جدة: بدء عمليات البحث عن الجثث تحت طمي البحيرات الثماني

عضو شورى: اكتشاف أجهزة مهملة لرصد السيول منذ 30 سنة

جانب من أعمال الدفاع المدني في البحيرات (تصوير: ثامر الفرج)
TT

تعتزم إدارة الدفاع المدني بجدة خلال الفترة المقبلة بدء مرحلة البحث عن وفيات في الطمي، وذلك بعد انتهائها من تجفيف البحيرات الثماني التي حددتها شرق مدينة جدة والمتكونة جرّاء سيول الأربعاء الشهر الماضي التي راح ضحيتها 122 قتيلا و37 مفقودا.

وأفصح لـ«الشرق الأوسط» العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ بجدة أنه تم الانتهاء من مسح تلك البحيرات بالكامل خلال المرحلة الأولى، إضافة إلى إعادة مسحها بعد الأمطار الأخيرة، عدا عن استمرار العمل على خفض منسوبها المياه بها للبدء في البحث تحت الطمي.

وقال القرني: «لم يتم العثور على جثث في المياه الملوثة بالبحيرات، غير أنه من المحتمل وجودها في الطمي»، مبينا أن نحو 150 فردا يعملون على عمليات البحث في البحيرات الثماني.

وأشار القرني إلى أن العمليات مستمرة في ظل تزويد الدفاع المدني بخمسين فردا من الحرس الوطني، إضافة إلى خمسة ضباط و35 فردا و8 زوارق تابعين لحرس الحدود الذي دعم الموقف بثمانية قوارب أخرى.

وأضاف القرني أن آلية البحث تحت الطمي تتمثل في استخدام أدوات شبيهة بالمكابس لمسح الأرض والتأكد منها، لا سيما أنه لا توجد مستويات شديدة الانخفاض في الطمي، إلا أنه سيتم الاستعانة بالناقلات والحفارات والمعدات الأخرى للحفر في حال الشك في وجود جثث لاستخراجها، وذلك بعد تخفيض منسوب البحيرات المائي.

وأكد مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ في جدة على أن صعوبة البحث تحت الطمي ناتجة عن عدم دقة المكان، في ظل تكوّن البحيرات بمساحات كبيرة تصل إلى نحو 7 آلاف متر مربع، إلى جانب أنها ليست في اتجاه واحد، مشيرا إلى احتمالية زيادة عدد الأفراد العاملين في البحث خلال المراحل المقبلة.

من جانب آخر، تسلم المجلس البلدي مؤخرا كافة أجوبة المهندس عادل فقيه أمين مدينة جدة المتعلقة بالاستفسارات التي رفعت إليه منذ نحو شهر مضى حول كارثة جدة، وذلك خلال اجتماع المجلس مع أمانة محافظة جدة أول من أمس لمتابعة تداعيات الكارثة.

وأوضح حسين باعقيل رئيس المجلس البلدي في جدة خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن أعضاء المجلس اطلعوا على التقرير الكامل الذي قدمه أمين جدة كرد على استفسارات المجلس الـ9، لافتا إلى أن أجوبة الأمانة قيد الدراسة من قبل اللجنة المشكلة في المجلس البلدي.

وكان المجلس البلدي قد رفع للأمين نحو 9 ملفات كاملة تحمل استفسارات حول أسباب وقوع كارثة جدة الشهيرة، والتي ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن. وتتمثل هذه الاستفسارات فيما إذا كانت الأمطار التي هطلت على مدينة جدة تعد بالمقاييس العالمية أمطارا يفترض أن تستوعبها أي شبكات تصريف مصممة وفقا للمواصفات المتعارف عليها دوليا، وهل تعتبر شبكات تصريف الأمطار كحلول لدرء السيول في جدة كافية للمدينة، إلى جانب الاستفسار عن المبالغ التي تم اعتمادها للأمانة بهدف تنفيذ مثل تلك المشاريع.

كما تتضمن أيضا السؤال عن أعمال الأمانة حتى الآن لإنشاء اللازم والمطلوب في مدينة مثل جدة بهذا الخصوص، وسبب عدم توفير حلول مؤقتة وعاجلة لتفادي حدوث مثل هذه الكوارث، إضافة إلى الجهة المسؤولة عن السماح للمواطنين بالبناء في مجاري السيول، ووضع المجاري الأخرى التي لم يتم البناء فيها، عدا عن أثر مشروع تغطية مجرى السيل الشمالي في تصريف السيول بالقناة وزيادة حجم الكارثة.

وشملت الاستفسارات سبب امتلاء شارع الملك عبد الله بالمياه والدافع وراء إنشاء بحيرة الصرف الصحي أساسا في جدة، إلى جانب ما قامت به الأمانة منذ هطول الأمطار حتى الآن ومدى تعاملها مع التحذيرات التي بثتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة قبل هطول الأمطار، والدروس المستفادة وما ينبغي أن تقوم به الأمانة على المدى القصير والبعيد لتفادي تكرار ذلك.

إلى ذلك، كشف الدكتور طارق فدعق عضو مجلس الشورى ورئيس المجلس البلدي في دورته السابقة عن وجود أجهزة لرصد السيول في جدة منذ نحو 30 عاما، غير أنها مهملة وغير مفعّلة.

وقال فدعق في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن أحد الخبراء اكتشف وجود تلك الأجهزة في مجاري السيول بجدة بعد وقوع الكارثة، إلا أنها تعد مهملة، مبينا أن هذه المقاييس مهمة في تحديد ارتفاع وقوة السيول بوقت معين من الزمن.

وأكد على أهمية توثيق تاريخ السيول في ذاكرة جدة، لا سيما أن هذه الأحداث تقع في فترات زمنية متباعدة، الأمر الذي يحتم ضرورة معرفة كل سيل وما نتج عنه من آثار، إلى جانب الاهتمام بتسجيل سلوكيات السيول أيضا وإطلاق مسميات عليها. وكان المجلس البلدي في جدة عقد مؤخرا ورشتي عمل حول مخاطر السيول، إذ تم تقديم نحو 4 عروض بتوصياتها تختص بالحلول التي قد تسهم في درء المخاطر مستقبلا، إلى جانب مشكلات تصريف مياه الأمطار في جدة.

وصرّح الدكتور حسين البار عضو المجلس البلدي بجدة ورئيس لجنة البيئة في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن العروض تمحورت حول بعض الجوانب المختلفة للكارثة، لا سيما أن المجلس البلدي طلب تقديم توصيات من العروض بهدف بلورتها ورفع تقرير بها إلى كل من اللجنة المشكلة من المقام السامي ومجلس الشورى، إضافة إلى وزير الشؤون البلدية والقروية.

وهنا أشار عضو مجلس الشورى ورئيس المجلس البلدي في دورته السابقة إلى أن الآلية المتبعة في بلورة تلك التوصيات تتضمن إرسالها إلى جميع الحضور بهدف التأكد من أنها تعكس ما أوصي به فعلا ومن ثم يتم اعتمادها.

وأضاف فدعق أن ورشتي العمل كانتا تهدفان إلى جمع أبرز المعلومات المتوفرة لدى جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وأخذ الآراء حول الكارثة على غرار ما حدث في مناقشة وضع بحيرة الصرف الصحي.

ولفت فدعق إلى إمكانية استفادة 4 جهات من مخرجات ورشتي العمل، من ضمنها وزارة الشؤون البلدية والقروية لاتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة، ومجلس الشورى باعتبار امتلاكه لتشريعات لها علاقة بالسيول والسدود، مؤكدا وجود الكثير من مدن السعودية مبنية في بطون الأودية والسيول.

واستطرد فدعق بالقول: «إن حفر الباطن معرضة لنفس المخاطر التي وقعت في جدة في ظل بناء الكثير من المساكن والمخططات في مجاري السيول، إلى جانب بعض المناطق في الرياض مثل وادي حنيفة»، موضحا في الوقت ذاته أن الكثير من المدن استطاعت أن تحتاط، والتي من ضمنها مكة المكرمة باعتبار أنها نفذت بناء مجارٍ للسيول لتضمن عدم تعرضها للمخاطر.

وفي إطار الأعمال اليومية أعلنت السلطات الأمنية عن بلوغ عدد المساكن التي تم الكشف عليها من قبل لجان الكشف على المساكن نحو 4.8 ألف منزل، بينها 944 صالحا، فيما وصل عدد المنازل المتضررة بالكامل إلى 3.8 ألف منزل، مبينة أنه تم إسكان 8.6 ألف أسرة يبلغ عدد أفرادها 29.3 ألف فرد، عدا عن 3.3 ألف عقار تم تقديرها من قبل لجان تقدير الأضرار وصرف الإعاشة في المرحلة الثانية لما يقارب ألفا و950 أسرة.