقف!.. الحق علينا!».

يقول جنغر: «ذهبت إلى مكة وتركت أبنائي لدى جدتهم التي توفيت معهم في حي الصواعق، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة اتصل الأبناء فرحين بسقوط الأمطار، وبعد ساعة من اللعب اتصلت الأم مستجدية: (دخلت المياه من فتحات التكييف والنوافذ وغطتنا وتصل إلى السقف)، عندها وفجأة أغلق الخط. اتصلت بشقيقي ليدرك الأمر فوجدهم جميعا غارقين في المنزل».

ولا تقتصر قصص الحزن والمآسي على أُسر الضحايا، بل تمتد إلى العابرين والذين كانوا في مواقع الكارثة، إذ يحكي خالد النهدي مشهدا من مشاهد الرعب التي شاهدها بعينه في حي الروابي القريب من حي قويزة، بقوله: «استخرجت فرق الإنقاذ أمام عيني من هذا الموقع جثة لقائد إحدى المركبات سقطت مركبته في مجرى السيل نتيجة الأوضاع الجوية المتردية ذلك اليوم».

يشار إلى أن حي قويزة سجل النسب الأعلى في عدد الوفيات، كما سجل طريق الحرمين المقابل له، والذي يقطع جدة من شمالها إلى جنوبها، أكبر نسب من حوادث السير، إذ تجمعت فيه وبحسب أمانة جدة ألف مركبة متعددة الأحجام، خصوصا في المنطقة ما بين جسري طريق الملك عبد الله وجامعة الملك عبد العزيز.

وبحسب العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي بالدفاع المدني، الناطق الإعلامي للدفاع المدني: «بلغت حصيلة القتلى في فيضانات جدة نحو 109 قتلى، فيما بلغ عدد المفقودين 24 ما زالت فرق البحث تقوم بعملها في البحث عنهم باستخدام كافة المعدات».