وزارة العدل تستعد لمناقشة العقوبات التعزيرية

حشدت فقهاء على المذاهب الأربعة.. وخبراء دوليين

TT

بدأت وزارة العدل تحضيراتها المبدئية لعقد مؤتمر لمناقشة العقوبات التعزيرية، التي أثار تفاوتها في المحاكم السعودية جدلا واسعا بين الحقوقيين، فضلا عن المتقاضين.

وأكدت مصادر رسمية في الوزارة أن الأخيرة شرعت في استكتاب خبراء في المذاهب السنية كافة، من أقطار عربية وإسلامية إلى جانب خبراء دوليين، بهدف توسيع دائرة النقاش حول «أم المعارك الحقوقية» في المجتمع السعودي.

وبحسب التحضيرات الأولية للمؤتمر، الذي سيحمل عنوان «مبادئ تقدير العقوبات التعزيرية وأدواتها»، تقرر أن تتم مناقشة موضوعات مثل «الاجتهاد في التعزير ونظريات أهداف العقوبة والبدائل العقابية، إلى جانب مبادئ تقدير العقوبات في المذاهب السنية، وتقدير العقوبات في منظومة القانون العرفي»، بينما سيشارك في المؤتمر منظومة قانونية مختلفة من السعودية ومصر والسودان وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، للإسهام في إثراء ورشات العمل والموضوعات المقررة، عبر بحوث علمية تؤصل «تطبيقات العقوبات التعزيرية وأدوات الاجتهاد في ذلك، والكشف عن تجليات العقوبات التعزيرية في تطبيقات المذاهب الأربعة، وذلك في سبيل إخضاع تجارب تشريعات العقاب للفحص والتقييم».

وتهدف ورش العمل المصاحبة لأعمال المؤتمر إلى تقييم قواعد تقدير التعزيرات في المحاكم من خلال عناوين متعددة، أبرزها تطبيقات العقوبات التعزيرية في المحاكم السعودية والأطر المقترحة لتطوير التطبيقات أحكام التعزير من خلال بلورة إطار مقترح لرفع كفاءة العقاب التطبيقي من خلال رسم السياسات العقابية وتطوير الموارد البشرية القاضية.

من جانبه أكد القاضي عيسى الغيث، في المحكمة الجزائية، في الرياض، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، وجود إشكالية حقيقية في مسألة الاجتهاد في العقوبات التعزيرية، وإن كانت لدى البعض محدودة، وذلك في ظل عدم تحديد العقوبات التعزيرية في القضاء السعودي، مستدركا حديثه بتحديد العقوبات التعزيرية في كثير من صورها كقضايا المخدرات والمعلومات والأسلحة والذخائر والرشوة والتزوير وغيرها من الأوصاف الجرمية، إلا أنه بقي أوصاف جرمية لم تشملها الأنظمة الموجودة كقضايا المضاربات والسرقات دون حد السرقة، والعلاقات غير المشروعة دون حد الزنى بنوعيه، المحصن وغير المحصن، والسب والشتم وغيرها، وإذا جاز اجتهاد القاضي الفرد في تقدير العقوبة ففي حق المجموعة من المجتهدين من أهل العلم والخبرة والنظر المدونين للأحكام من باب أولى.

ومن مسائل تقنين العقوبات الواقعية ذكر الغيث، على سبيل المثال، تقرير قتل مهرب المخدرات والمروج للمرة الثانية، وعلى ذلك شدد أن المصلحة العامة والمقاصد الشرعية تقتضي إكمال شمول باقي الأفعال الجرمية بتنظيم، سواء كان تحت اسم تقنين أو تدوين، وكما ذكر «فلا مشاحة في الاصطلاح والعبرة بالمعاني وليس بالمباني»، مضيفا «وبصفتي خبيرا في القضايا الجنائية عبر عملي لأكثر من 10 سنوات قاضيا في المحاكم الجزائية، فقد لاحظت التفاوت في التعازير بين قضية وأخرى وحتى عند القاضي نفسه، فما بالنا ما بين قاض وآخر؟».

ودعا الغيث إلى ضرورة العدالة في الحكم والمساواة بين المتهمين، وكذلك في سرعة الإنجاز وسلاسة الأداء، وأن يتم تدوين الأحكام التعزيرية والإلزام بها بعد تحديد ضوابطها وسقوفها السفلية والعلوية ومسائل التشديد والتخفيف ونحو ذلك.

وحول مسألة مبادئ تقدير العقوبات في المذاهب السنية والتجاذب والتقارب فيما بينها أفاد الغيث بأن لا علاقة تفاوتية في الغالب بين المذاهب الفقهية الأربعة وبين العقوبات التعزيرية، مشيرا إلى أنه قد تكون الفروقات الفقهية بين هذه المذاهب في مسائل الأحوال الشخصية، وأحيانا في مسائل الحقوق المدنية، إلا أنه وبحسبه «ليس لدينا أي مشكلة في التباين، ولو عند حصوله نادرا، لكوننا نسير في تنظيماتنا وأنظمتنا وفق الفقه المقارن والترجيح فيها من جميع مذاهب أهل السنة والجماعة مع مراعاة الطوائف الأخرى في مسائل أحوالهم الشخصية والأسرية».