سُحب من الغبار تخفض الرؤية الأفقية في السعودية إلى 100 متر

الموجة تغلق مطار الملك خالد الدولي لأكثر من 12 ساعة

TT

اجتاحت مناطق وسط السعودية وشمالها وشرقها، أمس، موجات غبار عارمة، خفضت مدى الرؤية الأفقية إلى 100 متر، مثيرة مع ظلمة ذراتها قلق سكان البلاد خوفا من تكرار مشاهد سحب الغبار والعواصف الترابية التي باتت تعكر صفو مدنهم مع بداية كل فصل ربيع خلال العامين الماضيين.

وتسببت سحب الغبار، أمس، في إغلاق مطار الملك خالد الدولي في الرياض، من الساعة الـ6 صباحا، حتى الساعة الـ4 مساء، أمام الرحلات القادمة، بينما ظل برنامج الرحلات المغادرة كما هو، وذلك بحسب مسؤول في الخطوط الجوية السعودية، الذي أكد إغلاق معظم مطارات المناطق الشمالية، حيث تم إقفال مطاري حائل وتبوك من ساعات الصباح حتى عصر أمس.

عبد الله الأجهر، مساعد مدير العلاقات العامة والإعلام في الخطوط الجوية السعودية، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن السبب في إغلاق المطارات أمام الرحلات القادمة، هو تدني مستوى الرؤية الأفقية، إذ أوضح أن مستوى كثافة الغبار وصل إلى درجة 50.

وأثرت سحب الغبار التي داهمت مدنا سعودية، أمس، سلبا على فئات عدة من أطياف المجتمع، حيث لوحظ ازدياد عدد زوار المستشفيات من مرضى الربو وكبار السن والأطفال، في مشهد لا يخالف كثيرا ما تسببت به موجات غبار داهمت السعودية خلال العامين الماضيين.

وحذرت مصادر طبية، أمس، مرضى الجهاز التنفسي من التعرض لأجواء الغبار، داعية إياهم إلى لزوم المنازل لتفادي الأضرار الصحية الناتجة عن ذرات الغبار، بجانب تحذيرات أمنية صدرت بتوخي الحذر من انعدام الرؤية الأفقية في الطرقات.

الدكتور ناصر سرحان، أستاذ الأرصاد الجوية المساعد في كلية الملك فيصل الجوية، ومدير وحدة العلوم الجوية، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن سحب الغبار التي ضربت مناطق عدة من السعودية، فجر أمس، تسببت في انخفاض مستوى الرؤية الأفقية إلى 100 متر. وتوقع الدكتور ناصر سرحان أن تتحسن الأجواء تحسنا تدريجيا ابتداء من اليوم، حيث من المتوقع أن يرتفع مدى الرؤية الأفقية إلى 3 كيلومترات، مرجعا أسباب موجة الغبار التي ضربت مناطق وسط المملكة وشمالها وشرقها، أمس، إلى تأثير الفروقات الحرارية وتدرج قيم الضغط، التي حدثت نتيجة التقاء كتلة هوائية باردة مصاحبة لجبهة هوائية قادمة من الشمال مع الرياح الجنوبية والجنوبية غربية، القادمة من جنوب البلاد، مما تسبب في نشاط للرياح السطحية بشكل ملحوظ ثم إثارة الأتربة.

وقال أستاذ الأرصاد الجوية إن الرياح ستتحول اليوم إلى رياح جنوبية، من شأنها تخفيف وطأة الغبار ورفع مستوى الرؤية الأفقية، مع بقاء بعض العوالق الترابية في الأجواء بشكل أقل، إلا أنه توقع أن تعاود الرياح الشمالية نشاطها على مناطق وسط البلاد وشمالها خلال الأيام الـ3 المقبلة، وهو ما يتسبب في إثارة الغبار والعوالق الترابية المسببة للعواصف الرملية.

وأشار الدكتور سرحان إلى أن الأيام المقبلة ستشهد انخفاضا ملحوظا في درجات حرارة الهواء، إذ من المتوقع نزولها إلى مستوى الـ20 درجة مئوية، مضيفا أن السبب في ذلك يعود إلى الجبهة الشمالية القادمة من جهة البحر الأبيض المتوسط.

وبين الدكتور سرحان أن السبب العلمي لهذه الأتربة العالقة في الجو، وتحولها إلى عواصف رملية، هو تحرك المنخفضات العابرة من البحر المتوسط مع تعمق لمنخفض جوي على طبقات الجو العليا وتزحزحه شمال السعودية، وما ينتج عن ذلك من فروقات حرارية، والتي بدورها تحرك الهواء الهابط وتسبب إثارة الغبار على شكل عاصفة.

ولفت السرحان إلى أن فصل الربيع يعتبر موسم هذه التأثيرات المحلية، ودائما ما ترافق حركة السحب والرياح الجنوبية الغربية «الخماسين»، عواصف رملية شديدة في مقدمة مساراتها امتدادا للعواصف الرملية التي تؤثر حاليا وبكثافة على مناطق شمال أفريقيا والسودان.

أستاذ الأرصاد الجوية توقع، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن تشهد بداية الصيف نشاطا للرياح الشمالية الصيفية، التي من شأنها رفع درجات حرارة الهواء ونشوء عواصف رملية على المنطقة الشرقية قد يصل مداها إلى المنطقة الوسطى.

وكان من المهم الإشارة إليه فيما أحدثته موجة غبار، أمس، في العاصمة الرياض، التباين الكبير الذي سجله زوار قرية الجنادرية، حيث لوحظ قلة الزوار مقارنة بيوم أول من أمس، الذي شهد حضورا كبيرا، إلى جانب تأثيرات أخرى تمثلت في تغيير الأجندة اليومية لدى الكثيرين، وانخفاض كثافة الحركة المرورية، وما رافقها من ترقب وحذر على الطرقات.