بلدي جدة يطالب بفرض عقوبات على مستغلي كارثة السيول

المجلس يصف عبر «الشرق الأوسط» إجابات أمين المحافظة على تساؤلاته بـ«الوافية».. والدفاع المدني يبدأ البحث عن الضحايا تحت الطمي

قوات الدفاع المدني تسحب قوارب عقب عمليات البحث المتواصل عن مخلفات كارثة السيول في جدة («الشرق الأوسط»)
TT

كشف لـ «الشرق الأوسط» الدكتور طارق فدعق عضو المجلس البلدي في جدة ورئيسه السابق، عن مطالبته بفرض عقوبات على جميع الجهات التي استغلت كارثة جدة لمصالح مادية، على خلفية الملاحظات والشكاوى التي استقبلها المجلس منذ وقوع الحدث.

وذكر فدعق وهو أيضا مجلس الشورى في دورته الحالية، أن تلك المطالبة جاءت ضمن التوصيات التي خرج بها المجلس البلدي بعد ورشتي عمل عقدها لمناقشة أسباب ومعالجات سيول جدة، لافتا إلى أن المجلس بصدد رفع التوصيات للجهات المعنية خلال الفترة المقبلة.

وقال عضو مجلسي الشورى والبلدي في جدة خلال حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أوصى المجلس بفرض عقوبات على كل من أحدث ضررا أسهم في وقوع الكارثة، إلى جانب استغلالها في مصالح مادية، من ضمنها ارتفاع أسعار السكن والمواد الغذائية وغيرها»، مشددا على أن هذا الأمر غير مقبول إنسانيا.

وحول طبيعة تلك العقوبات، أفاد أنه لم يتم تقنينها حتى الآن، لا سيما وأنها بحاجة إلى آراء ومرئيات المشاركين في ورش العمل، مؤكدا أن هذه المطالبة جاءت وفق ملاحظات سجلها المجلس البلدي، بالإضافة إلى شكاوى المواطنين في هذا الشأن.

من جانب آخر، وفي ما يتعلق بالعمل الميداني ما بعد كارثة السيول، نفى مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ في الدفاع المدني بجدة استخدام الكلاب البوليسية خلال عمليات البحث تحت الطمي، على غرار ما حدث في الأيام الأولى من الكارثة، راجعا سبب عدم الاستعانة بتلك الكلاب إلى استعمال آليات ومعدات الحفر في هذه المرحلة.

إلى ذلك بدأت إدارة الدفاع المدني منذ أول من أمس في عمليات البحث عن ضحايا كارثة جدة تحت الطمي بالبحيرات التي تم تحديدها سابقا، إلا أنه «لم يتم العثور على أي جثة حتى الآن»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ بجدة.

وقال العميد القرني لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم حتى الآن تجفيف البحيرات بالكامل، وإنما ما زالت عمليات تفريغ مياهها من موقع إلى آخر مستمرة، إلا أنه من المتوقع أن يكتمل ذلك خلال الأسبوع المقبل».

وبالعودة إلى عضو مجلس الشورى والمجلس البلدي في جدة الذي أوضح أن توصيات ورشتي العمل ما زالت في طور البلورة وسترفع إلى لجنة تقصي الحقائق إذا ما تقدمت الأخيرة بطلب رسمي، مشيرا إلى أن «اللجنة لم تطلب حتى الآن أي معلومة من المجلس البلدي».

وأضاف: «تم التركيز في التوصيات على أهمية التفرقة بين شبكات تصريف الأمطار والسيول نتيجة وجود اختلافات بينها، إذ تأتي الأخيرة في المقام الأول لما يترتب على السيول من أضرار كبيرة».

ولفت إلى أن من ضمن التعديات التي تمت ملاحظتها في مجاري السيول وجود طبقات إسمنتية أو خرسانية غير نافذة من شأنها أن تتسبب أضرارا كبيرة، إلا أن الطبقات الترابية الطبيعية تقلل حدة السيل باعتبارها تبقي السيول في باطن الأرض وتحولها إلى مصدر للمياه مستقبلا.

ورجع سبب تراجع الجهات المعنية عن حفظ السيول ورصدها إلى عدم الاهتمام بآليات القياس الموجودة، ومن ضمنها «الهدّارات»، مؤكدا على أنه أشير سابقا إلى ضرورة تفعيل تلك الآليات ضمن توصيات ورشتي العمل.

واستطرد: «شُكّل فريق عمل للزيارات الميدانية السريعة، بهدف رصد المخالفات الواضحة والمتعلقة بالنواحي الهندسية في إقامة مجاري السيول والعبّارات، بالإضافة إلى مراعاة إقامة سدود مدروسة في أعالي الأودية بجدة». وفي ما يخص الأودية الموجودة في جدة ذكر الدكتور فدعق أن التوصيات شملت ضرورة تصحيح أسماء الوديان في الخريطة الرسمية للمدينة، مع الاهتمام بتاريخ كل واد وذاكرته وتدفق المياه فيه، إلى جانب مدى تأثيره في السطح الجغرافي لجدة، والمطالبة بقنوات تصريف لكل واحد منها. وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في استخدام الأراضي والبناء ببطون الأودية والمتعلقة بالمخطط العمراني لمدينة جدة، إضافة إلى عدم السماح بإنشاء أي مخطط جديد قبل تحديد ومعرفة مخاطر السيول عليه.

وبهدف التأكد من تطبيق تلك التوصيات، كشف الدكتور فدعق عن تشكيل فرق لمتابعة التوصيات، والتي من بينها ما هو سريع وقصير وطويل الأمد، مشددا على ضرورة تطبيقها وفق المنظومة التي تتناسب مع كل منها.

وأبان في الوقت نفسه أن رفع هذه التوصيات إلى كل من أمانة محافظة جدة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ومجلس الشورى متوقف على رد المشاركين في ورشتي العمل، لافتا إلى أنه سيتم إعطاء مهلة ثلاثة أيام بعد تسليمهم التوصيات، إلا أن عدم ردهم خلال تلك المهلة سيؤخذ بمأخذ الرفض لها.

من جهته كشف لـ«الشرق الأوسط» المهندس إبراهيم كتبخانة وكيل الأمين للمشاريع والتعمير، عن اكتمال جاهزية مجرى السيل الممتد بحي السامر مع نهاية الشهر الحالي، إلى جانب استمرار العمل على فتح مجاري السيول الأخرى والمواقع كافة التي تعترضها.

وقال كتبخانة لـ«الشرق الأوسط» إن «ملكية الأرض التي تقع عليها بحيرة الصرف الصحي تعود إلى أمانة محافظة جدة منذ إنشاء البحيرة، والأمر نفسه ينطبق حتى على بحيرات المعالجة القريبة منها».

وفي الوقت الذي تسلم فيه المجلس البلدي في جدة أجوبة الاستفسارات التي رفعها للمهندس عادل فقيه أمين جدة حول الكارثة، أكد حسن الزهراني نائب رئيس المجلس البلدي أن الإجابات المقدمة كانت «وافية» على حد قوله. وقال الزهراني لـ«الشرق الأوسط»: «وفرت إجابات الأمين على الاستفسارات التسعة معلومات وافية للمجلس، بالإضافة إلى كونها أتاحت فرصة الحصول على معلومات أخرى إذا ما تطلب الأمر»، مشيرا إلى أن الأجوبة غطت تساؤلات المجلس كافة.

وأضاف أن «الهدف من رفع الاستفسارات إلى المهندس عادل فقيه يتمثل في توضيح ما حدث في كارثة جدة، لا سيما أن المجلس البلدي يعد مجلسا رقابيا وتقريريا على أعمال أمانة محافظة جدة، ويحمل على عاتقه مسؤولية مراجعة المعلومات كافة وإبداء آرائه حولها».