وادي حنيفة.. «رئة الرياض» التي احتاجت 600 مليون ريال لتنقيتها

الأمير سلمان افتتح 7 من عناصر المشروع الأكبر في المنطقة.. ويشهد قريبا افتتاح «التلفريك»

الأمير سلمان بن عبد العزيز لدى تدشينه عدداً من المشاريع في وادي حنيفة بالرياض أول من أمس (الصور خاصة بـ«الشرق الأوسط» بعدسة بندر بن سلمان)
TT

على أرض يبلغ طولها 80 كيلومترا، يستريح وادي حنيفة على أقاصي العاصمة السعودية من شمالها الشرقي وحتى جنوبها الغربي، الذي قام الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، بافتتاح مشروع تطويره، كونه «الرئة» التي يتنفس من خلالها سكان العاصمة السعودية، واحتاجت أكثر من نصف مليار ريال لإعادة الحياة إليها.

شعاب الوادي، التي كانت قبل مشروع التطوير، مستباحة، في ظل غياب قوانين الحماية، تعرضت خلال العقود الماضية لتعديات، تمثلت في التوسع في إقامة المساكن على شعابه.

ورد المهندس عبد اللطيف آل الشيخ، عضو الهيئة العليا لتطوير الرياض، على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول التعديات السكنية في أراضي الوادي، قائلا: «قديما كان هناك بعض التعديات لاستخدام أراضي الوادي في الزراعة، منذ وضعت خطة إعادة التأهيل لم يعد هناك أي تحدٍ بأي حال من الأحوال».

وأكملت الهيئة العليا لتطوير الرياض، أعمال تطوير مشروع وادي حنيفة، وإعادة تأهيله بيئيا، فيما قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم تطبيق طريقة جديدة في استزراع بعض الأعشاب والأشجار، لم تطبق سوى في أستراليا، حيث تكون بذلك السعودية الدولة الثانية حول العالم التي تستخدم هذه الطريقة في الزراعة.

وبافتتاح مشروع تطوير وادي حنيفة، تستعيد الرياض، الدور الحيوي للوادي، كمصرف لمياه الأمطار والسيول، ويطبق في وادي حنيفة آلية جديدة لمعالجة المياه طبيعيا، بينما يتضمن أطول ممر للمشاة بطول 47 كيلومترا.

وكان الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، قد قام بافتتاح مشروع تطوير وادي حنيفة، مفتتحا خلال جولة استمرت زهاء الساعة، سبعة مواقع من عناصر المشروع، ضمت متنزهات مفتوحة، ومحطة المعالجة الحيوية للمياه.

وأوضح المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيخ، عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة، أن مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الذي بلغت التكلفة الإجمالية لأعماله حتى الآن 600 مليون ريال، له أبعاد كثيرة، مؤكدا أن من أهمها البعد البيئي الذي يتمثل في إعادة الوادي إلى وضعه الطبيعي، كمصرف رئيسي للمياه ومعالجة كل المشكلات التي كانت تواجه جريان مياه الأمطار والمياه الدائمة.

وامتدح المهندس آل الشيخ، الوضع البيئي في وادي حنيفة، الذي كان يعاني من أوضاع بيئية سيئة فيما مضى من الوقت. وقال: «الوادي الآن في أحسن أوضاعه البيئية، فلم تعد هناك مخلفات، ولم يعد هناك تلوث».

وأعلن آل الشيخ، عن قرب افتتاح مشروع التلفريك، أمام سكان العاصمة السعودية، ليصبح أول مشروع من نوعه يقام في مدينة الرياض، حيث سيمر من فوق محطة المعالجة الحيوية.

وأكد رئيس مركز المشاريع والتخطيط في هيئة تطوير الرياض، أنه سيتم طرح حقائب استثمارية أمام المستثمرين للاستثمار في الجوانب الترويحية والتراثية في وادي حنيفة.

إلى ذلك، وقد بدأ الحفل الذي أعدته هيئة تطوير الرياض، بمناسبة افتتاح مشروع تطوير وادي حنيفة، بعرض فيلم وثائقي عن مشروع تطوير الوادي.

وأزاح الأمير سلمان بن عبد العزيز خلال الجولة، الستار عن اللوحات التذكارية للمشروع وعناصره المختلفة.

وبين المهندس عبد اللطيف آل الشيخ، أن الهيئة انطلقت من تبنيها لهذا المشروع الأكبر من نوعه في المنطقة، من منطلق الأهمية الكبيرة والقيمة الاستراتيجية لوادي حنيفة الذي يمثل رئة مدينة الرياض ومصرف المياه الأكبر في نطاقها الحضري، مشيرا إلى أن الوادي عانى خلال فترات ماضية من تدني المستوى الحضري له، وتنتشر فيه أنشطة واستعمالات غير ملائمة لطبيعته.

وأوضح عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، في بيان، أنه مع الازدهار الحضري الذي شهدته مدينة الرياض خلال العقود الماضية، فقد واكب هذا النمو العمراني والاقتصادي المتسارع لمدينة الرياض، مع غياب التنظيمات المناسبة لحماية الوادي، «نشوء ظواهر سلبية أخذت في التراكم على وادي حنيفة، تركزت بشكل أكبر في الأجزاء المحاذية لعمران المدينة».

وتمثلت المظاهر الضارة بالوادي في «اختلال مناسيب المياه في الوادي، وتكون الحفر في جوانبه، وتوسع الأحياء السكنية في شعابه دون اعتبار لمناسيب الوادي، ونظام جريان الماء فيه، فضلا عن تراكم المخلفات والنفايات في أرجائه، وظهور عدد من الأنشطة الصناعية الملوثة لمياهه كالمدابغ والمسالخ، الأمر الذي تسبب في انتشار مخلفات المحروقات والمواد (الهيدروكربونية) في الوادي».

وطبقا لآل الشيخ، فإن تراكم هذه المظاهر السلبية «أدى إلى اختلال النظام المائي للوادي، واستنزاف موارد المياه الأرضية من جهة، وتلوثها من جهة أخرى، وتكون المستنقعات والبرك الآسنة والبحيرات (عالية السمية) وارتفاع منسوب المياه السطحية، في الوقت الذي شهدت فيه الحياة الفطرية في الوادي اندثارا تدريجيا، وتناقصا في البيئة الحيوانية، وانحسار الغطاء النباتي الطبيعي الملائم لبيئة الوادي، وتقلص النشاط الزراعي».

وأعلن عبد اللطيف آل الشيخ، أن الخطة المستقبلية لهيئة تطوير الرياض، فيما يخص أعمال تطوير وادي حنيفة، تتمثل في «تحسين 40 واديا رافدا بعضها يتجاوز طوله 35 كيلومترا، وتحسين البحيرات المائية في الحائر وجعلها مصدرا رئيسيا ترويحيا ومصدرا رئيسيا للمياه».

وكان عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة، قال في بيان إن «الهيئة بادرت إلى تبني جملة من الإجراءات والتنظيمات التي تهدف إلى إيقاف المصادر الرئيسية للتدهور في بيئة وادي حنيفة، لوقف عملية التدهور المتواصلة منذ عقود، تمهيدا للبدء في تأهيل الوادي، وإطلاق برامج التطوير المختلفة».

وأضاف: «بدأت الهيئة إجراءاتها لوقف التدهور في الوادي بإقرار مبدأ (الحماية البيئية) للوادي، واعتبار محيطه محمية بيئية، ومنطقة تطوير خاصة تحت إشراف الهيئة، أتبعتها بإجراءات تنفيذية شملت: نقل الكسارات والمصانع إلى مواقع بديلة خارج الوادي، ووقف أنشطة نقل التربة من الوادي، وتنظيم حملات تنظيف متكررة لأجزاء الوادي المتداخلة مع عمران المدينة، جرى خلالها تنظيف وإزالة المخلفات مما مساحته 10 ملايين متر مربع، وإزالة نحو نصف مليون طن من النفايات ومخلفات البناء». ويتطلب العمل في وادي حنيفة، خطة استراتيجية شاملة، وذلك لإعادة تكوينه جغرافيا وطبيعيا وبيئيا.

وقال آل الشيخ أمام ذلك: «إن الهيئة العليا توجت عنايتها بالوادي بوضع (المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة) ليكون بمثابة الأساس الذي ستبنى عليه بقية المشاريع التطويرية التنفيذية الحكومية والاستثمارية».

وكان من عناصر تلك الخطة، إطلاق مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الذي سيمثل الأساس الذي تبنى عليه بقية المشاريع التطويرية التنفيذية الحكومية والاستثمارية التي تضمنتها الخطة الاستراتيجية الشاملة للوادي.

وعمل المشروع على تحقيق محورين أساسيين، يرمي الأول إلى إعادة وادي حنيفة إلى وضعه الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول وللمياه دائمة الجريان الواردة إلى الوادي من عدة مصادر من المدينة، وجعل بيئته الطبيعية خالية من الملوثات والمعوقات التي تحول دون إطلاق آليات التعويض الطبيعية في الوادي، وازدهار بيئته النباتية والحيوانية، وإعادة تنسيق المرافق والخدمات القائمة بحيث تتناسب مع بيئته.

بينما يعمل المحور الثاني على توظيف الوادي بعد تأهيله ليكون أحد المناطق المفتوحة المتاحة لسكان المدينة، الملائمة للتنزه الخلوي من خلال إضافة الطرق الملائمة والممرات وبعض التجهيزات الضرورية.

وقد اشتمل المشروع على جملة من الأعمال، من بينها تسوية مجاري المياه، وفق ثلاثة مستويات مختلفة من تصريف المياه الجارية، وهي: مستوى المياه دائمة الجريان التي تتغذى من شبكات تخفيض المياه الأرضية في المدينة، ومن شبكات تصريف السيول، وأعد لهذا المستوى قناة مفتوحة للمياه دائمة الجريان مدعمه بالتكوينات الصخرية و«الهدارات» للمساعدة في معالجة المياه، والحفاظ على قدرتها التصريفية طوال العام وذلك بطول 57 كيلومترا، بعرض متسع نسبيا يصل في بعض الأجزاء إلى 6 أمتار وبعمق يبلغ 1.5 متر.

وفيما يخص مستوى السيول الموسمية التي تجري في الوادي في مواسم الأمطار، فقد جرى تسوية بطن الوادي بميل دائم باتجاه الجنوب، وميل عرضي باتجاه القناة الدائمة. كما جرى تدعيم حواف الأودية في بعض النقاط الحرجة، وتدعيم الخدمات والمرافق القائمة في بطن الوادي، بحيث تتحمل غمر مياه السيول. والمستوى الذي يختص بالفيضانات التي تحدث في الدورات المناخية كل 50 سنة تقريبا، ونظرا لكونها نادرة الحدوث، تمثلت تجهيزاتها في وقف تعدي الحيازات الخاصة على مجاري السيول، وإزالة الردميات الضخمة من بطن الوادي والشعاب المغذية له.

وبهدف المزج بين متطلبات المشروع الوظيفية، وبين المعايير البيئية الصارمة التي وضعها المخطط الشامل لتطوير الوادي، تبنى مشروع التأهيل البيئي آلية جديدة لمعالجة المياه الجارية في الوادي، تستند إلى نظام معالجة طبيعي غير كيميائي، يعتمد على إيجاد البيئة المناسبة في المجرى المائي لوجود وتكاثر الأحياء الدقيقة التي تستمد غذاءها من المكونات العضوية وغير العضوية في المياه.

وقد جاء اختيار هذا النظام الطبيعي لمعالجة المياه، نتيجة انخفاض تكلفته التشغيلية، فضلا عن كونه وسيلة طبيعية تتواءم مع بيئة الوادي، فهو يعمل على تكوين دورة كاملة للسلسلة الغذائية الهرمية لمجموعة من الكائنات الحية التي يمكن أن تعيش في المياه، بحيث يكون المصدران الأساسيان في العملية الحيوية هما ضوء الشمس والأكسجين، اللذان يساعدان على نمو الأحياء الدقيقة والطحالب، التي تتغذى بدورها بالكائنات الحية المختلفة المنتشرة في المياه ابتداء بالبكتيريا وانتهاء بالأسماك والطيور. وسيمكن المشروع من الاستفادة من المياه المصروفة إلى الوادي على مدار العام، عن طريق معالجتها وإعادة استخدامها بشكل آمن في الأغراض الزراعية والصناعية والحضرية.

وفي الإطار ذاته، تم اختيار، بطن الوادي المحاذي لميدان الجزائر في الجزء الجنوبي من مدينة الرياض، لاحتضان «محطة المعالجة الحيوية للمياه» تبلغ مساحتها أكثر من 100 ألف متر مربع، وتهدف إلى زيادة طول جريان المياه، ومن ثم تزويدها بالهواء لزيادة نسبة الأكسجين فيها، وذلك للإسهام في نمو الكائنات الحية التي تتخلص من ملوثات المياه.

وتمتاز المحطة بقدرتها العالية على المعالجة نظرا لاحتوائها على عدد كبير من الهدارات في مجموعات وأحواض متصلة بقناة المياه الأساسية في المحطة، يبلغ عددها 140 خلية كل خلية بطول 30 مترا، وبعرض 6 أمتار وبعمق مترين، كما زودت خلايا هدارات المحطة جميعها بأنظمة تهوية كهربائية للمياه في حوض الهدارة، لزيادة فاعلية المعالجة، وبالتالي زيادة نسبة الأكسجين الذائبة في الماء.

كما تضمن مشروع تطوير وادي حنيفة إعادة تنسيق المرافق العامة في محيط الوادي، لتحسين وضعها بما يتلاءم ووضعه الجديد ومتطلباته البيئية الحساسة، عن طريق تحويل جميع خطوط المرافق الهوائية إلى خطوط أرضية بالتنسيق مع الجهات المسؤولة عنها. وكذلك تحديد منطقة ممتدة بطول الوادي، تكون ممرا لخطوط المرافق المحلية المارة عبر بطن الوادي، وتغذي الجهات المستفيدة بالخدمات عبر هذا الممر حسب مواصفات محددة. وحددت في هذا الممر مسارات للخدمات العامة (مياه شرب، وكهرباء، وهاتف) عبر خرائط تفصيلية. وجرى خلال المشروع إنشاء طريق للسيارات بطول بلغ نحو 43 كيلومترا ابتداء من سد العلب في الدرعية شمالا إلى طريق المنصورية، وبعرض يتراوح بين 6 و9 أمتار، وضع في مسار جانبي من بطن الوادي، بحيث يكون محاذيا لممر الخدمات، ولا يسير في المنتصف كإجراء احترازي لحماية الطريق من السيول، كما جرى إنشاء 22 جسرا ومعبرا عند تقاطع الطريق مع القناة، وتزويد الطريق بمختلف العلامات المرورية التحذيرية والإرشادية والتوجيهية، التي بلغ عددها أكثر من 730 لوحة تسهم في توجيه وتعريف مرتادي الوادي بما يحتويه من معالم بيئية وطبيعية وخدمات وما يكتنزه الوادي من مواقع بيئية وتراثية.

كما جرى تنفيذ عبارات على الطريق للوصول إلى الأودية الفرعية، وبعض مداخل المزارع التي تقع فوق قناة المياه دائمة الجريان، وهو ما أدى إلى تحسين نقاط الاتصال بين مدينة الرياض والوادي.

كما اشتملت أعمال تحسين شبكات الطرق وتطويرها في المشروع، على أعمال الإنارة في محاذاة طريق السيارات وممرات المشاة، عبر تركيب 2500 عمود إنارة، بالإضافة إلى 600 وحدة إنارة للجسور ومناطق متفرقة من الوادي، إلى جانب تنفيذ مصليات في الأماكن التي لا تتوفر فيها مساجد، وتنفيذ 30 مبنى لدورات المياه للرجال والنساء موزعة على طول الوادي، فضلا عن إنشاء مواقف جانبية للسيارات تتسع لأكثر من 2000 سيارة، وتجهيز مواقع للأكشاك وحاويات المخلفات.

أما ممرات المشاة فتمتد بطول 47 كيلومترا، في أبرز المناطق الجمالية المتوفرة على طول الوادي، بالإضافة إلى ممرات مرصوفة بطول 7.4 كيلومتر، وجرى اختيار مواقعها في محيط التكوينات الصخرية البديعة والمناطق المشجرة، وبالقرب من مجاري المياه، مع مراعاة سهولة الوصول إلى هذه الممرات عبر مواقف السيارات المنتشرة حول الضفتين. وتتكون ممرات المشاة من مسارات ترابية مرصوفة بشكل يسمح بالحركة الراجلة، وعربات الأطفال والمعاقين، وهي محمية بأكتاف من التكوينات الصخرية تعمل كمحددات للممرات، ومزودة بأماكن للجلوس ومواقع مهيأة كاستراحات للتنزه.

ووصولا إلى إيجاد بيئة نباتية تلائم بيئة الوادي، انطلقت عملية إعادة الغطاء النباتي في مشروع تأهيل وادي حنيفة على عدد من الأسس، من أبرزها: إعادة غرس النباتات التي سبق أن كانت من مكونات الوادي في السابق، واعتماد مستوى تشجير بكثافة يمكن الحفاظ عليه بقدرات الوادي الطبيعية الذاتية من مياه سطحية وجوفية.

وقد تم في هذا المجال غرس 30 ألف شجرة صحراوية في بطن الوادي، وغرس نحو 7000 نخلة، ونقل 2000 شجرة صحراوية إلى الوادي كأشجار الطلح والسمر والأثل، وغرس 50 ألف شجيرة عن طريق الاستزراع من البذور والشتلات الجاهزة.

تضمن مشروع التأهيل البيئي، بالإضافة إلى تأهيل بطن الوادي، إنشاء 5 متنزهات مفتوحة ضمت: متنزه سد العلب الذي يحتوي على ممرات للمشاة بطول 5.5 كيلومتر، وجلسات للمتنزهين تشمل 93 جلسة، ومواقف للسيارات على جوانب الطريق تتسع لـ200 سيارة، إلى جانب رصيف للمشاة بطول كيلومترين مزودة بالإنارة والتشجير. ومتنزه سد وادي حنيفة حيث زود بـ27 جلسة للمتنزهين، وممر للمشاة بطول 5.6 كيلومتر. ومتنزه السد الحجري الذي تبلغ مساحة بحيرته نحو 10 آلاف متر مربع وبعمق يصل إلى مترين، وتم رصف محيط السد بممرات للمشاة بطول 4.5 كيلومتر، وتنفيذ جلسات للمتنزهين حول البحيرة. كما ضمت المتنزهات، متنزه بحيرة المصانع التي زودت بممرات للمشاة بطول 4 كيلومترات، وبلغ عدد جلسات المتنزهين 22 جلسة. فيما تبلغ مساحة البحيرة 40000 متر مربع، بعمق يصل إلى 10 أمتار. وكذلك متنزه بحيرة الجزعة الذي تبلغ ممرات المشاة المقامة فيه 5.5 كيلومتر، وزود بعد 37 جلسة للمتنزهين، بينما بلغت مساحة البحيرة 35 ألف متر مربع، بعمق يصل إلى 3 أمتار.

وفي سياق متصل، سنت الهيئة ضوابط عمرانية لتطوير المواقع التاريخية في الوادي، من شأنها حفظ خصائصه العمرانية وتطويرها ثقافيا وبيئيا واجتماعيا، وربطها بالأحياء المحيطة بالوادي، وحماية المناطق التاريخية من امتداد الممتلكات الخاصة عليها، وتوظيف خصوصياتها التاريخية والعمرانية، فضلا عن أعمال الصيانة المباشرة لأعمال التشجير والتنسيق، وتحديد أهداف الرعاية للوادي، والمشاركة الطوعية من قبل الأفراد والمؤسسات.

وفي الإطار ذاته، وضعت تصاميم ومواصفات لأسوار المزارع القائمة، وبخاصة الأجزاء الظاهرة لمرتادي الوادي، أو المشرفة على بطن الوادي لتحقيق التجانس المطلوب بين عناصر الوادي الطبيعية، حيث وضعت هذه المواصفات وفق شروط عامة، ومواصفات فنية، من بينها تلبيس السور بحسب الحدود الموضحة بصك الملكية، ومراعاة التقليل من فروق الارتفاعات بين أسوار المزارع المتجاورة، وتلبيس جميع الأسوار المطلة على الوادي مباشرة، والأسوار الداخلية بحجر الرياض، واستخدام مواد متجانسة مع لون الحجر ضمن مقاسات معينة، ووضع فتحات في أسفل الأسوار عند مواقع جريان السيول، وتلافي جعل زوايا الأسوار حادة، واعتماد شكل البناء التقليدي.

وتطمح الهيئة من خلال هذه الإجراءات إلى المحافظة على العمارة التقليدية في الوادي، على اعتبارها عمارة تراثية عريقة، مع التأكيد على الأدوار التي يتولاها الملاك والمواطنون في المحافظة على هذا التراث العمراني.

وعلى الصعيد ذاته، وضعت الهيئة ضوابط بيئية توفر الأسس اللازمة للتجدد البيئي وصحة البيئة ونوعية الحياة في وادي حنيفة، لمراقبة وتقييم تأثير التطوير وتلوث الماء والهواء والتربة على البيئة، بالإضافة إلى زيادة الوعي والثقافة البيئية لدى السكان.

وتيسيرا للوصول إلى المعلومات والبيانات ومخرجات الدراسات البيئية المختلفة التي تشكلت لدى الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عن وادي حنيفة بشكل خاص والمدينة بشكل عام، أنشأت الهيئة «قاعدة المعلومات الجغرافية لوادي حنيفة والمعلومات البيئية» لتسهم في دعم اتخاذ القرار البيئي، وأعمال المتابعة والرصد للمتغيرات والتعديات في الوادي، وذلك عبر استخدام تقنيات نظم المعلومات الجغرافية (GIS) وأحدث برامج تشغيل وتصفح قواعد المعلومات.

ومن جهة أخرى، حصد مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الكثير من الجوائز العالمية كغيره من برامج التطوير التي تبنتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، فقد نال المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة، اهتمام وإعجاب كثير من الخبراء والمختصين في مختلف دول العالم، مما أهله للحصول على جائزة مركز المياه في واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية كأفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم لعام 2003، من بين 75 مشروعا قدمت من 21 دولة.

وقد تم عرض هذا المخطط في المؤتمر السنوي لمركز المياه الذي عقد في مونتريال بكندا حينها، حيث اعتبرت لجنة التحكيم المكونة من عدد من الخبراء يمثلون مختلف دول العالم، بأن «هذا المشروع يمثل بادرة رائدة في المخططات الشاملة»، كما وصف المخطط بأنه «مشروع عالمي ويضع معايير عالمية جديدة»، وأثني في المؤتمر على الرؤية المستقبلية والدقة المتناهية التي اتسم بها المشروع.

كما فاز مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة في المركز الثاني والجائزة الذهبية في جانب المشاريع البيئية في جائزة مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية في لندن ببريطانيا لعام 2007م.

من بين أكثر من 260 مدينة من أنحاء العالم كافة في حقل المدن، ترشح منها للمنافسة النهائية على الجائزة 39 مدينة، كما رشح للجائزة 160 مشروعا في حقل المشاريع بشقيها البيئي والإنشائي، ترشح منها للمنافسة النهائية على الفوز بالجائزة 29 مشروعا.

وكان حفل تدشين مشروع تطوير وادي حنيفة، قد عرف حضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن أمين منطقة الرياض، والأمير أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن محافظ الدرعية، والأمير بندر بن سعود بن محمد الأمين العام للهيئة السعودية للحياة الفطرية، والأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، والأمير سلطان بن فهد بن ناصر وكيل الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز المستشار الخاص لأمير منطقة الرياض، والأمير بندر بن سلمان بن عبد العزيز، وعدد من كبار المسؤولين.