السعودية تواجه أزمة الشعير بتدخل الحكومة لتوفير كميات كافية للسوق المحلية

تستهلك 50 في المائة من الإنتاج العالمي ومطالبة بتبني الأعلاف المصنعة وتحديد الدعم بناء على الأسعار العالمية

TT

أقر مجلس الوزراء السعودي في جلسته أمس حزمة من الإجراءات لمواجهة ظاهرة التصاعد المستمر لأسعار الشعير في السوق المحلية، حيث أقر المجلس عددا من التوصيات لمواجهة الأزمة، ووضع أولى الخطوات بأن تقوم الدولة - عند الاقتضاء - باستيراد كميات من الشعير مع توفير مخزون مناسب لضمان الإمدادات الكافية وكسر الاحتكار واستقرار الأسعار والتنسيق في ذلك بين وزارة المالية ووزارة الزراعة ووزارة التجارة والصناعة.

كما قرر المجلس أن لا يتجاوز هامش الربح للموزع أكثر من أربعة ريالات لكيس الشعير المحدد وزنه بخمسين كيلوغراما، كذلك أصدر المجلس قرارا بأن تتولى لجنة التموين الوزارية مراجعة أسعار الشعير واتخاذ ما يلزم حيالها بما يضمن استقرار الأسعار ووصولها إلى المستهلك بسعر معقول.

ويأتي تدخل السعودية التي تعد المستهلك الأول للشعير في العالم حيث تستورد من 5.5 إلى 6 ملايين طن سنويا من الشعير وهو ما يساوي 50 في المائة من الإنتاج العالمي بحسب المراقبين، تقفز في سنوات الجفاف إلى نحو 60 في المائة لتبلغ نحو 7 ملايين طن، في حين تحصل السعودية على 95 في المائة من احتياجاتها من القارة الأوروبية.

وقفزت الأسعار بشكل تصاعدي لتتراوح بين 35 و36 ريالا للكيس (9.3 و9.6 دولار)، فيما تصل إلى 38 و39 ريال (10.1 و10.4 دولار) في المحافظات والمدن البعيدة عن المواني.

ويحصل مستوردو الشعير على إعانة حكومية تقررها لجنة الدعم وهي مشكلة من وزارة المالية ووزارة التجارة ووزارة الزراعة 200 ريال (53.4 دولار) للطن الواحد بينما كانت الإعانة في فترة سابقة تصل إلى 1200 ريال للطن (320 دولارا)، ثم خفضت إلى 750 ريالا (200 دولار) ثم 300 ريال (80 دولارا)، لتستقر عند 200 ريال للطن في الفترة الحالية.

يقول محمد المعجل أحد تجار الأعلاف في السعودية إن على الجهات المختصة بمراقبة المعروض في السوق العالمية وربط الدعم المقدم لتجار الشعير بالأسعار العالمية، مشيرا إلى أن خفض الدعم فجأة يربك التجار لأنه لا يعتمد على آلية واضحة يمكن أن تكون عادلة للتجار وذات جدوى للمستهلك المحلي.

وقال المعجل إن أسعار الشعير عالميا تجاوز 200 دولار للطن مضيفا: «إذا كانت الأسعار المستهدفة تتراوح بين 20 و22 ريالا (5.3 و5.8 دولار) للكيس فإن الدعم يجب أن يرفع بنسبة تصل إلى 66 في المائة ليتراوح بين 420 و450 ريالا (112 إلى 120 دولارا) للطن.

وأشار المعجل إلى أن العامين الماضيين شهدا تغير مبلغ الدعم 6 مرات، بشكل جعل الأسعار تتذبذب في السوق المحلية صعودا وهبوطا بشكل كبير نتيجة وفرة المعروض، مشددا على أن الفترة الحالية لا تشهد نقصا في المعروض، إلا أن حجم الإعانة لا يتناسب مع الأسعار العالمية.

وفصّل المعجل بالقول إن الأسعار العالمية تتغير بشكل يومي بينما تقدم الجهات الحكومية دعما ثابتا للتجار الذي يعقدون صفاتهم حسب البورصة العالمية، وشدد المعجل على ضرورة مراقبة الأسعار العالمية ووضع آلية واضحة لعملية الدعم، حتى لا يساء استخدام الدعم في الإسراف في الاستهلاك، وكذلك التهريب للأسواق المجاورة.

واعتبر المعجل أن أسعار الشعير في السوق السعودي أقل من نظيراتها العالمية، كما أن المستهلك يحصل على الشعير بسعر يصل إلى ثلث سعره في الدول المجاور، مما ينشط عملية التهريب.

وطالب المعجل بأن تتبنى السعودية سياسة جدية في التحول إلى الأعلاف المصنعة للماشية كما هو متبع في تربية الدواجن والأبقار، وأضاف: «يمكن أن يُستخدم الشعير في هذه الحالة مادة أولية للأعلاف»، وتابع: «مربي الماشية سيحصل على تغذية جيدة لماشيته دون أن يسرف في استخدام الشعير حيث يهدر قرابة 50 في المائة منه عند استخدامه علفا مباشر لصعوبة هضمه».

إزاء ذلك قال أحد تجار الشعير - فضّل عدم ذكر اسمه - إن خروج الشركات ودخولها لسوق استيراد الشعير يعتمد على المواسم، حيث يشاع أن الشركات المستوردة للشعير تكبدت خسائر تصل إلى مليارَي ريال (533 مليون دولار)، وأضاف أن الخسائر التي يقال إن الشركات تكبدتها تحدث في أي تجارة، فالدعم يخفض السعر على المستهلك وعندما يخفض الدعم سيدفع المستهلك الفرق بمعنى أن الشركات لا تخسر بسبب تراجع الدعم الحكومي، كما أشار إلى أن الكميات المستوردة قد تصل في السنوات التي تشهد مواسم جفاف طويلة إلى نحو 7 ملايين طن.

ويرى كامل آل ساكت أحد تجار الشعير أن تتبنى اللجنة الوزارية خطة دعم «تكتيكي» تعتمد في المقام الأول على حجم المعروض في السوق العالمي لا على السعر المحلي، إضافة إلى مراجعة هذا الدعم كل ثلاثة أشهر لتستقر الأسعار في السوق السعودية.