الأميرة عادلة بنت عبد الله: على المختصين تحديد الخط الفاصل بين الالتزام الديني والغلو والتطرف

وحول فوضى الفتيا قالت لـ«الشرق الأوسط» إن تضارب الرسائل يؤدي إلى تشويش المجتمعات

TT

قالت الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول مدى ارتباط التنطع والغلو الفكري بقضايا ليست سوى موروثات اجتماعية طغت بشدتها على التعاليم القرآنية والأحكام الســـنية بمدى انتشـــــــــــار فكر الإرهاب الجهادي، إن المرأة غير مسؤولة لوحدها عن مثل هذا التوجه الفكري السائد، بقولها إن هذا التوجه الفكري بات منتشرا في بعض المدارس والجامعات نساء ورجالا، والمهم في ذلك تبيـــــــــــــان العلماء والمفكرين والبــــــــــاحثين والمثقفيــــــــن لماهية الفكر المتطرف وذلك بغرض تحديد الخط الفاصل بين «الالتزام الديني» و«الغلو والتطرف» الذي هو ضد مصلحة المجتمع.

وأكدت الأميرة عادلة على هامش افتتاح مؤتمر «الإرهاب.. بين تطرف الفكر وفكر التطرف» أن الدور في ذلك يقع على المختصين لوضع الأمر برمته في إطاره الصحيح وإلغاء المفاهيم الخاطئة في المجتمع، سواء أكانت متبناة من نساء أو رجال أو شباب.

وحول دور «فوضى الفتيا» التي باتت منتشرة في المجتمع السعودي، وبالأخص في القضايا الخاصة بالمرأة، أيدت الأميرة عادلة الأصوات المنادية بضرورة التنظيم في الفتيا، مشيرة إلى أن «تضارب الرسائل يتسبب في نهاية المطاف في تشويش المجتمعات».

وفي كلمة ألقتها الأميرة عادلة، أكدت على تجاهل بعض المؤسسات المعنية بحماية الأمن الفكري وتصحيح التوجه المتطرف دور المرأة في غرس قيم التسامح وقبول الآخر كمربية في المنزل أو معلمة في المدرسة والجامعة، وهو دور لا يستهان بأثره الإيجابي في الحد من انتشـــــــــــــار الأفكار الإرهابية والتطرفية.

وأشارت إلى أن تهميش دور المرأة في البرامج التأهيلية لأصحاب الفكر المتطرف وعدم تأهيلها للتعامل مع الفكر المنحرف يشكل خطورة حقيقية على الأسرة باعتبار «المرأة نصف المجتمع ولها تأثير مباشر على التوجه الفكري فيه، وبالتــــــــالي فإن توجيه التوعية للمرأة ومشاركتها في البرامج التحصينية والتربوية ضرورة لا غنى عنها، كونها تساهم في التأثير على الأسرة كمؤسسة رئيسية في نشر القيم وتأسيس الاتجاه الفكري للأبناء».

ونادت الأميرة عادلة المؤسسات المعنية بالأمن الفكري بعدم تجاهل دور المرأة الذي يشكل عنصرا محوريا في الحد من ظاهرة الإرهاب وممارسة العنف والغلو، الأمر الذي يجعل في بعض المنازل والمدارس والجامعات شبابا وشابات يؤمنون بالعنف ويمارسونه ويتوجهون إلى التطرف والغلو، باعتباره دليلا على سيادة الإحباط وغياب ثقافة الحوار والتسامح مع الآخر.

من جهة أخرى، حذرت نائبة رئيسة مجلس الأمان الوطني من خطر نتاج العنف الأسري الذي لطالما ولد ظاهرة أطفال الشوارع، التي هي إحدى طرق بناء شــــــــــــخصية الإرهابي، مضيفة: «نعول كثيرا علي دور الأسرة، فمعظم الدارسات والأبحاث حول أطفال الشوارع نتاج العنف الأسري تتخوف من كونهم نواة للإرهاب». وفي دراسة للدكتورة منى حسن قدمت في المؤتمــــــــر الدولي الثالث للمحللين النفسيين عام 2008 حول «الخصائص النفســــــية للأطفال المعنفين أســــــــــــريا» أشارت إلى أن «ممارسة العنف ضد الطفــــــــــــل قد تؤدي إلى هروبه من كنف الأســـــــرة إلى الشارع، وهو أخطر تبعات العــــــنف الأسري الذي هو الأخطر بعد وفاة العـــــــــــائل، مما يؤدي إلى وجود قنبـــــــلة موقوتة من أطفال الشوارع، نواة العنف والجريمة والإرهاب».

ودراسة حجم التنطع والغلو الفكري لدى النساء، بالأخص بعد أن تصدر مواقع الفتيا الســـــــــعودية ســـــــؤال إحدى السيدات حول مشروعية إبقاء الحجاب أو غطاء الوجه في حلقات الذكر النسائية منعا من رؤية الملائكة لهن أثناء التجمع، باتت أمرا بالغ الأهمية، إلا أنه، وبحسب الدكتورة وفاء الزعيقي رئيسة كرسي الأمير نايف ووكيــــــــلة قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود سابقا، فقياس «حجم الغلو الفكري لدى المجتمع النسوي خطوة مســــــــتقبلية ينوي الكرسي القيام بها».

أما فيما يتعلق بالغلو والتطرف الفكري الجهادي والتكفير أكدت الدكتورة الزعيقي عدم وجوده بشكل ملحوظ لدى الطالبات أو النساء بصورة عامة، مستثنية من ذلك من لها علاقة قربى بالعناصر المطلوبة الإرهابية كـ(الزوجة أو الابنة أو الشقيقة) والتي قد تتأثر بذات الفكر تعاطفا مع الشخص المعني.

وأشارت إلى أن الغلو الفكري لدى النساء قد تشاهد ملامحه في قضايا أخرى غير التطرف الجهادي والتكفيري ومسائل متعددة، موضحة ضياع مفهوم الوسطية، الذي اعتبرته الإشكالية الأكبر التي باتت تواجه المجتمع السعودي والأمر عائد أولا وأخيرا إلى «التخوف من كل جديد» كما ذكرت.

وتبقى خطوة السماح للسعودية بمزاولة مهنة المحاماة بالتـــــــــــرافع ابتداء في قضايا الأحوال الشخصية كمثال للتغييــــــــــر والتخوف من كل جديد رهينة لما سيفرزه الواقع ورد الفعل النسوي ممثل بخريجات كلية الشريعة الإسلامية ومـــــــــــــــدى استعدادهن لمزاولة مهنة المحاماة اقتداء بزملائهن خريجي كلية الشريعة الإســـــــــلامية. وبحسب الدكتورة وفاء الزعيقي وكيلة قسم الدراسات الإسلامية سابقا، فإن للمرأة الحق في العمل في كل المجالات طالما كانت وفق ضوابط شرعية، أبرزها كما ذكرت مسألة «عدم الاختلاط» مرجعة المســـــــــــــألة في نهاية الأمر برمتها إلى «أهل العلم».