محافظ هيئة الكهرباء: لو أجبرنا الشركة على تعويض المتضررين عن الانقطاعات لأفلست

الشهري لـ«الشرق الأوسط»: الاستهلاك يرتفع في الصيف 100%.. والنمو السنوي يزعجنا * تأسيس شركة نقل الكهرباء في 2010 و4 شركات توليد عام 2011 * المحافظ: ندرس الاستفادة من النفايات البلدية في إنتاج الطاقة الكهربائية

د. عبد الله الشهري محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج (تصوير: مسفر الدوسري)
TT

كشف الدكتور عبد الله الشهري محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية، أن هيئته بصدد إعداد مقترح لتعديل تعريفة الكهرباء، وستقوم برفعه للجهات المختصة لإقراره، وذلك بعد أن يتم رفعه لمجلس إدارة الهيئة، الذي يتوقع أن يقره قبل نهاية الشهر المقبل.

من جانب آخر، أكد الشهري خلال حوار مع «الشرق الأوسط» قبل دخول موسم الصيف الذي يشهد عادة انقطاعات متكررة للتيار في بعض المناطق، عن توجه إلى تأسيس شركة نقل مستقلة للكهرباء بنهاية العام الحالي 2010، فيما سيتم تأسيس 4 شركات للتوليد بحلول العام المقبل 2011.

وأضاف أنه سيفتح المجال بعد ذلك أمام تقديم الخدمة للمشتركين، من خلال مكاتب تقوم بشراء الطاقة الكهربائية بالجملة، وتبيعها للمستفيدين في مناطق معينة بالتجزئة. وأوضح الشهري أن ذلك سيؤدي إلى ما تصبو إليه هيئة تنظيم الكهرباء، وهو تأسيس سوق تنافسية كهربائية مفتوحة، مفصحا عن أن مجلس إدارة الهيئة اعتمد خطة تطوير هيكلة صناعة الكهرباء التي تنتقل بخدمة الكهرباء من الوضع الحالي إلى وضع السوق التنافسية التي يمكن فيها للمستهلك اختيار مقدم الخدمة.

وأعلن محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج أن مشروع الربط بين مناطق الوسطى والغربية والشرقية، سيبدأ عام 2012، مشيرا إلى أن عمل ذلك يحتاج لتمويل كبير وربما احتاج لدعم من الدولة، في حين كشف عن أن مشروع الربط الكهربائي مع مصر في مراحل متقدمة.

وأوضح الشهري خلال حوار مع الـ«الشرق الأوسط» أنه لا يمكن تلافي الانقطاعات بتاتا، ولكن من الممكن تخفيض عددها وتأثيرها، بطريقة رئيسية متبعة، هي وجود احتياطي كاف من التوليد، ومن سعات شبكات النقل وشبكات التوزيع، وإمكانية استبدال المعدات القديمة بمعدات حديثة، وهو ما تسعى خطط الهيئة إليه.

وذكر محافظ هيئة تنظيم الكهرباء أن الخطة طويلة المدى للكهرباء والمياه المحلاة اكتملت، ومن المنتظر أن يقدم الاستشاري تقريره النهائي مع نهاية شهر أبريل (نيسان) المقبل.

وكشف الشهري عن الانتهاء من إعداد دراسة الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة، إذ من المتوقع أن يتم رفعها لمجلس إدارة الهيئة خلال الشهر المقبل، معولا عليها بأن تكون الخيار الأمثل لتوفير استخدام الوقود من البترول، الذي يحرق في محطات الكهرباء بسعر تكلفة الإنتاج، إلى جانب دور مجال الطاقة المتجددة بشكل عام في فتح فرص عمل وخلق مجالات عمل وتصنيع واسعة. إلى التفاصيل:

* مضت 9 أعوام على تأسيس هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، ما الخطوات التي اتخذتها لحماية حقوق المستهلك بما في ذلك حقه في الاختيار بين المتنافسين المرخص لهم كما ورد في تنظيمها؟

- تقوم الهيئة ومن خلال إدارة مختصة تسمى «إدارة رعاية المستهلك» بدراسة كافة الشكاوى والملاحظات التي ترد إليها من المستهلكين، وتتنوع وتتوزع حسب كل حالة، منها على سبيل المثال: الخدمة الكهربائية والفواتير والتعريفة وإزاحة الأعمدة وطلبات التعويض وإزاحة المحطات الفرعية والمحولات وانقطاع الخدمة الكهربائية، بالإضافة إلى شكاوى أخرى متنوعة. وتسعى الهيئة وفي ضوء أدلة إجراءات محددة منبثقة من التشريعات والأنظمة المتعمدة والخاصة بحل النزاع بين المستهلك ومقدم الخدمة، التي سبق تعميمها لتكون معلومة لجميع أطراف النزاع. ولا يتوقف الأمر على دراسة الشكاوى بل يتعدى ذلك إلى السعي للارتقاء بمستوى جودة الخدمة المقدمة للمشترك بشتى الطرق، وذلك بإعداد القواعد والضوابط الكفيلة بحفظ حقوق مقدم الخدمة والمستهلك على حد سواء. وهنا لا أنسى أن أقول إن مجلس إدارة الهيئة اعتمد خطة تطوير هيكلة صناعة الكهرباء التي تنتقل بخدمة الكهرباء من الوضع الحالي الذي تتولى فيه الشركة السعودية للكهرباء جميع أوجه النشاط إلى وضع السوق التنافسية التي يمكن فيها للمستهلك اختيار مقدم الخدمة، ويتم تنفيذ الخطة على عدة مراحل متدرجة تبدأ بتأسيس شركة لنقل الكهرباء مستقلة نأمل أن تبدأ عملها خلال العام الحالي 2010.

* عمل الهيئة يقوم على تنظيم صناعة الكهرباء وتحلية المياه لضمان توفير إمدادات كافية عالية الجودة، وخدمات موثوقة يعتمد عليها، بأسعار مناسبة.. إلى أي مدى أنتم راضون عما تقدمه الهيئة؟ وما أهم الاستراتيجيات التي تسعى الهيئة لها لتحقيق ذلك؟ - كما ذكر في السؤال تعمل الهيئة على تنظيم صناعة الكهرباء وتحلية المياه لضمان توفير خدمة تكون أولا كافية، وثانيا ذات جودة عالية، وثالثا ذات موثوقية، ورابعا بأسعار مناسبة. ولذلك فهي عملت لتحقيق ذلك من عدة جوانب منها: أولا أعدت خطة طويلة المدى للكهرباء والمياه المحلاة بالتعاون مع وزارة المياه والكهرباء والجهات ذات العلاقة ليبين مدى الاحتياج على مدى 25 سنة قادمة، ومن ثم تحديد متطلبات تحقيق ذلك من محطات إنتاج وخطوط نقل وتوزيع وتمويل وتتابع بعد ذلك تطبيقها على أرض الواقع وإعداد البرامج والخطط التفصيلة لذلك، وخاصة التمويل المطلوب للمشاريع الكبيرة، حيث إن تكاليف محطات الكهرباء والتحلية عالية جدا وتمويلها يتطلب برامج وخططا طويلة المدى لتحقيق ذلك، ثانيا للمحافظة على جودة الخدمة، أعدت الهيئة معايير أداء لصناعة الكهرباء تشمل جميع جوانبها من الإنتاج والنقل والتوزيع وتقديم الخدمة وذلك بالاسترشاد بالممارسات العالمية الناجحة في هذا المجال وبدأ تطبيق ذلك بداية من العام الحالي وسوف تساعد نتائج التطبيق الهيئة ومقدمي خدمة الكهرباء على معرفة جوانب النقص إن وجدت في نوعية الخدمة ومن ثم الارتقاء إلى الأهداف المحددة لكل معيار وسوف يتم قريبا إعداد معايير أداء لتحلية المياه المالحة. ثالثا بالنسبة لموثوقية صناعة الكهرباء فإن الممارسات العالمية في هذا المجال تبين أن العنصر الرئيسي لرفع موثوقية الكهرباء هو وجود احتياطي كاف في محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع وقد حددت الخطة طويلة المدى التي أشرت لها، المستوى المطلوب من الاحتياط، وتحقيقه يتطلب وجود دخل كاف لشركة الكهرباء لتتمكن من تنفيذ خططها المبرمجة التي أقرتها هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج. وقد قامت الهيئة بدراسة لتحديد الدخل المطلوب للشركة لتمكينها من القيام بواجباتها على أكمل وجه، وبناء على ذلك أعدت مقترحا لتطوير تعريفة الكهرباء بما يساعد في توفير دخل كاف لتغطية متطلبات صناعة الكهرباء الاستثمارية والتشغيلية ومنافستها مع الجهات ذات العلاقة. ونأمل أن تقر قريبا لأنه من دون توفير دخل كاف لشركة الكهرباء للقيام بواجباتها وتنفيذ خطط التوسعة للشبكة وتوفير احتياطي كاف واستبدال المعدات القديمة، لا يمكن أن تكون هناك خدمة ذات موثوقية عالية. رابعا: توفير الخدمة بأسعار مناسبة وفي هذا المجال راجعت الهيئة وتراجع أداء الشركة للتأكد من كفاءة استثماراتها ومصاريفها التشغيلية. وتستعين الهيئة حاليا بمكاتب استشارية عالمية لمراجعة أداء الشركة الاستثماري والمحاسبي والمالي ومقارنة ذلك بالمعايير العالمية وتبين النتائج المرصودة، حسن تدبير في أعمال الشركة وتحسنا كبيرا ومستمرا في كفاءة الأداء منذ تأسيس الشركة قبل عقد من الزمن. وبناء على نتائج الدراسات تعد الهيئة مقترحات لتحسين أداء الشركة وفي نفس الوقت تعد مقترحات لتطوير تعريفة تحقق دخلا كافيا لصناعة الكهرباء، يمكنها من الوفاء بالتزاماتها والحصول على مردود مميز يشجع مستثمرين آخرين للمشاركة في إنشاء محطات الكهرباء وشبكات النقل والتوزيع ويطمئنهم إلى وجود نظام شفاف وعادل وقابل للاستمرار. حيث إن الاستثمارات في هذه الصناعة استثمارات طويلة المدى. ومن الأهمية بمكان اطمئنان المستثمر على إمكانية حصوله على مستحقاته كاملة وفي أوقاتها المحددة دون تأخير وعدم تغير الأنظمة من وقت لآخر مما قد يحمله أعباء كبيرة لا يتمكن معها من الوفاء بالتزاماته.

* تقوم الهيئة بدراسات كثيرة لتحديد معايير فنية ومالية وإدارية تلتزم بها الشركة السعودية للكهرباء لضمان كفاءة الأداء، وإعداد برامج تمكن الشركة من التعاون مع كبار المشتركين للتعاون الإيجابي في ترشيد الاستهلاك وخفض أحمال الذروة، إلى أين وصلت الهيئة في دراساتها وما هي خططها القادمة؟

- في مجال ضمان كفاءة الأداء والتعاون مع كبار المشتركين لترشيد الاستهلاك وخفض أحمال الذروة، تعمل الهيئة مع الشركة السعودية للكهرباء لتنفيذ برنامج من خلاله تستبدل العدادات الكهروميكانيكية الحالية بعدادات رقمية متقدمة تساعد على تفعيل التعاون بين الشركة والمستهلكين من حيث إعطاء حوافز لخفض الاستهلاك وقت الذروة وترشيد الاستهلاك والتحكم في الأحمال. كما تمكن الشركة من قراءة العدادات من مراكز التحكم الرئيسية دون الحاجة لإرسال قراء إلى جميع المشتركين. كما أنها تمكن الهيئة من اقتراح تعريفة متغيرة مع الوقت بحيث تكون هناك حوافز للمشترك لتخفيض الاستهلاك وخاصة الاستهلاك الصناعي والتجاري خلال أوقات الذروة في ساعات ما بعد الظهر في فصل الصيف وتعويض ذلك باستهلاك أكثر خلال الأوقات الأخرى مما يؤدي لخفض فاتورة الاستهلاك، وفي نفس الوقت خفض التكاليف على شركة الكهرباء التي تضطر لبناء محطات ضخمة لمقابلة الحمل الذروي حتى وإن كانت لا تشتغل إلا لساعات محدودة وقت الذروة. كذلك كما ذكر سابقا أعدت الهيئة بالتعاون مع مكاتب استشارية متخصصة معايير للأداء في الأنشطة المختلفة تشمل الإنتاج والنقل والتوزيع وتقديم الخدمة وتغطي جميع جوانبها مثل عدد الانقطاعات ومعدل مدى كل انقطاع ومدى تأثيره على المشتركين وسرعة الاستجابة لطلبات الاشتراك الجديدة وسرعة حل المشاكل مع المشتركين وغيرها. وتطبيق هذه المعايير يساعد الهيئة في مراقبة نوعية الخدمة المقدمة للمشترك كما يساعد الشركة في تحديد أهداف تحافظ عليها أو تزيد عنها في كافة المجالات وتكون حسب مقاييس عالمية متعارف عليها، إضافة إلى ذلك بدأت الهيئة وبالاستعانة بخبرات في المجالات المحاسبية والمالية والتشغيلية بإعداد مراجعة شاملة للأنظمة المحاسبية والمالية للشركة وعن تقديراتها للاستثمارات المطلوبة. كما تتضمن، حسن تدبير الشركة لمصروفاتها ووضع معايير أداء محاسبية واستثمارية بناء على أفضل الممارسات العالمية التي تستخدمها الشركة كأهداف معيارية للكفاءة المالية والمحاسبية. وتهدف أيضا إلى طمأنة جميع الجهات ذات العلاقة إلى حسن أداء الشركة حسب ضوابط ممارسة ومعروفة ومحددة بمستويات معتمدة. كما تعد الهيئة نطاق عمل لدراسة في مجال التحكم في الأحمال وخفض أحمال الذروة، وسوف تطرحها قريبا لجهات استشارية متخصصة لإعداد برامج وآليات تمكن الهيئة من تطبيق برامج لهذا الغرض تساعد في خفض تكاليف الكهرباء وتحسين كفاءة استخدام المعدات وتقليل متطلبات الاستثمار في مجال التوسع والتحديث.

* ماذا عملت الهيئة لحماية التنافس وإيجاد المنافسة العادلة ووضع معايير جودة الخدمة حسب المستويات العالمية للأنشطة ذات الطبيعة الاحتكارية مثل شبكات النقل والتوزيع ومراقبة التزام المرخص لهم بها وعدم التمييز بين المستهلكين؟ - بالنسبة لحماية التنافس، أعدت الهيئة خطة لإعادة هيكلة أنشطة الشركة السعودية للكهرباء والعناصر الرئيسية لها، وذلك بفصل نشاط النقل وتكوين شركة مستقلة لنقل الكهرباء بين جميع المحطات ومراكز الأحمال الرئيسية، وتكوين شركات توليد من محطات التوليد المملوكة للشركة السعودية للكهرباء. وهذا من شأنه المساعدة في دعم التنافس، ودخول منافسين جدد، وظهور شركات متماثلة في الحجم والتكلفة، وإيجاد شركات توزيع في المناطق المختلفة. إذ إن هذا سيساعد في أن تكون هنالك أيضا معايير أداء، يتم من خلالها المقارنة بين الشركات حسب هذه المعايير، وكل شركة حسب ظروفها وأوضاعها تحقق مستوى معينا من الأداء. وبحسب المتفق عليه مع الشركة السعودية للكهرباء والموافق عليه من الهيئة فإنه بنهاية العام الحالي 2010 ستتأسس شركة النقل وتبدأ عملها، وبذلك تتشكل الخطوة الأولى، إذ إننا نعمل على أن نؤسس أيضا شركات للتوليد بحلول العام المقبل وهي الخطوة الثانية، بينما الخطوة الثالثة والأخيرة تتمثل في تأسيس شركات للتوزيع، إذ سنفتح بعد ذلك المجال أمام ما يسمى بتقديم الخدمة للمشتركين، من خلال مكاتب تقوم بشراء الطاقة الكهربائية بالجملة، وتبيعها للمستفيدين في مناطق معينة بالتجزئة. وهنا ستكون منافسة مفتوحة ستؤدي بطبيعة الحال إلى ما تصبو إليه هيئة تنظيم الكهرباء، وهو تأسيس سوق تنافسية كهربائية.

* تحدثت عن تأسيس شركة نقل نهاية العام الحالي وشركات لتوليد الطاقة العام المقبل هل لنا بعدد تلك الشركات؟

- الشركة السعودية للكهرباء تملك معظم محطات التوليد في السعودية، ولذلك طلب منها حسب دراسات ومعايير معينة، أن توزع التوليد المملوك لها على 4 شركات، ويكون لكل شركة نصيب من المحطات في المنطقة الوسطى والمنطقة الشرقية، والمنطقة الغربية والمنطقة الجنوبية، على أساس أن تكون متقاربة في القدرة، ومتقاربة في التكاليف ولديها نفس الميزة النسبية من حيث وفرة أنواع الوقود المختلفة، وتكون جميعها تابعة للشركة السعودية للكهرباء.

* موسم الصيف أصبح يشكل «بعبعا» للشركة السعودية للكهرباء، و«تخوفا» لدى المستهلكين سواء كانوا أفرادا أو مستثمرين، لماذا كل هذه الانقطاعات التي تحدث في الصيف؟ وماذا عملت الهيئة في محاسبة الشركة وحفظ حقوق المستهلكين بما في ذلك حقه في التعويض؟

- من الممارسات العالمية في مجال صناعة الكهرباء، أنه لا يمكن تلافي الانقطاعات بتاتا، ولكن من الممكن تخفيض عددها وتأثيرها، بطريقة رئيسية متبعة، هي وجود احتياطي كاف من التوليد، ومن سعات شبكات النقل وشبكات التوزيع، وإمكانية استبدال المعدات القديمة بمعدات حديثة، متى ما وصلت إلى نهاية عمرها الافتراضي. إذ إن أي عمل لمعدة بعد نهاية عمرها الافتراضي، يزيد من احتمالية وقوع خلل فيها، وهو ما يشهده فصل الصيف بكثرة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يؤدي في ذات الوقت إلى زيادة الأحمال، محدثا انقطاعات. ولقد أعدت الهيئة والوزارة خطة عمل طويلة المدى، للتوسع في تقديم الخدمة الكهربائية، وتم تحديد الاحتياجات من سنة لأخرى، لمدة 25 سنة، وهذه الخطة تضمن أن يكون هنالك وفر كاف من الاحتياطي ، بحيث إنه في حال وجود انقطاعات تكون ضئيلة جدا. والشركة ملزمة بتنفيذ هذه الخطة ولكن تنفذها حسب إمكاناتها المالية، فإذا كانت الشركة لا تملك إمكانات مالية كافية، من الصعب مطالبتها بتنفيذ برامج مكلفة عليها. وبالنسبة لتعويض المتضررين من الانقطاعات، فإن الممارس عالميا أن الانقطاعات التي تحصل في صناعة الكهرباء انقطاعات قسرية، ليست برغبة ورضا الشركة السعودية للكهرباء، فلذلك من الصعب تقييم أي شركة كهرباء في العالم حال حدوث انقطاعات، ولو غرمت كل شركة بالتكاليف التي يتحملها الاقتصاد كلما كان هنالك انقطاع لأفلست كل الشركات. ولكن الإجراء المتبع هو أن المنظم يراقب أداء الشركات، وإذا ارتأى أن هناك تقصيرا من جانب شركة ما وأدى إلى خلل في منظومة الكهرباء، وتسبب في خسائر، للمنظم حق فرض غرامة عليه، ومن الممكن أن يتم تعويض المشتركين عنها، ولكنها بأي حال لا تغطي الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد نتيجة الانقطاع.

* وما هي الحلول العاجلة لدرء حدوث الانقطاعات خصوصا في فصل الصيف؟

- إن المعمول به في كثير من البلدان حال حدوث انقطاعات، إجراء عملية الفصل المجدول، كأن تفصل الكهرباء لمدة ساعة أو ساعتين عن حي معين، ومن ثم فصله عن حي آخر وإلى ذلك. ولكن الشركة السعودية للكهرباء تتجنب أن تقوم به لأن وقت الصيف هو أكثر وقت يكون فيه احتياج للكهرباء في المنطقة، فمن الصعب قطع الكهرباء عن الناس في هذا الوقت بالتحديد. إلا إذا أجبروا، كأن يكون في أحد المعدات خلل. لذلك قامت الهيئة باقتراح في تعديل تعريفة الكهرباء بحيث يكون هنالك دخل كاف لشركة الكهرباء، والتعريفة أقرت عام 1421هـ، وكانت التعريفة تغطي الدخل في ذلك الوقت. لكن روجعت بعد عدة أشهر من إقرارها وخفضت، مما نتج عنه خفض في دخل شركة الكهرباء، هذا الخفض سبب عجزا لدى الشركة في مقابلة الطلب المتسارع على الأحمال واستبدال المعدات القديمة. وقبل عدة سنوات أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعم الشركة بنحو 20 مليار ريال، وهذا ساعد الشركة لبناء عدة محطات جديدة لمقابلة الأحمال الجديدة. لكن المعونة التي تأتي دفعة واحدة لا تعطي نفس الفائدة التي تتأتى من تقديم المعونة في الأوقات المناسبة، مع النمو بحيث إن الشركة تستطيع مقابلة النمو في الطلب على الخدمة أولا بأول. والآن الهيئة قامت بدراسة لإعداد مقترح لتعديل التعريفة وسوف ترفع للجهات المختصة لإقرارها، وفي حال إقرارها ستوفر دخلا كافيا لشركة الكهرباء لبناء محطات يكون الاحتياطي فيها كافيا، ولديها الإمكانية لاستبدال المعدات القديمة، وهذه هي الوسيلة الرئيسية الممكنة في خفض الانقطاعات. إذ إنه ليس لدى الشركة دخل كاف، فتضطر إلى تشغيل معدات قديمة، وبعض المعدات التي يتراوح عمرها الافتراضي من 20 إلى 25 سنة، وصل عمرها إلى 40 سنة وما زالت تعمل، ولا نستغرب أن يكون فيها انقطاع، إلا أن يحل الوضع المالي للشركة السعودية للكهرباء، الأمر الذي من خلاله تتم محاسبة الشركة على أدائها.

* صدر قرار مجلس الوزراء رقم 333 تاريخ 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2009، الذي يتيح للهيئة رفع التعريفة على القطاعات الحكومية والصناعية والتجارية إلى 26 هللة لكل كيلووات/ ساعة متى سيتم تفعيل هذا القرار وكيف سيكون في صالح القطاعات المذكورة أم أنه سيدعم خزينة الشركة عند رفع التعريفة عليها؟

- القرار رقم 333 صدر بإعطاء الهيئة صلاحية النظر في التعريفة وإقرارها للاستهلاك غير السكني، وهو الحكومي والتجاري والصناعي، وأعددنا مقترحا نقوم قبل رفعه لمجلس الإدارة باستعراضه مع الجهات ذات العلاقة، ونحن الآن بصدد استعراضه مع جهات معينة، حيث استعرضناه مع الشركات الصناعية مثل «آرامكو» السعودية و«سابك» ومرافق ووزارة التجارة والصناعة. ولا يزال لدينا برنامج سنجريه خلال الأسبوعين المقبلين لاستعراضه مع جهات أخرى، مثل وزارة المالية ووزارة التخطيط وجهات أخرى. ومن المتوقع بعد بحث المقترح مع الجهات المعنية، إعادة صياغته على ضوء الملاحظات، وبعد ذلك يتم رفعه لمجلس الإدارة، ونتمنى أن يكون قبل نهاية شهر أبريل المقبل.

* وماذا عن مشروع الربط الكهربائي هل سيحد من الانقطاعات؟

- مشروع الربط الكهربائي يفيد الدول المرتبطة في أي مكان، ولذلك فهو معمول به في جميع أنحاء العالم، لأنه يساعد في تغطية الكهرباء في حال حدوث انقطاعات كبيرة، وخلال الأشهر الماضية التي شهدت فترة بداية الربط الخليجي، حدث انقطاع في قطر، وفي الحال تم دعمه من الدول المجاورة. حيث لم يشعر المستهلك العادي بأي انقطاع للكهرباء، ومن دون الربط كان من الممكن حدوث خلل كبير في إيصال الكهرباء للمستهلك، فليس هنالك شك بأن الربط الكهربائي هو الحل للتغطية بالكهرباء حال حدوث انقطاع في المنظومة، وله فوائد أخرى كثيرة مثل عملية التبادل المجدول بالطاقة. والربط الذي نتمنى أن يتحقق هو ربط المنطقة الوسطى بالغربية وربط الرياض بجدة. وكما تعلم فإن الخطة طويلة المدى التي أعددناها تتطلب بناء عدد كبير من الوحدات الغازية في المنطقة الوسطى لمقابلة الأحمال فيها، إضافة إلى أن جزءا من الأحمال في المنطقة الوسطى تمت تغطيته باستيراد طاقة من المنطقة الشرقية، وكثير من المحطات تقع على الخليج العربي في المنطقة الشرقية. كما أن الخليج العربي أصبح الآن مزدحما بمحطات الكهرباء ومحطات التحلية والمواني، ولمقابلة هذا الطلب مستقبلا، ولربط مستوى أمن الإمدادات في المنطقة الوسطى والغربية، نرى أن ربط الرياض والوسطى يعد ربطا استراتيجيا قبل كل شيء وبالإمكان الاستفادة من ساحل البحر الأحمر لبناء محطات بخارية كبيرة، ونقل كمية من الطاقة إلى المنطقة الوسطى لتغطية الطلب وخفض الانبعاثات في المنطقة الوسطى وكذلك توفير احتياطي للمنطقة الغربية.

* ومتى سيتم الربط بين المناطق الثلاث: الوسطى والغربية والشرقية؟

- حسب ما طرحته الشركة السعودية للكهرباء، وحسب إمكاناتها المادية فإنه من المتوقع أن يبدأ العمل عام 2012، ولكن العمل لذلك يحتاج لتمويل كبير وربما احتاج لدعم من الدولة كمشروع استراتيجي وبنية أساسية إذ سيوفر أمنا كهربائيا قويا للمنطقة الوسطى ويحسن استخدام الساحل الغربي والاستفادة منه، بدل الضغط والزيادة على الساحل الشرقي.

* وماذا عن الربط الكهربائي مع الدول العربية؟

- الآن تتم مناقشة دراسة جدوى للربط الكهربائي مع مصر، والوزارة وصلت لمرحلة متقدمة في ذلك، ولكن لم يتحدد حتى الآن متى ستكون بداية الربط.

* أين المستثمرون الأجانب؟ لماذا لم يستثمروا في قطاع الكهرباء؟ ولماذا لم تفعل الهيئة سوق التنافس الحر لقطاع الكهرباء؟

- الاستثمار الأجنبي في قطاع الكهرباء بدأ، والآن لدينا مشروع الشعبية الذي اكتمل بنجاح، وهو عبارة عن شراكة وطنية وأجنبية، وكذلك مشروع الشقيق الذي يأتي باستثمارات سعودية وأجنبية، سيبدأ إنتاجه عما قريب، ولدينا أيضا مشروع الجبيل الذي بدأ بنجاح ويعد من أكبر محطات إنتاج الكهرباء وتحلية المياه على مستوى العالم، ويتم تنفيذه من خلال استثمارات سعودية وأجنبية. ونتوقع مع إعادة هيكلة الشركة السعودية للكهرباء وفتح المجال للتنافس، أن نرى استثمارات أكبر في مجالات التوليد، وربما مستقبلا في مجال النقل. وأنا أتوقع أن تدخل شركات النقل في شراكات استراتيجية مع شركاء أجانب ليس فقط لجلب الاستثمارات ولكن لجلب الخبرات ونقلها، وتحسين كفاءة الأداء.

* ماذا عن طبيعة عمل لجنة فض منازعات صناعة الكهرباء؟ كم قضية فصلت منذ إنشائها وحتى الآن؟ وهل لنا بتفاصيل أكثر؛ بمعنى كم قضية حكم فيها لصالح المستهلك ضد الشركة؟ وحجم التعويض أو على الأقل أعلاها؟ وهل نظرت في قضايا انقطاعات التيار في موسم الصيف؟ - إن دليل إجراءات معالجة شكاوى المستهلكين الصادر من الهيئة تضمن إيجاد علاقة إيجابية وحسنة بين مقدم الخدمة والمستهلك، ولهذا فإن إجراءات شكوى المستهلك تبدأ عند مقدم الخدمة، بحيث يعطى مقدم الخدمة فرصة كافية لبحث الموضوع، ومن ثم إفادة المواطن بالنتيجة. وفي حالة عدم رضا المواطن عن النتيجة، يتقدم إلى الهيئة لدراسة الشكوى، وستعمل الهيئة على التوفيق بين الطرفين لحل الخلاف وذلك بالبت العادل فيه، فإذا لم يجد أي من الطرفين الحل الذي توصلت إليه الهيئة مرضيا، فبإمكان أي منهما طلب إحالة النزاع إلى لجنة فض منازعات صناعة الكهرباء وهي لجنة مستقلة مشكلة بقرار من مجلس الوزراء. وفي حال لم يرض الطرفان بقرار اللجنة، تحال الشكوى إلى ديوان المظالم خلال 60 يوما من إبلاغه بالقرار. علما بأن الهيئة تعتمد في التعامل مع الشكاوى على تقصي الحقائق من مقدم الخدمة، كما تقوم بتكليف مختصين لمعاينة المواقع ميدانيا إذا اقتضت الحاجة، في سبيل الوصول إلى حل عادل يرضي جميع الأطراف. ولجنة فض المنازعات مضى عليها منذ إنشائها نحو 4 سنوات عمل نظرت خلالها في عدد كبير من القضايا. ولنأخذ على سبيل المثال عام 2009 للنظر في الشكاوى التي درستها الهيئة، حيث وصلت إلى إدارة رعاية المستهلك 832 شكوى في القطاعات الرئيسية للشركة السعودية للكهرباء. وتوزعت الشكاوى: القطاع الأوسط (291) والقطاع الغربي (244) والقطاع الجنوبي (222) والقطاع الشرقي (65)، حيث درست الهيئة تلك المواضيع وتم البت في أكثر من 82 في المائة منها. والنسبة المتبقية يجري البت فيها حاليا، ويجدر بي أن أقول هنا إن الهيئة أصدرت مجموعة من الضوابط التي تهدف لحماية حقوق المستهلك ومقدمي الخدمة في آن واحد، ومن أهمها دليل إجراءات معالجة شكاوى المستهلكين، ودليل تقديم الخدمة الكهربائية، وضوابط فصل الخدمة الكهربائية، وغيرها، وجميع هذه الأدلة والقواعد والضوابط يمكن الاطلاع عليها وتحميلها من موقع الهيئة على شبكة الإنترنت.

* ما أحجام التعويضات؟ وما هي أكثر القضايا المنظورة؟

- لا أذكر الرقم بالتحديد، ولكن القضايا ليست جميعها تعويضات، هنالك قضايا أخرى متنوعة، وأكثر القضايا التي وصلت للهيئة إما خلاف على مرور خطوط نقل في ممتلكات، يطالب المواطنون بنقلها، أو وضع غرف للكهرباء في كثير من الأماكن، الأمر الذي يتذمر منه مواطنون، لكن المطالبة بتعويضات قليلة ومحدودة.

* أعلنتم مؤخرا أن الهيئة تعمل الآن على إعداد استراتيجية وطنية لاستخدام الطاقة المتجددة، أيعني ذلك أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها، من الممكن أن تحل مكان النفط؟ - الطاقة المتجددة تشمل الطاقة الشمسية بأنواعها الحرارية والكهروضوئية، وتشمل طاقة الرياح وتشمل كذلك الاستفادة من مخلفات البلدية لإنتاج الكهرباء، وفي بعض الدول التي يوجد بها سدود، تستخدم طاقة المساقط المائية. والهيئة أعدت استراتيجية سترفعها لمجلس الإدارة قريبا، ولكن ما زالت تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة حاليا أكثر من تكلفة الإنتاج من المحطات العادية، لذلك فالاستراتيجية لا تشتمل فقط على الإنتاج ولكن أيضا على خلق سوق عمل لإنتاج الطاقة المتجددة، فإن تقنيات الطاقة المتجددة إذا أنتجت محليا سوف تخلق فرص عمل كبيرة جدا. ووزارة التجارة والصناعة أعدت استراتيجية تصنيع ومن ضمن برامجها تصنيع معدات الطاقة المتجددة، وبينت أنه سيكون لها سوق كبيرة في السعودية، إذ تعتبر المملكة من أكبر الدول المنتجة والمستخدمة للكهرباء في المنطقة، فإذا تم تحفيز السوق الداخلية، فهذا من شأنه استقطاب المستثمرين في التصنيع، وخدمة الاستهلاك الداخلي والتصدير للخارج كذلك، فستكون الطاقة المتجددة داعما وليست بديلا لطاقة البترول، فكما تعرف أن معدل الطلب على الكهرباء في السعودية سنويا يقدر بنحو 20 ألف ميغاواط. لكنه في الصيف يصل إلى نحو 40 ألف ميغاواط، والارتفاع المفاجئ في الصيف يكون في فترة تكون الطاقة الشمسية على أشدها وفي حال تبني استراتيجية لاستخدام الطاقة الشمسية، فإن ذلك سيوفر كثيرا في بناء المحطات التي نحتاجها فقط لساعات معدودة في السنة لمقابلة الحمل الذروي وسوف تساعد أيضا في توفير استخدام الوقود في البترول. فالبترول الآن يحرق في محطات الكهرباء ويسعر بسعر تكلفة الإنتاج، لكن لو حدث وأن تم توفير لمئات الآلاف من البراميل، فإنه من الممكن بيعها في السوق العالمية بسعر أعلى بكثير من السعر المخصص لمحطات الكهرباء. فالوفر في تكلفة الوقود الذي من الممكن أن يباع بقيمة بديلة في السوق العالمية، يمكن أن يغطي الدعم الذي تحتاجه الطاقة الشمسية في المملكة، أو الطاقة المتجددة، الأمر الذي من شأنه فتح فرص عمل ومجالات للتصنيع كبيرة، وأيضا يفتح مجال التوفير أمام بناء محطات، وكذلك التوفير في حرق البترول الذي يعد المصدر الرئيسي للدخل في السعودية.

* هل ما زلتم في مراحل الدراسة؟ وإذا كان كذلك فإلى أي مرحلة وصلتم؟ ومتى تتوقع البدء في الاستفادة من الطاقة المتجددة؟

- نحن الآن أنهينا إعداد دراسة الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة، وسوف نرفعها لمجلس الإدارة لإقرارها، ونتمنى أن يكون ذلك خلال الشهر المقبل في اجتماع مجلس الإدارة. وإذا تم إقرارها سيتم رفعها بعد ذلك لمجلس الوزراء وهو الذي يبت فيها، ومتى ما أقرت الاستراتيجية سيحدد تاريخ بدء تنفيذها، وبرنامج لتطبيقها، ونتمنى أن يكون ذلك عما قريب. للحاق بركب دول أخرى تعمل على ذلك بخطوات متسارعة.

* وصفكم لهذه الخطوة بأنها «ستوفر ملايين البراميل من البترول»، هل يعكس تخوفا من أقاويل نضوب النفط في السنوات المقبلة؟ - لا.. للنفط مجالات كثيرة للاستخدام، وما زال الطلب العالمي عليها كبير، وتزداد يوما بعد يوم، ولكن الطاقة المتجددة ستدعم توفير الاستخدام الداخلي للبترول، لبيعه في السوق العالمية بسعر أفضل.

* ما الصناعات أو التقنيات السعودية التي تتوقعون أن تقوم على استخدام الطاقة المتجددة؟

- الصناعات التي تقوم على استخدام الطاقة المتجددة، هي توليد الكهرباء وهذا العنصر الرئيسي، بجانب صناعات جديدة في مجال الطاقة المتجددة، مثل استخدام السيلكون الذي يعد من الرمل لإنتاج الرقائق الكهروضوئية، وإنتاج المرايا العاكسة، والأنابيب التي تستخدم في التصنيع، إضافة لصناعات أخرى، وظهور صناعات جديدة.

* هل تدرسون تجارب دول أخرى بهذا الشأن؟ ما هي؟ ومتى تعتقدون أن السعودية ستستطيع منافستها في هذا المجال؟

- الاستراتيجية تمت دراستها من قبل استشاريين عالميين وكانت أول خطوة فيها، هي عمل مسح لتجارب الدول الأخرى الناجحة وغير الناجحة، للاستفادة من النجاح وتجنب أسباب الفشل. وأستطيع القول بأن الدراسة كانت مطولة وأعددنا مسحا لكثير من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، وإلى أين وصلت، وفي حال تعثرت تلك التجارب نبحث أيضا عن أسباب ذلك، وعلى هذا الأساس بنيت الخطة. فالسعودية مؤهلة لذلك لموقعها الاستراتيجي ووفرة مصادر الطاقة الشمسية بالذات فيها. كما شملت الدراسة التركيز على الاستفادة من النفايات البلدية لاستخدامها في إنتاج كهرباء. إذ إن ذلك لا يخدم فقط في إنتاج كهرباء ولكن يوفر على البلديات جهدا كبيرا في عملية الردم والتخلص من النفايات، وهذا معمول به في كثير من الدول لما يوفره من أموال في التخلص من النفايات، وما ينتجه من طاقة تستخدم في عملية التوليد الكهربائي.

* خطة احتياجات الكهرباء والمياه المحلاة على مدى الـ25 سنة القادمة، كان من المفترض أن تكتمل قبل عام تقريبا أي بنهاية 2008، لماذا تأخرت؟

- الخطة طويلة المدى للمياه المحلاة اكتملت، ولكن حدث فيها تأخير لعدة أشهر لأنه ومن وقت لآخر يتم مراجعة بعض المعلومات وتحديثها، فيضطر الاستشاري لأن يقوم بإعادة بعض الدراسات، وبالنسبة لدراسات الخطة طويلة المدى للكهرباء، أرجئت إلى عام، بسبب بعض المستجدات. إذ طلب من الاستشاري أن يحدث الدراسة وينظر في بدائل كثيرة، من ضمنها كما ذكرنا ربط المنطقة الوسطى بالغربية، حيث طلب منه في البداية أن ينظر في دراسة على أساس نقل 3 آلاف ميغاواط، بعد ذلك تم الاتفاق على أن تكون الدراسة مبنية على نقل 6 آلاف ميغاواط، وبحث مدى تأثيرها. ولكن من المنتظر أن يقدم الاستشاري تقريره النهائي مع نهاية شهر أبريل المقبل، وبذلك تكون الدراسة اكتملت وتعرض على الوزارة لاعتمادها، وإذا اعتمدت تكون بذلك الخطة الوطنية للكهرباء والمياه المحلاة.

* ما أهم الجوانب التي ستركز عليها هذه الخطة فيما يتقاطع مع حاجات وتطلعات المستهلك؟ - أولا هي خطة تحدد الاحتياجات على المدى الطويل، بحيث تساعد المسؤولين في الوزارة والهيئة والشركة لمعرفة المتطلبات على المدى البعيد والاستعداد لها، سواء في مجال التوليد أو النقل أو التوزيع أو مجال محطات التحلية أو حتى نقلها، وتحدد أيضا نوع التقنيات التي تستخدم، بحيث لا نكون متأخرين. إذ إن التكاليف تتغير بسرعة حسب نوعية التقنيات وإمكاناتها. كما أنها تحدد كميات الوقود التي نحتاجها على مدى 25 سنة، وهذا أيضا متى ما حدد، يتطلب بحسب نظام الكهرباء، أن تقوم كل من وزارتي المياه والكهرباء والبترول والثروة المعدنية والهيئة بإعداد خطة للوقود، بحيث يتم تحديد أنواع الوقود التي يفضل استخدامها في مناطق معينة من المملكة دون غيرها، وكيفية تسعيرها، وكيفية إمدادها ونقلها إلى هذه المناطق، بجانب تحديد الاستثمارات المطلوبة. وعندما تكون الصورة واضحة بالنسبة للاستثمارات، تتضح الجوانب التي من الممكن للشركة السعودية للكهرباء المساهمة فيها ومعرفة حدودها، كما ستبين الخطة أي احتياجات أخرى، وكيفية تغطيتها من خلال القطاع الخاص أو من الدعم الحكومي، وكيفية عمل برنامج لجدول معين على صورة واضحة. وبمجرد تطبيق هذه الخطة، سوف تكون هنالك خدمة ذات موثوقية عالية وخفض انقطاعات الكهرباء، إلى جانب وفر في الاحتياطي، فمتى كان الاحتياطي كبيرا فإن الاستثمارات الكبيرة لن تتضرر، وإذا كان توفير الاحتياطي أقل من الواجب أصبحت هنالك انقطاعات وأضرار على الصناعة. ولذلك فإن تحديدها يأتي على أسس علمية تساعد متخذ القرار على أن يتخذ قراراته على أسس مدروسة وعالية بحيث يتم توفير خدمة منتظمة وذات موثوقية عالية وبأسعار معقولة.

* ماذا بشأن دراسة ضوابط الأداء التي يجب أن يلتزم بها كل مرخص له في صناعة الكهرباء؟ أين وصلتم بها؟ وكيف ترون انعكاسها على المستثمرين والمستهلكين؟

- ذكرت أننا استعنا بخبرات استشارية في هدا المجال وتم إعداد معايير أداء لنشاط النقل ونشاط التوليد ونشاط التوزيع ونشاط تقديم الخدمة، ففي كل مجال مابين 5 إلى 7 معايير أداء، ولها قيم معينة ويلتزم مقدم الخدمة بها، وبدأ تطبيقها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وسوف تتم دراستها في نهاية السنة لأننا نجمع المعلومات لمدة سنة، وبناء على هذه المعلومات يدرس كل معيار ويبين المستوى الذي حققته الشركة، وإذا وجد تقصير في بعض المعايير لدى الشركة تحدد هذه المعايير لكي تتلافاها الشركة فيما بعد، وإذا وجد أي قصور يتم التعرف على أسباب القصور. والمعايير في تقديم الخدمة تشمل سرعة الاستجابة لطلب المشترك، وسرعة الاتصال، وسرعة حل مشاكل المشترك مع الشركة، وسرعة استجابتها لشكاوي الفواتير. وفي مجال التوزيع تشمل عدد الانقطاعات ومدى كل انقطاع، ومدى تأثير الانقطاع على عدد المشتركين، وهذه لها معايير معينة ونقاط معينة. وكذلك في مجال النقل ومجال التوليد، والهدف منها أن يكون هنالك معيار ثابت ومعروف يطلب من الشركات المقدمة للخدمة أن تلتزم به.

* كم عدد التراخيص التي منحتها الهيئة حتى الآن لشركات توليد الطاقة والإنتاج المزدوج؟

- منحنا حتى الآن 9 رخص لنشاط الإنتاج المزدوج، و3 رخص لنشاط توليد الكهربا، و4 رخص لنشاط توليد الكهرباء من وحدات متنقلة، و4 رخص لنشاط تحلية المياه، ورخصتين لنشاط نقل الكهرباء، ورخصة لنشاط توزيع الكهرباء، ورخصتين لنشاط المتاجرة بالكهرباء، و3 رخص لنشاط المتاجرة بالمياه المحلاة.

* كم يبلغ حجم الاستثمارات الحالي في صناعة الكهرباء وتحلية المياه في السعودية؟ وما توقعاتكم لحجم تلك الاستثمارات خلال الفترات المقبلة؟ - في التقرير النهائي للخطة سيتضح حجم الاستثمارات للسنوات المقبلة، وفي الوقت الراهن فإن الدخل المطلوب لشركة الكهرباء نحو 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، جزء منها ينفق في المصاريف التشغيلية والجزء الأكبر يضخ في الاستثمارات. والآن تقوم الشركة السعودية للكهرباء، بطرح صكوك لتمويل بعض المشاريع الكبيرة، بالإضافة لمشاركة الشركة السعودية للكهرباء في استثمارات عدة، سواء من التمويل الذاتي أو بطرح صكوك وصرف على مشاريع جديدة، من خلال مشاركة القطاع الخاص، أو دخول جهات أخرى مثل «التحلية» وشركة مرافق في بناء مشاريع جديدة.

* كلمة أخيرة تختم بها اللقاء؟

- الطلب على الكهرباء في السعودية عال جدا بالنسبة للمعايير العالمية، ونسبة النمو في البلاد عالية إذ تقدر بـ7 في المائة سنويا، واستهلاك الفرد من الكهرباء يعد عاليا جدا بالنسبة للمعايير العالمية. وبالنسبة للدول الصناعية نلاحظ أننا في نفس المستوى تقريبا لكن معدل استهلاك الفرد هناك، يذهب جزء كبير منه للاستهلاك الصناعي الذي «ينتج»، بينما أكثر من 50 في المائة من الاستهلاك في السعودية هو للاستهلاك السكني.. الاستهلاك «غير المنتج»، لذلك توجد مساحة كبيرة للترشيد في استخدام الكهرباء. فأنا آمل من كل مواطن وكل مشترك أن يعمل على ترشيد الاستهلاك الكهربائي لأنها سلعة غالية، وكانت تباع بتعريفة مخفضة لأن الدولة تقدم دعما كبيرا من حيث دعم الوقود. لكنني أعود وأقول إنها سلعة ثمينة وهدرها لا يخدم المواطن ولا الاقتصاد ولا البلد. وأتمنى رؤية برامج على المستوى الوطني تساعد على توفير الكهرباء، مثل تطبيق كود البناء الذي اعتمد من مجلس الوزراء قبل فترة ولم يطبق ولم يفعّل حتى الآن. إذ إن ذلك من شأنه المساعدة وبشكل كبير في خفض تكلفة الكهرباء على المستهلكين. كما يساعد الشركات ومقدمي الخدمة على خفض التكاليف. ولا أنسى أن أشير إلى أن هنالك جانبا آخر من الترشيد وهو كفاءة المعدات، فقد بدأت وزارة المياه والكهرباء بالتعاون مع هيئة المواصفات والمقاييس بطرح برامج للحد من الأجهزة ذات الكفاءة المتدنية، إذ يوجد جزء كبير في المملكة من الأحمال الكهربائية ناتجة عن التكييف ومعدات التكييف الموجودة في البلاد سواء المستوردة أو المصنعة، ذات كفاءة متدنية جدا ودون وجود ضوابط لتحسين كفاءتها سنستمر في هدر الطاقة، فلا المواطن حصل على الراحة ولا مقدم الخدمة حصل على الوفر، فآمل أن نرى مثل هذه البرامج طبقت وفعلت لخدمة الجميع.