الطائف: سقوط 11 طالبا نتيجة الخوف والهلع من لقاح إنفلونزا الخنازير

الصحة لـ «الشرق الأوسط»: اللقاح بريء.. والسبب «الشحن النفسي»

TT

أكد لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في صحة الطائف براءة لقاح إنفلونزا الخنازير من سقوط 11 طالبا أمس بعد تلقيهم اللقاح مباشرة في مدرسة موسى بن نصير في حي الشهداء، مشيرا إلى أن حالة الخوف والفزع والشحن النفسي لديهم كانت هي السبب.

يأتي ذلك في وقت كثر الحديث والجدل فيه حول خلو اللقاح من أي أمراض أو أعراض، وتخوف إضافة إلى امتناع الغالبية العظمى عن إعطاء أبنائهم وبناتهم في المدارس اللقاح. وهو ما علّق عليه الدكتور زياد ميمش وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي لـ«الشرق الأوسط» أمس بأن حملة التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير ما زالت في بدايتها ولم يمضِ عليها سوى ثلاثة أيام فقط، ومن الصعب الحكم عليها بالفشل، مؤكدا أن الحملة ستستمر لفترة 5 أسابيع حسب الخطة الموضوعة لها.

من جانبه أوضح سعيد بن عبد الله الزهراني الناطق الإعلامي في صحة الطائف: «إن الفحوصات الطبية للطلاب الذين تم نقلهم من إحدى المدارس بعد تطعيمهم بلقاح إنفلونزا الخنازير» أكدت سلامتهم من أي أعراض أو أخطار.

وبين أن «الطلاب (وعددهم 11 طالبا) تم نقلهم إلى مستشفى الأطفال من خلال فرق الإسعاف الطبية المرافقة لفرق التطعيم من باب الاطمئنان عليهم، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة اتضحت سلامتهم من أي عارض طبي نتيجة اللقاح».

ولفت الزهراني إلى أن «حالة من الشحن النفسي أثرت على الطلاب فقط بعد إحساس أحدهم بصداع بعد التطعيم نتيجة مرض سابق لديه»، مشيرا إلى أن الطلاب جميعا غادروا المستشفى بعد الاطمئنان عليهم، مفسرا إصابة هذا العدد من مدرسة واحدة بـ«الخوف الجماعي الذي انتاب الطلاب بعد الحصول على اللقاح، مما جعلهم يشعرون بالمرض، وهو ما يحدث في التطعيمات الشاملة الأخرى التي تنفذ بين حين وآخر في المدارس ضد أمراض أخرى».

وأكد المتحدث الرسمي لصحة الطائف أن هناك أعراضا معروفة تحدث بعد إعطاء اللقاح بفترة قصيرة، مثل الألم الخفيف، احمرار أو تورم مكان الحقن، صداع بسيط، أو الم بالعضلات، أو ارتفاع في درجة الحرارة وغثيان.

وتابع أن «الفرق الطبية التي تجوب المدارس وعددها 315 فرقة طبية لم ترصد أي حالات أو إصابات نتيجة الحصول على اللقاح، والوضع ممتاز ولله الحمد. وحول أعداد من تم تطعيمهم من الطلاب والطالبات فقد وصل العدد إلى نحو 1500 طالب وطالبة في المدارس التي تم المرور عليها، وستستمر الحملة لمدة خمسة أسابيع».

ودعا الزهراني الجميع إلى ضرورة الحرص على تطعيم أبنائهم وبناتهم ضد «إنفلونزا الخنازير»، مؤكدا أن «تخوف الناس من اللقاح أمر غير مبرر، فالسعودية حريصة على تطعيم أبنائها حرصا على سلامتهم، طالبا من الجميع الابتعاد عن الإشاعات التي تنطلق عبر المنتديات والتي لا تستند إلى أي أساس علمي».

وبين أنه «تم تطعيم نحو 65 مليونا حول العالم، ولم ينتج عن ذلك أي أضرار، كما أن هناك خطورة في عدم التطعيم تتمثل في وفاة ما يقرب من 13 ألف شخص في مختلف أنحاء العالم وإصابة 200 ألف في أقطار الأرض».

من جانبه، أوضح محمد أبو راس، مدير تعليم الطائف، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهلع والخوف وحدهما هما من أسقطا أحد عشر طالبا في مدرسة موسى بن نصير الابتدائية، وهذا يرجع لقلة الثقافة التوعوية تجاه المرض والأمصال المعطاة في هذا الجانب».

وأضاف أن «الطلاب انتابتهم موجة من الخوف جراء اللقاح، مع العلم بأننا في وزارة التربية والتعليم لا نجبر أحدا البتة على أخذ اللقاح، ويجب قبل أخذه الحصول على موافقة ولي أمره في نموذج رسمي تم إعداده في هذا الصدد».

وأبان أبو راس أن تعليم الطائف يستعد لنشر ثقافة وأهمية أخذ اللقاح في 800 مدرسة، وبين 130000 طالب، و15000 معلم، «وماضون قدما في التوعية عبر قنوات متعددة من خلال الإذاعة المدرسية، والتوجيه والإرشاد وأوقات الصلاة».

إلى ذلك سجلت مدارس المنطقة الشرقية هبوطا حادا في نسب الموافقة على تطعيم الطلاب ضد مرض إنفلونزا الخنازير (A-H1N1)، حيث أشارت مصادر إلى مرور ثلاثة أيام على بدء الحملة فيما لم تسجل أي موافقة للتطعيم من قِبل أولياء الأمور، وكانت المدارس قد استعدت للحملة بتوزيع استمارات التطعيم على الطلاب نهاية الأسبوع الماضي لأخذ موافقة أولياء الأمور على تطعيم أبنائهم. وبالعودة إلى الدكتور ميمش أوضح أن وزارة الصحة ستطلق حملة توعوية نهاية الأسبوع الحالي تستهدف المعلمين وأولياء الأمور والطلاب للتوعية بمأمونية اللقاح وبضرورة أخذه باعتباره الطريقة الوحيدة للوقاية من المرض، متوقعا أن تسهم الحملة التوعوية في تغيير رأي كثير من المعارضين للتطعيم في الفترة الحالية، وشدد على أن الوزارة لن تجبر أولياء الأمور على أمر لا يرغبونه.

وحول تَخوُّف أولياء الأمور من أخذ موافقتهم مسبقا أوضح الدكتور ميمش أن هذا الأجراء جاء نتيجة اتفاق اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة تطورات المرض، وذلك للتأكيد على أن اللقاح غير إجباري، وأضاف أن المسؤولين في وزارة الصحة أرادوا عبر هذا الإجراء أن يتعرف الآباء الآثار الجانبية للقاح على أن يكون لهم حرية الموافقة أو عدمها على التطعيم، معتبرا ذلك قرارا اختياريا، وتابع بالقول إن «قرارهم سيُحترم، فأبناؤهم من سيأخذون اللقاح في نهاية الأمر، ودور الوزارة هو إعطاء النصيحة في هذا الجانب».

ورفض الدكتور ميمش فكرة ربط الموافقة المسبقة بأنها تنطوي على مخاطر جانبية للقاح، حيث قال: «لو كانت للقاح آثار ضارة لم يتم إحضاره وبكميات كبيرة بلغت 7 ملايين جرعة»، متسائلا: «ما مصلحة وزارة الصحة في أخذ موافقة الأب لكي تقدم الضرر لابنه؟»، وأشار إلى أن الموافقة تم اشتراطها لمن هم دون سن 18 سنة فقط، بينما لا تُشترط لمن هم فوق هذا السن.

وتوقع وكيل وزارة الصحة أن يتغير كثير من المفاهيم الخاطئة بعد إطلاق الحملة التوعوية، نافيا أن يكون هناك تراجع لحدة المرض في السعودية، وقال: «تراجعت حدة المرض في كل من الولايات المتحدة وكندا، لكن منظمة الصحة العالمية تتخوف موجة ثالثة للمرض وليست السعودية مستبعدة أن تضربها هذه الموجة»، وتابع: «لن نقول تراجع المرض ثم تظهر إصابات جديدة لدينا، من الأفضل أخذ اللقاح، وتقارير منظمة الصحة العالمية تقول إن المرض موجود ولم ينتهِ كوباء عالمي».

من جانبه قال الدكتور عبد الرحمن المديرس مدير عام التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط» إن العمل في تحصين الطلاب ضد مرض إنفلونزا الخنازير تعاوني بين إدارة التربية والتعليم ووزارة الصحة، موضحا أن مهمة إدارته التوعية وتوزيع الاستمارات موافقة ولي الأمر على إعطاء الطالب التطعيم والتي تنص على مأمونية اللقاح، وتتضمن حرية ولي الأمر في الموافقة على إعطاء الجرعة المضادة للمرض للطالب أو الرفض، فيما لم يعلق الدكتور المديرس على تدني أعداد الموافقة على أخذ اللقاح، بأن كل ما يتعلق بالتطعيم وأعداد الذين يأخذون جرعات اللقاح هو من مسؤولية وزارة الصحة. وقال حسين الزهراني مدير مدرسة «المقداد بن عمر الابتدائية» بالدمام، إن النسبة الكبرى من أولياء الأمور يرفضون تطعيم أبنائهم باللقاح، وبيّن أن عدد الطلاب في المدرسة التي يعمل بها يزيد على 900 طالب، ولم يصل إدارة المدرسة أي موافقة خلال منذ توزيع استمارات الموافقة على تطعيم الطلاب.

وقال الزهراني إن الاستمارات التي أعيدت إلى المدرسة بعد توقيعها من قِبل ولي الأمر تنص على عدم إعطاء الطالب اللقاح، مضيفا أن بعض أولياء الأمور يحضرون إلى المدرسة للسؤال حجم الموافقات التي وصلت إلى المدرسة حول التطعيم، وعندما يعرفون النتيجة يحسمون أمرهم برفض التطعيم وتوقيع الاستمارة وتسليمها لإدارة المدرسة.