شباب المدينة المنورة.. تنوعت الأعمال والهدف واحد

تنوعت بين تصوير الزوار وبيع النعناع وتسويق التمور وترويج الهدايا والعطور

العوفي بائع التمور يفاوض أحد الزوار (تصوير: محمد علي)
TT

دفعت الأرباح التي يمكن أن تتحقق من وراء النشاطات التجارية البسيطة الموجهة لزوار الحرم المدني، شبان المدينة المنورة، نحو التركيز على تنويع تلك الأنشطة البيعية طمعا في جني المكاسب القليلة.

فعبر الطريق البرية، يستقبل بائعو «نعناع المدينة» زوار وقاصدي طيبة، إذ يتناثرون على جنبات الطريق، في الوقت الذي يحرص فيه المسافرون من وإلى المدينة المنورة على جلب أوراق «النعناع» و«الحبق»، و«الدوش»، و«الكركديه»، التي اعتاد على إهدائها كل زائر قادم من طيبة، كما يقول محمد السلمي شاب يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص. ويشغل السلمي ـ 31 عاما ـ إجازته الموسمية ببيع النعناع على أطراف المدينة المنورة باتجاه طريق مكة المكرمة، موضحا أنه يتفرغ لنشاطه هذا في المواسم فقط، مضيفا بالقول «في بعض الأيام أشغل أوقاتي نهاية الأسبوع بجمع أو مساعدة أحد الزملاء الذين يمتهنون بيع خيرات المدينة المنورة بشكل عام.. قد لا يجد الشباب متنفسا في المدينة غير المقاهي، أما هذه الأعمال فهي تشغل الوقت، وتساعد في رفع الدخل الشهري».

وبجوار سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، «يتردد كثير من الزوار على مقبرة الشهداء» بحسب حمزة العوفي وهو بائع تمور يمتلك مبسطا أمام الساحة المقابلة للمقبرة، مضيفا «منذ 4 أعوام، وأنا أبيع التمر في مبسطي هذا، في مزار مقبرة سيد الشهداء». وقال العوفي، وهو يقدم التمر لزبونة جزائرية فاصلته في السعر كثيرا، «يتردد هؤلاء الزوار بمختلف جنسياتهم وطوائفهم على مقبرة سيد الشهداء اقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، إذ كان يزور سيدنا حمزة وشهداء معركة أحد، وكان يدعو لهم كثيرا».

وأشار العوفي إلى أن أصحاب المباسط المتنوعة من تمور وهدايا بسيطة مثل العطور والسبح والتقاط الصور في «جبل الرماة» يمارس كل منهم نشاطه الذي يرى أنه الأنسب، مستطردا بالقول «إن مبسطي محظوظ جدا فهو يجذب مصوري الصحف». من ناحية أخرى لمسجد سيد الشهداء جوار المقبرة، يحبّذ بعض الزوار الصعود إلى جبل الرماة، وهو الجبل الذي أمر الرسول أثناء غزوة أحد 50 رجلا أحدهم حمزة بن عبد المطلب، بالوقوف على الجبل وعدم مغادرته مهما كانت نتيجة المعركة سواء بالفوز أو الهزيمة، كما يقول خالد إسكندراني الأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

وأضاف إسكندراني بعد أن بدأت المعركة وانتصر المسلمون في البداية شاهد الرماة الغنائم وانتصار المسلمين وتركوا المكان، حتى داهمت سرية بقيادة خالد بن الوليد ـ إذ لم يكن دخل حينها في الإسلام بعد ـ وارتكزت في جبل الرماة وانقلبت المعركة على المسلمين».

وفي أعالي «جبل الرماة»، يقول فهد الغالب ـ 45 عاما ـ وهو يمارس التصوير الفوري لزوار الجبل منذ 13 عاما «يحبذ الزوار التقاط الصور التذكارية في جبل الرماة، مستشعرين وقوف سيد الشهداء في هذا المكان، كما يكتب بعضهم على الجبل ذكرى الزيارة». ويجيد الغالب 4 لغات، وقد أوضح لـ«الشرق الأوسط» بعد أن انتهى من التقاط صورة لحاج نيجيري الجنسية «تعلمت التصوير من الخبرة فقط، إذ اشتريت كاميرا فورية وبدأت بالتصوير بأسعار منخفضة جدا، وتدرجت في رفع السعر مع زيادة خبرتي»، مؤكدا أن التقاط الصورة الواحدة تكلف المتصور 20 دولارا وهي فورية.

وحول الاختلاف الشرعي في التصوير، والذي يضايق المصورين في «جبل الرماة» بعض الأحيان، قال غالب «بعض الشيوخ يؤكدون أن التصوير المحرم هو التماثيل والأصنام فقط، وبعضهم ينصحنا بالابتعاد عن التصوير حتى لا نغير مفاهيم التشريع لدى الزوار، بينما نحن نتماشى مع المبدأ الأول».

ومن مكان غير بعيد، يلتقط خالد الأنصاري، وهو مصور هاو يدرس في الصف الثاني الثانوي، صورا لحجاج إندونيسيين، توجه بعدها إلى «الشرق الأوسط» قائلا «نلاحظ تزايدا هذا العام في حجاج إندونيسيا ونيجيريا»، مشيرا إلى أن المصورين هنا يعتبرون دليلا تاريخيا.

وأضاف الأنصاري «نحرص على جلب المعلومات وإعطائها للزائر وهي وسائل لجذبه للتصوير في هذا المكان العظيم»، مفيدا أنه يجني في اليوم الواحد ما بين 150 إلى 200 دولار وقت المواسم. وبالقرب من مواقف السيارات يتكئ محمد عبد الرحيم فضل وهو صانع عطور مدنّية يركبها في منزله، وقد تعلم أسرار تركيب عطور «المسك الأبيض» و«مسك المدينة» و«مسك الروضة الشريفة»، وهي عطور يحرص الحجاج على اقتنائها إضافة إلى عطور دارجة أيضا مثل «عطر الفواكه» و«دعاء الجنة».

ويبسط عبد الرحيم في مقبرة الشهداء، وهنا يقول: «لأول مرة، أوصاني أحد أصدقائي وهو يعمل هنا منذ برهة، ببركة المكسب، المكان وكثرة الزوار».

ويلحظ الزائر لشتى المزارات المدنية كثرة توافد الأطفال على بيع المياه المعدنية والسواك، إضافة إلى العمل بالعربات الخاصة بحمل البضائع للأطفال الذين يتمتعون بالصحة الجيدة والذين يتقاضون عنها أجرا زهيدا.