السعودية: مقترح في الشورى لسن تشريع يجرّم «فتاوى التكفير»

مقدمه طالب لجنة الشؤون الإسلامية بتبنيه وإعداد مشروع نظام بالتعاون مع هيئة كبار العلماء

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس الشورى السعودي، شهد في جلسة الشأن العام، التي عادة ما تغلق أمام وسائل الإعلام، مقترحا يطالب بسن تشريع يجرم فتاوى التكفير الصادرة من خارج المؤسسة الدينية الرسمية، وذلك بغية وضع حد لهذه الفتاوى التي أخذت في الازدياد خلال الآونة الأخيرة.

وقالت مصادر مسؤولة، إن المقترح الذي تقدم به العضو الدكتور زهير الحارثي، حظي بتفاعل كبير من بقية أعضاء المجلس، على حد قولها. وأشارت المصادر تلك، إلى أن الدكتور زهير الحارثي، عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى، برر تقديمه لهذا المقترح للمجلس، على اعتبار أن تلك الفتاوى تجاوزت إشكالية التكفير، ووصلت إلى حد «المساس بمبدأ الدين وقيمه وروحه، وقيمة الوحدة الوطنية، والانتقاص من هيبة نظام الدولة، والتأثير على العلاقات الخارجية التي تربط السعودية بدول العالم».

وخلال جلسة مغلقة، حصلت «الشرق الأوسط» على بعض ما دار فيها، قال زهير الحارثي - طبقا لمصادر - إن على مجلس الشورى «أن يتحرك لحفظ دماء المسلمين، وحماية الشريعة الإسلامية من التشويه، وإنه آن الأوان لإصدار نظام أو قانون يجرم فتاوى التكفير الخارجة من غير المؤسسة الرسمية».

وأكد أن أمر إصدار تشريع يجرم فتاوى التكفير «لم يعد ترفا بل هو ضرورة».

وهذا هو التحرك الرسمي الأول في السعودية، الذي يرمي إلى محاصرة الفتاوى التكفيرية، التي وضع لها بعض رجال الدين «موطأ قدم» في المشهد العام. وكان من أكثر فتاوى التكفير التي أحدثت جدلا، تلك الخاصة بتكفير مبيحي الاختلاط في مواقع العمل والتعليم. وشهدت جلسة الشأن العام أمس في مجلس الشورى، طرح مقترح يرمي إلى تبني قانون يجرم فتاوى التكفير التي تصدر عن غير المنتمين للمؤسسة الدينية. واعتذر زهير الحارثي، الذي اتصلت به «الشرق الأوسط»، عن عدم الحديث حول هذا الموضوع، لافتا إلى أنه قال كل ما لديه في جلسة الشأن العام.

غير أن مصادر حضرت الجلسة، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن زهير الحارثي خاطب مجلس الشورى قائلا: «إن فتاوى التكفير التي تخرج بين الحين والآخر، يطلقها أشخاص لا تتوافر فيهم شروط الفتيا، ولا ينتمون إلى المؤسسة الرسمية»، موضحا أن الإشكالية تكمن في أنه يتم تصنيف هؤلاء على أساس أنهم «علماء دين سعوديون».

ورأى أن السكوت عن تنامي ظاهرة فتاوى التكفير هو «جريمة بحق الوطن»، واصفا الفتوى بأنها أصبحت «بازارا» تتقاسمه قواسم مشتركة كـ«إهدار الدم، وتكفير الآخرين، وتكريس مفاهيم الإقصاء». وهنا، أهاب عضو مجلس الشورى، الحارثي، بلجنة الشؤون الإسلامية، بتبني موضوع فتاوى التكفير، واقتراح مشروع نظام يجرم تلك الفتاوى، ويكون إعداده بالتعاون مع هيئة كبار العلماء في السعودية.

بدوره، فضل الشيخ عازب آل مسبل، رئيس لجنة الشؤون الإسلامية، خلال اتصال «الشرق الأوسط» به، عدم الحديث حول الموضوع، وعدم نقل أي شيء على لسانه.

إلى ذلك، وفي موضوع آخر، وافق مجلس الشورى، على قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بإجراء دراسات مسحية شاملة لتحديد الاحتياجات الاجتماعية الكمية منها والنوعية لكل منطقة من المناطق السعودية.

وأقر الشورى، دعم جهود وزارة الشؤون الاجتماعية في طلبها بالتأمين الصحي التعاوني للفئات المستحقة للضمان الاجتماعي، وذوي الإعاقات، والظروف الخاصة، وكان من ضمن ما تم إقراره في الشورى إلزام «الشؤون الاجتماعية»، ببناء مجموعة مؤشرات اجتماعية لقياس الظواهر المختلقة في البلاد يمكن من خلالها الحكم على مستوى الخدمات المقدمة منها وجودتها.

وأقر الشورى أيضا، قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بوضع خطة للتوسع في الرعاية النهارية والرعاية الصحية المنزلية تتناسب مع متطلبات رعاية وتأهيل المعاقين. وفي الموضوع نفسه، وافق مجلس الشورى على رفع الحد المانع للحصول على معاش الضمان الاجتماعي ليشمل شريحة أكبر من المتقاعدين، وإفادتهم من برامج التنمية الاجتماعية.

وذكر المهندس محمد القويحص، عضو المجلس، خلال تعليقه على هذا الأمر «أن الحد المانع لدى الوزارة يبلغ 1700 ريال، وأن هذا المبلغ لا يمكن أي رب أسرة من العيش بحياة كريمة في ظل التضخم وزيادة أسعار المواد الاستهلاكية في السوق السعودية وأن رفع الحد المانع سوف يساهم في دخول عدد كبير من المتقاعدين إلى مظلة الضمان الاجتماعي وسوف يستفيدون من خدمات الضمان الاجتماعي». وأشار إلى أن 70 في المائة من المتقاعدين لا يملكون منازل خاصة بهم، بينما ذكر عضو المجلس الدكتور خليل البراهيم، أن اللجنة كان حريا بها تبني توصية تعالج تدني الرواتب التي يتقاضاها العاملون على رأس العمل. ونجحت توصيتان إضافيتان قدمهما عضوا المجلس أسامة قباني والدكتور فالح الصغير، نصت الأولى على «زيادة الدعم السنوي المقدم من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى الجمعيات الخيرية»، بينما تنص الثانية على «تفعيل مراكز الأحياء كما ونوعا لأثرها الإيجابي على الوطن والمواطن».

مقابل ذلك، سقطت توصيتان إضافيتان قدمهما عضو المجلس الدكتور عبد الله العسكر، تنص الأولى على «إعطاء موضوع التسول المنتشر في مدن السعودية عناية خاصة وذلك بإجراء مزيد من الدراسات الاجتماعية ذات الطابع النظري والميداني»، بينما نصت الأخرى على أنه «بالتعاون مع الجهات المعنية يطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية وضع آلية حازمة وإجراءات رادعة لمنع انتشار ظاهرة التسول في مدن السعودية».