السعودية: 50 دورة مهارية تستهدف خطباء الجمعة

إمام وخطيب جامع ينتقد زملاء له ويصفهم بـ«غير المهنية»

ازدياد عدد المساجد قد ينتج عنه اختيار غير دقيق للائمة والمؤذنين («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من الجهد الواضح الذي يبذله المعهد العالي للأئمة والخطباء، لناحية تقوية خطباء الجمع، لغويا وفكريا، فإن هذا الجهد لم يمنع خروج دعوات واسعة لضرورة تأهيل الخطباء بشكل أكبر مما هو معمول به الآن، بل إن أحد الخطباء المعروفين في المدينة المنورة ذهب لناحية انتقاد زملائه واصفا البعض منهم بـ«غير المهنية».

وأخضعت السعودية خلال الأشهر الماضية خطباءها، لنحو 50 دورة مهارية، تستهدف تقوية لغتهم في الخطابة.

وأمام ذلك، دعا الدكتور سهيل بن محمد قاسم، إمام وخطيب جامع القمقمجي بحي العوالي بالمدينة المنورة، إلى «التركيز في إعداد الخطباء المساجد الجدد، وتكثيف دورات خطباء المساجد وتطوير الخطيب نفسه، حتى لا يأتيه وقت يشعر فيه الناس أنه أدى كل ما عنده ويفقد قوته في الخطابة».

وقال الدكتور سهيل لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا ينبغي لخطيب أن يملك المنبر دون إعداد مهاري وعلمي وفكري، وهناك الآن توجه في تكثيف الدورات من المعهد العالي للأئمة والخطباء»، وأضاف أنه «تم عقد نحو 50 دورة في السعودية تستهدف خطباء المساجد، ويقدم مواد علمية ومهارية وفكرية تساعدهم في أداء الخطبة، وهو دور مشترك بين الوزارة والجامعات، ويعتبر تنسيقا تكامليا لتحسين أداء منبر الخطبة».

وأوضح إمام وخطيب جامع القمقمجي أن المساجد تخضع للرقابة من إدارات أخرى، ولم يلغ دور الرقابة الذاتية، مبينا أن وزارة الشؤون الإسلامية فتحت الباب واسعا أمام الحديث عن أي موضوع، مؤكدا أن الشيء الوحيد الذي قد تلزم به الوزارة خطباء المساجد هو «الخطابة في موضوع معين، كي تتوحد فيه جميع المساجد بناء على توجيه».

وأضاف الدكتور سهيل أن «بعض الخطباء ما زال متعلق بقراءة معينة، والبعض يقرأ بطريقة غير مهنية، وهناك حل وسط بين القراءة والكتابة، كي لا تجعل الخطيب متعلقا أمام الجمهور بورقة ويتبع فيها ما يقوله للجمهور، مما يُضعِف أثر الخطبة وجودتها ومهارتها وأثرها على الجمهور».

وانتقد الخطيب السعودي المستوى العلمي والنحوي لبعض زملائه في الوسط الخطابي، وقال: «بعض الخطباء لا يتعدى سطر إلا وقد أخطأ فيه مع العلم أنه يقرأ من شيء مكتوب، إضافة إلى بطء الرتم لدى البعض، وتُفاجأ به في نهاية الخطبة يتهم الجمهور بالنوم، مع العلم أن رتم الخطيب هو الذي يأتي بالنوم، لأنه لا يجيد التنوع في الخطبة».

هذه الملاحظات دفعت بخطيب القمقمجي إلى التأكيد على احتياج خطباء بلاده إلى إعداد أقوى وأكبر. وقال: «في البلاد الخارجية معاهد لإعداد الخطباء، والآن بدأت المعاهد في السعودية منذ سنتين لإعداد الخطباء، أو معاهد مهنية في طريقة الإلقاء والتأثير والإقناع واستخدام الطرق في نبرات الصوت المتعددة، وطرق اختيار الموضوع».

وأضاف أن «من أصعب ما يواجهه الخطيب اختيار الموضوع، متى وُجد الموضوع فالمادة سهلة، لكن أحيانا لا ينام الخطيب يومين أو ثلاثة ولا يدري ماذا سوف يخطب في يوم الجمعة، وهناك طريقة نعلّمها للمبتدئين وهي: اسأل نفسك ماذا يريد أن يسمع منك الناس، في الأشياء المهمة في صلاتك ودينك ودنياك، مثل ظاهرة الكسوف التي يحب الناس أن يسمعوا عنها، والأسهم، والوضع الاقتصادي..».

وبيّن أن القاعدة التي يُفترض أن يسير عليها الخطباء هي «تَحدّث بما يطلبه الجمهور وما يريدون سماعه». وبين خطيب جامع القمقمجي أنه لا يوجد في خطبة الجمعة شيء عاجل، حتى لو كان الموضوع مهما فعلى الخطيب أن يؤجل الحديث فيه إلى أسبوع أو أسبوعين حتى يجمع أكبر عدد من معلومات يكون مناسبا للخطبة.

وأشار إلى أن «الأساليب القديمة والأفكار القديمة هي نسبية حسب الموضوع والهدف الذي يهدف إليه الخطيب، ولكن الذي ينفع الخطيب هو التخطيط للخطبة وماذا يريد أن يقول، وما الرسالة التي يريد أن يوجهها، وإذا عرفها يستخدم وسيلة قد تكون قديمة في شكلها ومؤثرة في مضمونها، والقدم وعدم الصلاحية عادة تكون أشياء نسبية».

ووجّه الدكتور سهيل قاسم رسالة بأن على الخطيب أن يطور نفسه ولا يبقى حبيسا للمعلومات أو الأساليب القديمة، وعلى الخطيب أن يطور ويقرأ، والخطابة والتأثر والإقناع أصبحت علما لا - كما يقال - أشياء بسيطة، والذي لا يطور نفسه سوف يأتيه وقت يشعر فيه الناس أنه أدى كل ما عنده، ويبدأ في فقد قوته، إضافة إلى ضرورة أن يخفف الخطيب في خطبته.