فوضى سوق مكاتب العقار في السعودية تدفع بغرف التجارة للمطالبة بعدم الترخيص دون امتلاك «سجل تجاري»

غرفة جدة لـ«الشرق الأوسط»: مهنة العقار أصبحت مهنة لمن لا مهنة له * أمانة جدة لـ«الشرق الأوسط»: حملة مركزة ضد ممتهني العقار خاصة على أطراف المدن

TT

دفعت الفوضى التي تشهدها سوق المكاتب العقارية في السعودية بمسؤولين في الغرف التجارية إلى مطالبة بلديات المناطق بعدم إصدار أي تراخيص لمكاتب عقارية دون امتلاكها سجلا تجاريا معتمدا من وزارة التجارة ممثلة بغرف التجارة والصناعة، مؤكدين أن الكثير من هذه المكاتب باتت دون مرجعية تعمل من خلالها.

أوضح ذلك عبد الله الأحمري، نائب رئيس اللجنة العقارية في غرفة التجارة والصناعة بجدة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، حيث قال «إن مهنة المكاتب العقارية أصبحت مهنة لمن لا مهنة له، حيث إن هذه المكاتب تعمل على أساس وهمي، حيث تقوم ببيع أراض لا تملكها لذوي الدخل المحدود بسعر زهيد يتراوح ما بين 30 ألفا و150 ألف ريال». مشيرا إلى أن الدافع لشراء هذه الأراضي يتمثل في رخصها والحاجة الماسة من قبل المشتري الذي تدفعه الظروف القاسية لامتلاكها والبناء عليها.

وأضاف الأحمري أن «عدد المكاتب المعتمدة من قبل الغرفة يقدر بـ 3000 مكتب نظامي، بينما تكاد تتنشر المكاتب غير المعتمدة في كل حي وشارع بمدينة جدة، وفي الوقت نفسه يوجد عدد كبير من هذه المكاتب تعمل من داخل المنازل، وليس لها أي واجهة تجارية تعمل من خلالها».

وتأتي تصريحات الأحمري في ظل ما تم كشفه من قبل «لجنة التعديات بمنطقة مكة المكرمة» أن حجم الأراضي التي تم الاستيلاء عليها والبناء عليها بشكل عشوائي يقدر بـ 6 ملايين متر مربع، إذ تنتشر هذه الأراضي في المناطق النائية وبطون الأودية، مما جعل الكثير من ساكني تلك المناطق عرضة للسيول كتلك التي تعرضت لها مدينة جدة قبل 3 أشهر وراح ضحيتها أكثر من 120 قتيلا.

وفي هذا الصدد يقول نائب رئيس اللجنة العقارية قي غرفة التجارة والصناعة بجدة «إن هذه الأراضي التي يتم بيعها هي أراض تقع خارج نطاق خدمات الدولة، لأن عملية البيع والشراء تبنى على أساس وهمي بأن هذه الأراضي مملوكة لأشخاص أو لمكاتب عقارية، وحقيقة الأمر هي أنها أراض حكومية تباع وتشترى دون علم الدولة». موضحا أن «الصكوك التي يتم البيع بموجبها هي صكوك وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع»، وكل ما يتبع عملية شراء هذه الأراضي من بناء أو إيجار سوف لن يشهد أي نوع من الخدمات سواء كانت صرفا صحيا أو كهرباء أو غير ذلك من الخدمات التي توفرها الدولة».

وهنا يوضح أحمد بن محمد الغامدي مدير المركز الإعلامي في أمانة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمانة بدأت حملة مركزة ضد ممتهني العقار وخصوصا في المخططات على أطراف المدن والذين يقومون ببناء صناديق غير مصرحة وممارسة النشاط العقاري فيها».

وأضاف الغامدي «تم في هذا الصدد إزالة نحو 30 عقارا قائما بالتعاون مع طائفة العقاريين في جدة والتي أوكلت لها مهمة المتابعة والمساعدة في كشف تلك المكاتب الوهمية ورصدها وإبلاغ الأمانة بذلك لإزالتها وتغريم ملاكها وفق لائحة العقوبات وتطبيق النظام».

ويعود الأحمري ليؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن الصكوك التي تصدرها هذه المكاتب تعد خير شاهد على ممارساتها غير المشروعة، فهي تنص على عبارة «بعتك هذه الأراضي وعلى أساس هذا البيع أحميك من كل معتد ما عدا الدولة وصاحب الصك الشرعي»، ويستطرد الأحمري «إن اللجنة العقارية تواجه عددا من المشكلات بسبب تلك المبايعات الوهمية، تتمثل في صعوبة البحث عن المكتب الذي تمت فيه المبايعة، لأن أغلبها لا وجود له على الطبيعة»، محذرا أن القائمين على هذه المكاتب (حتى المرخصة من قبل البلديات) يكتفون بالأوراق التي تحمل اسم المكتب فقط، دون وجود رسمي لهذا المكتب على أرض الواقع».

وحول الإجراءات المتخذة لمكافحة هذه الظاهرة، قال الأحمري «إننا بدأنا في اتخاذ عدة خطوات لمواجهة هذه المكاتب، منها وضع تصنيف للمكاتب العقارية وفقا للدور الذي تضطلع به، وتقسيمها على 3 فئات، الفئة الأولى هي الشركات العقارية التي تقوم بالاستثمار العقاري في الأراضي بالبناء عليها، الفئة الثانية تتمثل في من يقوم بإدارة هذه الأراضي والمخططات، والفئة الثالثة هم الوسطاء بين المالك والمشتري أو المستأجر، مشيرا إلى أن المشكلة تبقى في غياب التنسيق ما بين الغرفة التجارية وأمانة جدة، مطالبا الأمانة بالتنسيق مع اللجنة العقارية للقضاء على ظاهرة المكاتب العشوائية التي تسهم في زيادة رقعة التعدي وتتجاوز ذلك إلى العمل في مجالات البناء والمقاولات، ومزاولة أنشطة أخرى غير مخصصة لها حتى لو كانت تلك المكاتب مرخصة ومعتمدة».

ويقول عبد العزيز حسين وهو أحد العاملين في المجال العقاري لـ«الشرق الأوسط»: «إن المشكلة تكمن أيضا في نقص الوعي لدى الكثيرين ممن يريدون شراء هذه الأراضي، حيث إن عامل الإغراء المتمثل في انخفاض أسعارها تشجعهم على دخول المغامرة بشرائها، مؤكدا أهمية دور الإعلام في توضيح مثل هذه الأمور للمواطنين».

وأضاف حسين أن «مهنة المكاتب العقارية مثل أي مهنة أخرى تتعرض إلى أنواع التزييف والغش»، موضحا أن الكثير من هذه المكاتب تعمل بكل أمانة وهي تحافظ على نوعية الخدمة التي تقدم إلى عموم الجمهور». يشار إلى أن إحصائية غير رسمية سبق وأشارت إلى أن نحو 70 في المائة من المكاتب العقارية الموجودة في الأسواق السعودية غير رسمية وعشوائية ومعظمها أقيمت بدون تصاريح من الجهات الرسمية المسؤولة عن ذلك سواء الغرف التجارية أو البلديات.