خبير عقاري يدعو إلى تحديد مصير الأحياء الواقعة في مجاري الأودية.. عاجلا

لجنة العقار لـ«الشرق الأوسط»: نطالب بمنح السكان أرضا وقروضا للبناء في مناطق بديلة

TT

دعا عبد الله الأحمري، نائب رئيس اللجنة العقارية رئيس لجنة التثمين في غرفة جدة، الجهات الحكومية المعنية إلى المبادرة سريعا واتخاذ القرارات اللازمة حيال مصير الأحياء القائمة في الأودية ومجاري السيول والمواقع المهددة بالخطر فيما لو تكرر هطول الأمطار بكميات كبيرة خلال السنوات المقبل.

وأكد نائب رئيس اللجنة العقارية رئيس لجنة التثمين في جدة، خلال حديث إلى «الشرق الأوسط»، ضرورة اتخاذ قرارات عاجلة في تحديد المناطق المهددة بالخطر مستقبلا ومنع البناء فيها، خاصة المناطق الواقعة في الأودية، وحصر المنازل القائمة فعليا في تلك المناطق وتحديد مصيرها.

وطالب الأحمري بعدم الانتظار إلى انتهاء أعمال لجنة التحقيق قبل اتخاذ القرارات اللازمة حيال تلك الأحياء والمناطق السكنية، لافتا في الوقت نفسه إلى أن مصير السكان الذين تم إيواؤهم من قبل الجهات المعنية معلق باتخاذ تلك القرارات، ولا بد من تحديد مصير سكنهم على المدى الطويل، خاصة أن كلفة إيوائهم لفترة زمنية طويلة باهظة جدا.

كما طالب بإيجاد بدائل جديدة لسكان الأحياء العشوائية المتضررة بدلا من تحميلهم مسؤولية بناء مساكنهم بطريقة غير نظامية في الأودية ومجاري السيول، مشددا على أهمية أن تشمل الحلول المطبقة منح كل ساكن في تلك الأحياء أرضا وقرضا، ما يحقق لهم «شرعية» السكن، بدلا من اللجوء للتعدي على الأراضي، والبناء والسكن المخالف للأنظمة.

وشن نقدا لاذعا ضد كبار المقاولين المتعاقدين على تنفيذ المشاريع التنموية الحيوية في المملكة على خلفية عدم الاستفادة من تلك المشاريع خلال الأمطار والسيول الأخيرة في جدة، بسبب تجييرهم أعمال تنفيذ تلك المشاريع إلى مقاولين من الباطن يفتقدون إلى القدرات والإمكانات اللازمة لتنفيذها وفق المواصفات الفنية المطلوبة.

وانتقد الأحمري خاصة شركات المقاولات الكبرى باعتبارها تخون الأمانة والثقة المعطاة لها من الجهات الحكومية، نظرا لأن تلك الجهات لا تقدم على ترسية المشاريع إلا على مقاولين مصنفين ومعتمدين ويمتلكون الخبرة والإمكانات اللازمة للتنفيذ، إلا أن هؤلاء بدورهم يسندون أعمال التنفيذ إلى شركات ومؤسسات أخرى صغيرة من الباطن، غالبا ما تتعثر في تنفيذ المشاريع وتتسبب في تعطلها وتأخر تسليمها وفق الجداول الزمنية المتفق عليها.

وطالب بضرورة إخضاع جميع المشاريع المنفذة لفترات ضمان طويلة يمكن أن تصل إلى 50 عاما ضمن عقود التنفيذ، لإلزام المقاولين المنفذين بتصحيح أي خلل إنشائي يظهر خلال تلك فترة الضمان، إلى جانب تكليفها بتنفيذ أعمال الصيانة الدورية اللازمة.

كما وجه نائب رئيس اللجنة العقارية رئيس لجنة التثمين في جدة لوما شديدا إلى الجهات الحكومية، باعتبارها الطرف الآخر المعني بسلامة وجودة المشاريع المنفذة.

وأشار إلى أن تلك الجهات تتسلم المشاريع الإنشائية الجديدة من دون أن تخضعها للاختبارات الفنية اللازمة، قبل أن تكتشف لاحقا وجود الكثير من الأخطاء والسلبيات الناجمة عن سوء التنفيذ أو عدم التقيد بالمواصفات المطلوبة، مما يدفع تلك الجهات إلى اتخاذ حلول «ترقيعية» مثل ما حصل في مشروع جسر تقاطعي شارعي فلسطين والستين في جدة، إضافة إلى انغمار نفق طريق الملك عبد الله كاملا بالمياه خلال الأمطار الأخيرة.

وتساءل عن النتائج والأضرار التي كانت ستسفر عنها الأمطار الأخيرة فيما لو كانت مدينة جدة تضم شبكة مترو أنفاق تحت الأرض، وأنفاق أخرى كثيرة على غرار نفق طريق الملك عبد الله، وارتكبت عند تنفيذها أخطاء مماثلة للتي تعانيها الكثير من المشاريع الإنشائية، مرجحا تسجيل أعداد كبيرة من الوفيات تفوق كثيرا تلك التي شهدتها مدينة جدة أخيرا.

ونبه الأحمري إلى أن كثيرا من المعنيين بتخطيط المشاريع هم من غير المتخصصين في مجالات التخطيط الحضري والعمراني، مشيرا إلى ضرورة استعانة الجهات المعنية بآراء الخبراء والمتخصصين وحتى المواطنين العاديين للاستفادة منها قبل تنفيذ المشاريع، منوها بوجود مواطنين يمتلكون ثروة من المعارف التي اكتسبوها من تجاربهم اليومية فيما يخص مجاري الأودية ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ وتجب الاستفادة منها لتلافي الأخطار المتوقعة مستقبلا.

ودعا إلى أهمية الالتزام بالشفافية في المعلومات حول المشاريع المطروحة من الجهات الحكومية للتنفيذ، وإتاحتها للمواطن العادي، ليكون قادرا على محاسبة المقاولين المقصرين قبل أن تحاسبهم الجهات الحكومية على تقصيرهم، مشيرا إلى أن أهالي جدة شهدوا خلال السنوات الـ30 الماضية كثيرا من أعمال الحفر والأعمال الخاصة بتصريف الأمطار والسيول والصرف الصحي، قبل أن تفضح الأمطار الأخيرة مساوئ تلك المشاريع، وتكشف قصورها وسوء تنفيذها.

ولفت نائب رئيس اللجنة العقارية رئيس لجنة التثمين في جدة إلى أن اللجنتين تزخران بالكثير من الكفاءات الوطنية المتخصصة والمحترفة في مجالات التطوير العمراني واستشاريين هندسيين ومثمنين عقاريين ورجال أعمال، جميعهم متطوعون للعمل وعلى استعداد لتقديم خبراتهم ومهاراتهم كافة للمصلحة العامة، مؤكدا التزامهم بالنزاهة والعدل والشفافية في تقديم استشاراتهم للجهات المعنية في حال طلبها، متسائلا عن عدم الاستعانة بتلك الخبرات حتى الآن.

ونبه إلى أن تربة مدينة جدة «لزجة» ولا تمتص المياه الجوفية أو مياه الأمطار ومياه الصرف، ولا تشبهها في طبيعتها تلك أي مدينة في العالم أو في المملكة، باستثناء مدينة البندقية الإيطالية.

وشدد الأحمري على أنه لا علاج لمشكلات التخلص من المياه إلا بإنشاء شبكة متكاملة للصرف الصحي، محذرا من إلقاء مياه الصرف الصحي وغيرها من المياه في البحر الأحمر، مما يفاقم الكارثة بدلا من حلها، عبر إضافة مشكلة بيئية جديدة إلى قائمة المشكلات التي تعانيها مدينة جدة.