جازان: تراجع أعمال المنشآت الصغيرة بسبب الحملات الأمنية المشددة

جوازات جازان لـ «الشرق الأوسط»: أعداد المضبوطين لا يستهان بها

TT

تسببت المواجهات الدائرة بين القوات السعودية والمتسللين الحوثيين منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تراجع المردود الاقتصادي، وحجم الأعمال والمقاولات التي تنفذها المنشآت الصغيرة في منطقة جازان، والتي تعتمد اعتمادا كبيرا على العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة، بعد أن أدى الاستنفار الأمني للقطاعات العسكرية العاملة في المنطقة إلى انخفاض أعداد العمالة من مخالفي الإقامة في المنطقة، وأغلبهم من اليمنيين.

ونظرا لموقع منطقة جازان الجغرافي كمنقطة حدودية مع الجمهورية اليمنية، فقد شهدت السنوات الماضية عمليات تسلل كثيفة من الأراضي اليمنية إلى داخل المنطقة، حيث يعمل المتسللون بطريقة غير نظامية.

وتسببت الإجراءات الأمنية المشددة في انخفاض المردود الاقتصادي بطريقة مباشرة على أعمال المقاولات والصيانة، وغيرها من الأعمال الخدمية بشكل عام في المنطقة، إضافة إلى انخفاض المبيعات في المطاعم والبقالات وقطع غيار السيارات وغيرها من المحال التجارية الأخرى، وارتفاع أسعار البناء والعمران في المنطقة، وكثر الطلب وقل العرض في معظم الأعمال، والسبب لأن منطقة جازان تعتمد على العمالة اليمنية الوافدة غير النظامية الرخيصة التكلفة، في أعمالها المحلية.

وأكد المهندس أحمد القنفذي، الأمين العام للغرفة التجارية والصناعية في منطقة جازان، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاعتماد على العمالة غير النظامية الموجودة في المنطقة خطأ كبير، ولابد لصاحب الأعمال ألا يعتمد على تلك العمالة كي لا تلحقه مشاكل أكثر من المردود الذي يتلقاه بفضل تلك العمالة الرخيصة.

وأضاف القنفذي «إن نقص العمالة موجود على مستوى السعودية، وما يحدث نتيجة التشديد الأمني، والقبض على العمالة غير النظامية موجود من قبل بشكل مستمر ودائم، وليس جديدا».

وشدد الأمين العام على ضرورة أن تحظى منطقة جازان بمعاملة استثنائية تسمح لها بتشغيل العمالة اليمنية عبر قنوات نظامية، وتحويل الأعداد الكبيرة للعمالة المخالفة إلى نظامية.

وأوضح أن العمالة اليمنية تضم أصحاب مهارات ومهن فنية عالية، ومنهم البناء والحداد وميكانيكي، وغيرها، مشيرا إلى أن منطقة جازان منطقة حدودية تتسلل إليها باستمرار أعداد كبيرة من المخالفين و«لا يمكن لدولة أن تخسر ملايين الريالات في سبيل القبض على العمالة اليمنية وترحيلها، قبل أن تعود في اليوم التالي إلى جازان».

وأشار أمين عام الغرفة إلى أن تشغيل العمالة اليمنية يعود بالفائدة على منطقة جازان وعلى الجمهورية اليمنية في آن واحد، مشيرا إلى أن الجمهورية اليمنية دولة مجاورة، و«لا بد أن نسهم في دعم الحركة الاقتصادية في اليمن، خصوصا أن أي ضرر يحدث في اليمن يصيب السعودية، وهو ما نشهده الآن نتيجة المواجهات مع المتسللين».

وزاد «إن تشغيل العمالة اليمنية بطريقة رسمية ونظامية من خلال استقطابهم بإجراءات قانونية وسليمة يسهم في تنمية منطقة جازان وازدهارها، كما يسهم في دعم دولة صديقة ومجاورة اقتصاديا، وتوفير الموارد المالية والكوادر البشرية التي توفرها الدولة لملاحقة المخالفين والقبض عليهم وترحيلهم باستمرار، قبل أن يتسللوا سريعا مرة أخرى ويعودوا إلى مزاولة أعمالهم السابقة».

وشدد على أن منطقة جازان تشهد تنفيذ مشاريع كبيرة وعملاقة، مما يستوجب تكاتف الجهود في تنمية المنطقة، مبديا اعتقاده أن «منطقة جازان إذا ما أخذت حصتها في ما يخص العمالة، فسيكون توافر العمالة محفزا للشركات للاستثمار في المنطقة».

من جانبه، أكد العميد فيصل بن دليم، مدير الجوازات في منطقة جازان، لـ«الشرق الأوسط»، أن أعداد المقيمين غير النظاميين المقبوض عليهم من قبل دوريات الجوازات والحملات الميدانية لا يستهان بها، والسبب «أن السعودية بلد آمن، والخير فيه كثير».

وأضاف «إن بعض المواطنين - للأسف - يعملون على تشغيل العمالة المخالفة والمتسللة في المنطقة والتستر عليها»، مشددا على ضرورة القضاء على ظاهرة المخالفين لنظام الإقامة في المنطقة بالكامل.

وأشار العميد بن دليم إلى أن المجال مفتوح لاستقدام العمالة لمزاولة أي نشاط، «لكن بعض المواطنين يضعون حججا وعراقيل وهمية للاستقدام، ليعتمدوا على العمالة المخالفة».

وأوضح مدير جوازات منطقة جازان أن الوضع الراهن يتطلب توافر عمالة كثيرة في المنطقة، لكثرة المشاريع التنموية، وتوجه المنطقة يسمح لها باستقدام العمالة الوقتية لمشاريع محددة.

إلى ذلك، أوضح قاسم المحويتي، الذي يعيش في المنطقة بطريقة غير شرعية ويعمل عاملا في مهنة سباك، في إحدى العمائر تحت الإنشاء في جازان، لـ«الشرق الأوسط»، أنه في الآونة الأخيرة «أصبح العيش في المنطقة صعبا جدا، والخوف يزداد يوما بعد يوما، خوفا من أن يتم القبض عليّ من الحملات الأمنية دون أن يكون معي مبلغ من المال أعيش به أنا وأفراد أسرتي».

وقال المحويتي «في السابق، كان يتم القبض علينا من قبل الدوريات الأمنية، وفي اليوم الثاني نعود إلى المكان الذي نعمل فيه، لنزاول عملنا مرة أخرى، أما اليوم فأصبح الوضع صعبا جدا، وإذا تم القبض علينا وترحيلنا فلا ندري هل سنعود مرة أخرى أم لا».

وأضاف أن «الأعمال في منطقة جازان كثيرة جدا لكثرة الإنشاءات الموجودة في المنطقة، وتوجد العمالة اليمنية فيها بأعداد كبيرة، وتعمل غالبا في تنفيذ الإنشاءات الجديدة، وغيرها من الأعمال الشاقة وبأسعار متدنية».

أما رحمة الله، الهندي الجنسية، والذي يعمل في أحد محال البقالة في محافظة صبيا، فأكد أن الحملات الأمنية المكثفة التي تنفذها السلطات السعودية لضبط العمالة المخالفة والمقيمة بطريقة غير شرعية في منطقة جازان أثرت على مبيعات محله، أسوة بغيره من المحال المماثلة.

وأضاف الهندي «يقع المحل في منطقة إنشاءات عمرانية تكثر فيها العمالة غير النظامية، لكن الحملات الأمنية المكثفة تسببت في اختفاء تلك العمالة من المنطقة، مما أوقف بعض المشاريع الإنشائية المعتمدة على تلك العمالة المخالفة الرخيصة الكلفة».