معرض الرياض للكتاب يقع في فخ الإشاعات

وزارة الثقافة تواصل نفيها.. ودور نشر تستهجنها.. وإعلاميون ينتقدون نشرها

TT

بعد ساعات من نفي وزارة الثقافة والإعلام السعودية إشاعة سحب رواية «ترمي بشرر» لعبده خال من معرض الرياض الدولي للكتاب، نفى الوزير عبد العزيز خوجه إشاعات جديدة تناولت المعرض، وذلك عبر صفحته الشخصية في موقع «فيس بوك»، مما يعني أن مسلسل نفي الوزارة للإشاعات ما زال مستمرا، وهو ما لم يكن معهودا في دورات المعرض السابقة.

وتضمنت الإشاعات الجديدة أنباء تفيد بحجب كتب المفكر السعودي تركي الحمد من البيع في المعرض، إلى جانب إشاعة أخرى تناولت إغلاق ركن دار منشورات «الجمل»، وهو ما نفاه وزير الثقافة والإعلام أول من أمس، بقوله: «لم يتم إغلاق دار (الجمل) في معرض الكتاب، وقد زرتها بنفسي قبل قليل، وانتشرت إشاعة عن منع كتب د. تركي الحمد، والصحيح أن دار النشر التي تصدر كتبه لم تجلب كتبه إلى المعرض من الأصل.. وبالتالي فإن الإشاعة غير صحيحة بالمرة».

وعلى الرغم من تفاعل الوزارة السريع في تفنيد إشاعات المعرض المتلاحقة، فإن مسلسل الإشاعات يبدو متواصلا، في ظل تواتر الكثير من الأحاديث التي تتناول معظمها حجب وفسح الكتب، وفي حال التساؤل عن مصدر هذه الإشاعات، يبزر متهمان، هما: أصحاب دور النشر، الذين يسعى بعضهم من وراء بثها إلى تسويق أحد الكتب، إلى جانب المواقع الإلكترونية، التي أسهمت في ترويج بعض الأخبار المغلوطة عن المعرض.

أمام ذلك، يرى موسى الموسوي، صاحب دار «فراديس» البحرينية للنشر والتوزيع، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الأسلوب الذي تتبعه بعض دور النشر يؤثر سلبا على مصداقية الناشر، مضيفا: «البعض يروج لكتاب بأنه ممنوع، وهو ما يسيء للكتاب والناشر، فعند زيارة المعرض يرى القارئ الكتاب موجودا، ويعلم أن هذه الإشاعات كانت مجرد (فرقعة) ترويجية».

في حين يعتقد خالد زغلول، مدير عام دار نشر «مصر المحروسة»، أن القارئ السعودي هو المسؤول الأول عن ذلك، وهو ما أرجعه لكون الكثير من القراء يبحثون عن الكتب الممنوعة ويسألون عنها مباشرة، وهو ما يجده أمرا يدفع بعض الناشرين للتركيز عليها واستغلال زوار المعرض من هذا المدخل.

وأكد زغلول الذي التقته «الشرق الأوسط» في جولة داخل المعرض، أن جميع كتب داره دخلت من دون تفتيش، قائلا «لم يتم فتح أي كرتونة»، وتابع بأنه حال كان هناك أي جدل على كتاب معين فإنه يتم التساؤل عنه بـ«لطف شديد»، ومن دون اللغط الذي يبالغ بعض الناس أو وسائل الإعلام في تصويره، حسب قوله. في حين طالب المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام عبد الرحمن الهزاع، وسائل الإعلام بضرورة تحري الدقة في جميع ما ينشر والبعد عن الأخبار غير الصحيحة التي تهدف إلى إثارة البلبلة والتشويش على المعرض، وأشار إلى أن من أهم أهداف الوزارة من إقامة مثل هذا المعرض هو إتاحة الفرصة للمثقفين والزوار للاطلاع على آخر ما صدر من كتب في كل التخصصات، بما لا يتعارض مع الثوابت الرقابية التي نصت عليها السياسة الإعلامية في السعودية ونظام المطبوعات والنشر.

وبينما لا يزال موضوع «الرقابة» هو الحدث الجدلي الذي يرافق سنويا معرض الرياض الدولي للكتاب، إلا أن مجموعة من أصحاب دور النشر الذين التقتهم «الشرق الأوسط»، أكدوا أن سقف الحرية ارتفع بصورة كبيرة هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يقول صاحب دار «فراديس» «وجدت الرقابة سلسة جدا»، وعن أهم ما يميز معرض هذه الدورة، قال «إقبال الزوار هذه العام أكثر من السابق بكثير». في حين يعود خالد زغلول ليؤكد على أن القراء السعوديين ينقسمون إلى صنفين: «قارئ نوعي، وقارئ يشتري الكتب من أجل الاقتناء»، وأسهب في وصف القارئ النوعي، قائلا: «يكون فاهما ومطلعا على الركن الذي يقصده بما يوافق اتجاه قراءته، وهو النوع الأغلب في القارئ السعودي، ويشاركه في ذلك القارئ المغربي». يجدر بالذكر أن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب ما تزال متواصلة حتى مساء يوم الجمعة المقبل، بمشاركة أكثر من 600 دار نشر، محلية وعربية وعالمية، وبحضور السنغال بصفتها ضيف شرف المعرض في دورته الحالية، فيما يشهد معرض هذا العام حضورا كثيفا من الزوار، لم يقتصر على سكان مدينة الرياض فقط، بل قدموا من مختلف المناطق السعودية وبعض الدول الخليجية، وهو ما يبدو لافتا من التفاوت الكبير في شرائح زوار المعرض.