وزارة الصحة: معاقبة مستشفى خاص تسبب في وفاة طبيب بـ«خطأ طبي» بإغلاق العمليات

في أول رد فعل سريع في تاريخها.. ووسط تحذير «شديد اللهجة» لبقية المؤسسات الصحية

الطبيب طارق الجهني في صورة تجمعه بإحدى ابنتيه قبل وفاته
TT

في رد فعل سريع يعد الأول من نوعه على مدار تاريخ وزارة الصحة السعودية، قرر أمس وزير الصحة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة إغلاق قسم العمليات في أحد المستشفيات الخاصة في جدة على ألا يعاد فتح القسم إلا بموافقة الوزير نفسه، نتيجة تسببه في وفاة مواطن بـ«خطأ طبي».

جاء ذلك عقب يومين من انفراد «الشرق الأوسط» في عددها الصادر الثلاثاء 15 ديسمبر (كانون الأول) 2009 بنشر قصة الدكتور طارق الجهني الذي يعمل رئيسا لقسم الأسنان في المستشفى التخصصي في جدة الذي اتجه لأحد المستشفيات لإجراء عملية تدبيس للمعدة لإنقاص وزنه، حيث تعرض لخطأ طبي من طبيبة تخدير غير نظامية، وهو ما لم ينكره مدير المستشفى الذي وقعت فيه الحادثة خلال حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»، إذ قال إن «الطبيبة لا تحمل رخصة مزاولة المهنة»، مؤكدا أيضا وجود أوراقها لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وعلمه بعدم السماح لمن لا يحمل الرخصة بمزاولة المهنة. وأضاف مدير المستشفى أن «الطبيبة مؤهلة مهنيا، وقدمت بتأشيرة زيارة للسعودية، لتغطية نقص في الكادر الطبي في قسم التخدير في فترة قصيرة ماضية، ولدينا شهاداتها المصدقة من السفارة السعودية لدى مصر»، مشيرا إلى أن الطبيبة «باشرت نحو 140 حالة تخدير قبل العملية».

وبالعودة إلى قرار وزير الصحة الصادر أمس، فقد تضمن إحالة المخطئين إلى اللجنة الطبية الشرعية التي يرأسها قاضي فئة «أ»، وذلك للبت في العقوبة بحقهم إضافة إلى إحالة المنشأة إلى لجنة المخالفات الطبية لتقرير العقوبة النظامية بحقها.

واعتبرت وزارة الصحة في بيان صدر أمس أن هذا القرار جاء نتيجة لتقديم المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة لوزير الصحة تقريرا عن توصيات اللجان التي قامت بالتحقيق في وفاة أحد المواطنين نتيجة خطأ طبي أثناء التخدير وكذلك المضاعفات التي حدثت لطفلة بعد دخولها قسم العمليات بالمستشفى نفسه.

وفي السياق ذاته، دعت وزارة الصحة المؤسسات الحكومية والخاصة كافة إلى تطبيق معايير تصنيف الأطباء عموما وأطباء الجراحة والتخدير بصفة خاصة وكذلك معايير الأمن والسلامة للمرضى، حسب المعايير الوطنية والعالمية.

ووجهت وزارة الصحة تحذيرا شديد اللهجة لبقية المؤسسات الصحية، مؤكدة أنها لن تتهاون مع أي مؤسسة حكومية أو خاصة يحدث بها أي خطأ طبي وستطبق الوزارة أقصى ما يمكن من عقوبات نظامية تكفل عدم تكرار الأخطاء وتحافظ على سلامة وأمن متلقي الخدمات الصحية. تجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة أصدر أول من أمس قرار اعتماد الضوابط والمعايير الاسترشادية للنظر في مخالفات أحكام الأنظمة الصحية بما يمثل نقلة نوعية لتطوير إجراءات العمل في لجان النظر في المخالفات الصحية والتشديد في إيقاع العقوبات بحق المخالفين لهذه الأنظمة، كما يستهدف تحقيق العدل في الأحكام الصادرة عن هذه اللجان. وذلك تماشيا مع توجهات وزارة الصحة واستراتيجيتها الهادفة إلى خدمة المرضى وكسب رضاهم والحفاظ على صحتهم وسلامتهم وفي إطار الجهود التطويرية التي تبذلها الوزارة للارتقاء بمستويات الأداء في القطاعات الصحية.

ويأتي اعتماد هذه الضوابط والمعايير في إطار حرص وزارة الصحة على عدم التباين بين قرارات لجان النظر في مخالفات الأنظمة الصحية ولوائحها التنفيذية في تحديد المخالفات وإسنادها إلى النصوص النظامية التي تحكمها وتقدير الجزاء المناسب لها، ومنعا لما يسببه ذلك من تباين بين القرارات الصادرة في المخالفات المتماثلة، كما أن هذه الضوابط والمعايير ستساعد على توفير الأساس النظامي لهذه القرارات الصادرة عن اللجان وستحميها من إبطالها من قبل ديوان المظالم حيث ستستند على نصوص نظامية معتمدة وستتولى الإدارة العامة للشؤون القانونية بالوزارة متابعة تنفيذ هذه القرارات وسيطبق القرار على لجان النظر في مخالفات أحكام نظام مزاولة المهن الصحية ونظام المؤسسات الصحية الخاصة ونظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية واللوائح التنفيذية لهذه الأنظمة.

ويتضمن القرار قيام الشؤون الصحية بترشيح أعضاء لجان المخالفات من ذوي الكفاءة والخبرة وعرضها على الإدارة العامة للشؤون القانونية مشفوعة بالسيرة الذاتية لكل مرشح لإعداد مشروع قرار تشكيل اللجنة وفق النظام وأن تعرض الشؤون الصحية قرارات لجان المخالفات على الإدارة القانونية قبل اعتمادها من وزير الصحة للتأكد من استيفائها للإجراءات النظامية وأن تتولى الإدارة القانونية متابعة تنفيذ القرار وتقييم تطبيقه دوريا ومنحها صلاحية اتخاذ الإجراءات اللازمة وعقد الاجتماعات الدورية مع اللجان المختصة والجهات ذات العلاقة بما يكفل تطوير عمل اللجان وتحقيق الأهداف المرجوة من هذا القرار.

تجدر الإشارة إلى أن القرار يؤكد على أن يتضمن قرار لجنة المخالفات الظروف والملابسات والأسباب والأدلة الثابتة التي استندت إليها اللجنة المختصة في توقيع العقوبة الجزائية أو التأديبية خاصة في حالات تشديد العقوبة أو تخفيفها.

إلى ذلك، وافق وزير الصحة على تنظيم لقاء تدعى إليه الأطراف ذوو العلاقة مثل رؤساء وأعضاء لجان المخالفات بأنواعها المختلفة، ويشارك فيه بعض القضاة والمحامين والمستشارين القانونيين المعنيين لشرح ومناقشة وتوضيح النظام الذي يهم كل مجموعة من المجموعات المشاركة في هذا اللقاء.