«أسلحة ناعمة» تواجه الصورة المخيفة لـ«باطنية» الدمام

إحجام «مسبق» من المتطوعات تخوفا من الصورة السلبية للحي الذي تشكل العمالة الوافدة 80% من سكانه

حي الخليج نسبة السعوديين فيه لا تتجاوز 20%.. ومعظم سكانه بلا أوراق ثبوتية («الشرق الأوسط»)
TT

بحذر شديد، تشجعت مجموعة من الناشطات السعوديات على الانخراط في مشروع تنمية «حي الخليج» بمدينة الدمام، وهو مشروع أطلقته جمعية جود الخيرية النسائية، لتطوير الحي الذي درجت بين سكان المنطقة الشرقية تسميته بـ«حي الباطنية»، نسبة إلى أحد أحياء مصر القديمة التي عرفت بتجارة المخدرات، حيث اشتهر «الخليج» بتجارة الخمور والمخدرات، وضمه لجموع من المخالفين والهاربين من أجهزة الأمن، مما يجعل تطويره مسألة صعبة وخطرة، خاصة بالنسبة للنساء.

عن البداية، توضح ميساء الدرويش، وهي مشرفة مشروع تنمية حي الخليج، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحلم بإنجاز هذا المشروع ظل يراودها منذ أكثر من سنة، وبدأ فعليا قبل شهر تقريبا، رغم مواجهة بعض الصعوبات المتمثلة بشح المتطوعات الميدانيات نتيجة التخوف المسبق من السمعة السيئة المرتبطة بالحي، حيث تقول «العدد الذي تقدم لنا قليل جدا، فقط 8 متطوعات، وأنا من ضمنهن».

وتضيف «نحتاج من 15 إلى 30 متطوعة، لتقسيمهن إلى 3 مجاميع، بحيث إن كل مجموعة تتسلم يوما أو يومين بالأسبوع وتختص ببعض الحالات»، وعن أسباب اختيار الموقع، تقول الدرويش «قيل لنا إن الحي صعب جدا، لكن تخيلي أن تسكني بمدينة على مقربة من شوارعها، حي تتمركز فيه الجرائم والمخدرات والدعارة، واقع مؤلم! لذا أرى أن سكان هذا الحي هم الأحوج للتنمية».

ويرجع إحجام بعض المتطوعات - أو أهاليهن - عن فكرة الانخراط في هذا المشروع إلى الصورة المخيفة التي ارتبطت بالحي منذ عقود لدى شريحة كبيرة من سكان المنطقة، فالحي الذي تسكنه عمالة تنتمي لأكثر من 40 جنسية، يضم في منازله مجموعة من المتسللين والمتورطين في جرائم أخلاقية، إلى جانب الهاربين من أعين السلطات الأمنية، مما جعله يتحول إلى مادة دسمة لأخبار الجرائم في الصحف.

وقد سبق أنشطة فريق مشروع التنمية إجراء مسح ميداني شمل المربع الأول من الحي، حيث توضح الدرويش أن نتائج المسح كشفت أن نسبة السعوديين لا تزيد على 20 في المائة فقط، وبقية السكان هم عبارة عن خليط متعدد الجنسيات، مضيفة «وجدنا أنهم لا يعانون من الفقر بقدر حاجتهم للوعي بالنظافة والصحة والتعليم، أيضا وجدنا أن فئة كبيرة منهم تعاني من مشكلة عدم توافر الأوراق الثبوتية».

وتحكي مشرفة المشروع إحدى القصص التي واجهتهم بهذا الشأن، قائلة «دخلنا على عائلة مكونة من سيدة سعودية كانت متزوجة من هندي ثم توفي، ولديها الآن 4 أطفال، لكنها من دون أرواق ثبوتية، بالتالي لا تستطيع إدخال أبنائها للمدارس». وتضيف «دخلنا أيضا إلى عمارة وتعجبنا عندما وجدنا أنه يسكنها عزاب وعوائل في آن واحد، وهذه عشوائية كبيرة جدا».

ورغم الإصرار الكبير البادي في حديث الدرويش، فإنها لم تخف استياءها من إحجام سكان الحي عن التعاون مع فريق المشروع، وتكتمهم على أي معلومة، قائلة «في البداية حاولنا أن نعمل تهيئة لسكان الحي، فأطلقنا حملة (أصدقونا القول.. نصدقكم العطاء)، لكن للأسف لم نشعر بأن هؤلاء الأشخاص ينتظروننا، ووجدناهم غير مهتمين على الإطلاق». وبسؤالها عن تأثير ذلك على حماس الفريق، قالت «كلما ازدادت صعوبة المشروع، زادت دافعيتنا لإنجازه».

وكطريقة لخطب ود سكان الحي، أوضحت الدرويش أن الفريق يعمل الآن على إعداد حفل نجاح لطالبات مدرسة ابتدائية للبنات تابعة للحي، مع نهاية الفصل الدراسي الحالي. وأفادت بأن مشروع تنمية حي الخليج يحظى بتعاون عدة فرق تطوعية في المنطقة، وهي: نادي الخبر التطوعي، فريق وجهة التطوعي، فريق بنات وأولاد الدمام، وفريق «فور تشينغ» التطوعي.

وتشمل أهداف المشروع: إعادة هيكلة البنية التحتية للحي، وتقديم الخدمات التوعوية لأهالي الحي، وتأسيس خدمات قروض للمشاريع الصغيرة إن وجدت، والنهوض بالجوانب التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية وكذلك النفسية، بالإضافة لتنمية الموارد البشرية والمادية، وتأهيل سكان الحي في دراسة احتياجاتهم ووضع الحلول العلمية لمشكلاتهم، والتعاون مع الجهات الحكومية للتعامل مع المشكلات التي تطرأ على سكان حي الخليج، وأخيرا، تقديم مساعدات عامة لأهالي الحي.

ويعمل مشروع تنمية حي الخليج على قسمين، هما: قسم البنى التحتية، ويشمل إنارة الشوارع، جمع القمامة، إزالة المباني المهجورة، تشجير الشوارع، ترميم المساكن، تنظيف الشوارع والحدائق، خدمات الصيانة سواء الطارئة أو الدائمة وتقوم بها لجنة تنمية حي الخليج. أما القسم الثاني فهو قسم القوى البشرية، المختص بالمسح الميداني وتوزيع استمارات بحث حالة على أهالي حي الخليج تبعا للتخطيط الميداني، ومن ثم تتم دراسة الاستمارات والتعامل مع كل حالة حسب احتياجاتها.

ويقوم مشروع تنمية حي الخليج على التعاون بين اللجان وتفويض المسؤولية لكل قسم لدراسة الحالة الخاصة به وتقديم الحلول اللازمة، بالإضافة إلى التعاون مع البلدية والشرطة والدفاع المدني وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع الجهات الحكومية ذات الصلة، على أن تقرر خطة أعمال لجميع اللجان لمناقشة سير العمل بشكل دوري.

فيما يضم المشروع 7 لجان نسائية، هي: لجنة التعليم، وتقوم بدراسة حالات الأمية والتأخر الدراسي. ولجنة الصحة التي تقوم بتوفير الرعاية الصحية للأسر وتقديم العلاج النفسي وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة وعلاج وتأهيل حالات الإدمان بالتعاون مع مراكز الصحة والتوعية والإرشاد. ولجنة العلاقات الحكومية التي تقوم بتخليص المعاملات المتأخرة وتوفير الأوراق الثبوتية. بالإضافة إلى لجنة التوظيف، وتختص بالبحث والتقصي عن الوظائف لأفراد الأسر ودراسة جدوى المشاريع الصغيرة المقدمة من قبل الأسر ودعمها. ولجنة التدريب والتطوير التي تقوم بتدريب الشباب وتقديم ورش عمل لهم بالتعاون مع المراكز الأخرى التدريبية ورعاية ذوي المواهب. إلى جانب اللجنة التوعوية: التي تقدم الخدمات التوعوية من المحاضرات وعمل الأنشطة والمسابقات. وأخيرا، لجنة الإسكان التي تهتم بترميم وصيانة وتوفير المساكن بالتعاون مع لجنة التنمية الاجتماعية لحي الخليج.