«حقوق الإنسان» الحكومية تعد تقريرا مفصلا عن أحوال السجون

مشاركون في ندوة «الأمان للمرأة» ينتقدون أنظمة حماية النساء

TT

كشف الدكتور زيد الحسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان أن تقريرا سيتم رفعه قريبا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حول السجون في السعودية ووضع حقوق الإنسان داخلها. وفيما لم يوضح الحسين محتوى التقرير ذكر أنه جاء بناء على زيارات قامت بها هيئة حقوق الإنسان شملت جميع السجون في البلاد خلال الفترة الماضية. وأفاد الحسين في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، على هامش ندوة «الأمان للمرأة» التي أقامتها الهيئة في مدينة الخبر شرق السعودية أول من أمس، حول مدى تقييم الهيئة لوضع السجناء في السعودية فيما يختص حقوق الإنسان، وما يثار حول تأخر إجراءات محاكمة البعض أن السجناء لديهم الإمكانية للتواصل مع الهيئة وطرح قضاياهم من خلال عدد من القنوات. مؤكدا وجود الثقة في نظام التقاضي وتطبيق الشريعة الإسلامية على السجناء وضمان حقوقهم.

وكانت هيئة حقوق الإنسان قد افتتحت مساء أول من أمس في مدينة الخبر شرق السعودية ندوة تحت عنوان «الأمان للمرأة» برعاية وحضور الأميرة جواهر بنت نايف بن عبد العزيز، تناقش عددا من المحاور حول قضايا العنف الموجه ضد المرأة، من ضمنها المبادرات الوطنية لتوفير الأمان للمرأة وتناول وسائل الإعلام لقضية العنف ضد المرأة، ودور المؤسسات المدنية في التصدي للعنف ضد المرأة، والضمانات الأمنية التشريعية للمرأة.

وناقش المتحدثون في الندوة هذه المحاور وسط تحفظات من قبل البعض حول تعريف ظاهرة العنف الأسري وحقيقة التقارير الميدانية التي تتطرق إليها. وتباينت وجهات النظر حول الأسباب المؤدية إلى الظاهرة وجدوى الجهود المبذولة في سبيل الحد منها، وتكامل التشريعات التي يكفلها القانون لحماية المرأة. كما انتقد المتحدثون دور بعض وسائل الإعلام في تعزيز ظاهرة العنف من خلال ما تطرحه وسائل الإعلام في هذا الجانب.

وخلال كلمة له أمام الحاضرين في افتتاح الندوة أقر الدكتور زيد الحسين بأن المرأة ما زالت من أكثر الطوائف تعرضا لانتهاك حقوقها في المجتمع، مشيرا إلى أن الندوة تأتي لتشكل حوارا مفتوحا بين مختلف أفراد المجتمع كاستجابة طبيعية لوجود تجاوزات فردية خاطئة تندرج تحت إطار العنف الأسري التي وصفها بالاختراق القيمي للمجتمع. ونوه الحسين بالمبادرات والجهود التي تبذلها الدولة في سبيل الحد من العنف ضد المرأة، ومن ذلك إصدار قانون الحماية من الإيذاء ووضع استراتيجية الطفولة وحماية الطفل وتجريم العنف الأسري وإنشاء دور لاحتضان المتضررين من العنف الأسري.

من جانبه تحفظ الدكتور توفيق السيف الباحث والكاتب السعودي خلال ورقة قدمها على تعريف العنف الأسري كظاهرة. متسائلا بقوله: «هل نحن أمام ظاهرة اجتماعية فعلا؟»، ومنتقدا في ذلك إثبات الأمر كظاهرة بالصورة الحالية. حيث اعتبر أن تحول قضية ما في المجتمع إلى ظاهرة يكون من خلال نشوء نسق جديد يختلف عن الحالة الاجتماعية المعتادة، بينما لا يخضع الأمر في الواقع لبحوث ميدانية دقيقة، ولا يقوم على دراسات، ويفتقر إلى وجود مقارنات. لافتا إلى الحاجة إلى وسائل جديدة ومختلفة «لإثبات أننا بصدد ظاهرة اجتماعية وليس مجرد حالية اعتيادية متفاقمة».

وبيّن السيف: «ليس كل عمل قسر أو جبر ينطوي على عنف موجه ضد المرأة، وهو الأمر الذي يخشى من تصوره بهذه الطريقة أن يتم تمديد علاقة القانون والدولة إلى داخل الأسرة، وهو الأمر الذي يجب أن لا يحدث لما يفرضه من تهديد لاستقرار الأسرة وجعلها امتدادا للشارع وتحويلها إلى ما يشبه السجن».

وفي تعليله لأسباب العنف ضد المرأة ذكر السيف عددا من الأسباب الكامنة في التكوين الاجتماعي، ومن ضمنها أن مفهوم الولاية داخل الأسرة يأخذ منحى السلطة والهيمنة، بينما الولاية تساوي الرعاية والقيام بالأمر. والسائد في المجتمع هو افتراض وجود السلطة وممارستها من قبل طرف واحد في العلاقة يكون في الغالب هو الرجل، إضافة إلى التركيز التربوي على الواجبات وإغفال الحقوق وغياب إطار مؤسسي وقانوني للتعامل مع العنف الأسري، وغياب هذا الإطار يؤدي إلى تطور العنف. إضافة إلى وجود عوامل متغيرة ساهمت في تفاقم العنف، ومن أهمها التأخر في استيعاب الحداثة، والتي كان من أهم مظاهرها تفاقم الفجوات بين الأجيال وانضمام النساء إلى سوق العمل وانكسار المجتمع القروي القائم على وجود المعرفة الاجتماعية بين جميع أفراده.

وخلال تقديمه للندوة أبدى الدكتور مسفر القحطاني الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن أسفه أن يتم مناقشة موضوع الأمان للمرأة في وقت يعيش فيه العالم في الألفية الثالثة وفي بلد يطبق أحكام الإسلام، مع أن هذا الأمر يعدّ أبسط حقوقها، كما ذكر.

وفي الجانب النسائي استشهدت الدكتورة هتون الفاسي الناشطة في مجال المرأة بقضية الإعلامية السعودية رانيا الباز، والتي تعرضت للعنف الأسري في عام 2004، معتبرة أن القضية جلبت الاهتمام إلى هذا الجانب وجعلت الحديث يتم حوله بطريقة مكشوفة لم تعهد في السابق.