عدد المسؤولين الموقوفين من أمانة جدة يرتفع بالقبض على 6 آخرين

«الشرق الأوسط» ترصد فيلات تعترض طريق مجرى السيل الذي يمر من شارع التحلية

«الشرق الأوسط» ترصد بالصورة مجموعة فيلات أقيمت في مجرى السيل وتعترض طريق المياه (تصوير: مروان الجهني)
TT

زادت أمس حصيلة المسؤولين في أمانة جدة الذي تم القبض عليهم بأمر لجنة تقصي حقائق كارثة جدة ليضاف 6 آخرون إلى الثمانية الذين تم القبض عليهم أول من أمس، إذ يشغل المسؤولون الذين تم القبض عليهم أمس مناصب عليا في الأمانة حاليا وكانوا يشغلون في وقت سابق مناصب إدارية ببلديات فرعية وإدارة تخطيط ومشروعات، ليصبح إجمالي عدد الذين وُقفوا من قِبل اللجنة حتى الآن 14 مسؤولا.

ويأتي ذلك في وقت اتخذ فيه أمين أمانة جدة المهندس عادل فقيه قرارا عاجلا بتكليف مسؤولين جدد يحلون محل المسؤولين الذين تم وقفهم حتى لا يتوقف عمل الأمانة في الفترة المقبلة.

وقالت مصادر مطلعة في الأمانة لـ«لشرق الأوسط» إن من بين الأسماء التي وُقفت مديرو مشروعات جديدة قائمة الآن وأخرى سابقة، إضافة إلى مسؤولين عن المبادرات والميزانيات ومسؤول يشغل رئيس بلدية لإحدى المحافظات القريبة من جدة وكان قد شغل منصبا في جدة. ومن جانب آخر أكد مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة -فضّل عدم ذكر اسمه- أن لجنة تقصي الحقائق وجهت الأمانة بعدم منح جميع الأجانب العاملين بها من المتعاقدين تأشيرات خروج وعودة أو خروج نهائي لحين انتهاء التحقيقات المتعلقة بكارثة جدة.

وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن توجيه الأمانة لنحو 70 خطاب إنهاء تعاقد مع أجانب عاملين لديها ببند التعاقد نهاية الشهر الحالي، إلى جانب صدور توجيهات من المهندس عادل فقيه أمين جدة بتعيين مسؤولين جدد ليشغلوا مناصب الذين تم وقفهم لحين انتهاء التحقيقات والنظر في ما ستؤول إليه الأمور.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه أمانة محافظة جدة عن تصريف مياه السد الاحترازي لبحيرة الصرف الصحي عبر قنوات ثلاث تصل إلى البحر، رصدت «الشرق الأوسط» اعتراض عدد من الفيلات السكنية لمجرى السيل المار بشارع التحلية، الأمر الذي يعوق تصريف المياه بشكل سليم.

وفي هذا الصدد، أوضح المهندس إبراهيم كتبخانة أن مجرى السيل الذي تعترضه الفيلات يعد قديما، ويمتد حتى يصل إلى موقع محطة تحلية مدينة جدة، إذ إن تصريف المياه من خلاله سيؤثر على المياه الموجودة في المحطة، غير أنه تم إنشاء قناة صندوقية لتحويل مسار تلك المياه.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تبدأ تلك القناة التي يبلغ طولها نحو كيلومترين من شارع عبد الله المطري وتستمر لتمر في شارع حائل إلى أن تصل إلى الكورنيش الجنوبي الأوسط وتصب جنوب قصر السلام.

وأكد أن القناة عملت بكفاءة جيدة خلال الأمطار الأخيرة التي هطلت على جدة، لافتا إلى أن تصريف مياه السد الاحترازي لبحيرة المسك من خلال تلك القناة سيبدأ في غضون أسبوعين بمعدل 250 ألف متر مكعب يوميا، وذلك بعد الانتهاء من تركيب نحو تسع مضخات بها.

بينما وصف الدكتور حسين البار عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة البيئة وجود الفيلات في منتصف مجرى السيل المار بشارع التحلية يعد خطأ استراتيجيا ونوعا من الفساد الإداري، في ظل ضرورة فتح مجاري السيول من بدايتها إلى البحر مباشرة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مجرى السيل كان ينتهي في السابق قبل البحر بمسافة 50 مترا، كانت تعبرها المياه نحو البحر دون أي عارض، إلا أن عمليات ردم البحر تسببت في نشوء أراضٍ تحولت إلى مخططات سكنية، لافتا إلى أنه لا يعرف مَن أصحاب تلك المخططات.

وأشار إلى أن أمانة محافظة جدة اضطُرّت بعد بناء الفيلات في تلك الأراضي إلى إنشاء مضخات من نهاية المجرى إلى القناة التحويلية لتصريف المياه عبر البحر، غير أنه من المفترض إزالة كل ما يعيق المجرى من أرض وفيلات سكنية، على حد قوله.

من جهته أكد العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي في الدفاع المدني بجدة أن الأمور بتلك المنطقة تسير في الاتجاه الصحيح، لا سيما أن الوضع «سيعالج جذريا» بحسب قوله.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن القناة التحويلية تعد عابرة على الرغم من وجود تلك العوائق، إلا أنها موجودة حاليا تحت مظلة الدراسة ما بين أمانة جدة والجهة التخطيطية القائمة في لجنة التحقيق.

وبيّن أن مصير مجرى السيل سيتم تحديده وفق التقرير الفني الصادر من قِبل الجهة التخطيطية، مشيرا إلى أن إمكانية إزالة الفيلات التي تعترض المجرى تعد أحد الجوانب الهندسية باعتبار أن ذلك الجانب فني أكثر من كونه قرارا إداريا.

إلى ذلك، أكد حسين بن علوي باعقيل رئيس المجلس البلدي بجدة أن مشروع تصريف مياه الأمطار العاجل الذي تنفذه أمانة جدة عبر إحدى الشركات الكبرى في حي السامر «3» يعد أحد الحلول السريعة التي تقوم بها الأمانة لتجنيب أهالي الحي المخاطر.

وأشار إلى أن هناك دراسة وتوجهات للمجلس البلدي من خلال ورش العمل التي عُقدت بالمجلس بعد كارثة جدة والتي تشدد على إقامة سدود وقائية لجميع أحياء شرق طريق الحرمين، لافتا إلى أن المدة التي سيستغرقها المشروع لن تتجاوز الشهر ونصف الشهر حسب إفادة الشركة المنفذة.

وهنا علّق المهندس إبراهيم كتبخانة قائلا إن الأمانة أخذت قرارها بمباشرة العمل في المشروع وترسيته بعيدا عن البيروقراطية، خصوصا أنه تم إنشاء سد وقائي من السيول لحي السامر مع مد أنابيب لتصريف مياه بحيرة الصرف الصحي.

وبالعودة إلى مدير المركز الإعلامي للدفاع المدني بجدة الذي أفاد بأنه تم رفع تقرير للجهات المختصة يفيد بعدم صالحية عدد كبير من المواقع في جدة للسكن، غير أنه لم يحدد عدد تلك المواقع.

واستدرك بالقول إن أحد المصادر المعنية حددت عدد المواقع غير الصالحة للسكن بنحو 70 موقعا، مشيرا إلى أن هناك لجنة شُكّلت بعضوية أمانة جدة وجهات رسمية لإقرار وضع السدود الاحترازية في أي من المناطق التي تحتاج ذلك.

وأبان القرني أن لجان تقدير الأضرار المكونة من وزارتي الداخلية والمالية قدرت نحو 2805 عقارات، بالإضافة إلى قيام لجان الكشف على المساكن في المناطق المتضررة بالكشف حتى يوم أمس على ما يقارب 4418 عقارا تبين أن نحو 3528 منها غير صالحة للسكن.

وفي ما يخص المفقودين وعدد الوفيات أفاد القرني أن نحو 5 من ذوي المفقودين لم يتقدموا حتى الآن لأخذ عينات الحمض النووي (DNA)، إلا أن نتائج مقارنة العينات المسحوبة لثلاثة وثلاثين آخرين من ذوي المفقودين بالجثث المجهولة سيتم الإعلان عنها قريبا.

وفي الوقت الذي تعمل فيه أمانة محافظة جدة على تكثيف الرش في الأحياء المتضررة ومستنقعات المياه المتكونة نتيجة كارثة جدة، أشار عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة البيئة إلى أن فرق الرش أقل من حجم تلك الكارثة، لافتا إلى أن الأمانة بحاجة إلى ثلاثة أضعاف أعداد الفرق.

وأضاف أن مدينة بحجم جدة تحتاج إلى شركات كبيرة لتغطية الرش في ظل الأوضاع الراهنة، غير أن المجلس البلدي يتابع عمليات الرش بصفة يومية، مؤكدا على وجود تعاون كبير من الأمانة في ذلك الجانب، خصوصا وأنها تعمل على معالجة أي شكاوى يتلقاها المجلس بهذا الخصوص.

وكشف عن وجود مستنقع مائي مجاور لمدرسة «حسان بن ثابت» في حي الجامعة، تبلغ مساحته نحو 700 متر مربع، ويعد كارثة بيئية تنذر بأخطار عدة في ظل احتواء المدرسة على ما يقارب 1000 طالب منهم 600 في الصباح و400 آخرون في الفترة المسائية، إلا أنه تم مخاطبة الأمانة أول من أمس لمعالجة الوضع.