السعودية تنفق 400 مليون ريال على معتقلين بـ«قضايا إرهاب»

الرياض تستعرض تجربتها في التعامل مع السجناء في مؤتمر دولي.. وتأكيدات بالسماح لـ243 ألف زيارة للمسجونين أمنيا 2009

TT

قالت السعودية خلال مشاركتها في مؤتمر دولي، لاستعراض تجربتها في التعامل مع السجناء، إنها أنفقت ما يفوق 400 مليون ريال خلال السنوات الماضية، على المعتقلين على خلفية قضايا إرهاب.

وجاء الكشف عن هذه المعلومة، خلال إلقاء الدكتور عبد الله الأنصاري، مدير عام الإدارة العامة للشؤون القانونية والتعاون الدولي بوزارة الداخلية، ورقة وطنية تشرح تجربة تعامل السعودية مع السجناء، لمؤتمر الأمم المتحدة الثاني عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي تستضيفه حكومة البرازيل في مدينة سلفادور.

واستعرض الأنصاري، تجربة السعودية في برنامج محمد بن نايف للرعاية والمناصحة، الذي قال إن نسبة 90 في المائة من المشاركين فيه تخلوا عن آرائهم المنحرفة.

ولفت إلى أن الذين عادوا من بعد مناصحتهم لنشاطاتهم السابقة، لا تتجاوز نسبتهم من المعتقلين العائدين من غوانتانامو 10 في المائة، ومن غيرهم لا تتجاوز نسبتهم 1 في المائة.

ولخصت الورقة التي ألقاها المسؤول السعودي تجربة الرياض المتصلة بإعادة تأهيل الأشخاص الموقوفين في قضايا الإرهاب بشكل خاص التي كان لها الفضل الكبير في تقليص درجة التهديد الأمني التي كان سيشكلها هؤلاء فيما لو لم يخضعوا للبرامج التأهيلية التي وضعتها حكومة المملكة ضمن هذا الإطار.

وأكد الدكتور الأنصاري أن جميع الموقوفين بالمملكة سواء في قضايا إرهابية أو خلافها يتمتعون بالضمانات القانونية التي تكفلها الأنظمة العدلية في المملكة والتي تتفق مع المعايير الدولية في هذا الخصوص، وتوازن بين متطلبات الأمن الوطني للمملكة والحقوق الإنسانية والمدنية للشخص الموقوف، وضمان الشفافية الملائمة والضمانات وآليات المساءلة.

وأضاف الدكتور الأنصاري أن من أفضل الممارسات في مجال معاملة السجناء الاهتمام باحتياجات أسر الأشخاص الموقوفين المادية والمعنوية، لتأكيد تعاطف الدولة مع هذه الأسر واحتياجاتها، وأنها فعلا تهتم بإصلاح أبنائها الذين وقعوا في براثن التنظيمات الإرهابية، وحتى لا يترك المجال لأعضاء تلك التنظيمات أو المتعاطفين معها لتقديم المساعدة لتلك الأسر، واستغلال احتياجاتها المادية في سبيل تجنيد المزيد من أفراد الأسرة.

وأوضح مدير عام إدارة الشؤون القانونية والتعاون الدولي بوزارة الداخلية، أن الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، يتقبل بشكل شبه يومي، بشكل فردي أو جماعي، ذوي الموقوفين، وذلك للإجابة على تساؤلاتهم، والاستماع إلى مشكلاتهم وتلمس احتياجاتهم.

وكشفت كلمة الأنصاري، عن أن السعودية تكلفت مبلغ 1.7 مليار ريال لبناء 5 سجون حديثة، على أحدث طراز نموذجي.

وبلغ العدد الكلي للزيارات التي تم استقبالها في الخمسة مراكز إيقاف 243100 زائر في عام 2009.

وأكد الأنصاري، أن وزارة الداخلية تسمح لذوي الموقوفين بزيارته عند الضرورة (في غير وقت الزيارة المحددة)، وإمكانية نقل الموقوف من مكان توقيفه إلى أقرب مكان توقيف لذويه حسب طلبهم تسهيلا لهم عند الزيارة، وتقديم مساعدات مالية مختلفة، تصرف لذوي الموقوف لإعانتهم ماديا بما يضمن لهم كرم العيش، وعدم العوز.

وفيما يخص المعتقلين الأجانب، يقول الأنصاري، إن حكومة الرياض تقوم بإبلاغ قنصليات الرعايا الأجانب المعتقلين أو سفاراتهم، دائما، بإيقاف مواطنيها، والسماح لها بالاتصال بهم وترتيب الزيارات المتكررة لهم.

وفي إطار تحقيق الضمانات التي تكفل عدم تعرض السجناء للإيذاء، فقد تم تجهيز كل مركز من مراكز التوقيف بما يزيد على 1500 كاميرا لرصد المعاملة التي يتلقاها الموقوفون من المشرفين عليهم.

ويشير هنا الأنصاري، إلى أنه في حال ورود أي شكوى من أي موقوف أو أسرته أو من يمثلهم ولها علاقة بسوء معاملة، فيتم - بشكل فوري - تشكيل فريق عمل يجتمع بأطراف الشكوى ويتم الاطلاع على أشرطة التسجيل للتأكد بأنفسهم إن كان هناك أي مخالفات أو سوءا في المعاملة.

وفيما يتعلق بالحقوق الشخصية للموقوفين فقد أكد الدكتور الأنصاري أن الدولة راعت النواحي الإنسانية للموقوفين شخصيا، وذلك من حيث عدم الفصل من العمل أو قطع الدراسة بسبب إيقافه، بل تشجيعهم على إكمال دراستهم طيلة مدة الإيقاف، والسماح للموقوف بالخروج في ظروف وفاة أحد الأقارب أو لحضور زواج أحد أفراد عائلته أو أقاربه ومشاركتهم أفراحهم، أو لإتمام زواجه مع التكفل بالمهر والمصاريف المختلفة، والسماح للمتزوج بزيارة زوجته له وعدم حرمانه من الحقوق الزوجية الخاصة، وتسديد ديون الموقوف المالية بعد حصرها ومتابعتها.

وبخصوص المطلق سراحهم، تقدم الدولة مساعدات مالية تعينهم في بدء حياة سليمة يستقرون معها نفسيا واجتماعيا، وتساعدهم في عدم العودة إلى طريق الخطأ مرة أخرى، واستمرار صرف رواتب لهم ولأسرهم لمدد محددة، حتى يتوافقوا ماديا ومعنويا مع حياتهم الجديدة وإلى أن يتمكن الموقوف من إيجاد العمل المناسب، ومساعدتهم في أمور زواجهم ماديا ومعنويا.

ويشير الأنصاري إلى أن المعتقلين العائدين من غوانتانامو، تقدم الدولة لهم راتبا شهريا منتظما لتأمين وضعهم المعيشي والحياتي، ومتابعة عملية استقرارهم وتوافقهم الاجتماعي، من خلال تقديم المساعدات المالية، أو العلاج لهم ولذويهم في المكان المناسب، أو توفير السكن، أو وسيلة المواصلات، أو الوظيفة، بالإضافة إلى دفع جميع تكاليف الزواج ومصاريفه، والتواصل المستمر مع المطلق سراحهم وتلبية احتياجاتهم النفسية والمعنوية وحل مشكلاتهم الاجتماعية والإجابة عن أي تساؤلات يحملونها.

وأوضح الدكتور الأنصاري أن برنامج الرعاية من خلال مركز «محمد بن نايف للمناصحة والرعاية» اكتسب شهرة عالمية، وذلك لتميزه في إعادة تأهيل الموقوفين في قضايا لها علاقة بالإرهاب وأبدت الكثير من الدول رغبتها في دعم أي دولة ترغب في إنشاء مثل هذا المركز، والاستفادة من التجربة السعودية ذات البعد الفكري والإنساني، كما أن هناك توجها للاستفادة من البرامج التي تبنتها المملكة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف في مكافحة عدد من الجرائم المنظمة كتجارة المخدرات والإتجار بالبشر.

يذكر أن مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية هو الملتقى العالمي الأكبر والأكثر تنوعا، حيث يجمع واضعي السياسات والممارسين في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية، وقد كان لهذه المؤتمرات أثر كبير على السياسات الوطنية والممارسات المهنية في مجال منع الجريمة الدولية والعدالة الجنائية.