أمانة جدة تشترط «أخيرا» توفر البنية التحتية لمنح تصاريح المخططات

القرار صدر من وزارة الشؤون البلدية منذ سنوات ولم يطبق حتى الآن

السيول كانت قد غمرت اجزاء كبيرة من حي قويزة (تصوير: تامر الفرج)
TT

في تصريح مفاجئ، أكدت أمانة جدة أنها ستشترط على المخططات الجديدة وجود بنية تحتية متمثلة في قنوات تصريف للسيول وربطها بالقنوات الأساسية للتصريف الجنوبية والشرقية والشمالية مقابل منحها للتصاريح، إضافة إلى تقديم دراسة متكاملة لمجاري السيول في الأحياء مقدمة من قبل استشاري مؤهل ومصرح له من قبل أمانة جدة.

ويأتي ذلك في وقت يفترض أن يكون هذا الشرط أساسيا منذ وقت سابق، حيث صدر بقرار من وزير الشؤون البلدية منذ سنوات إلا أن أمانة جدة لم تنفذه خلال تنفيذ وبيع المخططات السابقة، والتي ينذر وضعها الحالي بكوارث قادمة حيث بيعت دون وجود بنى تحتية.

وفي هذا الصدد أوضح أحمد الغامدي مدير المركز الإعلامي في أمانة محافظة جدة أن تلك الشروط كانت موجودة في السابق، إلا أنه تم تفعيلها بشكل أكبر بعد وقوع الأضرار في جدة نتيجة الأمطار التي هطلت عليها.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد أن تكتمل جميع خدمات البنية التحتية من صرف صحي وتصريف للأمطار والتمديدات المتعلقة بها، إلى جانب إضافة شرط درء أخطار السيول في المخططات الجديدة».

وأشار إلى أنه سيتم استقطاع جزء لمجرى السيل في المخططات الجديدة الواقعة ببطون الأودية ومجاري السيول، مؤكدا أنه لن يتم اعتماد أي مخطط دون توفر تلك الشروط بالكامل.

وحول خطوات إزالة الأحياء القائمة على مجاري السيول كأحد الحلول التي حددتها الأمانة مؤخرا بهدف تصحيح الوضع بعد وقوع الكارثة، أفاد مدير المركز الإعلامي في أمانة محافظة جدة أن اللجنة القائمة على ذلك ما زالت تدرس تلك الأحياء، إلا أنها لم تخرج بنتائج واضحة حتى الآن.

وأضاف: «تعمل اللجنة التي أمر بتشكيلها المهندس عادل فقيه أمين محافظة جدة على دراسة الأحياء الواقعة في مجاري السيول ومتابعة مجرى الوادي من شرق جدة لحصر التعديات على الأحياء العشوائية والنظامية بهدف تحديد تقديرات نزع الملكية».

وفي السياق ذاته أعلنت الجهات الأمنية السعودية عن ارتفاع عدد الوفيات إلى نحو 120 قتيلا، إلى جانب نحو 41 مفقودا بعد التعرف أول من أمس على جثتين مجهولتين من خلال عينات الحمض النووي DNA، فيما بلغ عدد الأسر التي تم إيواؤها ما يقارب سبعة آلاف و503 أسرى، يصل إجمالي أفرادهم إلى 25 ألفا و812 فردا.

وتأكيدا على مقولة: «مصائب قوم عند قوم فوائد»، كانت كارثة جدة سببا في استفادة مناطق السعودية الأخرى منها والعمل على عدم حدوثها خلال السنوات المقبلة، وذلك بعد وضع خطة جديدة لتفعيل إدارات الحماية المدنية وقوات الطوارئ التابعة لمديرية الدفاع المدني في كل مدن المملكة، إلى جانب تحديد الأدوار المنوطة بها وزيادة الأفراد وتحديد المسؤوليات لتلك الجهات بهدف العمل كفرق للكوارث في المدن.

وأكد العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني أن تلك الخطوة تعد من الخطوات التي أفرزتها كارثة جدة للاستفادة منها والعمل على عدم تكرارها خلال السنوات القادمة في أي من مناطق المملكة.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن من أهم الأدوار التي ستقوم بها تلك الفرق تحليل المخاطر وتقسيمها، ورسم الخطط الاحترازية وخطط التعامل معها، إضافة إلى آلية مواجهتها والتنسيق بين الجهات الأخرى المعنية بها وتقديم اللوائح المنظمة لها.

وبالعودة إلى مدير المركز الإعلامي في أمانة محافظة جدة الذي أكد على أن أحداث جدة دفعت بوزارة الشؤون البلدية والقروية إلى إصدار تعميم على جميع أمانات وبلديات السعودية بشأن إنشاء مسارات للأودية والاهتمام بشكل أكبر بهذا الجانب.

وأضاف: «يشمل ذلك التعميم جميع أنحاء السعودية، والذي يقضي بالمحافظة على مجاري الأودية ومنع إنشاء المخططات قبل تنفيذ تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي»، مؤكدا أن تلك التعميمات كانت موجودة من قبل، غير أنها لم تفعّل إلا بعد النكبة التي شهدتها مدينة جدة.

وبشأن تداعيات كارثة جدة، أعلن العميد محمد القرني عن تشكيل لجنة متخصصة من الجهات ذات الصلة لدراسة المنازل المتضررة في بطون أودية شرق الخط السريع لحصرها وتحديدها وتقديم المقترحات إلى الجهات العليا ذات الصلة صاحبة القرار في وضع الحلول المناسبة، إما بمنع العودة إليها وإما بترميمها وفق ما تراه مناسبا. وأضاف: «نحن بدورنا نشارك في تلك العمليات ونقدم المقترحات»، مبينا أنه سيتم إيواء سكان تلك المنازل إلى أن يتم توفير المسكن الملائم لهم وفق توجيهات القيادة العليا.

ووصف مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة الأحداث التي أصابت مدينة جدة بأنها الأصعب والأكبر من حيث الأضرار والوفيات وتوقيت الكارثة على فرق الدفاع المدني باعتبار أنها تزامنت مع الزحام الناتج عن مغادرة الحجاج إلى المشاعر المقدسة، إلى جانب وقوع الضرر في المنطقة الرابطة بين مكة المكرمة وجدة، إضافة إلى زيادة منسوب المياه وجريان السيول بشكل كبير ومفاجئ، الأمر الذي منع الآليات البرية من الوصول إلى المواقع بشكل سريع.

وفي هذا الصدد كشف العميد القرني عن استعانة الدفاع المدني بنحو 1200 آلية إضافية مملوكة للقطاع الخاص في العمليات، من ضمنها 600 آلية تم استئجارها، وأخرى قدمتها شركة «بن لادن» للمساعدة في عمليات الإنقاذ.

وأضاف: «ما زالت تلك العمليات مستمرة، والتي تم تركيزها حاليا في البحيرات الخمس الناتجة عن السيول، لا سيما أنها باتت تشكل خطرا حقيقيا»، مشيرا إلى أنه من المتوقع العثور على عدد من الجثث بها.

وحول تلك البحيرات أوضح أن أطوالها تتجاوز مئات الأمتار، فيما يتراوح ارتفاعها ما بين مترين إلى ثلاثة أمتار، وتعد البحيرة الموجودة في كيلو 11 أصعبها، وهناك بحيرات أخرى في الخرزات والصواعد والجامعة، أو ما يطلق عليه «وادي قوز».

وطالب القرني العائلات الذين عثروا على مفقوديهم بعد الإبلاغ عنهم في الساعات الأولى من الكارثة بالتواصل مع الدفاع المدني وإخبارهم بذلك، خصوصا بعد اكتشاف الحالات الخمس من المفقودين.

وفي الوقت الذي ترددت أنباء عن احتمالية نقل حلقة الخضار الجديدة الواقعة في حي الصفا بجدة، علق أحمد الغامدي بقوله: «لن يتم نقلها في ظل اعتماد الأمانة مشروع تصريف مياه الأمطار بتلك المنطقة». وأردف قائلا: «إن هذا المشروع موجود منذ السابق ضمن مخطط الأمانة المعتمد، إلا أنه تم زيادة شرط درء أخطار السيول عن طريق احتياطات تتضمن إنشاء عبّارات كبيرة»، لافتا إلى أنه سيتم البدء في الأعمال خلال الأسبوعين القادمين.

إلى ذلك أعلنت أمانة محافظة جدة عن استهلاكها حتى الآن لنحو 700 كيلو من مادة الكلور الجيري بهدف تعقيم المناطق المتضررة جرّاء الأمطار والسيول ووقايتها من بؤر توالد البعوض وخفض أعداد المصابين بالأمراض.

وأشار المهندس محمود كنسارة مساعد وكيل الأمين للخدمات والمشرف العام على إدارة الأزمات إلى أن الفرق الميدانية التابعة للأمانة استعانت خلال عمليات التعقيم بما يقارب 14 سيارة ضغط عالٍ و61 رشاشا يدويا و12 جهازا محمولا على السيارة و35 جهاز رذاذ متناهي الصغر عبر ورديات تعمل على مدار 24 ساعة، مؤكدا وجود أولويات تتطلبها الفترة الحالية وتعتمد في المقام الأول على تحديد الكثافات العالية ونتائج الاستكشاف الحشري.

وأضاف: «يتم وضع الأولويات الخاصة بأعمال الرش والوقاية والحماية لكل المناطق ذات الكثافات العالية من خلال نتائج الاستكشاف الحشري، وذلك تجنبا لتوالد وتكاثر بؤر البعوض الناقل لحمى الضنك، موضحا أن أعمال الرش تتم في جميع مناطق وأحياء محافظة جدة بصورة منتظمة.