الليث: 300 مسن يتخلصون من أميتهم ويتجهون إلى مقاعد الدراسة

ضمن حملة أطلقتها وزارة التربية والتعليم لمحو الأمية

أحد المسنين في الليث يتدرب على كتابة اسمه أمام زملائه (خاص بـ«الشرق الأوسط»)
TT

أسفرت حملة خاصة تنظمها إدارة التربية والتعليم لمحو الأمية أطلقت في قرية آل صلاح بمحافظة الليث قبل نحو شهرين عن كثير من المواقف والمفاجآت التي فجرها دارسون تراوحت أعمارهم بين 50 و95 عاما قرروا الالتحاق بمقاعد الدراسة للتخلص من أمية لازمتهم طوال حياتهم.

مدير إدارة التربية والتعليم بالليث، مرعي البركاتي، قال إن الحملة تأتي في إطار جهود وزارة التربية والتعليم للقضاء على الأمية في المجتمع ونشر المعرفة والتعليم في كل القرى والهجر التي تتبع المحافظة، وفق منظومة من البرامج والفعاليات التعليمية بهدف الوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين.

ومن جانبه أكد مدة بن علي الثعلبي المدير التنفيذي للحملة لـ«الشرق الأوسط»: أن «الحملة شهدت إقبالا منقطع النظير من قبل الأهالي للتسجيل فيها والانخراط في برامجها، وذكر أن أعداد مراكز الحملة قد وصلت إلى ما يقارب 20 مركزا، وبلغ عدد الدارسين المسجلين فيها ما يقارب 300 دارس حتى الآن». مؤكدا «أن هناك أكثر من 30 برنامجا تعليميا يتبع لتعليم الكبار بأضم، وتتنوع خدماته ما بين مراكز محو الأمية والمدارس الليلية المتوسطة والثانوية ومشروع مجتمع بلا أمية، ويستفيد منها أكثر من 700 دارس في كل المدارس التابعة لنطاق مكتب التربية والتعليم بأضم».

وأضاف الثعلبي أن «الحملة تشتمل على كثير من البرامج التعليمية والتوعوية والاجتماعية والصحية والبيطرية، لافتا إلى أن البرنامج التعليمي للحملة يشتمل على تدريس القرآن الكريم والعلوم الدينية والقراءة والكتابة والحساب، فضلا عن أن هناك الكثير من المساهمات العينية والمالية التي سيتم توزيعها على المستهدفين من الحملة لتشجيعهم على مواصلة دراستهم».

«الشرق الأوسط» قامت بجولة على مقر الحملة، وهي الثالثة على مستوى المملكة، وأقرتها وزارة التربية والتعليم مؤخرا، وكانت الشخصية الأبرز في الجولة هي العم حمدان العاصمي (90 عاما)، والذي سرد قصته بداية من ارتحاله عن قريته إلى العاصمة الرياض، التي قضى فيها نحو شطر حياته متنقلا بين عدد من المهن، خرج منها صفر اليدين إلى أن قرر أن يمنح حياته هدفا ومعنى آخر بالتحاقه بمقاعد الدراسة وطرقه أبواب العلم، للتخلص من أمية لازمته طويلا.

وإلى جانب العم ناصر، جلس فتى لم يتجاوز الـ17 عاما، اتضح لاحقا أنه ابنه، الذي تسرب مبكرا من مقاعد الدراسة ليعود إليها بعد أن شارف على العشرين، مقتنعا بأهميتها وبالمعنى الذي تمنحه لحياته، وهو ما جعله يغتنم فرصة الحملة التي نظمتها الوزارة، كما يقول.

مرزوق بن علي الصلاحي 87 عاما، والذي شارك في حرب 6 أكتوبر، بدوره أبدى سعادته بفرصة التعليم مرة أخرى، وقال: «نعود الآن للمدرسة بعد أن عرفنا قيمة العلم والتعليم واضطرتنا ظروف الحياة والبحث عن لقمة العيش للتأخر كثيرا».

تعليم طلاب ربما يتجاوز عمر أصغرهم ربع القرن ليس بالمهمة السهلة، خاصة إذا كان التعليم يبدأ بالأساسيات والبديهيات التي لم تتسن لهم فرصة الإلمام بها مسبقا، وهو ما يؤكده المعلم خليل عبد ربه، الذي يقول إنه لم يتقيد بالمنهج الدراسي في تعليمه للطلاب المسنين، حتى يستطيع التركيز على تعليمهم ما يحتاجونه أكثر من غيره.

تجدر الإشارة إلى أن وكيل محافظة الليث ناصر بن حمود السبيعي قد دشن فعاليات حملة التوعية ومحو الأمية بقرى آل صلاح، وتم إطلاق الجائزة التابعة لمكتب التربية والتعليم بأضم بإدارة تعليم الليث، التي تقام خلال العام الدراسي 1430هـ / 1431 هـ، والتي تم اعتمادها من قبل نائب وزير التربية والتعليم الدكتور خالد بن عبد الله السبتي، بناء على توجيهات أمير منطقة مكة المكرمة بهدف تكثيف الجهود لمحو الأمية في مركز الجائزة والقرى التابعة للمركز.

وتم تدشين فعاليات الحملة ضمن حفل شهد الكثير من الفقرات الشعرية والمسرحية وعروض الباوربوينت، بالإضافة إلى بعض الفعاليات التي تحث على طلب العلم والمشاركة بالتسجيل في فعاليات الحملة، حيث شارك الدارسون الكبار بمجمع طارق بن زياد التعليمي بآل صلاح بمسرحية فكاهية بعنوان «إلى متى لا أقرأ!».