يوم المرأة.. جدل نسائي سنوي بين «جلد الذات» و«الاحتفاء بالإنجازات»

حقوق الإنسان تجمع 60 قيادية في الدمام احتفالا بذكراه.. وناشطات ينتقدن غياب فعالياته

TT

مع ذكرى الاحتفال الدولي باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من شهر مارس (آذار) من كل عام، تجد النخب النسائية في السعودية في هذا اليوم الفرصة للوقوف على واقع المرأة وتطلعاتها، ما دفع الفرع النسوي لهيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية إلى تنظيم لقاء يتناول هذا الجانب، يقام صباح اليوم، ويضم مجموعة من القيادات النسائية في عدد من الجهات الحكومية والأهلية.

ويأتي هذا اللقاء «الحقوقي» الصاخب، للاحتفاء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، بحضور نحو 60 سيدة يمثلن القطاع الصحي والتعليمي إلى جانب سيدات الأعمال والناشطات الحقوقيات، ويسعى اللقاء إلى تعزيز علاقات الفرع مع الجهات الحكومية والأهلية تزامنا مع ذكرى اليوم العالمي للمرأة، ما يأتي على صورة نقاش وتشاور مشترك يتناول في معظمه واقع المرأة السعودية، الذي اختلفت عليه مجموعة من اللائي التقتهن «الشرق الأوسط»، ما بين جلد الذات والاحتفاء بالإنجازات.

إذ ترى مروة عبد الجواد، مشرفة مركز الأميرة جواهر بنت نايف لأبحاث وتطوير المرأة، أن واقع المرأة السعودية من العام الماضي وحتى اليوم شهد تحسنا في كافة الأصعدة، قائلة: «أصبح للمرأة حضور كبير ومشاركة في صنع القرار والخدمة الاجتماعية والتطوع في كافة المجالات، ونحن في المنطقة الشرقية احتفينا مؤخرا بتعيين سيدتين في مجلس إدارة الغرفة التجارية لأول مرة، وهو إنجاز يضاف للإنجازات التي تحققها المرأة السعودية يوما بعد آخر».

وحول تواضع الاحتفاء بذكرى اليوم العالمي للمرأة على المستوى الإعلامي والمؤسساتي في السعودية، ترى عبد الجواد أن ذلك عائد لـ«جهل البعض بتاريخ هذا اليوم»، مؤكدة ضرورة تفعيله والاحتفاء به في مختلف الجهات المحلية، مؤكدة أن ذلك من شأنه «تكريم المرأة وتسليط الضوء على منجزاتها».

في حين ترى الناشطة الحقوقية فوزية العيوني أن أوضاع المرأة في طريقها للتحسن لكن ببطء شديد، قائلة: «هذا العام هو عام انعتاق المرأة، متمثلا بإطلاق سراح فاطمة. ع (الضحية الشهيرة في قضية تكافؤ النسب) وعودتها إلى زوجها، ونتطلع إلى أن تنتهي مأساة الكثير من النساء التي اطلعت على قضاياهن، (مثل: رانيا، وسميرة، ولولو، وخلود)، حيث ما زالت هذه القضايا في المحاكم وهو ما يقلقنا جدا، ونتمنى حلها سريعا، مع ما شابهها من قضايا».

وتعتقد العيوني «أن هناك من يركز على المنجزات الهامشية التي لا تصب في جذور قضايا المرأة»، مستشهدة بالمعوقات الكبيرة التي واجهت المحاميات السعوديات، حتى تم حلها بتصريح وزير العدل السعودي محمد العيسى، أواخر الشهر الماضي، الذي يتناول التخطيط لإصدار قانون جديد خلال الأيام القليلة المقبلة يسمح للمحاميات بالمرافعة أمام المحاكم للمرة الأولى في البلاد.

من جهتها، لا تؤيد نورة الشعبان، الرئيسة التنفيذية لملتقيات إبداع في المنطقة الشرقية، فكرة الاحتفال بيوم خاص للمرأة، معللة ذلك بقولها: «المرأة معطاءة دائما، والاعتراف بوجودها وحقها من المفترض أن يكون كل يوم وليس في يوم واحد فقط من السنة»، وعن تطلعاتها تقول: «الآن أصبحت لدينا مجالات مختلفة للمرأة، لكن أيضا نحتاج إلى إتاحة الفرصة لمجالات عمل أخرى».

وأبدت الشعبان في حديثها لـ«الشرق الأوسط» تفاؤلها الكبير في مستقبل المرأة السعودية، مستشهدة بتعيين أول نائبة وزير لوزارة التربية والتعليم في مثل هذه الفترة من العام الماضي، إلى جانب تكريم خادم الحرمين الشريفين للعالمة السعودية خولة الكريّع، مطلع هذا العام، وتقليدها وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، وهو ما اعتبرته أكبر دعم للمرأة السعودية.

وفيما يخص التمكين الاقتصادي للمرأة، شددت هناء الزهير، المدير التنفيذي لصندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم مشاريع السيدات، على أهمية معرفة القوانين المنظمة لعمل المرأة في السعودية، مؤكدة «أن جهل المرأة لهذه القوانين ومعرفتها لحقوقها هو أحد أهم العوامل التي تحد من تمكينها اقتصاديا»، وقد جاء حديثها هذا في لقاء نظمه المجلس الثقافي البريطاني قبل أيام.

ورأت الزهير «أن المرأة أمامها تحديات كبيرة لتصل إلى أعلى درجات التمكين والمشاركة في التنمية الاقتصادية والمجتمعية»، وتابعت بقولها: «تتمثل هذه التحديات في الموروث الثقافي لدى المجتمع ومقاومة المرأة نفسها للتغيير وبعدها عن اتخاذ القرار»، فيما أكدت أن «أدوات التمكين تبدأ بالوعي ثم المبادرة وأخذ القيادة».

وكانت الأشهر الـ12 الماضية قد شهدت تحركا اجتماعيا نسائيا لافتا على مختلف الأصعدة، حيث أطلقت عدة حملات حقوقية تخص المرأة في السعودية، جاء من أبرزها: حملة سيدات الأعمال للمطالبة بإلغاء الوكيل الشرعي، وحملة بعنوان «معلمات ضد التمييز»، وحملة «لا لزواج الصغيرات»، وكان آخرها حملة انطلقت من مدينة جدة الشهر الماضي، تستهدف مقاطعة محلات بيع الملابس الداخلية الرجالية وتأنيث المحلات.

يذكر أن اليوم العالمي للمرأة يتم الاحتفال خلاله بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء، وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم، وقد جاء الاحتفال بهذه المناسبة على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945، وعندها كان أول احتفال بيوم المرأة العالمي، على الرغم من أن بعض الباحثين يرجح أن اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة الأميركية.