منطقة مكة المكرمة: السعوديون يترقبون مشاريع التطوير بالآمال.. والمخالفون يدعون بتعثرها

جهات أمنية لـ«الشرق الأوسط»: مشاريع التطوير قضت على آمال المخالفين والمجرمين في البقاء والاختفاء

المشاريع التطويرية في مدينة جدة تسهم في مكافحة مخالفي أنظمة الإقامة والقضاء على الجريمة
TT

بينما يترقب السعوديون والمقيمون النظاميون في مدينتي جدة ومكة المكرمة التحرك السريع في مشاريع التطوير والتشييد وأيديهم مرفوعة إلى السماء عسى أن تنتهي بسرعة ليستفيدوا منها، هناك الآلاف الذين يضعون أيديهم على قلوبهم ويدعون بتعثر هذه المشاريع لتستمر هذه الأوكار مخابئ لهم، خصوصا أنهم إما مخالفين لنظام الإقامة أو فارين من يد العدالة.

ويأتي ذلك في وقت تشهد مدينة جدة ومكة المكرمة حركة نشطة لعدد من المشاريع التطويرية التي تهدف إلى تغيير واقع المناطق العشوائية، من خلال إصلاح البني التحتية وتنظيمها، ما يشير إلى أبعاد اقتصادية واجتماعية ستشهدها هذه المناطق.

ويرى مراقبون أن هذه المشاريع تسهم في تغير في أسعار الإيجارات، بالإضافة إلى تنظيم واضح، وتغيير للواقع الاقتصادي للأحياء التي ستشهد تطويرا في بنيتها، بالإضافة إلى أن بعضا من هذه الأحياء سيتخلص من خلال هذه المشاريع من بعض الظواهر السلبية التي يعاني منها، بحيث يعد بعضها موطنا لمخالفي أنظمة الإقامة، وانتشار الجريمة داخل أزقتها.

إلى ذلك أكد العقيد مسفر الجعيد، المتحدث الرسمي باسم شرطة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن «الأحياء العشوائية والشعبية القديمة تعد بؤرة لشتى أنواع الفساد، والمصدرة للجريمة».

وأضاف: «يتم تركيز الدوريات والحملات الأمنية المستمرة عليها، ورصد المشتبهين ومراقبتهم، وضبط الحالات الإجرامية المنتشرة في تلك الأحياء»، موضحا أن هذه الأحياء تعد موطنا لمخالفي أنظمة الإقامة.

ويعزى مختصون في المجال الأمني والاجتماعي، انخفاض تكلفة المعيشة في تلك الأحياء كأحد أسباب اختيارها مسكنا لمخالفي أنظمة الإقامة، حيث يساعد أسلوب تخطيط الأحياء العشوائية والشعبية على التستر على المجرمين والمخالفين، وصعوبة رصدهم في تلك المواقع.

وهنا يعلق محمد السعدي، الأخصائي الاجتماعي في وزارة التربية والتعليم في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن وجود أي نوع من المخالفات بأشكالها وأنواعها في مناطق الأحياء العشوائية أمر طبيعي جدا، باعتبار أنها المكان الأنسب سواء لنشوء مثل هذه المخالفات واستمرارها وزيادة حجمها واتساع رقعتها، إذ لم يتم إيقافها، بالإضافة إلى أنه المكان الأنسب للانخراط في مجتمعات غريبة وغير متعارفة وعشوائية ليسهل ذلك الاختباء».

ويضيف: «المشكلة الأكبر أن الأشخاص الذين يعيشون في هذه البيئة حتى الصغار قد يتأثرون بالمشاهد التي يرونها يوميا، والأجواء التي يعيشونها، ولذلك ينشأ الطفل ويكبر في بيئة غير جيدة».

إلى ذلك يؤكد عبد الله الأحمري، وهو خبير عقاري لـ«الشرق الأوسط» أن «المشاريع التطويرية مثل تطوير منطقة خزام، وحي الرويس، التي تشهدها مدينة جدة تعد كفيلة لرفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي لهذه الأحياء»، موضحا أن مخالفي أنظمة الإقامة اعتادوا السكن في الأحياء الشعبية التي تنخفض فيها أسعار الإيجارات، كما أن المشاريع ستؤمن التغطية الأمنية لهذه الأحياء. وبين أن نسبة ارتفاع أسعار الإيجارات في الأحياء التي تشهد عمليات التطوير تصل إلى 200 في المائة، الأمر الذي يعزز استحالة إقامة مخالفي الأنظمة فيها.

وفي تصريح سابق للدكتور وليد عبد العال، المدير العام لشركة «الرويس» العالمية للتطوير العمراني لـ«الشرق الأوسط»، الذي أكد أن «منطقة مكة المكرمة تعد من أكثر مناطق السعودية التي تشهد تخلفا للوافدين بعد أدائهم مناسك العمرة والحج، حيث وجدوا في تلك المناطق العشوائية في المدن الرئيسية في المنطقة محاضن تؤويهم، لذا بات من الضروري التصدي لظاهرة المناطق العشوائية، ووضع الحلول الكفيلة بمعالجتها والحد من انتشارها».

وأوضح المدير العام لشركة «الرويس» أن استراتيجية معالجة هذا الموضوع لا تقتصر على إزالة الضرر فقط، بل تتجاوزه إلى أهداف تنموية طموحة، تتمثل في تحويل هذه الأحياء من مناطق عشوائية متردية الأوضاع إلى أحياء نمو مخططة، ترفع المستوى العمراني والاجتماعي والاقتصادي لهذه الأحياء بشكل خاص، والمدينة بشكل عام، ورفع الطاقة الكامنة للمردود الاقتصادي، وإدخال هذه الأحياء في دائرة السوق الاستثمارية العقارية، ما يحقق فوائد عمرانية واجتماعية للمنطقة.

وكان الدكتور سامي بن ياسين برهمين، المتحدث الرسمي باسم اللجنة التنفيذية لمشروع معالجة تطوير الأحياء العشوائية في منطقة مكة المكرمة أعلن في وقت سابق أن الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة التنفيذية للمشروع، وجه بالإسراع في تأمين السكن للمواطنين والمستحقين، من خلال إنشاء مشاريع إسكان في ضواحي المدن وبعض الأحياء المجاورة، وهذا ما اعتمدته اللجنة التنفيذية للمشروع، وستسهم الشركات المطورة في تنفيذ مشاريع إسكان الضواحي.

ويوجد في منطقة مكة المكرمة مجموعة من شركات التطوير العقاري، هي: شركة البلد الأمين للتنمية والتطوير العمراني، وشركة جدة للتنمية والتطوير العمراني، وشركة المصيف للتنمية والتطوير العمراني التي ستعلن قريبا، وتعمل جميع هذه الشركات كأذرع استثمارية وتنفيذية لأمانات المدن، وتعمل على دفع عجلة التنمية العمرانية، وتتولى تطوير الأحياء العشوائية في هذه المدن الرئيسية في المنطقة.

يشار إلى أن العاصمة المقدسة شهدت الأيام الماضية البدء في شق طريق الملك عبد العزيز، الذي استطاع في أول مراحله أن يجبر عددا كبيرا من المخالفين لنظام الإقامة على الرحيل بحسب تأكيدات أمنية لـ«الشرق الأوسط»، حيث علق الرائد صالح بن ناصر القحطاني، مدير دوريات الجوازات في العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط» في ذلك الحين أن التنمية التي تشهدها مكة المكرمة، والمشاريع التطويرية التي تقودها نحو العالم الأول، خدمت الكثير من رجال الجوازات، وقوضت آمال المخالفين في البقاء في تجمعاتهم داخل الأحياء العشوائية، وأضحت جرافات ومعدات الوزن الثقيل التي تشق تلك الأحياء بمثابة مساعدة ومساندة للعمل الميداني اليومي في مكة المكرمة.

وبين مدير دوريات الجوازات في العاصمة المقدسة أن «مكة زاد عدد سكانها بكثافة رهيبة، حتى أصبحنا نشهد أعدادا وكثافات بشرية ومرورية مهولة بين الفينة والأخرى، فأضحت الحاجة أكثر إلحاحا لشق تلك الثكنات، وتفريخ تلك الأعداد»، وأكد أن هذه المشاريع التنموية الكبيرة، مع كل ما تتضمنه من طرق ازدواجية واسعة، تحمل في طياتها عونا لرجال الأمن والجوازات، وقال: «على الرغم من جهودنا المضنية في إخراج تلك الأعداد لأكثر من مرة، فإن نفس الكرة كانت تعود، وتظل الأعداد، ونحن نجابهها بالتنمية والتقنية، وتهيئة الكوادر، والتعامل الأمثل الذي يقود نحو القضاء على هذه الظاهرة».