إمام المسجد الحرام يطالب بهيئة عليا من «موثوقي» الأمة لتكون مرجعية لقضايا الحسبة

رئيس رابطة العالم الإسلامي يرى الحسبة من «الولايات السلطانية»

اهتمام رسمي وشعبي بندوة الحسبة التي اختتمت أعمالها أمس في العاصمة الرياض (تصوير: أحمد فتحي)
TT

طالب إمام وخطيب المسجد المكي الشريف، الشيخ عبد الرحمن السديس، بإيجاد هيئة عليا لعلماء الأمة، ممن وصفهم بـ«الموثوقين»، تعد تلك الهيئة مرجعية عليا موثوقة لقضايا الحسبة.

وطالب إمام الحرم المكي الشريف بإنشاء كليات وأكاديميات ومعاهد، تعنى بشأن الحسبة وإعداد المحتسبين، بالإضافة إلى تأسيس قناة باسم «قناة الحسبة»، تعنى بأحكامها وشروطها وضوابطها وآدابها، والعمل على إعداد جيل متخصص يحمل هم الاحتساب ويعنى بقضاياه، بالإضافة إلى الاهتمام بانتقاء لغة الخطاب وأسلوب البيان لدى المحتسب، لتقديم الحسبة بقالب مشوق وبأسلوب حضاري مؤثر.

وساندت مطالبات الشيخ السديس تلك، أصوات المطالبين بتصحيح النظرة تجاه العاملين في جهاز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في وقت نادت تلك الأصوات، باستثمار التقنية الحديثة وإدراجها ضمن آليات عمل الجهاز على الميدان.

وتولى الدكتور عبد الله التركي، رئيس رابطة العالم الإسلامي، مسؤولية المطالبة بتصحيح النظرة تلك، على اعتبار أن بعضا من تلك التصورات يراها التركي تصورات «خاطئة».

وقال الدكتور التركي، الذي تحدث في إحدى جلسات عمل ندوة الحسبة التي تحتضنها العاصمة السعودية على مدى يومين متتاليين: «البعض لديهم تصورات خاطئة عن جهاز الهيئة، نريد تصحيحها، ومن أهم هذه التصورات، أن الهيئة تتدخل في مجالات ليست من شأنها».

واعتبر الدكتور التركي الحسبة من «الولايات السلطانية»، وتندرج ضمن مضمون واضح، يسعى إلى وقاية المجتمع من المعاصي والفسوق، في الوقت الذي يحتاج فيه الجهاز إلى إقناع الناس بأهميته، وفقا لتعبير رئيس رابطة العالم الإسلامي.

وبالعودة إلى إمام وخطيب المسجد الحرام، فقد أبرز الشيخ الدكتور السديس، عددا من القواعد الشرعية الخاصة بالعمل الاحتسابي، مناديا في الوقت ذاته، بتفعيل ما ترتكز عليه الحسبة من القواعد الشرعية ومقاصدها، مع ضرورة أن يكون العاملون في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واعين لتلك الأمور التفصيلية.

وقال إمام المسجد الحرام في ورقة عمل قدمها في إحدى جلسات ندوة الحسبة: «ليس مجال الحسبة مجالا يعمل فيه الإنسان كيفما اتفق، وإنما هو عبادة مبينة على أسس عملية، وقواعد تفصيلية، يجب على المحتسب أن يراعيها، بل ويطبقها، لا سيما في المجال الميداني».

وحدد الشيخ أقساما للقواعد الأساسية للمحتسب، حيث تركزت القاعدة الأولى على القواعد الشرعية العامة، والقواعد الفقهية، والقواعد المقاصدية، التي رأى ضرورة أن يعتني بها أي محتسب يعمل في هذه الشعيرة.

وأبزر الشيخ السديس في حديثه القواعد الشرعية العامة، التي تبنى على أن الدعوة والاحتساب مبنية على العلم والفهم والحلم والحكمة، وأن الحاصل مبني على حسب الظن بالمسلمين وعدم التجسس عليهم وعدم إلصاق التهم بهم، لتأتي قاعدة درء المفاسد وجلب المصالح ضمن تلك القواعد، التي رأى السديس أنها من القواعد المهمة، التي ينبغي على المحتسب أن يراعيها.

وأضاف السديس: «من القواعد العامة، قاعدة أشار إليها المحققون من أهل العلم، ومنهم الإمام الشاطري، وهي قاعدة اعتبار المآلات، فينبغي للمحتسب أن يعي ما يؤول إليه إنكاره، فإن قاد إلى مصلحة فقد تم شرع الله، وإن قاد إلى مفسدة، فيقتضي تركها، وهذه قاعدة مهمة، أرى أن أهل الحسبة أولى من يعنى بها».

وزاد السديس: «من القواعد العامة، قضية الاجتهاد في النوازل والرجوع إلى أهل العلم، وقاعدة التيسير ورفع الحرج، ويأتي الستر من القواعد العامة، بما فيها من تحقيق التعاون والمحبة والتأليف، بالإضافة إلى تغطية عيوب المسلم وإخفاء صفاته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من ستر على مسلم ستر الله عليه يوم القيامة)».

وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام، أن بناء الحسبة على القواعد الفقهية من أهم قواعد الأمور بمقاصدها، مشيرا في الوقت ذاته إلى قاعدة اليقين لا يزول بالشك، وهذا يدعو المحتسب إلى أن يتيقن في مجال المنكر الذي يريد إنكاره، وألا يبني إنكاره على بلاغات وأخبار وإشاعات، حتى يتأكد تماما، وأن يتضمن عين اليقين، بالإضافة إلى قواعد المشقة التي تجلب التيسير، المنبثقة عن قاعدة اليسر في الشريعة، وهي قاعدة مهمة، يجب أن ينظر المحتسب فيها، وفقا لتعبير الشيخ السديس.

وطالب السديس بالعناية بإقامة الدورات العملية في مجال الحسبة، وعلل مطالبته تلك بوجود محتسبين قد لا يعرفون بعض النصوص، لكنهم يحتاجون إلى تطبيقها على أرض الواقع، من خلال معرفة الفقه ومعرفة مقاصد الشريعة وقواعد الدين.