مؤتمر فقهي في السعودية يدعو لضبط تقنية تحديد جنس الجنين

1600 مشارك حذروا من التعامل مع البنوك المنوية المختلطة وأوصوا بلجنة لـ«النوازل الطبية»

TT

رفعت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في العاصمة السعودية الرياض، توصيات مؤتمر الفقه الإسلامي الثاني «قضايا طبية معاصرة» الذي اختتم أعماله مؤخرا، إلى وزارة التعليم العالي، لاتخاذ الإجراءات الرسمية اللازمة، وتبني التوصيات التي خرجت من المؤتمر.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن المؤتمر شهد لأول مرة في تاريخ المؤتمرات الطبية في المملكة، حضور نحو 1600 طبيب وطبيبة وباحث شرعي من داخل وخارج البلاد.

وبين أبا الخيل أن المؤتمر شهد قبل بدايته مشاركة كبيرة وصلت إلى أكثر من 6000 مشارك ومشاركة، مؤكدا أن هذا الإقبال قد يشجع الجامعة على أن يكون عنوان مؤتمر العام القادم في شيء من المسائل الطبية التي تهم المجتمع.

وكان مؤتمر الفقه الإسلامي الثاني «قضايا طبية معاصرة» قد حذر في توصياته، من التعامل مع البنوك التي تقوم بخلط السوائل المنوية من دون تحديد أصحابها، أو تبيع المني، أو تقوم بتلقيح الزوجة بعد وفاة زوجها من مائه، أو بالبويضة الملقحة منه.

وأوصى المؤتمر الذي احتضنته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على مدى ثلاثة أيام، بضرورة وضع عقوبات رادعة لمن لا يتقيد بالأحكام الشرعية الضابطة للتلقيح وتحديد جنس الجنين، سواء كان ذلك من الزوجين أو من الأطباء أو من غيرهم من العاملين في مراكز طبية، والاهتمام بالفحص الطبي قبل الزواج وأثناء الحمل لمن أظهر الفحص قبل الزواج احتمال إصابة أجنتهم بأمراض وراثية تجنبا لولادة أطفال معاقين أو مشوهين.

وجاء في التوصيات التي تلاها الدكتور سليمان أبا الخيل مدير جامعة الإمام، بضرورة الاهتمام بمسألة تحديد جنس الجنين، وإعطائها مزيدا من المتابعة والبحث الطبي والفقهي لتجلية كثير من جوانبها وتداعياتها، وذلك لما لها من أبعاد ثقافية واجتماعية، والاقتصار في اختيار جنس الجنين على الحالات التي تعمل على تفادي ظهور بعض الأمراض الوراثية حيث يتعلق المرض بجنس معين.

وشددت توصيات المؤتمر على أهمية سن أنظمة رقابية، لضبط ممارسة تقنية تحديد جنس المولود، وللحد من التساهل في توفير هذه الخدمة لاستباق ما قد يترتب عليها من آثار سلبية، مع ضرورة التوعية بالجوانب الأخلاقية والنظامية للتقنية المساعدة على الإخصاب التي تجلب تحديات كبيرة وصعبة على المجتمع وقد تؤثر على التوازن البشري بين الجنسين.

وحوت توصيات المؤتمر ضرورة وضع نظام رقابي صارم لإجراء العمليات التجميلية التي تسبب آثارا ضارة، مع توعية المرضى بأن الجسد ملك لله، فلا يعتدى عليه بالعمليات التجميلية، إلا بما أذن فيه الشرع وأباحه. وفي ما يتعلق بأخلاقيات المهنة، أكدت التوصيات على ضرورة سن ميثاق أخلاقي لآداب مهنة الطب من قبل رجال من الفقه والطب والأنظمة، لتحقيق التزام الطبيب بها عند مباشرته رسميا مهام عمله المهني، وإنشاء هيئة خاصة مستقلة تعنى بسلامة المريض في القطاعات الصحية، وتتولى الرقابة والتفتيش على المراكز الطبية، للتأكد من مراعاتها للقوانين والأنظمة، ومن صلاحيتها لما رخصت له من الأعمال، سواء من حيث توفر الإمكانيات المادية أو الكفاءات البشرية. وطالبت التوصيات بالابتعاد عن كل فعل يضع الطبيب تحت طائلة أحكام الشرع أو قواعد القوانين والأنظمة، كإجهاض الحامل، أو إجراء التجارب الطبية على البشر، أو إفشاء سر المريض إلا لأسباب شرعية أو نظامية، واهتمام الأطباء بتعزيز الجانب الإنساني في مهنتهم، وبذل اهتمام أكبر بأولئك المرضى الميؤوس من شفائهم من قبل أطباء نفسانيين وأشخاص على جانب كبير من الوعي والإدراك والاستقامة. وشملت التوصيات أهمية اعتماد تدريس مادة أخلاقيات المهنة وفقه الطبيب في الكليات الطبية لتأصيل المراقبة الذاتية عند الطبيب، وتكوين هيئة عليا للتعليم الطبي تعنى بالتقويم المستمر للاختصاصيين مما يقلل من الأخطاء الطبية.

واقترحت التوصيات إنشاء لجان طب شرعية تتألف من أطباء وفقهاء تكون مهمتهم إبداء الرأي الشرعي والعلمي والمهني والقانوني في كل مسألة طبية طارئة وتحديد نوع الخطأ الطبي ومدى مسؤولية الطبيب. وخلص المؤتمر إلى إنشاء لجنة لخدمة النوازل الطبية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تتولى التنسيق مع كليات الشريعة وكليات الطب في السعودية، وإقامة دورات تدريبية شرعية للأطباء تبين ما يهمهم من الأمور الشرعية في المجال الطبي. كما أوصى المؤتمر بالعمل على إصدار نشرة مستخلصات تبين المستجدات من النوازل في المجال الطبي يزود بها الفقهاء لتحقيق المتابعة المستمرة في هذا المجال. وأكد المؤتمر على ضرورة أن تقوم جامعة الإمام على إخراج موسوعة الفقه الطبي بصورة متكاملة لتكون مرجعا للأطباء ولعامة الناس في المسائل التي تكثر حاجة الناس إليها، وتكوين هيئة شرعية طبية تضم فقهاء وأطباء لتكون مرجعية شرعية للنظر في مستجدات الطب، وبيان أحكامها الشرعية وفق الأنظمة والإجراءات الرسمية.

وجاء في توصيات المؤتمر أهمية إعطاء الخبير دوره في تبيين النازلة وفهمها، وعدم الاستقلال بالرأي من دونه أو الاجتهاد في حكم قبل بذل الجهد، مع عدم الاكتفاء بالخبير الواحد، خاصة في المسائل التي يتجاذبها أكثر من تخصص، مثل مسألة «الجيلاتين الخنزيري»؛ فهناك: الأطباء، والصيادلة، وعلماء التغذية، وعلماء الحيوان، والخبراء في التصنيع الغذائي، وغيرهم.. والعناية باختيار الخبير الثقة، المتمكن في علمه، الواضح في بيانه، القادر على تقريب صورة النازلة وتوضيح مفرداتها. وحث المؤتمر الحكومات الإسلامية على تبني صناعات «الجيلاتين» الحلال ودعمها حتى يرتفع الحرج عن المسلمين، وحفظ حق المريض في معرفة الدواء ومحتوياته، وترك الخيار له، وعرض البدائل عليه حتى يكون على بصيرة من أمره، واستعراض تسجيل الأدوية المحتوية على الكحول بصفته مقوما فعالا بغية الحد من استعماله قدر الإمكان، خاصة حين يمكن أن تستبدل به مادة غير كحولية، والعمل على إنقاص تركيز الكحول في الأدوية.