مثلما قد يصوِّت البعض في البرنامج الشهير «شاعر المليون» لأحد المشاركين بصفته «شاعر القبيلة»، ظهر في انتخابات غرفة الشرقية التي تنطلق صباح اليوم لقب «مرشح القبيلة»، وهو ما روجت له في الأيام الأخيرة مجموعة من منتديات القبائل والأسر على شبكة الإنترنت، بعد أن عزز من هذا التوجه حفلات بعض المرشحين الانتخابية، التي ركزت على استضافة شيوخ القبائل وأعيان الأسر كي يعلنوا تضامنهم وإجماعهم على اختيار مرشح معين.
فيما تصدرت عبارات مثل: «معا لدعم مرشح القبيلة» و«فزعتكم في الترشيح»، واجهة عدة مواقع إلكترونية، وهي ظاهرة لم تحضر بقوة في الدورات السابقة، بالنظر لتغير التركيبة «الإلكترونية» في المجتمع، فبعدما كانت نسبة استخدام الإنترنت في السعودية 4.4 في المائة عام 2004، كما تفيد دراسة سابقة لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، أصبح اليوم 30 في المائة من السعوديين يستخدمون الإنترنت، بحسب أحدث دراسة لهيئة الاتصالات، الأمر الذي معه تغيرت ثقافة الحملات الانتخابية.
وقد ازدادت حماسة «الفزعات» الإلكترونية مع البدء الفعلي للتصويت، مما أعاد الذاكرة لأجواء الحلقات الأخيرة من برنامج «شاعر المليون»، خاصة بعد نشر تسجيلات صوتية لقصائد تستحث أبناء القبيلة للتصويت لأحد المرشحين، عبر مدح المرشح وتزكيته شعريا، في حين عززت مواقع إلكترونية أخرى من ترسيخ فكرة مفادها أن «مرشح القبيلة» ما هو إلا سفير لها في الانتخابات، وهو ما يقلق بعض المراقبين من انعكاساته على الدورة الانتخابية الـ16 لهذا العام.
ويرى رجل الأعمال أحمد الرميح، نائب رئيس غرفة الشرقية سابقا، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يمكن إغفال تأثير عامل القبلية في الانتخابات بالنسبة لبعض المرشحين، إلا أنه يعود للقول: «لكن هناك مرشحين ينتمون لقبائل ولا أرى أن ذلك أثر على حظوظهم الانتخابية»، مضيفا: «القبلية تكسب مع فئة من المرشحين وليس جميعهم».
وبينما يتوقع البعض أن تلعب محافظتا الجبيل وحفر الباطن دورا مؤثرا في تحديد نتائج الانتخابات، لتركز معظم المناسبات التي ناشدت العاطفة العشائرية للناخبين فيهما، يؤكد الرميح أن التأثير الأكبر ما زال لأصوات ناخبي الدمام والخبر، بحكم أكثرية المنتسبين للغرفة فيهما، وأفاد أنه من المرجح فوز بعض المرشحين استنادا لمكانتهم الأسرية أو للأعمال الخيرية التي قدموها لدعم أبناء منطقتهم. من جهتها، ترى سامية الإدريسي، وهي عضو منتدى سيدات أعمال الشرقية، أن بعض الناخبين لا يهتم بالانتخابات ولا يكون على معرفة كافية بأعضاء الغرفة أو لا يكلف نفسه مهمة التعرف على المرشحين، مضيفة بقولها: «مثل هذا الناخب عندما يأتيه قريب من قبيلته أو عائلته ويقول له: (تكفى أنا رشحت نفسي.. ممكن تعطيني صوتك؟) هنا يذهب الناخب للتصويت إيمانا بأن قريبه أولى».
وتعتقد الإدريسي في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن على كل من وزارة التجارة والغرف التجارية مسؤولية القيام بحملة توعوية للتعريف بمفهوم الثقافة الانتخابية ولكي يعلم الجميع بحقيقة دورهم في الانتخابات، مضيفة: «القبلية ما زالت تلعب دورا كبيرا في الانتخابات، على الرغم من أنه يفترض على الناخب أن يضع المصلحة العامة ضمن أولوياته»، وهي مسألة ربطتها بمدى وعي وثقافة الناخب نفسه.
وعلى الرغم من أن بعض المرشحين اعتذروا لـ«الشرق الأوسط» عن الحديث حول مدى مراهنتهم على الفوز عبر مفتاح القبيلة، مرجعين ذلك لحساسية الموضوع وتخوفهم من تأثير تصريحاتهم بهذا الخصوص على الناخبين، إلا أنهم احتضنوا عبر حفلاتهم الانتخابية فقرات لـ«الانتخاء» القبلي، وأخرى لشعراء نظموا القصائد لمدح مكانة المرشح وتحفيز الناخبين للتصويت له، مع الحرص على عرض هذه التفاصيل ـ بالصوت والصورة ـ في بعض مواقع القبائل الإلكترونية ذات الجماهيرية الواسعة.
وكانت الدكتورة لمى السليمان، وهي نائب رئيس غرفة جدة، قد وصفت القبيلة والعائلة بأنها «السلاح القوي» للفوز، وذلك في ندوة احتضنتها غرفة الشرقية الشهر الماضي، بعنوان «تحديات المرأة السعودية في الحملات الانتخابية»، حيث أسهبت السليمان حينها في الحديث عن الدور المؤثر الذي لعبته القبلية في نتائج انتخابات غرفة جدة الأخيرة.
يذكر أن تصويت انتخابات غرفة الشرقية ينطلق صباح اليوم في فرع الغرفة بمحافظة الخفجي، كما سيتم الاقتراع في اليوم نفسه بمحافظة القطيف (قاعة الملك عبد الله بن عبد العزيز الوطنية). أما غدا الأحد فسيكون الاقتراع في محافظة حفر الباطن (صالة الخزامى) ومحافظة رأس تنورة (صالة الرومانسية)، وفي يوم الاثنين في محافظة الجبيل (صالة الحميدان)، وفي مساء اليوم نفسه ستكون فترة التصويت للسيدات في المركز النسائي بغرفة الشرقية، وأخيرا، يوما الثلاثاء والأربعاء، حيث سيكون التصويت في المبنى الرئيسي لغرفة الشرقية على طريق الدمام ـ الخبر.