القمر يخدع البشر في الغروب والشروق بحجم أكبر

في ظاهرة تصنف بـ«الخداع البصري».. ويقف خلفها سببان رئيسيان.. ولا تحدث سوى مرة في الشهر

TT

يتجلى القمر عندما يكون «بدرا» منتصف أيام الشهر الهجري بحجم أكبر على سطح الأرض، وذلك عند أوقات محددة على مدى 24 ساعة، وبالتحديد وقت الغروب والشروق.

ويفسر الخبراء في علم الفلك هذه الظاهرة بأنها «خداع بصري»، في الوقت الذي تزايد فيه الاهتمام بها مع خسوف القمر الذي حدث قبل عدة أيام، الأمر الذي ساهم في اكتشاف الخدعة البصرية للجرم السماوي لدى بعض المهتمين.

إبراهيم الهادي، الموظف في القطاع الخاص في السعودية، يقف على امتداد شارع الروضة غرب مدينة جدة السعودية على ساحل البحر الأحمر، يراقب منظر البدر في تمام 5.30 مساء، قبيل غروب الشمس بقليل، إذ تصنف رؤية القمر - بحسب الفلكيين - قبل الغروب بأنه «غرب قبل غروب الشمس، فلذلك يظهر البدر بحجم أكبر من حجمه المعتاد».

ويبين الهادي (ذو السبعة والعشرين ربيعا) «لفتني حديث الناس عن خسوف القمر هذه الأيام، وحين هممت بالذهاب إلى منزلي عقب خروجي من عملي، كان المنظر بهيا، فلم أعتد هذه اللحظات التي استمتع بها عند مجرد رؤية البدر، إلا أن الحجم الواسع وظهوره بهذا الحجم دفعني للتأمل».

في الوقت الذي يوضح فيه شرف السفياني، نائب رئيس جمعية الفلك بجدة، مفندا لـ«الشرق الأوسط» أن «القمر في طور البدر يظهر بحجم كبير عند الغروب أو الشروق، وهو في درجة (السمت)، وتعني وقوعه فوق الرأس وسط السماء». مضيفا «قد لا يلحظها إلا الأشخاص المطلعون، أو كثيرو التأمل ودقيقو الملاحظة».

وبين السفياني أن «هذه الظاهرة حيرت العلماء في السابق، وتناولها مشاهير علماء الفلك والرياضيات على مدار التاريخ، مثل (دافنشي)، و(كيبلر)، و(ديكار)، وكان حديثهم لأسباب عدة».

وتابع نائب رئيس جمعية الفلك في جدة «السبب الأول هو القرب الحقيقي للقمر أثناء دورانه حول الأرض، فالقمر يدور حول الأرض في مدار يسمى (إهليجي) على شكل القطع الناقص، وهذا المدار يقتضي أن القمر في بعض الأوقات يكون قريبا من الأرض».

وأضاف «يطلق على حالة القمر هنا (الحضيض)، حيث يكون القمر في أقرب نقطة له إلى الأرض، بمسافة تبلغ نحو 356 كم، بعكس حالته التي يكون فيها في أبعد نقطة عن الأرض بنحو 406 كم، وهذا الفرق في المسافة يسهم في زيادة حجم القمر بنحو 14 في المائة عن حجمه الحقيقي، فيبدو أكبر حجما».

وتابع «يتمثل السبب الثاني في الخداع البصري، والمسافة التي يقطعها الضوء المنعكس عن القمر إلى عين المراقب على الأرض، وهي في الأساس مسافة ثابتة بغض النظر عن ارتفاع القمر، وبسبب ميلان ضوء القمر الساقط على الأرض فإن ذلك يغير بدوره الحجم الظاهر للراصدين وقت الغروب والشروق». مشيرا إلى أن «الحالة تحدث مع الشمس أيضا عند شروقها أو غروبها».

ونوه السفياني بظاهرة تغير لون القمر إلى اللون الأحمر عند الغروب وعند الشروق، مصنفا إياها بأنها خداع بصري أيضا، وهي «تحدث عند تلوث الغلاف الجوي بالغبار والأتربة والدخان».