مطالب تأسيس «هيئة للمرأة» تنتقل من الشرقية إلى الرياض وجدة

تجدد الجدل «النسوي» حولها

TT

بعد مرور نحو شهرين من المطالبة بتأسيس هيئة عليا للمرأة، وهو المقترح الذي تبناه مركز الأميرة جواهر بنت نايف للأبحاث وتطوير المرأة في ختام «ملتقى التنمية الأول» الذي أقيم بمدينة الخبر، كشفت مسؤولة في المركز لـ«الشرق الأوسط»، عن التوجه لنقل هذه المطالبة من المنطقة الشرقية إلى سيدات كل من الرياض وجدة، للحصول على أكبر قدر من الأصوات الداعمة، وذلك عبر ندوتين نسائيتين جارٍ التحضير لعقدهما خلال النصف الأول من العام الحالي، وهو ما جدد الجدل النسوي حول الهيئة المقترحة، ما بين التفاؤل بدورها والتخوف من تكريسها لمفهوم عزل المرأة.

وأفصحت هناء الزهير، أمين عام المركز، لـ«الشرق الأوسط»، بأن المركز يتطلع من توجهه للقاء نساء الرياض وجدة إلى أخذ آراء السيدات في هاتين المنطقتين حول هذا المقترح، بعد شرح الفكرة لهن وتقديم المعلومات كافة عنها، قائلة: «سنحاول التوافق معهم بالرأي»، وأشارت إلى أن ذلك يأتي للخروج بتصورات أقوى وأشمل، ومن ثم رفع التوصية لصناع القرار والمقام السامي.

وأكدت الزهير أن تأسيس هيئة تُعنى بشؤون المرأة من شأنه العمل على تحقيق أهداف المركز في تمكين المرأة السعودية اقتصاديا واجتماعيا، بوصفها مواطنة من الدرجة الأولى. وهو ما تم الاتفاق عليه مع مجموعة من النخب النسائية في المنطقة الشرقية في منتصف شهر نوفمبر الماضي، عبر الملتقى الذي ضم أكثر من 80 سيدة، وأجمعن خلاله على ضرورة تأسيس هيئة ذات شخصية اعتبارية مستقلة بمسمى «هيئة المرأة».

وتطلعت الداعمات لمقترح تأسيس هيئة المرأة إلى إلحاقها بمجلس الوزراء، على أن تعين رئيستها بمنصب «وزيرة»، وهو ما يأتي ردا على القرار رقم 63 الصادر من مجلس الوزراء عام 1424هـ، الذي يتضمن الموافقة على إنشاء لجنة وطنية عليا دائمة ومتخصصة في شؤون المرأة، حيث أكدت حاضرات الملتقى حينها على عدم فعالية اللجان، في ظل تأييدهن للحاجة إلى إيجاد هيئة عليا يكون لها قناة مباشرة مع مجلس الوزراء ومع هيئة الخبراء التابعة للمجلس.

إلا أن مقترح تأسيس «هيئة عليا للمرأة» لا يزال يلقى بعض الجدل داخل الأوساط النسائية في المنطقة الشرقية، قبل انتقاله إلى المناطق الأخرى، حيث ترى الدكتورة مها الزهراني، أستاذة اللغة العربية في جامعة الدمام، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، ضرورة إيضاح مهام وأهداف هذه الهيئة بصورة معلنة ومكتوبة كي يصبح بالإمكان تقديم الرأي حيالها، مشيرة إلى صعوبة التأييد الاستباقي لجدوى الهيئة أو الحكم على مدى أهميتها في ظل عدم وضوح الصورة الكاملة لها.

من جهتها، تؤكد الناشطة الحقوقية عالية آل فريد، أنها كثيرا ما طالبت بإيجاد كيان مستقل يُعنى بشؤون المرأة ويضمّ مختلف الشرائح النسائية الشابة وذوات الخبرة، وشددت على الأهمية الكبيرة التي من الممكن أن يعكسها هذا المقترح في تحسين واقع المرأة السعودية، قائلة: «تطوير واقع المرأة ليست هي فقط المسؤولة عنه، بل هي مسؤولية المجتمع بمختلف شرائحه الاجتماعية، مما يتطلب توفير الأرضية المناسبة لولادة طموحات تليق بالبيئة الديمقراطية التي يتقدم بها أي مجتمع».

في حين تتساءل الناشطة الحقوقية فوزية العيوني، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «هل للرجل هيئة عليا؟ إذن لماذا للمرأة هيئة عليا؟!»، حيث ترى أن من الأولى السماح بإطلاق مؤسسات المجتمع المدني المعنية بشؤون المرأة والشروع في تأسيس مدونة الأحوال الشخصية، مضيفة: «هنا لن نحتاج لأي هيئة، عندما تتفعل الأنظمة والقوانين».

وتتابع العيوني حديثها قائلة: «أرحب بأي شيء من شأنه تحسين واقع المرأة، لكن لو خيرت فإني أتمنى مدونة أحوال شخصية تعنى بالمرأة والأسرة والطفل وتنص على الحقوق والواجبات، لأن ذلك أهم من هيئة دون أنظمة وقوانين»، وأضافت: «لن يخدم المرأة سوى أنظمة وقوانين شخصية تحترم كيانها وتكسبها صفة المواطنة، وبالتالي تتساوى مع الرجل في الحقوق والواجبات».

يُذكر أن ملخص النتائج المتوقعة من تأسيس هيئة المرأة، يوضح أن مهامها تتركز في وضع السياسات التي تشجع وصول المرأة للمناصب القيادية، ووضع خطة تنموية للمرأة السعودية لها ميزانيتها الخاصة، على أن تكون الهيئة هي الجهة التي تتولى مهام متابعة تنفيذ وتفعيل القرارات كافة الصادرة في حق المرأة، مع إسهامها في رفع الوعي القانوني للمرأة السعودية، إلى جانب تفعيل دور خطة التنمية النسائية، حيث تركز الهيئة على تحسين الواقع المهني للمرأة، بافتراض أن التمكين الاقتصادي للمرأة هو بوابة تمكينها الاجتماعي.

يأتي ذلك في حين تقدر الإحصاءات الرسمية عدد الإناث السعوديات من مجمل السكان بنحو 8 ملايين فرد، المشتغلات منهن نحو 500 ألف مقابل أكثر من 3 ملايين رجل، أي أن عمالة الإناث (السعوديات والمقيمات) لا تتعدى ما نسبته 14 في المائة من مجموع القوى العاملة مقارنة بنحو 86 في المائة للذكور، وهي لا تزال تمثل واحدة من أدنى النسب عالميا وإقليميا.