جدة.. من الأمطار إلى الغبار

أمطار تبوك تستنفر الجهات الخدمية والأمنية تحوطا لعدم تكرار كارثة جدة

TT

بعد مرور 55 يوما على الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت جدة وخلفت كارثة أودت بحياة 132 شخصا، تعيش المدينة حاليا موجة غبار بدأت منذ أول من أمس، لتستمر حتى نهاية اليوم الثلاثاء، وذلك وفقا لتوقعات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.

وبناء على ذلك، توقفت منذ فجر أمس الاثنين الحركة الملاحية للسفن بجدة، وذلك على خلفية انعدام الرؤية بحسب ما أوضحه الكابتن ساهر الطحلاوي، مدير عام ميناء جدة الإسلامي.

وقال الطحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأوضاع غير مريحة، الأمر الذي اضطرنا لإيقاف حركة السفن بعد انعدام الرؤية لحد الصفر»، لافتا إلى أن الحركة لن تعود حتى تتحسن الأوضاع.

وحول خطط الطوارئ المتبعة في مثل تلك الأجواء أفاد مدير عام ميناء جدة الإسلامي بأن الخطوة الأساسية تتضمن تأمين المعدات وتربيطها وتثبيتها تفاديا لسقوطها جراء الرياح، عدا عن زيادة تثبيت السفن على الأرصفة بشكل أكبر، مؤكدا تلقيهم تحذيرات مسبقة من قبل الأرصاد السعودية.

يأتي ذلك في وقت أكد فيه لـ«الشرق الأوسط» المهندس محمد السالمي، مدير الملاحة الجوية في هيئة الطيران المدني بجدة، أن الوضع الراهن لا يستلزم إيقاف الرحلات الجوية، لا سيما أن مثل ذلك الإجراء يتم اتخاذه في حال انخفاض مستوى الرؤية عن 500 متر - على حد قوله. وأضاف في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار إيقاف الرحلات يعتمد على سياسة شركات الطيران، التي تختلف من شركة لأخرى وفق إجراءات السلامة المتبعة لديها»، مشيرا إلى أن الوضع طبيعي ولم يصل لمرحلة التخوف.

ولفت إلى أن إيقاف الملاحة الجوية لا يتم إلا في الأمور الشديدة والتي من ضمنها انخفاض الضباب الكثيف عن 50 قدما بحيث يمنع رؤية الأرضية، إلا أن السحب والأمطار والغبار تعد ظروفا طبيعية لا تستدعي توقف الرحلات، مبينا أن الطائرات الحديثة مجهزة بوسائل السلامة - بحسب قوله.

فيما أعادت إدارة الدفاع المدني في جدة انتشار دوريات السلامة بشكل كامل والبالغ عددها نحو 38 وحدة، إلى جانب رفع حالة الاستعداد والتهيؤ لدى الفرق بهدف التدخل في أي حالة، وذلك بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» العميد محمد القرني مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ بمحافظة جدة، والذي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن منطقة مكة المكرمة مستعدة بالكامل خاصة في المدن الساحلية»، لافتا إلى أن عمليات البحث عن المفقودين جراء كارثة جدة مستمرة، غير أنه من الممكن إيقافها في حال استمرار الوضع على ذلك.

وأكد أن تقلبات الأجواء في جدة تكلف الدفاع المدني كثيرا من ثلاث نواحٍ رئيسة، تتضمن الاستعداد والتهيؤ بشكل أكبر ورفع درجة الدعم المتوقع في مثل تلك الظروف، إلى جانب محاولة سرعة تخفيف الحالات التي من المحتمل أن تقع.

وأضاف «يعد سقوط اللوحات الإعلانية في الشوارع من أكثر الحوادث شيوعا بمثل هذه الأجواء، عدا عن خطورة هطول الأمطار مع وجود الرياح الترابية، وهو ما من شأنه أن يتسبب في وقوع أضرار أكبر من هطولها بمفردها، من ضمنها انحراف المركبات عن مساراتها»، مؤكدا أن الدفاع المدني حريص على تلك الجوانب.

من جهته، أوضح حسن ميرة، نائب رئيس الإدارة العامة للتحاليل والتوقعات في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أنه تم إصدار تقرير منذ بداية الأسبوع حول مرور السعودية بظواهر جوية شديدة من ضمنها العواصف الترابية والأمطار الغزيرة.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الفرصة مهيأة لهطول أمطار خفيفة إلى متوسطة على منطقة مكة المكرمة، والتي تزداد شدتها بالاتجاه للمناطق الشمالية الشرقية»، مبينا أنه سيتم التعامل مع أي مستجدات بحسب المعلومات الواردة.

وأشار إلى أن سرعة الرياح المسببة لموجة الغبار في جدة ستنخفض بحلول المساء، إلا أن العوالق الترابية ستبدأ في الزوال تدريجيا ابتداء من اليوم، مؤكدا أن الأمطار التي ستشهدها المنطقة لن تزيد على كونها خفيفة إلى متوسطة.

إلى ذلك، يستمر هطول الأمطار بكميات متفاوتة على مناطق السعودية بحسب توقعات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والتي تضمنت يوم أمس منطقة تبوك بعد أن شهدت يوما ماطرا سالت على إثره نحو 10 أودية.

وأفاد المقدم ممدوح سليمان العنزي، الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني بتبوك، بأن أمطارا غزيرة بدأت منذ الساعة 12 من مساء أول من أمس، على كل من محافظة ظباء والبدع وحقل، والتي وصلت إلى مدينة تبوك في الثالثة من فجر الأحد واستمرت حتى ظهر يوم أمس الاثنين.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «سالت أربعة أودية في حقل وثلاثة بظباء، إلى جانب واد واحد في البدع، وواديين بمدينة تبوك»، لافتا إلى تلقي غرفة العمليات للدفاع المدني بظباء لبلاغات عن احتجاز 68 شخصا في أحد أودية المحافظة.

وذكر أن الدفاع المدني أنقذ المحتجزين بالكامل، من بينهم 27 شخصا أدخلوا مستشفى ظباء العام نتيجة تعرضهم للإنهاك والبرد، عدا عن إنقاذ 20 آخرين من فوق أسطح منازلهم بواسطة الفرق الأرضية وطيران الدفاع المدني، نافيا وقوع أي ضحايا نتيجة الأمطار.

وأضاف «تم توزيع فرق الدفاع المدني على مواقع متعددة شملت 4 فرق لكل موقع منها، إلى جانب مباشرة فرقتي إطفاء لإخماد حريق اندلع بأحد المستودعات في ظباء دون أن يسفر عن وقوع ضحايا».

وأشار إلى إنقاذ عائلة محتجزة وإجلائها في وادي شقري، عدا عن إنقاذ ثلاث أسر احتجزوا داخل منازلهم في قرية العيينة، موضحا أن السماء ما زالت ملبدة بالغيوم، إلى جانب استمرار هطول أمطار خفيفة.

وحول تكون تجمعات للمياه في تبوك ذكر الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني بتبوك أن عددا من التجمعات المائية الكبيرة تكونت جراء الأمطار، إضافة إلى مباشرة بلاغات عن احتجاز سيارات تم سحبها، عدا عن السيطرة على حالات التماسات كهربائية في المنازل وعدادات الكهرباء.

واستطرد في القول «لا توجد بلاغات عن أي مفقودين، خاصة أن الأمطار كانت في وسط الأسبوع، غير أنها قد تسبب إشكاليات إذا ما هطلت أيام الإجازة الأسبوعية نتيجة وجود الأهالي بأماكن التنزه»، مؤكدا وجود توعية مسبقة لسكان المنطقة.

وهنا علق العميد محمد القرني، مدير المركز الإعلامي لمواجهة حالات الطوارئ في محافظة جدة، قائلا «هناك قوة طوارئ تابعة للدفاع المدني في تبوك، والتي تعد إحدى القوات الخمس الأساسية»، لافتا إلى أنه لم يتم إرسال فرق إنقاذ من جدة، لا سيما أنه يتم دعم الموقف في تبوك من خلال المحافظات الموجودة بها.

من جهته، اكتفى المهندس خالد الهيج، أمين عام منطقة تبوك، بالرد على استفسارات «الشرق الأوسط» قائلا «لا تزال أعمال أمانة المنطقة مستمرة في الميدان لحين صدور التقرير الرسمي، إلى جانب وجود متابعة مع البلديات الفرعية»، مؤكدا أن حدة الأوضاع لن تصل إلى ما حدث في جدة - بحسب قوله.

وبالعودة إلى نائب رئيس الإدارة العامة للتحاليل والتوقعات في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أكد استمرار فرصة هطول الأمطار على منطقة تبوك، والتي ستكون متوسطة، إلا أنه لم يستبعد أن تصل لدرجة الغزارة.

ولكنه استدرك قائلا «لن تصل حدة الأمطار إلى ما كانت عليه يوم أمس، عدا عن فرصة تحولها للحدود الشمالية وحفر الباطن وشمال منطقة القصيم التي ستشهد احتمالية هطول أمطار عليها تشمل الرياض يوم غد الأربعاء».