مهندسون وخبراء يبدأون حصر مجاري السيول المغلقة في جدة تمهيدا لإعادة فتحها

الدفاع المدني لـ «الشرق الأوسط»: المفقودون 16 امرأة و15 طفلا و42 رجلا * الشرطة لـ «الشرق الأوسط»: لا بلاغات عن سرقات وما يتردد إشاعة

جانب من السد الاحترازي لبحيرة المسك وقد زود بأنابيب لتخفيف مستوى المياه فيه.. وفي الإطار البحيرة وقد بلغ منسوب المياه فيها 14 متر أمس (تصوير: خضر الزهراني)
TT

بدأ فريق من الخبراء والمهندسين في جدة عمليات حصر وتقدير عدد مجاري السيول والأحياء التي أقيمت عليها منشآت في جدة وذلك تمهيدا لإنفاذ قرار إزالة كل ما يعترض طريقها، وذلك بحسب ما تقتضيه نتائج الدراسات التي تقوم بها تلك اللجان.

ويأتي ذلك إنفاذا لتوجيهات أمير منطقة مكة المكرمة التي أصدرها بإزالة وتجفيف بحيرة المسك خلال عام واحد وإعادة فتح مجاري السيول المغلقة حتى تصب في البحر.

وأكدت مصادر مطلعة من داخل أمانة جدة لـ«الشرق الأوسط» أنها شكلت لجنة مكونة من مجموعة من الخبراء والمهندسين المختصين للقيام بعمليات الحصر والتقدير في الأحياء الواقعة على مجاري السيول تمهيدا لاستخدام اللازم تجاهها بحسب ما تقتضيه نتائج الدراسات التي تقوم بها أمانة جدة والتي وضعت عددا من الحلول الميدانية من أبرزها إما قرار الإزالة وإما بناء أحواض تجمع للمياه لها في شرق الخط السريع.

وفي السياق نفسه اعتمد محافظ جدة بحسب بيان رسمي بعثته المحافظة أمس آلية لعمل فريق العمل المشترك بين المحافظة والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني من أجل البدء في أعمال تنظيم عمليات الصيانة السريعة المتضمنة الكهرباء والسباكة والنجارة للمنازل والدور التي لحقت بها الأضرار.

وأضاف: «سينضمّ تحت مظلتها جميع الجهات المتطوعة في هذا المجال، لا سيما أنه تم تحديد مقر لها في نفس الموقع وتزويدها بأجهزة الحاسب الآلي متصل بالإنترنت وأجهزة الفاكس، مبينا أن عدد العاملين بها تجاوز 300 فني من الكوادر الوطنية، بالإضافة إلى وجود أكثر من أربع عربات متنقلة ومجهزة بالأدوات والعدد اللازمة».

إلى ذلك أعلنت أمانة جدة أمس عن إنجاز نحو 70 في المائة من السد الترابي الثالث لبحيرة المسك الذي بدأت تنفيذه نهاية الأسبوع الماضي في المسافة الواقعة بين حي السامر3 والبحيرة بهدف حماية أحياء شرق الخط السريع من أي أخطار محتملة.

وأوضح المهندس إبراهيم كتبخانة وكيل أمين جدة للتعمير والمشروعات في أمانة محافظة جدة أن «العمل يتواصل بقوة من قِبل الشركة المنفذة للانتهاء من السد الترابي الثالث في الوقت المحدد له قبل نهاية الأسبوع الحالي، مؤكدا أن تشييد هذا السد جاء لطمأنة أهالي جدة والأحياء القريبة من بحيرة الصرف الذين أبدوا قلقا كبيرا خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى شفط المياه الواقعة خلف السد الاحترازي للبحيرة وذلك بتفريغها عبر الخطوط إلى مجرى السيل الجنوبي».

وقال: «تم تحديد موقع السد بعد أن قام عدد من الخبراء الجيولوجيين في جامعة الملك عبد العزيز بمرافقة عدد من مسؤولي الأمانة خلال جولة ميدانية في المنطقة الواقعة بالقرب من حي السامر، وعلى بعد 11 كيلومترا من السد الاحترازي للبحيرة»، مبينا أن «احتمالية انهيار سد البحيرة تعد شائعات لا أساس لها من الصحة في ظل عدم وجود أي تصدعات به». وأفاد أنه «يجري تدعيم السد الترابي المجاور لبحيرة الصرف الصحي وزيادة ارتفاعه واستخدام مادة ( جي تكست تيل) في السدين الترابيين الجديد والقديم لكونها تمنع التسرب وتحد من سحب التربة لمنسوب المياه خلف السد الاحترازي»، مشيرا إلى وجود نحو 70 معدة تعمل في السد الترابي القديم لزيادة ارتفاعه إلى 20 مترا بدلا من 18 بطول ألف و700 متر وعرض 20 مترا، إلى جانب انخفاض منسوب المياه بالسد الترابي إلى 9.8 متر.

ولفت إلى أن متابعة السد الاحترازي والعمل على خفض منسوب المياه به مستمرة أولا بأول، إذ تم تركيب 20 مضخة تبلغ سعة كل منها ألفي متر مكعب في الساعة لخفض كمية المياه بمعدل يزيد عن 40 ألف متر مكعب يوميا ونقلها عبر الخط الناقل الذي نفذته الأمانة كأحد المشروعات العاجلة لدرء مخاطر بحيرة الصرف إلى قناة مجرى السيل الجنوبي.

إلى ذلك كشفت إدارة الدفاع المدني لـ«الشرق الأوسط» عن وجود نحو 16 امرأة من بينهن 11 سعودية و15 طفلا يشكل السعوديون منهم 13 ما زالوا في عداد المفقودين، إلى جانب 34 سعوديا وثمانية مقيمين مفقودين، بينما وصل عدد الضحايا من الأطفال إلى نحو 24 طفلا، وذلك بحسب ما ذكره العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة.

وفي الوقت الذي طالبت فيه الجهات الأمنية بوجود فقه للنوازل وإحالة المفقودين الذين لن يتم العثور عليهم إلى الشرع، أشار الدكتور حسن بن محمد سفر أستاذ السياسة الشرعية والأنظمة في جامعة الملك عبد العزيز بجدة وعضو مجمع الفقه الإسلامي، إلى عدم وجود مدة معينة للبحث عن المفقودين، غير أن بعض الفقهاء حددوا تلك المدة بنحو تسعة أشهر.

وقال لـ «الشرق الأوسط» إن «الفترات المحددة تتعلق بمن يسافر إلى بلدان أخرى تشهد كوارث أو نوازل وانقطاع الاتصال بهم، إذ يتم تحديد المدة بحسب عمر الشخص، وقد تمتد إلى أربع سنوات».

وأوضح أن الشريعة الإسلامية نظرت إلى الأحداث والكوارث وتناولتها بما يسمى «أدبيات النوازل الفقهية»، والتي لها أحكام متعلقة بالإنسان كفقدانه في أي كارثة من ضمنها الغرق والهدم والحرق وغيرها، مؤكدا أن الإنسان يعد أمانة في عنق الدولة ومؤسساتها باعتبارها مسؤولة عن رعاياها.

وأضاف: «من الممكن وقف البحث عن المفقودين في كارثة سيول الأربعاء متى استنفدت الجهات المعنية جميع الوسائل والطرق في إيجادهم، ومن ثم رفع تقرير من قبل أشخاص ثقات إلى الجهات الشرعية لتوثيقها في المحاكم والحكم بالأحكام المتعلقة بالموتى والغرقى في الميراث والعدّة وغيرها. وحول الفتاوى المتعلقة بذوي المفقودين أفاد عضو مجمع الفقه الإسلامي أنها تختلف بحسب كل حالة، لا سيما أنها متفرعة لتشمل الزوجة والأبناء والتركة والورثة وغيرها.

وبالعودة إلى مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة الذي أعلن عن زيادة عدد الأسر التي تم إيواؤها إلى نحو 6656 أسرة والبالغ عدد أفرادها نحو 22535 شخصا، غير أن عدد الضحايا لم يشهد زيادة عن 116 قتيلا حتى الآن، مشيرا إلى أن عدد العقارات التي تم حصرها وصل إلى 8865 عقارا إلى جانب ما يقارب 7829 سيارة.

وأشار إلى وجود تعاون كامل مع وزارة التربية والتعليم بهدف تفعيل خطط الإخلاء في المدارس وتوجيه الطلاب وتدريبهم على تلك الخطط بالتعاون مع عدد من رجال الدفاع المدني. وفي السياق ذاته وجه الأمير مشعل بن ماجد محافظ محافظة جدة بتوحيد جهود الخدمات الصحية التطوعية المقدمة للمتضررين على أن يكون العمل تحت مظلة وزارة الصحة ممثلة في مديرية الشؤون الصحية بمحافظة جدة. وأوضح الدكتور سامي بن محمد باداوود مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة أنه تم عقد اجتماع عاجل صباح أول من أمس الأحد برئاسة صحة جدة وحضور مسؤولين وممثلين عن الجهات المعنية في موقع الحدث بحي قويزة يهدف إلى تكاتف الجهود وتكثيفها من أجل تقديم خدمات صحية موحدة ومتميزة داخل المناطق المتضررة تحت قيادة الشؤون الصحية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تتركز المهام على تحديد المناطق الأكثر ضررا وتوفير المستلزمات الطبية للفرق المشاركة والأدوية اللازمة للمرضى والمراجعين للعيادات الميدانية مع دعمهم وتوجيههم إلى المراكز الصحية والمستشفيات من أجل الحصول على العلاج والرعاية الصحية والطبية لكل حالة حسب الاحتياج الطبي لها. من جانبه كشف المهندس فهد الدقسي رئيس بلدية المطار الفرعية عن الاستعانة بصهاريج الأهالي والزراعة، في ظل مشاركة 16 صهريجا من الزراعة في أعمال الشفط رفعت ما يقارب 1100 متر مكعب في 50 ردا، إضافة إلى نحو 16 صهريجا تابعا لإحدى الشركات الوطنية لرفع 3657 مترا مكعبا في 193 ردا، إلى جانب مشاركة 32 صهريجا من الأهالي قامت برفع 1298 متر مكعب بعدد ردود وصل إلى 59 ردا.

وكشف تقرير صادر من أمانة محافظة جدة عن رش ومعالجة 902 موقع لتجمعات مياه الأمطار خلفتها سيول الأربعاء وذلك وفق خطة وضعتها إدارة الأزمات تقضي بسرعة معالجة أي تجمع مائي تجنبا لتوالد وتكاثر البعوض الناقل لحمى الضنك.

وأوضح الدكتور هاني بن محمد أبو راس وكيل أمين جدة للخدمات أن الأمانة قامت بحصر شامل مدعم بالإحداثيات لجميع مواقع تجمعات مياه الأمطار في البلديات الفرعية التي بلغت 902 موقع شملت 620 أرض فضاء و198 مبنى تحت الإنشاء و60 مبنى سكنيا و17 حوشا و8 حدائق.

ورغم ورود شكاوى حول وجود حالات سرقات في المناطق المتضررة للمنازل والممتلكات والمركبات المتضررة جرّاء السيول، اعتبر اللواء علي الغامدي مدير إدارة شرطة جدة ما تردد من معلومات حول حدوث سرقات في الممتلكات والمنازل بالمناطق المتضررة إشاعة شبيهة بما انتشر سابقا عن اختفاء الأرز من الأسواق «على حد قوله»، مؤكدا عدم تلقي أقسام الشرطة أي بلاغ عن سرقات في المناطق المتضررة، لافتا إلى أن الأوضاع الأمنية ممتازة جدا خصوصا في ما يتعلق بالعمل الشرطي.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عمل احترافي في ظل ممارسة الشرطة أدوارا غير مكلفة بها والمتضمنة المساعدة في نقل الجثث وإسعاف المتضررين»، مشيرا إلى أنه تم ضبط بعض الأشخاص المشتبه فيهم عن طريق جهود بحثية وميدانية من قِبل الدوريات الأمنية. وأضاف: «منذ وقوع الكارثة ظهرت الدوريات الأمنية والأمن الوقائي التي اتخذت مواقعها، بالإضافة إلى وجود دوريات سرية من البحث الجنائي والأمن الوقائي أيضا، الأمر الذي انعكس إيجابيا على العمل، مؤكدا أنه تم رفع التقارير إلى محافظ محافظة جدة الذي كان متابعا لتلك الأوضاع في ظل عدم حصول أي شيء يعكر صفو الأمن في ما يتعلق بعمل الشرطة.

وبالعودة إلى الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ محافظة جدة كشف عن إعادة الكهرباء لجميع الأحياء التي تضررت من السيول، إذ تم إعادة التيار الكهربائي إلى أكثر من 166020 مشتركا، لافتا إلى استمرار العمل من قِبل أمانة محافظة جدة والجهات الأخرى بهدف إزالة الإضرار عن الشوارع والأماكن العامة وإعادتها إلى وضعها الطبيعي.

من جهتها توقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة هطول أمطار اليوم على وسط وشرق السعودية وأجزاء من جنوب غرب مكة المكرمة وسماء غائمة جزئيا على شمال المملكة، مع ظهور سحب ركامية على المرتفعات الجنوبية الغربية والغربية في فترة ما بعد الظهيرة، في حين تقل فرصة هطول الأمطار تدريجيا على محافظة جدة، بالإضافة إلى نشاط في الرياح السطحية على أجزاء من شمال غرب السعودية تحد من مدى الرؤية الأفقية.

وأشارت إلى احتمالية هبوب رياح سطحية أغلبها شمالية غربية على حوض البحر الأحمر بسرعة تتراوح بين 18 و38 كيلومترا في الساعة على النصف الشمالي، وتتحول تدريجيا غربية على الجنوبي بسرعة تصل إلى 45 كيلومترا في الساعة فترة الظهيرة، إلى جانب هبوب رياح شمالية غربية على حوض الخليج العربي تصل سرعتها ما بين 15 و40 كيلومترا في الساعة.

وحول حالة البحر توقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ارتفاع الموج في كل من البحر الأحمر والخليج العربي من نصف إلى متر ونصف وقد يصل إلى مترين، إلى جانب بلوغ درجة الحرارة العظمى في جدة نحو 28 درجة مئوية، بينما تصل الصغرى إلى 21 درجة مئوية.

وفي سياق الأضرار والخسائر والتأمين بدأت أمس شركة «التعاونية للتأمين» إجراءات جديدة لصرف التعويضات لعملاء التأمين الشامل المتضررين من الأمطار والسيول، كما قررت تمديد أيام العمل لاستقبال المطالبات خلال يومي الخميس والجمعة. تهدف هذه الإجراءات إلى تسهيل عملية صرف التعويضات وتخفيف العبء عن المتضررين وتتفاعل مع الظروف الإنسانية التي يمرون بها بعد وقوع هذه المأساة.

وأوضح بيان صدر عن التعاونية أن الإجراءات الجديدة تشمل تقديم المستندات الضرورية فقط في ظل هذا الظرف الاستثنائي، مشيرا إلى أن تعليمات صدرت لمركز التعاونية لتعويضات السيارات بجدة لتحديد وحدة لاستقبال جميع مطالبات الأمطار والسيول، وسوف يتم تمديد أيام العمل لاستقبال المطالبات خلال يومَي الخميس والجمعة على مدى أسبوعين متتاليين.

وأفاد البيان بأن مركز تعويضات السيارات بجدة قد استقبل بالفعل خلال اليومين الماضيين الدفعة الأولى من مطالبات التعويضات والتي تقدر قيمتها بـ1.7 مليون ريال، ومن المتوقع أن يستمر توافد العملاء المتضررين لتقديم مطالباتهم بعد أن تنتهي الأجهزة الحكومية المعنية من حصر الأضرار وتحديد التلفيات وتعرف المتضررين على مركباتهم والخسائر الفعلية التي تعرضوا لها، لافتا إلى أن «التعاونية» خصصت أيضا خطا ساخنا للرد على استفسارات العملاء المتضررين من أمطار وسيول جدة في ما يتعلق بإجراءات ومستندات تقديم المطالبات.